تحليل شامل لمنهجية دراسة جنحة إصدار شيك بدون رصيد وأبعادها القانونية

 

يتناول هذا البحث أركان جنحة إصدار شيك بدون رصيد، ويستعرض الأبعاد القانونية والاقتصادية لهذه الجريمة وأثرها على المعاملات التجارية.


 

اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﻘﻀﺎء

قضاء الأغواط

اﻟﺪﻓﻌــﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜـﺔ ﻋﺸــﺮ

مذكرة التخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاة

تحت عنوان 

جريمة إصدار شيك بدون رصيد على ضوء قانون العقوب والإجتهاد القضائي

  

= ﻣـﻦ إﻋــﺪاد اﻟﻄﻠﺒـــﺔ اﻟﻘﻀــــﺎة =             

* ﺣﻤــﺪاﻧــﻲ ﻧﺒﻴــﻠــﺔ

* زوﻏﻤــــﺎز ﺟﻤﻴـﻠــﺔ * ﻓﺮﻧــــﺎن ﺻﺒﻴـﺤـــﺔ

اﻟﺴﻴـــﺪ =

* ﺑﻠﻐﻴـــــﺖ ﻳﺎﻗـﻮﺗـــﺔ * ﺑﺮاهــــﻢ ﺟﻴﻬـــﺎن ﻗــﻀــــﺎء

* ﺑﻮﻋـــﻮﻧــــﻲ ﻧــــﻮال اﻷﻏــــــــــــــــﻮاط

  = ﺗﺤـــﺖ إﺷـــﺮاف 

ﺑﺮاهﻴــﻤــــﻲ ﺳﻠﻴﻤــــــــــﺎن

رﺋﻴــــــﺲ ﻣﺠﻠـــــــﺲ

 

2004-2005

الفصل الأول: أركان جنحة إصدار شيك بدون رصيد والدفع التي يمكن أن تثار بشأنها.

أظهرت الأهمية البالغة للشيكات في الحياة الاقتصادية والدور الذي تؤديه في المعاملات، لا سيما في مجال الأعمال التجارية، ضرورة توفير

حماية فعالة لها، ضمانا لقيامها بأداء وظائفها الاقتصادية، وبصفة خاصة

وظيفتها كأداة وفاء في المعاملات تقوم مقام النقود، فمن الملاحظ أن اعتبار الشيك أداة وفاء مثل النقود دفع بعض الأفراد إلى إساءات استعمال

الشيكات بغية التوصل عن طريقها إلى الاستيلاء على أموال الغير، وذلك

بتحرير شيكات ليس لها مقابل وفاء لدى المسحوب عليه، ولا شك في أن إساءات استعمال الشيك على هذا النحو يؤدي إلى فقدان الأفراد للثقة

فيه كأداة وفاء وتجعلـه بالتالي غير قادر على أداء وظائفه الاقتصادية.

والتي وجد من أجلها. وحماية لذلك اتجه المشرع إلى تجريم فعل

إصدار شيك دون رصيد وتدعيم هذا التشريع بالعقوبة الجنائية، وبذلك جعله جريمة قائمة بذاتها لها أركانها الخاصة بها وهذا ما سنعالجه في هذا الفصل بالتطرق لجريمة إصدار شيك دون رصيد من حيث

الأركان التي بها تقوم الجريمة. ومن الملاحظ أن هذه الأخيرة يمكن

هدما عن طريق ما يقدمه المتهم من دفع قد تؤدي إلى نفيها، كما

قد لا تؤثر فيها فتبقى الجريمة قائمة على الرغم من إثارتها.

وهذا ما سنتطرق إليه في المبحثين المواليين حيث سنتناول في المبحث

الأول أركان الجريمة بالدراسة في حين المخصص المبحث الثاني للدفع التي من شأنها أن تعترض قيام هذه الأركان.

المبحث الأول: أركان جريمة إصدار شيك بدون رصيد.

باستقراء نص المادتين): 374 و (375 من قانون العقوبات نجد أن

المشرع لم يحصر جرائم الشيك في صورة وحيدة، بحيث جعلها تتخذ

عدة مظاهر يمكن إيجازها فيما يلي:

أ – تسليم أو قبول شيك كضمان أو تظهير مثل هذا الشيك، وهي

الصورة المشار إليها بنص المادة) (374 في فقرتها الثالثة، فالأصل في

الشيك أنه أداة وفاء ولا أداة قرض وائتمان، ولأنه كذلك فإن القانون يجرم تسليم الشيك أو قبوله على سبيل الضمان، وكذلك فعل تظهير المستفيد للشيك المسلم له كضمان.

وجديـر بالذكر أن المشرع لم يشترط في تظهير شيك سلم أو قبل ضمان سوء النية، فتقوم الجريمة بمجرد توافر القصد الجنائي العام مستخلص من الوقائع.

ك

الب- تزوير أو تزييف الشيك، وأشارت إلى هذه الصورة المادة 375 من

قانون العقوبات وتأخذ مظهرين أساسيين وهما: تزوير أو تزييف الشيك

بوضع توقيع مزور) سواء كان التزوير ماديا أو معنويا( 1، وقبول استلام

شيك مزور أو مزيف.

ومع تعدد صور جرائم الشيك فإننا ارتأينا حصر نطاق دراستنا في

صورة واحدة وهي: جريمة إصدار شيك بدون رصيد كونها الصورة

الأكثر انتشارا والتي سنتطرق إليها بنوع من التفصيل من خلال تجسيد أركانها كما يأتي:

1 من طرق التزوير المادي: وضع توقيع مزور، حذف أو إضافة مضمون المحرر، اصطناع محرر -2 من طرق التزوير المعنوي: اصطناع واقعة أو اتفاق خيالي، أو انتحال شخصية الغير.

المطلب الأول: الركن الشرعي للجريمة.

تتحقق الجريمة بالفعل الصادر عن الشخص، فتتخذ صورة مادية

معينة، وتختلف الأفعال المادية باختلاف نشاطات الأشخاص وهذا ما

يجعل المشرع يتدخل لتحديد فئة الأفعال الضارة أو الخطرة على سلامة أفراد المجتمع، فينهي عنها بموجب نص قانوني جزائي يجرم هذه الأفعال ويحدد عقوبة من يأتي على ارتكابها، وبالتالي فإن قانون العقوبات هو الذي يحدد الجرائم ويضع لها عقابا فلا وجود للجريمة بدون نص تشريعي.

ويقصد بالركن الشرعي للجريمة الصفة غير المشروعة للفعل هذه

الصفة التي خلقها نص التجريم الواجب التطبيق على الفعل بشرط أن لا

يكون هناك سبب من أسباب الإباحة:

وقد نصت المادة الأولى من قانون العقوبات على أنه: *لا جريمة

ولا عقوبة أو تدبير أمن بغير قانون *

فالركن الشرعي هو الذي يحدد المواد التي يصبغ عليها المشرع الصفة

غير مشروعة، هذه المواد التي تكون جوهر الركن المادي للجريمة 2.

.

يعني مبدأ الشرعية حصر الجرائم والعقوبات في نصوص القانون فيختص بتحديد الأفعال التي تعتبر جرائم وبيان أركانها، وفرض العقوبات

على هذه الأفعال. وعلى القاضي تطبيق ما يضعه المشرع من قواعد

في هذا الشأن. فلا يستطيع القاضي تجريم فعل معين إلا إذا وجد نص

يعتبر هذا الفعل جريمة.3

2 دكتور: رضا فرج: شرح قانون العقوبات الجزائري –ص-101 –3 دكتور رضا فرج: المرجع نفسه –ص -103

وعند تطبيق ما سبق ذكره على جريمة إصدار شيك بدون رصيد نجد

المشرع قد نص في المادة 374 من قانون العقوبات على أنه :

* يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن قيمة

الشيك أو عن قيمة النقص في الرصيد :

.1 كل من أصدر بسوء نية شيكا لا يقابله رصيد قائم، وقابل للصرف

أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك أو قام بسحب الرصيد كله أو بعضه

بعد إصدار الشيك أو منع المسحوب عليه من صرفه.

.2 كل من قبل أو ظهر شيكا صادرا في الظروف المشار إليها في الفقرة السابقة مع علمه بذلك.

.3 كل من أصدر أو قبل أو ظهر شيكا واشترط عدم صرفه فوراً بل جعله كضمان.*

وقد وردت هذه المادة المتعلقة بجريمة إصدار شيك دون رصيد حسب

موقعها في قانون العقوبات بالقسم الثاني الذي ورد بعنوان: * النصب

وإصدار شيك دون رصيد * من الفصل الثالث المتعلق بالجنائيات والجنح

ضد الأموال من الباب الثاني الذي يحتوي على الجنائيات والجنح ضد الأفراد من الكتاب الثالث الوارد بعنوان الجنائيات والجنح وعقوباتها من الجزء الثاني المتعلق بالتجريم، من قانون العقوبات والذي صدر بموجب

الأمر رقم 156-66 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 8 يونيو

سنة 1966 المتضمن قانون العقوبات.

كما تجدر الإشارة إلى أن تجريم فعل إصدار شيك بدون رصيد قد

ورد أيضا في القانون التجاري وذلك في نص المادة 538 منه، والتي

جاء فيها :

* يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن

مبلغ الشيك أو عن باقي قيمته:

.1 كل من أصدر عن سوء نية شيكا ليس له مقابل وفاء سابق وقابل للتصرف فيه، أو كان مقابل الوفاء أقل من مبلغ الشيك أو تراجع بعد استصداره الشيك كامل مقابل الوفاء أو بعضه أو منع المسحوب عليه من الوفاء.

.2 كل من قبل أو ظهر شيكا صادرا في الظروف المشار إليها في الفقرة السابقة مع علمه بذلك.

.3 كل من أصدر أو قبل أو ظهر شيكا على شرط ألا يقبض مبلغـه فورا وإنما على وجه الضمان*.

وقد وردت هذه المادة، حسب موقعها من القانون التجاري بالفصل التاسع المتعلق بالتقادم من الباب الثاني والذي عنوانه الشيك من الكتاب الرابع المتضمن السندات التجارية، من القانون التجاري والذي صدر بموجب الأمر رقم 59-75 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق لـ

26 سبتمبر سنة 1975 المتضمن القانون التجاري المعدل والمتمم.

والملاحظة على هذه المادة هو أن المشرع قد استعمل عبارة * يعاقب

بالسجن *… في النص العربي بينما في النص الفرنسي ذكر* D’UN PUNI EST *

EMPRISONNEMENT وهذا لا يمكن أن يفسر على أنه تناقض بين

النصين العربي والفرنسي، بل إن قصد المشرع هنا واضح خال من أي غموض وهو يعني بها الحبس وليس السجن وهو ما يؤكده نص

المادة 374 من قانون العقوبات.

كما تجددر الإشارة إلى أن المشرع قد نص على تجريم فعل إصدار الشيك بدون رصيد في كل من القانونين التجاري والعقوبات، وبالعقوبة

نفسها مضيفا في القانون نفسه عقوبات تبعية تتمثل في الحرمان

من الحقوق الوطنية المبينة في نص المادة الثامنة من قانون العقوبات

سواء بصفة كلية أو جزئية، كما استوجبت ذلك المادة 541 من القانون

التجاري، وقد أجازت الحكم على المتهم المدان بعقوبة حظر الإقامة كعقوبة تكملية.

ولعل هذا التكرار الذي قصده المشرع من خلال النص على التجريم فعل إصدار شيك دون رصيد والعقاب عليه، في القانون التجاري بعد أن تناولها في قانون العقوبات، هو في حقيقة الأمر تأكيد من قبله على

الحماية الجنائية التي أراد أن يقررها حماية للشيك في حد ذاته باعتباره

أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات.

Rechercher

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.