تكشف نتائج دراسة عبء الإثبات عن دور القاضي والخصوم في توزيع هذا العبء في المسائل المدنية، مع مقارنة بين القانون والشريعة الإسلامية. كيف يؤثر ذلك على تحديد المكلف بعبء الإثبات وشروط محله؟
ﺍﻟﻤﻁﻠﺏ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ: ﻤﺩﻯ ﺠﻭﺍﺯ ﺍﻻﺘﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻗﻭﺍﻋﺩ ﻋﺏﺀ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ
ﻭﻨﺘﻌﺭﺽ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻁﻠﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﺼﻭﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﺎﻟﻤﺎﺩﺓ 333 ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ، ﻭ ﻨﺤﺎﻭل ﺃﻥ ﻨﻘﺎﺭﻥ ﺫﻟﻙ ﺒﻤﺎ ﻴﻭﺠﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ، ﻜﻤﺎ ﻨﺘﻌﺭﺽ ﻓﻲ ﻨﻘﻁﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺩﻯ ﺇﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺍﻻﺘﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺨﻼﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﻭ ﻤﺩﻯ ﺘﻌﻠﻕ ﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ.
ﺃﻭﻻ: ﻤﻭﻀﻊ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﺒﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻬﻭﺩ.
-1 ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ:
ﺘﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 01/333 ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﻠﻲ: ﻓﻲ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﺘﺯﻴﺩ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ 1000 ﺩﺝ ﺃﻭ ﻜﺎﻥ ﻏﻴﺭ ﻤﺤﺩﺩ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻓﻼ ﺘﺠﻭﺯ ﺍﻟﺒﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻭﺠﻭﺩﻩ ﺃﻭ ﺇﻨﻘﺎﻀﻪ ﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻭﺠﺩ ﻨﺼﺎ ﻴﻘﻀﻲ ﺒﻐﻴﺭ ﺫﻟﻙ…
ﻭ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﺼﺭﻓﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﺯﺍﺩﺕ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﻜﺘﺎﺒﺔ.
ﻜﻤﺎ ﺘﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 01/334 ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﻠﻲ: ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﺒﺎﻟﺒﻴﻨﺔ ﻭ ﻟﻭ ﻟﻡ ﺘﺯﺩ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻟﻑ ﺩﻴﻨﺎﺭ ﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺨﺎﻟﻑ ﺃﻭ ﻴﺠﺎﻭﺯ ﻤﺎ ﺍﺸﺘﻤل ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﻋﻘﺩ ﺭﺴﻤﻲ… ﻭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺹ ﻫﻭ ﺍﻟﺸﻕ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭ ﻤﻀﻤﻭﻨﻬﺎ ﺃﻨﻪ ﺤﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻻ ﺘﺯﻴﺩ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ 1000 ﺩﺝ ﻓﺈﻨﻪ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺜﺎﺒﺘﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﺩ ﺭﺴﻤﻲ ﻓﻼ ﻴﺠﻭﺯ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻤﺎ ﻴﺨﺎﻟﻔﻪ.
302 ﺹ.
–1ﳏﻤﺪ ﻓﺘﺢ ﺍﷲ ﺍﻟﻨﺸﺎﺭ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ
ﻭ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺫﻟﻙ ﻨﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺘﻀﻴﻕ ﻤﻥ ﻨﻁﺎﻕ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﺒﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻬﻭﺩ ﻭ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﻭ ﺘﺠﻌل ﻗﻭﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻤﺤﺩﻭﺩﺓ، ﻭ ﻏﻨﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺴﺘﺒﻌﺩ ﻓﻴﻪ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﺒﺎﻟﺒﻴﻨﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﺫﻭ ﻨﻁﺎﻕ ﻭﺍﺴﻊ ﻓﻬﻭ ﻴﺴﺘﻐﺭﻕ ﺍﻟﻜﺜﺭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺼﺭﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﺎﺩﺓ ﻤﺤﻼ ﻟﻠﺘﻘﺎﻀﻲ… ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻫﺫﻴﻥ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﻴﻥ ﺘﻌﻭﺩ ﻟﻬﻤﺎ ﻗﻭﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﻭﺍﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺘﻴﻥ 335 ﻭ 336 ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ، ﻭ ﺘﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 335 ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﻠﻲ: ﻴﺠﻭﺯ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﺒﺎﻟﺒﻴﻨﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺠﺏ ﺇﺜﺒﺎﺘﻪ ﺒﺎﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺇﺫﺍ ﻭﺠﺩ ﻤﺒﺩﺃ ﺜﺒﻭﺕ ﺒﺎﻟﻜﺘﺎﺒﺔ، ﻭ ﻜل ﻜﺘﺎﺒﺔ ﺘﺼﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﻭ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺠﻌل ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﺍﻟﻤﺩﻋﻰ ﺒﻪ ﻗﺭﻴﺏ ﺍﻻﺤﺘﻤﺎل، ﺘﻌﺘﺒﺭ ﻤﺒﺩﺃ ﺜﺒﻭﺕ ﺒﺎﻟﻜﺘﺎﺒﺔ.
ﻜﻤﺎ ﺘﻨﺹ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 336 ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﻠﻲ: ﻴﺠﻭﺯ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﺒﺎﻟﺒﻴﻨﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺠﺏ ﺇﺜﺒﺎﺘﻪ ﺒﺎﻟﻜﺘﺎﺒﺔ:
– ﺇﺫﺍ ﻭﺠﺩ ﻤﺎﻨﻊ ﻤﺎﺩﻱ ﺃﻭ ﺃﺩﺒﻲ ﻴﺤﻭل ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺩﻟﻴل ﻜﺘﺎﺒﻲ.
– ﺇﺫﺍ ﻓﻘﺩ ﺍﻟﺩﺍﺌﻥ ﺴﻨﺩﻩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﻲ ﻟﺴﺒﺏ ﺃﺠﻨﺒﻲ ﺨﺎﺭﺝ ﻋﻥ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ.
ﻓﻴﺴﺘﺜﻨﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺤﺎﻟﺔ ﻭﺠﻭﺩ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺜﺒﻭﺕ ﺒﺎﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻭ ﺤﺎﻟﺔ ﻭﺠﻭﺩ ﻤﺎﻨﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺃﻭ ﻀﻴﺎﻉ ﺍﻟﺴﻨﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﻲ.
– ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ، ﻜﺎﻥ ﻴﺠﻌل ﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻬﻭﺩ ﻫﻲ ﺍﻷﺼل ﻓﻲ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻓﻴﺠﻭﺯ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺃﻱ ﺇﻟﺯﺍﻡ ﺃﻴﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻭ ﺒﻘﻴﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎل ﺴﺎﺌﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻨﺘﺸﺭﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻭ ﺼﺩﺭ ﻗﺎﻨﻭﻥ 1566 ﺴﻤﻲ ﺒﺄﻤﺭ ﻤﻭﻻﻥ، ﺘﻘﻀﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 56 ﻤﻨﻪ ﺒﻭﺠﻭﺏ ﺘﺩﻭﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﻤﻼﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺯﻴﺩ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺎﺌﺔ ﻓﺭﻨﻙ ﻓﺭﻨﺴﻲ ﻓﻲ ﻭﺭﻗﺔ ﺭﺴﻤﻴﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﻭﺜﻕ ﺍﻟﻌﻘﻭﺩ ﻓﻬﺫﻩ ﺍﻟﻭﺭﻗﺔ ﻫﻲ ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﻭﻥ ﺩﻟﻴﻼ ﻟﻺﺜﺒﺎﺕ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻘﺒل ﺍﻟﺒﻴﻨﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺠﺎﻭﺯ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺩﻟﻴل ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﻲ ﺃﻭ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺩﻋﻰ ﺃﻨﻪ ﺍﺘﻔﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒل ﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺩﻟﻴل، ﻭ ﻓﻲ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﻜﺘﺎﺒﺘﻪ ﺃﻭ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ.
ﻭ ﺒﻌﺩ ﻤﺎﺌﺔ ﻋﺎﻡ ﻤﻥ ﺼﺩﻭﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﺼﺩﺭ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﻟﻭﻴﺱ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ﻋﺸﺭ ﻓﻲ ﺍﻹﺼﻼﺡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻲ ﻴﻘﻀﻲ ﺒﻭﺠﻭﺏ ﺘﺩﻭﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﻤﻼﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺯﻴﺩ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺎﺌﺔ ﻓﺭﻨﻙ ﻭ ﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﻭﺩﺍﺌﻊ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺭﺴﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﺭﻓﻴﺔ، ﻭ ﻻ ﻴﻘﺒل ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﺒﺎﻟﺒﻴﻨﺔ ﻟﻤﺎ ﻴﺨﺎﻟﻑ ﻤﺎ ﺍﺸﺘﻤﻠﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺃﻭ ﻴﺠﺎﻭﺯﻩ ﻭ ﻻ ﻟﻤﺎ ﻴﺩﻋﻰ ﺃﻨﻪ ﺍﺘﻔﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒل ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺃﺜﻨﺎﺌﻬﺎ ﺃﻭ ﺒﻌﺩﻫﺎ، ﻭ ﻟﻭﻟﻡ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻤﺎﺌﺔ ﻓﺭﻨﻙ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺨل ﺫﻟﻙ ﺒﻤﺎ ﻗﺩ ﺠﺭﻯ ﺍﻟﻌﻤل ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻭ ﺍﻟﻘﻨﺎﺼل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻴﺔ.
ﻭ ﺒﻘﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺹ ﻤﻌﻤﻭﻻ ﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ، ﺜﻡ ﻨﻘﻠﻪ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﻨﻘﻼ ﻴﻜﺎﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺤﺭﻓﻴﺎ، ﻓﻨﺼﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 1341 ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ: ﻴﺠﺏ ﺇﻋﺩﺍﺩ ﻭﺭﻗﺔ ﺭﺴﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﺭﻓﻴﺔ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺯﻴﺩ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺎﺌﺔ ﻭ ﺨﻤﺴﻴﻥ ﻓﺭﻨﻜﺎ ﻭ ﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﻭﺩﺍﺌﻊ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻴﺔ ﻭ ﻻ ﺘﻘﺒل ﻟﻠﺒﻴﻨﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺨﺎﻟﻑ ﺃﻭ ﻴﺠﺎﻭﺯ ﻤﺸﺘﻤﻼﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ، ﺃﻭ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺩﻋﻰ ﺃﻨﻪ ﻭﻗﻊ ﻗﺒل ﻜﺘﺎﺒﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺃﻭ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﻭ ﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺘﻘل ﻋﻥ ﻤﺎﺌﺔ ﻭ ﺨﻤﺴﻴﻥ ﻓﺭﻨﻜﺎ، ﻭﻫﺫﺍ ﻜﻠﻪ ﺩﻭﻥ ﺇﺨﻼل ﺒﺄﺤﻜﺎﻡ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ.
Il doit être passe acte devant notaire ou sous signatures privées de toutes choses existantes la somme ou la valeur de cent cinquante francs, mêmes pour dépôts volontaires et il n’est reçus aucune preuve par témoins contre et autre le contenu aux actes ni sur ce qui serait allègue avoir été dit avant, lors ou depuis les s’actes acore qu’il s’agisse d’une somme ou valeur moins de cent cinquante francs, le tout sans préjudice de ce qui est prescrit dans les lois relatives au commerce.
ﻭﻗﺩ ﺠﻌل ﻗﺎﻨﻭﻥ ﻨﺎﺒﻠﻴﻭﻥ ﻨﺼﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﻨﺔ ﻤﺎﺌﺔ ﻭ ﺨﻤﺴﻴﻥ ﻓﺭﻨﻜﺎ، ﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﻤﺎﺌﺔ ﻓﺭﻨﻙ ﻤﺎ ﻴﻌﺎﺩل ﺃﻟﻔﻲ ﻓﺭﻨﻙ، ﻭ ﻗﺩ ﻨﺯل ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﻨﻅﺭﺍ ﻟﺯﻴﺎﺩﺓ ﺍﻨﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ، ﺜﻡ ﻨﻘﺼﺕ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻔﺭﻨﻙ ﻓﺼﺩﺭ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺃﻭل ﺃﺒﺭﻴل ﺴﻨﺔ 1928 ﻟﻴﺭﻓﻊ ﺍﻟﻨﺼﺎﺏ ﻤﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ ﺇﻟﻰ ﺨﻤﺱ ﻤﺎﺌﺔ ﻓﺭﻨﻙ، ﺜﻡ ﻨﻘﺼﺕ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻨﻘﺼﺎ ﺠﺴﻴﻤﺎ ﻓﻨﺹ ﻗﺎﻨﻭﻥ 21ﻓﺒﺭﺍﻴﺭ ﺴﻨﺔ 1948 ﻋﻠﻰ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻨﺼﺎﺏ ﻤﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ ﺇﻟﻰ ﺨﻤﺴﺔ ﺁﻻﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺭﻨﻜﺎﺕ، ﺃﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﺼﺭ ﻓﻘﺩ ﻗﺭﺭ ﺍﻟﻨﺼﺎﺏ ﺒﻌﺸﺭﺓ ﺠﻨﻴﻬﺎﺕ ﻭ ﻟﻡ ﻴﺘﻐﻴﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺜﻡ ﺠﺎﺀ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻟﻴﺭﻓﻊ ﻨﺼﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﺠﻨﻴﻪ، ﺃﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻓﻘﺩ ﺜﺒﺕ ﺍﻟﻨﺼﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﺔ ﺃﻟﻑ ﺩﻴﻨﺎﺭ ﺠﺯﺍﺌﺭﻱ 1000) ﺩ ﺝ .(
-2 ﻤﻭﻀﻊ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ:
ﻗﺩ ﺃﺘﻰ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺒﺄﺭﻗﻰ ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ، ﻓﻬﻭ ﻴﻌﺩ ﺒﺤﻕ ﺃﺼل ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﻭ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻷﻭل ﻟﻬﺎ ﻭ ﻟﻴﺴﺕ ﻜﻤﺎ ﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺎل ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﻫﻭ “ﺃﻤﺭ ﻤﻭﻻﻥ” ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ﻓﻴﻔﺭﻱ 1566 ﺤﻴﺙ ﻗﺎل ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﻜﺭﻴﻢ”: ﻴﺎ ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺁﻤﻨﻭﺍ ﺇﺫﺍ ﺘﺩﺍﻴﻨﺘﻡ ﺒﺩﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﺠل ﻤﺴﻤﻰ ﻓﺎﻜﺘﺒﻭﻫﻭ ﻟﻴﻜﺘﺏ ﺒﻴﻨﻜﻡ ﻜﺎﺘﺏ ﺒﺎﻟﻌﺩل ﻭ ﻻ ﻴﺄﺏ ﻜﺎﺘﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﺘﺏ ﻜﻤﺎ ﻋﻠﻤﻪ ﺍﷲ ﻓﻠﻴﻜﺘﺏ ﻭﻟﻴﻤﻠل ﺍﻟﺫﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺤﻕ ﻭ ﻟﻴﺘﻘﻲ ﺍﷲ ﺭﺒﻪ ﻭ ﻻ ﻴﺒﺨﺱ ﻤﻨﻪ ﺸﻴﺌﺎ.”
ﻤﺼﺩﺍﻗﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻘﻭل ﺍﻟﻜﺭﻴﻢ، ﻨﺴﺘﺨﻠﺹ ﺃﻥ ﺍﷲ ﻗﺩ ﺃﻤﺭ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺍﻟﻤﺅﻤﻨﻴﻥ ﺒﺎﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ” ﻓﺎﻜﺘﺒﻭﻩ” ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻴﻔﻴﺩ ﺍﻟﻭﺠﻭﺏ ﻭ ﺍﻟﻨﻜﻭل ﻋﻨﻪ ﻴﻌﺩ ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﻭﻗﻭﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺭﺍﻡ ﻭ ﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺸﺭﻉ ﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻭﻟﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﺇﺫﻥ ﻟﻠﻜﺘﺎﺒﺔ، ﻭ ﻟﻜﻥ ﻟﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺘﻘﺼﺭ ﺩﻭﻥ ﺫﻟﻙ، ﻭﺘﻘﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎﺭﺍﺓ، ﻫﺫﺍ ﻟﻠﺘﻘﺩﻡ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻴﺴﺎﻴﺭﻭﺍ ﺤﻀﺎﺭﺓ ﻋﺼﺭﻫﻡ، ﻓﺈﺫﺍ ﺒﺎﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻴﺭﺘﻔﻊ ﺒﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻤﻘﺎﻡ ﺘﻨﺯل ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻨﺯﻭﻻ ﺒﻴﻨﺎ، ﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺠﻴﺏ ﺃﻥ ﻋﺼﺭ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻟﻡ ﻴﺩﺭﻙ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻭﺭﺍﺀ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ، ﻓﻀل ﻴﺭﺩﺩ ﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﻷﻭﻟﻭﻥ ﻓﻲ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ، ﻭ ﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺃﻨﻬﻡ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺴﺘﻁﻴﻌﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﻠﺒﻭﺍ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﻓﻴﻘﺩﻤﻭﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ، ﻭ ﻴﺅﺍﺯﺭﻫﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻨﺘﺸ