تستعرض منهجية تطور اللامركزية بالمغرب كيف أثرت التعديلات القانونية على الهيكل الإداري والترابي حتى دستور 2011. هل تساءلت يومًا عن الأبعاد التاريخية لهذه التحولات؟ اكتشف التفاصيل التي قد تغير فهمك للسياسات اللامركزية بالمغرب.
يتناول العرض تطور اللامركزية بالمغرب عبر مراحل تاريخية مختلفة حتى دستور 2011، مع التركيز على اللامركزية الإدارية والترابية وأهم التعديلات القانونية التي شهدتها.
جامعة محمد الخامس
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
السويسي – الرباط
ماستر العلوم الإدارية والمالية
– الفوج الثاني –
وحدة: السياسات اللامركزية المقارنة
عرض بعنوان:
تطور اللامركزية بالمغرب إلى غاية دستور 2011
من إعداد الطلبة الباحثين: بشرى المالكي & أيوب أوزين عبد الإله أوقادا & محمد جلال ابن موسى المهدي دريهمي & أسامة المرابط
تحت إشراف الأستاذ: د.عبد الفتاح بلخال
2017-2018
مقدمة الموضوع:
قد عرف المغرب مند مراحل متقدمة من تاريخه أشكالا تقليدية للإدارة كانت حاضرة في الحياة اليومية للإنسان المغربي، وكانت قريبة بشكل يمكنها من البث في أموره الشرعية والعرفية التي تبتدأ بالأحوال الشخصية وتنتهي بتنظير التجارة وأمور الأمن والمنازعات، ومن هنا جاء البعد الترابي- المحلي للإدارة التي أملته عدة متطلبات منها الحفاظ على وحدة الدولة من التوتر الداخلي والخارجي وكذا تأطير وتنظيم العلاقات الإنسانية والاجتماعية داخل مجتمع متنوع ومنفتح.
وأنيط بالإدارة الترابية في تلك الحقبة; تنظيم وتدبير كل ما هو محلي، وذلك إنطلاقا من وجود حاجيات ذات خصوصية محلية، ولا يمكن الاستجابة لها إلا على المستوى المحلي.
فهو تنازل الدولة عن جزأ من اختصاصاتها المركزية إلى المستوى المحلي عبر وحدات لاممركزة. وباعتبار أن هناك صنفين من اللامركزية، وهما اللامركزية السياسية واللامركزية الإدارية، فالمغرب يأخد بهذه الأخيرة في إطار وحدة الدولة، باعتبار أن الممكلة المغربية دولة موحدة.
ويقصد باللامركزية الإدارية توزيع الوظائف الإدارية بين الحكومة المركزية في العاصمة، وبين هيئات الجماعات المحلية أو المصلحية. وتخضع هذه الهيئات المحلية في ممارسة وظيفتها لإشراف ورقابة الحكومة المركزية.1
ويتسم نظام اللامركزية الإدارية بتعدد الأشخاص المعنوية العامة في الدولة والتي تتمتع باستقلال قانوني ذاتي، مع مباشرة سلطاتها بأساليب قد تختلف من شخص إداري لَاخر، وذلك لا ينفي خضوعها لرقابة الدولة وإشرافها خضوعاً يختلف مداه ضيقاً واتساعا من هيئة إلى أخرى.
وتنقسم اللامركزية الإدارية في حد ذاتها إلى لامركزية مرفقية ولامركزية ترابية، وما يهمنا في موضوعنا هذا هو اللامركزية الترابية، والتي تتحقق بمنح جزء من الترتب الوطني الشخصية المعنوية. يعني منحه الاستقلال المالي والإداري في مباشرة الاختصاصات الموكولة إليه بهذف السهر على تحقيق المصالح المحلية تحت إشراف الحكومة ورقابتها.
وتقوم الامركزية الترابية على ثلاث أركان أو عناصر رئيسية وهي:2
– الاعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية: بمعنى أن ثمة مصالح محلية ينبغي ترك مباشرتها والإشراف عليها لمن يهمهم الأمر حتى تتفرغ الحكومة المركزية لمصالح أخرى ذات طابع عام تهم الدولة كلها. وتحديد المصالح المحلية التي تسند للهيئات اللامركزية يقوم به المشرع.
ويترتب على تحديد اختصاص المجالس المحلية بقانون، أنخ لا يجوز للإدارة المركزية أن تنتقص من اختصاصات تلك المجالس كما لا يجوز للهئيات اللامركزية أن تحلل من أي اختصاص من الاختصاصات المحددة لها قانوناً. إلا أن تحديد تلك الاختصاصات ليس بالأمر الهين نظراً للتداخل الكبير الموجود بين الشؤون المحلية والشؤون الوطنية.
– أن يعهد بالإشراف على هذه المصالح إلى هيئات منتخبة: لأن الإدارة المحلية تسعى بالأساس إلى إسناد المصالح المحلية إلى من يهمهم الأمر.
وذلك لإشباع حاجياتهم المحلية بأنفسهم. ولما كان من المستحيل على جميع أبناء الإقليم أو المدينة أن يقوموا بهذه المهمة بأنفسهم مباشرة، فإن المشرع قد يجعل إسناد هذه المصالح المحلية إلى من ينتخبونه نيابة عنهم. ومن ثمة كان الانتخاب هو الطريقة الأساسية التي يتم عن طريقها تكوين المجالس المعبرة عن إرادة الشخص المعنوي العام الإقليمي.
– استقلال المجالس في ممارسة اختصاصاتها تحت إشراف السلطة المركزية: وهذا الاستقلال ليس منحة من الحكومة المركزية وإنما هو مقرر من المشرع ويخضع لمقتضيات القانون. ولا يراد بذلك الاستقلال الفصل المطلق بين المصالح المحلية ودائرة المصلحة الوطنية، كما لا يراد بذلك الاستقلال جعل كل جماعة محلية ـ ترابية حالياً ـ في معزل عن الأخرى وإنما التكامل والتعايش. ويقصد بالرقابة الإدارة مجموع السلطات المحددة، والتي يخولها القانون لجهة معينة للإشراف على أشخاص وأعمال الهيئات المحلية بقصد تحقيق وحماية المصلحة العامة.
وبمعنى اَخر فإن الرقابة أو الوصاية الإدارية تهذف إلى تمكين السلطة المركزية من التنسيق بين عمل السلطات اللامركزية وبين نشاطها الخاص. وذلك في الإطار القانوني لذلك لأنه لا وصالة إلا بوجود نص قانوني يقرها.
وفي هذا الاطار شهدت اللامركزية الترابية تطورات عبر مراحل عدة إلى غاية دستور ,2011 ومنه تكمن أهمية الموضوع في التعرف على مراحل تطور اللامركزية الترابية بالوقوف على مختلف النصوص القانونية التي واكبت هذا التطور إلى حدود سنة .2011 ورصد هذه التطورات وإغناء الحقل العلمي بها.
ولمعالجتنا هذا الموضوع إقتضينا الاعتماد على المنهج التاريخي; لرصد التطورات التاريخية التي شهدتها اللامركزية الترابية إلى غاية ,2011 ثم المقاربة التحليلية، في تحليل وفهم محتوى النصوص القانونية التي واكبت هذا التطور. ومنه برزت الإشكالية التالية: ما هي أهم المحطات التي مرت منها اللامركزية بالمغرب إلى حدود سنة ?2011
وتفرعت عنها مجموعة من الأسئلة الفرعية التالية:
ما هي أهم التعديلات التي دخلت على المنظومة القانونية المؤطرة للجماعات الترابية?
ماهي العوامل الأساسية التي ابانت عن فشل المقاربة الكلاسيكية للجماعات الترابية بالمغرب في تدبير شؤونها? وهل يمكن اعتبار فشل هذه المقاربة هي السبب الرئيسي في تبني مرحلة جديدة من اللامركزية بالمغرب مع التعديل الدستوري ?1992
ماهي اهم مراحل تطور الجهوية بالمغرب?وماهي النتائج التي خلفتها تجربة ?1971
ما هي الاسباب التي ادت الى اعادة النظر في الوضع القانوني لظهير 1971 والارتقاء بالجهة الى جماعة محلية?
ماهي المكانة التي اصبحت تحتلها الجهة في ضوء قانون ?47.96
ماهي العوائق التي اعترت الجهة وحالت دون تحقيق لا مركزية جهوية?
ماهو تصور اللجنة الاستشارية حول الجهوية المتقدمة بالمغرب?
ما هي المقترحات التي خلصت اليها اللجنة الاستشارية للجهوية قصد تطوير اللامركزية الجهوية?
ولمعالجة كل هذه التساؤلات والاشكالية الرئيسية تم وضع التصميم التالي:
المبحث الأول: اللامركزية بالمغرب بين نضوج التجربة وأسباب فش المقاربة الكلاسيكية.
المبحث الثاني: مسار اللامركزية الجهوية بالمغرب.
________________________
1 ﻣﻠﯿﻜﺔ اﻟﺼﺮوخ، اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺘﻨﻈﯿﻢ اﻹداري: ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ اﻟﻤﻌﻨﻮﯾﺔ، اﻷﺳﺲ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺘﻨﻈﯿﻢ اﻹداري: اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ اﻹداري دار اﻟﻘﻠﻢ، اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ، 2010، ص .41 ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب: اﻟﻤﺮﻛﺰﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ، اﻟﻼﻣﺮﻛﺰﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ، ↑
2 ﻧﻔﺴﮫ، ص: .43 ↑