تستعرض التكنولوجيا والابتكار في عبء الإثبات كيف يؤثر دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الإثبات في المسائل المدنية، وتكشف عن أهمية تحديد المكلف بعبء الإثبات. هل تساءلت يومًا عن كيفية تأثير هذه الديناميكيات على نتائج القضايا؟
ﺍﻟﻤﻁﻠﺏ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ: ﺤﻕ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﺩﻟﻴل ﻭﺇﺜﺒﺎﺕ ﻋﻜﺴﻪ : ﻤﻬﻤﺎ ﻴﻜﻥ ﺍﻟﺩﻭﺭ
ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻠﻌﺒﻪ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻓﻲ ﺘﻭﺠﻴﻪ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺼل ﺃﻨﻪ ﻴﺒﻘﻰ ﻤﺤﺎﻴﺩﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺯﺍﻉ ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻲ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﺘﺤﺭﻴﻙ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﻴﺒﻘﻰ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺤﺼﺭ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻭﺤﻘﻭﻗﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻵﺘﻴﺔ:
ﺃﻭﻻ: ﺤﻕ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺩﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ :
ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ
ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ﺃﻥ ﻴﻘﻀﻲ ﺒﻌﻠﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﻤﻬﻤﺎ ﻴﻜﻥ ﻤﻥ ﻗﺩﺭ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻁﻠﻕ ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ﻓﻲ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻓﻼ ﺠﺩﺍل ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﻱ ﺩﻟﻴل ﻴﻘﺩﻤﻪ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻌﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻪ ﻭﻴﺩﻟﻲ ﻜل ﺒﺭﺃﻴﻪ ﻓﻴﻪ ، ﻴﻔﻨﺩﻩ ﺃﻭ ﻴﺅﻴﺩﻩ ﻭﺍﻟﺩﻟﻴل ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻌﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻪ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﺍﻷﺨﺫ ﺒﻪ ﻭﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﻥ ﺘﺄﺨﺫ ﺒﺩﻟﻴل ﻨﻭﻗﺵ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻨﺎﻗﺵ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ.
ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺒﺩﺃ ﺠﻭﻫﺭﻱ ﻤﻥ ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺘﻘﺎﻀﻲ، ﺤﺘﻰ ﻻ ﺘﺒﻘﻰ ﺍﻟﺨﺼﻭﻤﺔ ﻤﺠﻬﻭﻟﺔ ﻭﺤﺘﻰ ﺘﺘﻜﺎﻓﺄ ﻓﺭﺹ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ، ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻜﺎﻥ ﻟﻠﺨﺼﻡ ﺤﻕ ﻁﻠﺏ ﺍﻟﺘﺄﺠﻴل ﻟﻺﻁﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ ﻤﻥ ﺨﺼﻤﻪ ﻭﺍﻟﺭﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ.
ﻭﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ﺃﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻤﻌﺎﻴﻨﺔ ﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺯﺍﻉ ﻓﻲ ﻏﻴﺒﺔ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻭﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺩﻋﻭﻫﻡ ﻟﺤﻀﻭﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﻴﻨﺔ ﻭﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﻗﺭﺍﺭ ﺒﺈﺠﺭﺍﺌﻬﺎ.
ﻭﻟﻜﻥ ﻴﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻴﻌﺭﺽ ﺍﻟﺩﻟﻴل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻪ، ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﺭﻴﺩﻭﺍ ﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻪ ﻓﻌﻼ ﻓﻘﺩ ﻨﺯﻟﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺤﻘﻬﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻭﺼﺢ ﺍﻷﺨﺫ ﺒﺎﻟﺩﻟﻴل.
ﻜﺫﻟﻙ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ﺃﻥ ﻴﺄﺘﻲ ﺒﺄﺩﻟﺔ ﻤﻥ ﻋﻨﺩﻩ ﻟﻡ ﻴﻘﺩﻤﻬﺎ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺘﺭﺍﻀﻭﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻗﺒﻠﻭﺍ ﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ1
ﻭﻴﺘﺭﺗﺏ ﻋﻠﻰ ﺤﻕ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺩﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﺃﻥ ﻴﻘﻀﻲ ﺒﻌﻠﻤﻪ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻫﻨﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺩﻟﻴﻼ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ، ﻭﻟﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺤﻕ ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺩﻟﻴل ﺍﻗﺘﻀﻰ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻥ ﻴﻨﺯﻝ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻤﻨﺯﻟﺔ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻓﻴﻜﻭﻥ ﺨﺼﻤﺎ ﻭﺤﻜﻤﺎ ﻭﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ2
ﺃﻥ ﻜل ﺩﻟﻴل ﻴﺘﻘﺩﻡ ﺒﻪ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺩﻋﻭﺍﻩ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻠﺨﺼﻡ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺤﻕ ﻓﻲ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﻤﺎ ﻴﻨﻘﻀﻪ ﻭﺇﺜﺒﺎﺕ ﻋﻜﺱ ﻤﺎ ﻴﺩﻋﻴﻪ ﺘﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 32 ﻤﻥ ﻕ.ﺇ.ﻡ “ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﻭﻤﺴﺘﻨﺩﺍﺕ ﺃﻭ ﻭﺜﺎﺌﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻘﺩﻤﻬﺎ ﻜل ﻁﺭﻑ ﺩﻋﻤﺎ ﻹﺩﻋﺎﺀﺍﺘﻪ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﺒﻠﻎ ﻟﻠﺨﺼﻡ” ﻭﺘﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 33 ﻕ.ﺇ.ﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ “ﻴﻜﻭﻥ ﺴﻤﺎﻉ ﺃﻗﻭﺍل ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﺃﻭ ﻭﻜﻼﺌﻬﻡ ﺃﻭ ﻤﺤﺎﻤﻴﻬﻡ ﺤﻀﻭﺭﻴﺎ”
ﻭﺍﻟﻐﺭﺽ ﻤﻥ ﺘﺒﻠﻴﻎ ﺃﺩﻟﺔ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﺇﻟﻰ ﺨﺼﻤﻪ ﻫﻭ ﺘﻤﻜﻴﻨﻪ ﻤﻥ ﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﻭﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻤﺎ ﻴﺨﺎﻟﻔﻬﺎ ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺩﻟﻴل ﻭﺭﻗﺔ ﺭﺴﻤﻴﺔ ﻜﺎﻥ ﻟﻠﺨﺼﻡ ﺍﻵﺨﺭ ﺃﻥ ﻴﻁﻌﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺒﺎﻟﺘﺯﻭﻴﺭ ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻗﺭﻴﻨﺔ ﺠﺎﺯ ﻟﻠﺨﺼﻡ ﺩﺤﻀﻬﺎ ﺒﻘﺭﻴﻨﺔ ﻤﺜﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﺒﺄﻱ ﻁﺭﻴﻕ ﺁﺨﺭ.
ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻲ ﻟﻠﺨﺼﻭﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻤﺎ ﻴﺴﺘﺘﺒﻌﻪ ﻤﻥ ﺤﻘﻬﻡ ﻤﻥ ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﻭﻴﺴﻬل ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﺒﻌﻴﺩﺓ ﻋﻥ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ﺘﻤﻜﻨﻪ ﻤﻥ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﺤﻜﻡ ﺼﺎﺌﺏ ﻭﻨﺯﻴﻪ. ﻭﻗﺩ ﻗﻀﺕ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺽ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺒﺄﻨﻪ ﻻ ﺘﺜﺭﻴﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﻥ ﺘﺴﻨﺩ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﺌﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺩﻋﻭﻯ ﺃﺨﺭﻯ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺭﺩﺩﺓ ﺒﻴﻥ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻭﻟﻭ ﺍﺨﺘﻠﻑ ﻤﻭﻀﻭﻋﻬﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺯﺍﻉ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺃﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻀﻤﻭﻤﺔ ﻟﻤﻠﻑ ﺍﻟﻨﺯﺍﻉ ﻭﺘﺤﺕ ﺒﺼﺭ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻜﻤﺎ ﻗﻀﺕ : ﺒﺄﻨﻪ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﻋﺜﺭﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻴﺎﺒﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺜﺒﺕ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﻗﺩ ﻋﺭﻀﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ. ﻜﻤﺎ ﻗﻀﺕ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺽ ﺒﺄﻨﻪ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﻥ ﺘﺒﻨﻲ ﺤﻜﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺘﺴﺘﺨﻠﺼﻪ ﻤﻥ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺃﻭ ﺇﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺒﻘﻀﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻨﻅﻭﺭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺘﻀﻡ ﺇﻟﻰ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻨﺯﺍﻉ ﻭﺘﻘﻊ ﺘﺤﺕ ﺒﺼﺭ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ.
ﻭﻴﻘﻭل ﺒﺎﺭﺘﺎﻥ “ﺃﻨﻪ ﻟﻭ ﺴﻤﺢ ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ﺃﻥ ﻴﺘﺩﺨل ﻓﻲ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻭﺃﻥ ﻴﺄﺘﻲ ﻤﻥ ﻋﻨﺩﻩ ﺒﺄﺩﻟﺔ ﻟﻡ ﻴﻘﺩﻤﻬﺎ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻟﺨﺸﻲ ﺃﻥ ﻴﻌﺩل ﻤﻥ ﻁﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻋﻰ ﻭﻟﻴﺴﺕ ﻫﺫﻩ ﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ، ﻓﺈﺫﺍ ﻤﺎ ﺃﺘﻰ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﺒﺄﺩﻟﺔ ﻤﻥ ﻋﻨﺩﻩ ﻭﺭﻓﺽ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﺃﻥ ﻴﻨﺎﻗﺸﻭﻫﺎ ﻭﻨﺯﻟﻭﺍ ﻋﻥ ﺤﻘﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﺽ ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺒﻤﺜﺎﺒﺔ ﺍﺘﻔﺎﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺨﺼﻤﻴﻥ ﻭﻫﻭ ﺠﺎﺌﺯ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺼﺭﻴﺤﺔ ﻓﻴﺠﻭﺯ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻀﻤﻨﻴﺔ ” ﻭﻟﻜﻥ ﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﻤﻨﻊ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻌﻴﻥ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﺌﻪ ﺒﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻌﺭﻭﻑ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﻠﻤﻪ ﺨﺎﺼﺎ ﺒﻪ ﻤﻘﺼﻭﺭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺫﻟﻙ ﻜﺎﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﺒﺘﺔ، ﻓﻠﻪ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻌﻴﻥ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﺌﻪ ﺒﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻌﺭﻭﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.
ﺛﺎﻨﻴﺎ: ﺤﻕ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﻓﻲ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻋﻜﺱ ﺍﻟﺩﻟﻴل :
ﺁﻥ ﻜل ﺩﻟﻴل ﻴﺘﻘﺩﻡ ﺒﻪ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺩﻋﻭﺍﻩ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻠﺨﺼﻡ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺤﻕ ﻓﻲ ﻨﻘﻀﻪ ﻭﺇﺜﺒﺎﺕ ﻋﻜﺱ ﻤﺎ ﻴﺩﻋﻴﻪ ، ﻭﺫﻟﻙ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻤﻨﺼﻭﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 32 ﻕ ﺇ.ﻡ “ﺇﻥ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺁﻭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺩﺍﺕ ﺁﻭ ﺍﻟﻭﺜﺎﺌﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻘﺩﻤﻬﺎ ﻜل ﻁﺭﻑ ﺩﻋﻤﺎ ﻻﺩﻋﺎﺀﺍﺘﻪ ﻴﺠﺏ ﺇﻥ ﺘﺒﻠﻎ ﻟﻠﺨﺼﻡ.”
ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺩﻟﻴل ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩﻤﻪ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﻭﺭﻗﺔ ﻤﻜﺘﻭﺒﺔ ﻓﺎﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﻭﺭﻗﺔ ﻋﺭﻓﻴﺔ ﻜﺎﻥ ﻟﻠﺨﺼﻡ ﺍﻵﺨﺭ ﺁﻥ ﻴﻨﻜﺭ ﺨﻁﻪ ﺁﻭ ﻤﻀﺎﺀﻩ ﺁﻭ ﺁﻥ ﻴﻁﻌﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺭﻗﺔ ﺒﺎﻟﺘﺯﻭﻴﺭ ﻭﺍﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﻭﺭﻗﺔ ﺭﺴﻤﻴﺔ ﻜﺎﻥ ﻟﻠﺨﺼﻡ ﺍﻵﺨﺭ ﺁﻥ ﻴﻁﻌﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺒﺎﻟﺘﺯﻭﻴﺭ.
ﻭﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﺤﻭﺍل ﻴﺠﻭﺯ ﻟﻠﺨﺼﻡ ﺍﻵﺨﺭ- ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻴﺘﺤﺘﻡ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻁﻌﻥ ﺒﺎﻟﺘﺯﻭﻴﺭ- ﺃﻥ ﻴﺜﺒﺕ ﻋﻜﺱ ﻤﺎ ﻫﻭ ﺜﺎﺒﺕ ﻀﺩﻩ ﺒﺎﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﺒﻜﺘﺎﺒﺔ ﻤﻤﺎﺜﻠﺔ ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻸﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ.
ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺩﻟﻴل ﺍﻟﻤﻘﺩﻡ ﻗﺭﻴﻨﺔ ﻗﻀﺎﺌﻴﺔ ﻓﻠﻠﺨﺼﻡ ﺍﻵﺨﺭ ﺃﻥ ﻴﺩﺤﺽ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺭﻴﻨﺔ ﺒﻘﺭﻴﻨﺔ ﻤﺜﻠﻬﺎ ﺁﻭ ﺒﺂﻱ ﻁﺭﻴﻕ ﺁﺨﺭ، ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﻴﻨﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺼل ﻓﻴﻬﺎ ﺠﻭﺍﺯ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻜﺱ، ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻘﺒل ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻓﻨﺎﺩﺭﺓ ﻭﻻﺒﺩ ﻓﻲ ﻤﻨﻊ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﻨﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ.
ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻹﻗﺭﺍﺭ ﻭﺍﻟﻴﻤﻴﻥ ﻴﺘﺼﻭﺭ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﻓﺈﺫﺍ ﺘﻤﺴﻙ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﺒﺎﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﺍﻵﺨﺭ ﺠﺎﺯ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﺍﻵﺨﺭ ﺃﻥ ﻴﺘﻤﺴﻙ ﺒﺒﻁﻼﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻗﺭﺍﺭ ﻟﻌﺩﻡ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻭﻟﻠﻐﻠﻁ ﺁﻭ ﻟﻐﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻴﻭﺏ ﻭﺇﺫﺍ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﺍﻟﻴﻤﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﺴﻤﺔ ﻟﻠﺨﺼﻡ ﺍﻵﺨﺭ ﺠﺎﺯ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﺇﻥ ﻴﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺨﺼﻤﻪ ﺍﻟﻴﻤﻴﻥ.
ﻭ ﻴﺘﺒﻴﻥ ﻤﻥ ﻜل ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻷﺼل ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻟﻴل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﺩﻤﻪ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﺘﻤﻜﻴﻥ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﺍﻵﺨﺭ ﻤﻥ ﻨﻘﻀﻪ ﻭﺍﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﻓﻲ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻤﺎ ﻴﺩﻋﻴﻪ ﻴﻘﺒﻠﻪ ﺤﻕ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﺍﻵﺨﺭ ﻓﻲ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻜﺱ
________________________
1ﳛﻲ ﺑﻜﻮﺵ ﺃﺩﻟﺔ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮﻱ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻭﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺹ 50 ↑
2 ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﻤﻬﻮﺭﻱ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺹ 48 ↑