كيف أثرت نتائج تطور اللامركزية بالمغرب على الإدارة المحلية؟

تكشف نتائج تطور اللامركزية بالمغرب عن تحولات جذرية منذ العصور السابقة حتى دستور 2011. كيف أثرت هذه التغيرات على الإدارة المحلية والتنمية الترابية؟ استكشف التعديلات القانونية التي شكلت مستقبل المغرب.


المبحث الأول: اللامركزية بين فتاوة التجربة و فشل التدبير الكلاسيكي ”الجماعات و العمالات و الأقاليم“

عرف المسار اللامركزي بالمغرب نقلات نوعية منذ أن وجد كفكرة,كنص ثم كواقع, خلال المراحل الأساسية التي عرفها المغرب قبل الحماية و إبانها ثم في ما بعد الإستقلال.

فقبل الحماية كان المغرب يتسم بغياب مقومات المرفق و التنمية لخضوعه لموروث سياسي إسلامي و سيادة الدولة السلطانية.1

في عهد الحماية رغم الإصلاحات الإدارية و السياسية التي رافقت هذه الأثناء إلا أنها في مجملها كانت تعبر عن مصالح الفرنسيين, و هذا ما حذا بالفاعلين السياسيين إلى التوسل منذ الحصول على الإستقلال بفكر الشرعية الإدارية و فكرة الإدارة كوسيلة للتنمية الإقتصادية و الإجتماعية, بإعتبارها مقومات أساسية لإعادة بناء كل من الإدارة المركزية و المحلية التي تعاني من مجموعة من مظاهر التخلف و الركود و الجمود.2 توالت هذه الإصلاحات إلى غاية تكريس ورش الجهوية المتقدمة كآخر إصلاح عرفه التنظيم اللامركزي بالمغرب.

ستتم معالجة هذا المبحث وفق مطلبين; مراحل اللامركزية بالمغرب “المطلب الأول” فشل التدبير الكلاسيكي “المطلب الثاني.”

المطلب الأول: مراحل تطور اللامركزية بالمغرب

سينقسم هذا المطلب إلى مراحل تطور اللامركزية بالمغرب إلى غاية 1976 )الفرع الأول ( ومند سنة 1976 إلى غاية سنة .2011

1 ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻋﺒﺪ ﷲ: “اﻟﻨﻈﺎم اﻹداري ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ﻣﻨﺬ ﻗﺮون” ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺸﺆون اﻹدارﯾﺔ ﻋﺪد 1 ﯾﻨﺎﯾﺮ 1983 ص .83

2 A.Sedjari : « Les structures Administratives Territoriales et le Developpement local au Maroc » Rabat 1981, p :31.

الفرع الأول:تطور اللامركزية بالمغرب إلى غاية سنة .1976

أهم ما ميز مرحلة ما قبل الحماية هو المركزية المطلقة في المخزن, و ذلك أن إدارة المخزن تآلفت آنذاك من عنصرين, السلطان و الوزراء, كوزير المالية العامة )بيت مال المسلمين( وزير الحرب, وزير الشؤون الخارجية )وزير البحر3( .

كذلك من بين أهم السمات التي طبعت هذه الفترة هو إنقسام المغرب إلى “بلاد المخزن” و “بلاد السيبة” هذه الأخيرة حيث القبائل تحكم نفسها بنفسها بعيدا عن تدخل المخزن و في ظل السلطة الدينية للسلطان الشريف. فبلاد السيبة كونت لنفسها هيأة مؤلفة من أعيان القبيلة, تقرر في جميع الميادين و تعين عضوا منفذا لقراراتها يسمى “الأمغار” و الهيأة المشرعة هي “الجماعة” حيث كان مصدر التشريع لديها هو العرف.

فالجماعة آنذاك كانت تدار من قبل مجلس مختار و تطغى عليه الروح القبلية. هذه الفترة هي ضحض للفكرة القائلة بعدم وجود تنظيم جماعي قبل دخول سلطات الحماية إلى المغرب, بل إن عهد الحماية حين حل عمل على التقليص من دور و إختصاص الجماعة, حتى يحد من نفوذها و يقضي على بلاد السيبة ليعمم الوضع لصالحه.4

خلال فترة الحماية أهم ما يمكن أن يقال هو حضور الرقابة المزدوجة,رقابة المخزن و رقابة السلطة الفرنسية, حيث أنه و إن كانت رقابة المخزن تأخد برأي الجماعة, قبل أي تعيين أو إجراء, فالرقابة الحماية لم تعير أي إهتمام لرأي الجماعة و تلجأ لمجالس أخرى جديدة أنشأتها على رأس القبائل و أوكلت لها

3 A.sedjari : op. Cit, p : 32

4 Benbachir : « L’administration Locale au Maroc » Imprimerie Royale Rabat, 1979, p :119

مهمة تسيير الأراضي الجماعية. و عملت السلطات الفرنسية على إحداث وحداث محلية جديدة,حيث منحت صفة بلدية إلى 16 مدينة صارت تتمتع بالشخصية المعنوية و الميزانية المستقلة. عموما فسياسة سلطات الحماية أنذاك كانت تحاول إبعاد المغاربة من تسيير شؤونهم بأنفسهم ضمانا لمصالحها الإستعمارية.

و بعد حصول المغرب على الإستقلال عرف المغرب قفزات نوعية لإعادة تنظيم السلطة المركزية و اللامركزية و تكييفها مع المتطلبات و التحديات الإقتصادية و الإجتماعية و تطور المجتمع و حاجات المواطنين.5 و يمكن تقسيم هذه المرحلة إلى مرحلة ما قبل ظهير 30 شتنبر 1976 و مرحلة ما بعده.

في مرحلة ما قبل ظهير 30 شتنبر 1976 شرعت الدولة أنذاك في إقامة قواعد جديدة للامركزية أساسها الدمقراطية الحقة تبدأ من أسفل الهرم الإجتماعي و السياسي للوصول إلى قمته, فأنشأت مجالس جماعية و إقليمية و برلمانية و كان البلد في تلك الأثناء مقسما إلى حضيرتين مستقلتين الرباط و الدارالبيضاء إضافة إلى 13 منطقة أخرى هي مكناس,فاس,تازة,وجدة,أكادير,أسفي,الجديدة,بني ملال,مراكش, ورزازات,تافيلالت,الشاوية,على رأسها عمال و باشاوات على المدن.6

في 1959 تم وضع قانون الإنتخابات الجماعية الذي اعتبر خطوة مهمة في إطار المسلسل الدمقراطي الذي يرمي إلى تهذيب المواطن سياسيا و يؤهله للمشاركة في تسيير شؤونه المحلية و تأسيس جماعته المحلية.7

هكذا كان ظهير 23 يونيو 1960 الذي حدد إختصاصات المجلس الجماعي المنتخب و السلطة المحلية و إستمر العمل بمقتضيات هذا الظهير طيلة السنوات

5 ﻣﻨﺠﺰات و أھﺪاف، ﻣﻄﺒﻮع وزارة اﻷﻧﺒﺎء و اﻟﺴﯿﺎﺣﺔ، 1958، ص .5

6 JULIEN : « Le Maroc face aux Imperialismes 1914-1956 » Paris, 1978, p :380.

7 Julien : op.cit, p 474.

التي تلت دون تغيير, حيث حقق هدا الظهير مستوى من التعايش التدريجي مع المؤسسة الجماعية, إلى أن إتضح التفاوت الشاسع بين الجماعات الحضرية و القروية على مستوى المؤهلات التأطيرية و التقنية و الإدارية على مستوى التجهيز الأساسي.8لذلك كانت فترة السبعينيات بداية البحث عن الوسائل القانونية القادرة على جعل الجماعات المحلية”أنذاك” أداة فاعلة في التنمية و التغيير.

أما في مرحلة ما بعد ظهير 30 شتنبر ,1976 فهذا الإصلاح عد بحق أهم محطة في تاريخ اللامركزية بالمغرب, حيث ساهم في إنفراج المناخ السياسي. كما اعتبر نقلة نوعية و كمية على مستوى صلاحيات المجالس المنتخبة, حيث أصبح بإمكان الجماعات المحلية تحديد حاجياتها و تلبيتها وفق مخطط التنمية الإقتصادية المنصوص عليه في المادة 30 من الظهير.

كما أن الظهير أعطى مجموعة من الإمتيازات الأخرى للجماعات الترابية, كإقرار نظام جديد للجبايات المحلية, إعادة هيكلة صندوق التجهيز الجماعي, دعم النظام الجماعي بالجهوية.

الفرع الثاني: تطور اللامركزية بالمغرب مند سنة 1976 إلى غاية سنة .2011

رغم أن الخطاب الرسمي ظل يعترف بأهمية إدخال الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مهام الجماعات المحلية ـ الترابية حالياً ـ خاصة بعد ظهير 30 شتنبر ,1976 فإن النصوص القانونية ” لم تتغير كثيراً لتتكيف مع الوضع القائم, بالمقارنة مع ما كان عليه الأمر في الماضي, إذ ظلت الجماعات المحلية, الإطار الإداري للتنمية بدل أن تكون البنية الأساسية للتنمية, ” وللخروج من هذه الدائرة لابد من ” توسيع دور الجماعات المحلية لخلق

8 Le Vrault : « le fellah Marocain Défenseur du Trône » Paris, 1974, p :5-9.

ظروف موضوعية للتنمية الجهوية المتوازنة ” خاصة على المستوى الاقتصادي9.

وفي سياق تطوير اختصاصات الجماعات المحلية عرف المغرب تنظيم سبع مناظرات وطنية للجماعات المحلية: الرباط ,1977 مراكش ,1980 مكناس ,1986 الدار البيضاء ,1989 الرباط ,1990 تطوان ,1994 الدار البيضاء 1998 لتنظيم العلاقة بين الدولة والجماعات المحلية.

وفي بداية تسعينات القرن الماضي, يجب التذكير بحدثين بارزين ويتعلق الأمر بإعادة النظر في التقسيم الإداري للمملكة سنة ,1992 الذي سمح بإحداث 668 جماعة جديدة والارتقاء بالجهة إلى درجة جماعة محلية وذلك بموجب الدستور المعدل لسنة .1996

واستمراراً لمسلسل تطور نظامي اللامركزية الترابية وعدم التركيز الإداري وإعمالا للتوصيات المتراكمة عن المناظرات الوطنية السبع, حاول المشرع الميثاق الجماعي لسنة ,12102002 وعموماً ارتكز الميثاق في محاولته إصلاح وتأهيل العمل الجماعي على المحاور التالية:

  • تدقيق وتوسيع اختصاصات المجالس الجماعية ورؤسائها;
  • إقرار نظام لحقوق وواجبات المنتخب الجماعي;
  • إلغاء نظام المجموعة الحضرية وإقرار وحدة المدينة;
  • مراجعة النظام القانوني الخاص بمكتب المجلس;
  • مراجعة وتحديث قواعد الوصاية;
  • تخليق المرافق العام المحلي;

9 اﻟﻼﻣﺮﻛﺰﯾﺔ : ﻣﻦ اﻟﺘﺴﯿﯿﺮ اﻹداري إﻟﻰ ﺗﺪﺑﯿﺮ اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ، ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ، ص .349

10 ظﮭﯿﺮ ﺷﺮﯾﻒ رﻗﻢ 1.02.297، اﻟﺠﺮﯾﺪة اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﻋﺪد 5058 ﺑﺘﺎرﯾﺦ 2002/11/21 اﻟﺼﻔﺤﺔ .3468

  • تبسيط قواعد تسيير المجلس الجماعي;
  • تطوير اَليات التعاون والشراكة.

وعليه فقد أرسى الميثاق الجديد دعائم ممارسة سليمة للعمل الجماعي عند تحديده للاختصاصات الذاتية للمجلس الجماعي, ونصه على أخرى قابلة للنقل وثالثة استشارية. كما قدم عدة ضمانات للرفع من مردودية الأداء الجماعي, وترسيم حدود اختصاص الرئيس خصوصاً في مجالات الشرطة الإدارية وتمثيل الجماعة امام القضاء, إضافة إلى إقرار نظام خاص بالمنتخب يوسع حقوقه ويضبط واجباته بهدف تخليق المرفق العمومي المحلي11.

كما قام الميثاق بالتخفيف من الوصاية عبر التقليص من المواد الخاضعة للمصادفة القبلية وإحلال الرقابة المقربة محل الوصاية المركزية بإسنادها للولاة والعمال, مع تخفيض اَجال المصادقة والتأشيرة على مداولات المجالس وقرارات الرؤساء, إضافة إلى تعميم قاعدة تعليل القرارات الوصائية. ولتبسيط قواعد التسيير, تمت مراجعة نظام الدورات وإعداد جدول الأعمال والنصاب القانوني وطريقة التصويت على المداولات ومسطرة تعيين الكاتب ومقرر الميزانية.

وقد أضحت مالية الجماعات الترابية مع الميثاق الجماعي لسنة 2002 أكثر قوة وعصرنة, فقد حاول ـ الميثاق ـ تعزيز الدور الاقتصادي والاجتماعي للجماعة عبر الرفع من دورها في إنعاش التنمية وخلق الثروات وإحداث مناصب شغل وتهيئة التراب, حيث تم تمتيع ميزانيات الجماعات الترابية بنظام التبويب

11 ﻣﻮﻻي ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﻮﻋﺰاوي، ﺗﺤﺪﯾﺚ اﻹدارة اﻟﺘﺮاﺑﯿﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ﻧﺤﻮ ﺗﺮﺳﯿﺦ اﻟﺪﯾﻤﻮﻗﺮاطﯿﺔ وﻛﺴﺐ رھﺎن اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ، ﻣﻨﺸﻮرات ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ، ﺳﻠﺴﻠﺔ اﻟﺒﺤﺚ اﻷﻛﺎدﯾﻤﻲ، اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ، ص.41-40:

ووضع التقديرات المالية وتحديد الاختيارات القابلة للتحقيق وفق ما تسمح به الامكانيات الذاتية بالنسبة للمداخيل وما تمليه الحاجيات بالنسبة للنفقات.

كما أصبح الحساب الإداري بمثابة الحساب الختامي تسطر فيه جميع العمليات المالية والمحاسبية التي اضطلع بها الَامر بالصرف في إطار تنفيد الميزانية, والحصيلة النهائية لتنفيذ التقديرات المالية المقررة إما من خلال إثبات عجر مالي صافي أو إقرار فائص مالي حقيقي, مما يمكن المجلس بصفته الجهاز التداولي من بلورة رؤية شاملة حول الوضع الصحي لمالية الجماعة ومسارها الاقتصادي12.

كما أن الممارسة من خلال الميثاق الجماعي لسنة ,2002 أبانت عن فشلها كذلك في العديد من الأمور التي سنذكرها على سبيل الاستئناس, مثل; عدم ارتكاز التقسيم الجماعي على معايير موضوعية, وعدم تنظيم المالية المحلية من تنظيم للممتلكات الجماعية ونظام الجبايات, وغياب الاحترافية في إعداد الميزانيات المحلية…

وعلى اثر التوجهات الكبرى التي جاء بها الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الملتقى الوطني الأول للجماعات المحلية بأكادير, يوم 12 دجنبر ,2006 التي تهم بالأساس تحديد الاجراءات الضرورية بترسيخ المكتسبات وفي الوقت نفسه القيام بالتعديلات الضرورية من أجل إعطاء مزيد من الفعالية لنظام الحكامة المحلية ببلادنا.

12 اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ، ص: .55

صدر على عقب ذلك سنة 2009 تعديل للميثاق الجماعي لسنة ,2002 عبر صدور القانون رقم 1517.08 والذي جاء بالعديد من المستجدات التي تهم بالأساس ترسيخ قيم الحكامة والفعالية عبر دعم دور المنتخب المحلي والإدارة الجماعية وتعزيز آليات التعاون والشراكة وهي:

  1. دعم الجهاز التنفيذي للجماعة, وذلك من خلال اعتماد نظام جديد لانتخاب رئيس المجلس, بشكل يسمح له بالتوفر على أغلبية قوية تؤدي إلى استقرار فعلي في عمل المؤسسات الجماعية, ويتميز هذا النظام أساسا بتنظيم دور ثاني لانتخاب الرئيس, يترشح خلاله المترشحون المصنفون في المرتبة الأولى والثانية بحسب عدد الأصوات المحصل عليها في الدور الأول, والهدف من إقرار هذا الدور هو البحث عن تكتلات تسمح بانتخاب الرئيس بالأغلبية المطلقة للأعضاء المزاولين مهامهم. وفي حالة عدم حصول أي مترشح على هذه الأغلبية المطلقة ينتخب الرئيس في الدور الثالث بالأغلبية النسبية.
  2. توضيح كيفيات تفويض السلطات من رئيس المجلس إلى نوابه, وذلك بإقرار مبدأ التخصص, والذي على أساسه لا يمكن لرئيس المجلس أن يفوض لأكثر من نائب في نفس القطاع. هذا الإجراء يسمح بتحديد المسؤوليات بشكل واضح, سواء تجاه المنتخبين أو المواطنين. ) المادة 55 (
  3. دعم وتقوية أدوار اللجان الدائمة للمجلس وذلك من خلال: )المادة 14 (
    • تمكين رئيس اللجنة من التسجيل التلقائي في جدول أعمال دورات المجلس, لنقطة تتعلق بتقديم عرض حول المهام المنوطة باللجنة, أمام المجلس الجماعي في إطار جلسة عمومية.
    • إضافة لجنة دائمة رابعة للجان الدائمة الحالية, تخص المرافق العمومية المحلية, بالنسبة للجماعات التي يزيد عدد سكانها عن 100.000 نسمة.
    • تمكين رؤساء اللجان الدائمة من تعويضات على غرار النظام المطبق بخصوص تعويضات أعضاء مكتب المجلس الجماعي.
  4. تضمين التعديل لمقتضيات تولي أهمية كبرى للتخطيط الاستراتيجي كأداة فعالة للنهوض بالتنمية المحلية. ويمتد هذا المخطط التنموي على مدى ست سنوات ويتم تحيينه ثلاث سنوات من دخلوه حيز التنفيذ. ) المادة 36 (
  5. إعطاء الصلاحية لرئيس المجلس, للقيام بالتحويل من فصل إلى فصل للإعتمادات المدرجة, بالميزانية, وبذلك تصبح التحويلات وحدها من باب إلى باب خاضعة لمداولات المجلس. إن هذا الإجراء, يهدف إلى تكريس مبدأ شمولية الاعتمادات, ويمنح للآمر بالصرف مرونة أكبر في تنفيذ الميزانية, ومطابقتها للحاجيات الخاصة والمستعجلة للتدبير الجماعي.
  6. تبسيط المساطر حتى تتاح إمكانية برمجة الفائض المالي في حالة التصويت بالرفض على الحساب الإداري, وذلك بالاعتماد على برمجة حساب التسيير الخاص بالقابض, في انتظار قرار المجلس الجهوي للحسابات, ويهدف هذا الإجراء إلى تجاوز حالات الشلل التي تطال سير عدد متزايد من المجالس المحلية.
  7. تمكين أعوان وموظفي الدولة والمؤسسات العمومية المنتخبين رؤساء للجماعات الحضرية والقروية أو رؤساء لهيآتها, وذلك بطلب منهم حق التفرغ التام لممارسة مهامهم, مع احتفاظهم بوضعيتهم النظامية داخل الإدارات التابعين لها.

تقوية أدوات الشراكة ما بين الجماعات المحلية وشركائها في القطاع العام, وذلك من خلال تحديد الشروط المتعلقة بالموارد الواجب وضعها, في إطار اتفاقية, للقيام بالمشاريع ذات المنفعة المشتركة. ويسمح هذا الإجراء بوضع الإطار القانوني اللازم لتعزيز التعاون بين الجماعات وفاعلي القطاع العام. هذا التعاون الذي أصبح يعرف تطورا ملحوظا نتيجة الوتيرة المتزايدة التي تعرفها الأوراش الكبرى للتنمية ببلادنا.

ولم يقتصر التعديل فقط على الميثاق الجماعي لسنة ,2009 بل شمل أيضاً صدور القانون 45.0813 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها, وقد جاءت مقتضياته عصرية وتفتح اَفاقاً جديدة أمام التدبير المالي الجماعي بعد أن أزالت عدة عقبات:

تخفيف الوصاية عن طريق حصر الأعمال الخاضعة للمصادقة القبلية, وتحديد مجالاتها, وإلغاء الوصاية القبلية التي كانت تمارسها وزارة المالية.

جعل القواعد والمساطر المتعلقة بالميزانية أكثر مرونة, لتكريس استقلالية المجالس ومسؤولية الآمرين بالصرف والسماح بتعديل الميزانية خلال السنة

13 اﻟﻈﮭﯿﺮ اﻟﺸﺮﯾﻒ رﻗﻢ 09-02 اﻟﺼﺎدر ﻓﻲ 22 ﺻﻔﺮ 1430 ) 18 ﻓﺒﺮاﯾﺮ 2009 ( ﺑﺘﻨﻔﯿﺬ اﻟﻘﺎﻧﻮن رﻗﻢ 45.08 اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻨﻈﯿﻢ اﻟﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ وﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺗﮭﺎ، اﻟﺠﺮﯾﺪة اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﻋﺪد .5711

عقلنه تدبير المالية المحلية والتي تنفذ عن طريق:

  • تشجيع إنجاز برامج متعددة السنوات تندرج في إطار المخطط الجماعي للتنمية.
  • وضع مساطر وميكانزمات لتسوية الحالات الناجمة عن عدم المصادقة أو رفض الحساب الإداري.
  • ضبط عمليات الإعداد, والتصويت والموافقة على الميزانية بشكل يضمن تنفيذها في بداية السنة المالية.
  • وأخيرا وضع إطار للمراقبة ومحاسبة الجماعات المحلية14.

وعلى مستوى العمالات والأقاليم ولكي تصبح في نفس مرتبة الجماعات فقد بادر المشرع إلى إصدار قانون جديد رقم 79.0015 يهدف إلى جعل العمالات والأقاليم بالفعل مؤسسة وسيطة بين الدولة والمواطنين وفضاء مهما لتطبيق آليات الحكامة وأن هذه المؤسسة تحتضن مؤسسة أخرى قائمة بذاتها وهي الوالي أو العامل الذي يتوفر على وظائف رائدة في ميدان التنمية المحلية16.

أما من حيث الاختصاصات المتاحة لمجالس العمالات و الأقاليم , فالقانون 79.00 جاءت مواده المنظمة لاختصاصات مجالس العمالات و الأقاليم أكتر تفصيلا و وضوحا من الظهير 1963 حيت تم تدعيم الدور الذي تلعبه العمالة أو الإقليم في إنعاش التنمية القروية ودعم برامج التجهيز بالجماعات القروية وإنعاش التضامن بين الجماعات المكونة للعمالة أو الإقليم و تقليص الفوارق التنموية بينهما, فضلا عن تقوية الدور الموكول لهذه الجماعة الترابية في ميدان العمل الاجتماعي والثقافي وإنعاش التضامن لفائدة المناطق أو الفئات

14 أﻧﻈﺮ ﻣﻮﻗﻊ ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﺮاﺑﯿﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب: http://www.pncl.gov.ma/

15 اﻟﺠﺮﯾﺪة اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﻋﺪد 5058 ﺑﺘﺎرﯾﺦ 2002/11/21 اﻟﺼﻔﺤﺔ .3490

16 اﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﻗﺮﯾﺸﻲ: اﻟﺘﺪﺑﯿﺮ اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻟﺤﻜﺎﻣﺔ اﻟﺘﺮاﺑﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻮء اﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ اﻟﺘﻨﻈﯿﻤﯿﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة، ﻣﺠﻠﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ، ﺳﻠﺴﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺪﺳﺘﻮرﯾﺔ واﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ، اﻟﻌﺪد اﻟﺮاﺑﻊ، 2015، ص.249:

المحرومة ,… كل هاته الاختصاصات تصب في قالب واحد وهو التنمية, وذلك عن طريق حكامة ترابية تتوخى التدبير الجيد للشؤون الإقليمية بشكل فعال يخلق الثورة ويساهم في حل مختلف الإشكاليات الاجتماعية.

فبعد أن أصبح تنظيم العمالات والأقاليم أحد العوامل الحاسمة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية, في إطار مواجهة التحولات العميقة التي يعرفها تدبير الشأن المحلي, ولإرساء سياسة جديدة للتدبير, تم منح اختصاصات مهمة و مفصلة شيئا ما لمجالس العمالات و الأقاليم .

أ – فالبنسبة ” للاختصاصات الذاتية “

والتي نصت عليها مقتضيات المادة 36 من القانون 79.00 فإن المجلس يتكلف بالشؤون المتعلقة بالتنمية الاقتصادية أو الاجتماعية المتعلقة بالعمالة أو الإقليم وكذلك برامج التجهيز والتنمية إضافة إلى الأعمال المتعلقة بالبث في إحداث مقاولات وشركات الاقتصاد المختلط, ذات الفائدة للعمالة أو الإقليم أو المساهمة فيها, إضافة إلى كل الأعمال الخاصة بإنعاش التشغيل طبقا للتوجهات والأهداف الوطنية.

ويتكلف مجلس العمالة أو الإقليم بإبرام اتفاقيات التعاون أو الشراكة مع الإدارات العمومية أو الجماعات المحلية والهيئات العمومية أو الخاصة, والفاعلين الاجتماعيين, وكذلك توقيع اتفاقيات التوأمة و التعاون اللامركزي و الانخراط والمشاركة في أنشطة المنظمات المهتمة بالشؤون المحلية, و كل أشكال التبادل مع الجماعات الترابية الأجنبية.

أما فيما يخص باقي “اختصاصات مجلس العمالة أو الإقليم” فيتعلق جزء منها بالشؤون المالية وأملاك العمالة أو الإقليم, بحيث يتكلف المجلس بدراسة الميزانية والحساب الإداري, وكذلك فتح حسابات خصوصية وإعتمادات جديدة, رفع مبالغ الاعتمادات وتحويلها من فصل إلى فصل, و تحديد سعر الرسوم و تعرفة الواجبات ومختلف الحقوق التي تقبض لفائدة العمالة أو الإقليم, إضافة إلى التقرير في الاقتراضات والضمانات, والمحافظة على ممتلكات العمالة أو الإقليم, وتأهيلها و صيانتها, والاقتناءات والتفويتات والمعاوضات والإكتراءات و كل المعاملات المتعلقة بالملك الخاص التابع للعمالة أو الإقليم, والاحتلال المؤقت للملك العمومي .

أما “الاختصاصات المتعلقة بالمرافق العمومية والتجهيزات العمومية”

فإن مجلس العمالة أو الإقليم يتكلف بإحداث المرافق العمومية و تحديد طرق تدبيرها , و كذلك إنجاز و صيانة الطرق التابعة للعمالة أو الإقليم, والبث في إحداث المرفق العمومي للنقل بين الجماعات و تحديد طرق تدبيره.

أما “الاختصاصات المتعلقة بالشؤون الاجتماعية و الثقافية و التعمير و البيئة ,”

فإن المجلس مكلف بإنجاز برامج الإسكان أو إعادة هيكلة النسيج الحضري, والسكن غير اللائق بالوسط الحضري والقروي, ويقوم أيضا بالمحافظة على المواقع الطبيعية والتراث التاريخي و الثقافي والفني, إضافة إلى إنعاش الرياضة وكل أعمال التضامن الاجتماعي أو ذو طابع إنساني, كما يهتم أيضا بالسهر على حماية شؤون البيئة .

وبصفة عامة يمكن القول أن القانون 79.00 قد حاول إخراج العمالات والأقاليم من جمودها الإداري ومحدوديتها التنموية, وحاول أن يفتح لها اَفاقاً واعدة على صعيد التدبير الاقتصادي. لكن ذلك لم يتحقق, إذ لم يتم إرفاقه بوسائل مالية وطاقات بشرية من شأنها أن تترجم طموحاتها واستراتيجيتها إلى أرض الواقع وأن تكون بالفعل جماعة وسطية بين الدولة والمواطنين17. ولكن في سياق كل هذه الإصلاحات والمستجدات والتي اقترنت في مقارباتها الأخيرة بالحكامة الترابية التي أشارت إليها التوجهات الملكية, أبان كل ذلك

17 اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ، ص: .250

عن فشلها وسنعرض من خلال المطلب الثاني من هذا المبحث; الأسباب التي أدت إلى هذا الفشل.

________________________

1 ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻋﺒﺪ ﷲ: “اﻟﻨﻈﺎم اﻹداري ﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ﻣﻨﺬ ﻗﺮون” ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺸ

Rechercher

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.