الأجهزة الاستشارية لدعم الحوار الإجتماعي

الأجهزة الاستشارية لدعم الحوار الاجتماعيالفقرة الثانية
تعتبر مدونة الشغل مجالا بارزا للحوار الاجتماعي، وذلك باعتبار هذا الأخير أبرز ما وصلت إليه البشرية سبلا إلى تحقيق اجتماعي واقتصادي ونظرا لما يتيحه من فرص للجميع يمكنهم معه تقدير مصالحهم وإسهام في خدمة الصالح المشترك
وفي هذا الإطار سنتطرق للممثلين النقابيين داخل المقاولة والدور البارز الذي يضطلعون به في سبيل تنشيط واستمرارية الحوار (أولا) ثم لجان السلامة وحفظ الصحة ودورها في الحوار الاجتماعي باعتبارها إحدى الهيآت الاستشارية الهامة في هذا الميدان ( ثانيا ).

أولا : الممثل النقابي داخل المقاولة
نظرا لما تلعبه النقابات من دور أساسي في الحوار الاجتماعي، سواء على الصعيد الوطني، او على مستوى المقاولة، فمهام الممثلين النقابيين فإنها تنبع من عمق علاقتهم بالمقاولة ورب العمل والدفاع عن مصالح العمال، الأمر الذي ينيط بهم مهمة الدفاع عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية والمهنية الفردية منها والجماعية للعمال الذين يمثلونهم، ويتم ذلك عبر تقديم الملف المطلبي المتضمن لمطالب العمال إلى المشغل أو من ينوب عنه.
ويناط بهم كذلك إجراء المفاوضات حول تلك المطالب والدفاع عنها بقوة، كما يمكنهم المساهمة في إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية التي هي بمثابة عقد جماعي ينظم علاقات الشغل، حيث تكون احكام هذه الاتفاقية ملزمة في كل مقاولة أو مؤسسة يشملها مجال تطبيقها ما لم تكن هناك مقتضيات أكثر فائدة للأجراء في عقود شغلهم.

وهكذا يتضح بجلاء مدى أهمية الدور البارز الذي يلعبه الممثلون النقابيون في العملية التفاوضية الحوارية ومدى إسهامه في التحسن من مستويات العمل إن على صعيد المقاولة والنجاعة الاقتصادية، او على صعيد الأجراء والتحسين من ظروفهم داخل العمل وكفالة حقوقهم من جراء آثاره المختلفة.

ثانيا : لجان حفظ الصحة
يتم إحداث هذه اللجان لدى المقاولات التي يشتغل بها خمسون أجيرا على الأقل [1] وتتكون هذه اللجنة من المشغل او من ينوب عنه ورئيس مصلحة السلامة، وعند عدم وجوده مهندس أو إطار تقني يعينه المشغل، وطبيب الشغل بالإضافة إلى مندوبين اثنين للأجراء يتم انتخابها من طرف المندوبين المنتخبين وكذا ممثل او ممثلين نقابيين بالمقاولة عند وجودهم.
وبالنظر إلى اختصاصات اللجنة [2] فإنها تتجلى في العمل على تطبيق النصوص القانونية المتعلقة بالسلامة وحفظ الصحة وصيانة الوقاية واستقصاء المخاطر المهنية التي تتهدد أجراء المقاولة وكذا السهر على حماية البيئة داخل المقاولة وأخذ المبادرات وتقديم الاقتراحات في كل ما يتعلق بمناهج الشغل وسير المصلحة الطبية للشغل والحفاظ على السلامة داخل المقاولة.

وفي هذا الإطار يمكن النظر إلى هذه الاختصاصات على أنها ذات طابع وقائي من المخاطر المهنية، هذا إلى جانب إسنادها اختصاصات يمكن اعتبارها ذات طابع احتياطي وذلك حينما ألزمت اللجنة بالاجتماع على إثر كل حادثة ترتيب أو كان من الممكن أن يترتب عنها عواقب خطيرة.

ثالثا : لجنة المقاولة
لعل من اهم الآليات في إطار مدونة الشغل لدعم الحوار الاجتماعي نجد لجنة المقاولة والتي تتحدد اختصاصاتها في تدبير الموارد البشرية والحصيلة الاجتماعية للمقاولة، والخطة الانتاجية للمقاولة ووسائل رفع المردودية وضع مشاريع انتاجية لفائدة الأجراء والسهر على تنفيذها.
وعموما فهي تسعى الدفاع عن مصالح الأجراء وإجراء المفاوضات بخصوص مطالبهم والدفاع عنها، ومن هنا نستنتج ان اختصاصات وأنشطة لجنة المقاولة تتسع لتشمل كافة المجالات المتصلة بحياة الأجراء والمقاولة لا سيما فيما يخص المسائل الاجتماعية وشؤون الأجراء بالإضافة إلى الشأن الاقتصادي للمقاولة
كما يلاحظ أن المشرع من خلال هذه الاختصاصات يسعى إلى إعطاء الحوار الاجتماعي داخل المقاولة بعد  متقدما بحيث يمكن من تجاوز علاقات الصراع بين الأجراء والمشغل وتحولها إلى علاقات توافقية تنبني على خدمة مصالح متبادلة وترسيخ جو الشفافية خاصة وأن المقاولة هي الخلية الأساسية في النسيج الاقتصادي.

فالحوار داخل المقاولة لا يعدو ان يكون ترجمة حقيقية لإحدى الأدوار المعيارية الصادرة عن منظمة العمل الدولية، نخص بالذكر هنا التوصية رقم 94 الصادرة سنة 1952 والتي تتعلق بالتعاون على صعيد المقاولة حيث تنص على التدابير التي ترمي إلى إنعاش المشاورة حول المسائل ذات الاهتمام المشترك [3]، هذا بالإضافة إلى أجهزة أخرى:
مجلس المفاوضة الجماعية[4] نذكر منها :
*مجلس طب الشغل والوقاية من المخاطر المهنية
*المجلس الأعلى لإنعاش التشغيل
*المجالس الإقليمية والجهوية لإنعاش التشغيل
*الأجهزة الخاصة بتسوية نزاعات الشغل الجماعية
*اللجنة الإقليمية للبحث والمصالحة
*اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة
إن إدماج المشرع مثل هذه الهيئات في الحوار الاجتماعي خير دليل على أنه يسير بخطى سريعة اتجاه الانسجام ومعايير منظمة العمل الدولية.
الحوار الاجتماعي وغاية السلم الإجتماعي أي فعالية
________________________
[1] – تنص المادة 336 من مدونة الشغل على انه  :” يجب إحداثها لدى كل المقاولات الصناعية والتجارية ومقاولات الصناعة التقليدية الاشتغلالات الفلاحية والغابوية وتوابعها ”
[2] – انظر المادة 338 من مدونة الشغل
[3] – الميلودي زلماط، الحوار الاجتماعي في مدونة الشغل ” منشورات المجلة المغربية للسياسات العمومية ، العدد 4 ربيع 2009 ص 150- 151.
[4] – محمد سعيد بناني ، قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل، علاقات الشغل الفردية “.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.