عراقيل ومعوقات مكافحة الجرائم المعلوماتية

عراقيل ومعوقات مكافحة الجرائم المعلوماتية – المطلب الثاني
رغم التطور التشريعي الهام الذي عرفته السياسات الجنائية إن على المستوى الوطني او الدولي وما صاحب ذلك من تغيير للمفاهيم القانونية في سبيل محاربة الجريمة المعلوماتية التي لا تعترف بالإقليم فلا زالت هناك مجموعة من الإشكالات والصعوبات التي تعرقل وتقلص المجهودات الرامية إلى وضع حد لهذه الجرائم ويمكن تلخيص هذه المعوقات في العناصر التالية:

1-عدم وجود نموذج واحد متفق عليه فيما يتعلق بالنشاط الإجرامي ذلك أن الأنظمة القانونية في بلدان العالم قاطبة لم تتفق على صور محددة يندرج في إطارها ما يسمى بإساءة استخدام نظم المعلومات الواجب اتباعها [1]
وربما يتجلى سبب غياب هذا النموذج في كثرة التعاريف والمفاهيم القانونية التي تؤطر هذا الجانب فكل دولة تضع تعريفات ومصطلحات حسب أنظمتها القانونية الجنائية بالخصوص هذه الكثرة الناتجة أساسا عن التطور الذي يعرفه المجال المعلوماتي وبالتالي تطور تقنيات وسائل ارتكاب الجرائم المعلوماتية او جرائم الانترنيت.

2-مسألة الطبيعية القانونية للمال المعلوماتي ومدى اعتباره مالا ماديا او معنويا ومنقولا باعتبارها هذا الأخير محلا لمعظم جرائم الأموال [2]

3-عدم وجود تنسيق فيمايتعلق بالإجراءات الجنائية المتبعة بخصوص الجريمة المعلوماتية بين الدول المختلفة خاصة ما تعلق منها بأعمال الاستدلال أو التحقيق [3].

فجرائم الحاسب الآلي آثار خارجية ظاهرة ، وإنما تنصب على البيانات والمعلومات والمستندات المخزنة في نظم المعلومات والبرامج وبالتالي عدم الحصول على آثار مادية تشكل دليلا لإثبات الجريمة المعلوماتية الواقعة وفي غياب أعمال العنف والاقتحام والتكسير على خلاف الجرائم العادية يصعب إثبات الجريمة .
بالإضافة إلى ارتكاب الجريمة المعلوماتية في الخفاء وتعمد الجاني عدم ترك أي دليل إدانة بعد ارتكابه للجريمة .

4-عدم وجود معاهدات ثنائية أو جماعية بين الدول نحو يسمح بالتعاون المثمر في هذا المجال وحتى في حال وجودها فإنها لا تستطيع مواكبة التطور السريع لنظم وبرامج الحاسب وشبكة الانترنت [4].
وتبرز أهمية وضرورة وجود مثل هذه المعاهدات عندما نستحضر الطابع العابر للحدود والقارات الذي تتميز به الجريمة المعلوماتية بحيث تتباعد المسافة بين الجاني ونتيجة فعله مما يؤثر سلبيا على أعمال البحث والتحري والتحقيق
ونتيجة الطابع العابر للحدود لهذه الجريمة تظهر مشكلة الاختصاص على المستوى الوطني والدولي والقانون الواجب تطبيقه [5].

5-ضخامة كم البيانات المعلوماتية التي تقف عائقا أمام إجراءات التحقيق الجنائي والبحث عن دليل الإدانة والأكثر من ذلك تتجلى الصعوبة عندما يقوم الجاني بتشتيت المعلومات والمستندات رغبة منه في عدم الابقا على أي دليل إثبات إضافة إلى أن طباعة كل ما هو موجود على الدعامة الممغنطة لحاسب متوسط العمر، يتطلب مئات ألاف الصفحات في الوقت الذي قد لا تقدم فيه هذه الصفحات شيئا مفيدا للتحقيق .

خاتمة:
إن محاربة الجريمة المعلوماتية على المستوى الدولي أو الوطني لا تستقيم إلا بإيجاد أساس تشريعي موحد وتصور شامل لمفهوم هذه الجريمة من أجل تحديد الأفعال التي تشكل جريمة معلوماتية إضافة إلى عقد اتفاقيات سواء ثنائية او جماعية يكون هدفها التنسيق وتوحيد الجهود قصد محاربة الجريمة وتشكيل لجان متخصصة في البحث والتحقيق والتحري يكون اعضاؤها ذوي كفاءات عالية في المجال المعلوماتي والتعامل مع المعلومة الالكترونية هذا التنسيق والانسجام لا يمكن له ان يقوم إلا بملاءمة التشريعات الوطنية للاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة الجريمة المعلوماتية في إطار التعاون الدولي الجاد والمثمر .
الطبيعة القانونية لجرائم الحاسوب
____________________________________
[1] عبدالفتاح بيومي حجازي ،مبادئ الإجراءات الجنائية في جرائم الكمبيوتر والأنترنيت ، دار الفكر الجامعي الطبعة الأولى 2006 ص  142 – 143.
[2] لحسن بيهي الجريمة الإلكترونية مقاربة قانونية وقضائية مجلة الواحة القانوينةن العدد 2 السنة الرابعة ص  376 وما بعدها .
[3] – المرجع نفسه ص  144
[4] – عبد الفتاح بيومي حجازي ، مرجع سابق، ص  145
[5] – المرجع نفسه ص  146.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.