تكنولوجيا الإثبات: 5 ابتكارات ضرورية في المسائل المدنية 2024

تكنولوجيا الإثبات في المسائل المدنية تكشف عن دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الإثبات، مع تحليل مقارنة بين القانون والشريعة الإسلامية. كيف يمكن أن تؤثر هذه الديناميكيات على نتائج القضايا المدنية؟


ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ: ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻓﻲ ﺘﻭﺯﻴﻊ ﻋﺒﺊ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﺒﻤﻭﺠﺏ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ:

1 ﺩ/ﺍﻟﻐﻮﺛﻲ ﺑﻦ ﻣﻠﺤﺔ – ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻭ ﻃﺮﻕ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ﻭ ﻣﺒﺎﺷﺮﺎ ﰲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﱐ ﰲ ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ- ﺹ 120-119-118-117

_ ﺍﻟﻘﺭﻴﻨﺔ ﻫﻲ ﻤﺎ ﻴﺴﺘﺨﻠﺼﻪ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻤﻥ ﺃﻤﺭ ﻤﻌﻠﻭﻡ ﻟﻠﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻤﺭ ﻤﺠﻬﻭل ﻓﻬﻲ ﺩﻟﻴل ﻏﻴﺭ ﻤﺒﺎﺸﺭ ﻻ ﻴﻨﺼﺏ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﻤﺤل ﺍﻟﺘﺩﺍﻋﻲ ﻭ ﺇﻨﻤﺎ ﺃﺨﺭﻯ ﺒﺩﻴﻠﺔ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺸﺄﻥ ﺜﺒﻭﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﻴﺠﻌل ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﺍﻷﺼﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﻨﻔﻴﻬﺎ ﺃﻤﺭﺍ ﻤﺤﺘﻤﻼ ﺒﺤﻜﻡ ﺍﻟﻠﺯﻭﻡ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ، ﻭ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﻨﻭﻋﺎﻥ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭ ﻗﻀﺎﺌﻴﺔ1

_ ﺘﻌﺭﻑ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﺒﺄﻨﻬﺎ”: ﺍﻷﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺃﻭ ﺍﺴﺘﻨﺒﻁﻬﺎ ﺃﺌﻤﺔ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺒﺎﺠﺘﻬﺎﺩﻫﻡ ﺃﻭ ﺍﺴﺘﻨﺘﺠﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﺜﺔ ﻭ ﻅﺭﻭﻓﻬﺎ ﻭ ﻤﺎ ﻴﻜﺘﻨﻔﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﺤﻭﺍل.2

_ ﺍﻷﺼل ﺃﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺍﻟﻤﺩﻋﻲ ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﻭ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺠﺏ ﺘﻭﺍﻓﺭﻫﺎ ﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻟﻤﺩﻋﻰ ﺒﻪ، ﻭﻟﻜﻥ ﻷﻥ ﺫﻟﻙ ﻴﻌﺩ ﺘﻜﻠﻴﻔﺎ ﺒﻤﺎ ﻻ ﻴﺴﺘﻁﺎﻉ ﻓﺈﻨﻪ ﻴﻜﺘﻔﻲ ﻤﻨﻪ ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﻤﺎ ﻴﺠﻌل ﻭﺠﻭﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻕ ﻤﺭﺠﺤﺎ ﻓﻲ ﺠﺎﻨﺒﻪ، ﻓﻤﺜﻼ: ﻟﻭ ﺍﺩﻋﻰ ﺸﺨﺹ ﺃﻨﻪ ﺃﻗﺭﺽ ﺁﺨﺭ ﻤﺒﻠﻎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺎل ﻓﺈﻨﻪ ﻤﻜﻠﻑ ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﻋﻘﺩ ﺍﻟﻘﺭﺽ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺩﻋﻰ ﻭﺠﻭﺩﻩ، ﻭﻫﻭ ﻤﻜﻠﻑ- ﺒﺤﺴﺏ ﺍﻷﺼل ﺃﻴﻀﺎ- ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺨﺎل ﻤﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺒﻁﻼﻥ ﺒﺎﻥ ﻴﺜﺒﺕ ﺒﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺘﻭﻓﺭﺕ ﻓﻴﻪ ﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻟﺘﺭﺍﻀﻲ ﻭ ﺍﻟﻤﺤل ﻭ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺘﻭﻓﺭ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺩﻴﻥ، ﻭﺨﻠﻭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻴﻭﺏ ﻜﺎﻟﻐﻠﻁ ﻭ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭ ﺍﻟﺘﺩﻟﻴﺱ ﻭﺇﺜﺒﺎﺕ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤل ﻭ ﺍﻟﺴﺒﺏ، ﺜﻡ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻴﺜﺒﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﻨﻘﺽ ﺒﺄﻱ ﺴﺒﺏ ﻤﻥ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ﻜﺎﻟﻤﻘﺎﺼﺔ ﻭ ﺍﻹﺒﺭﺍﺀ ﻭ ﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ﻭ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﻟﻡ ﻴﻠﺤﻘﻪ ﺃﻱ ﺘﻌﺩﻴل ﺒﻌﺩ ﺍﻨﻌﻘﺩﻩ…ﺍﻟﺦ.

ﻭﻟﻜﻥ ﻻ ﺸﻙ ﺃﻨﻪ ﻟﻭ ﻜﹼﻠﻑ ﺍﻟﻤﺩﻋﻲ ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﺤﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺤﻭ ﻟﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻀﺭﺒﺎ ﻤﻥ ﻀﺭﻭﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴل، ﻭ ﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻗﺘﻀﺕ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﻴﻜﺘﻔﻲ ﻤﻨﻪ ﺒﺄﻥ ﻴﺜﺒﺕ ﻤﺎ ﻴﺭﺠﺢ ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺤﻕ ﻓﻲ ﺠﺎﻨﺒﻪ، ﻓﻔﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺜﺎل ﻴﻜﺘﻔﻲ ﻤﻨﻪ ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﻭﺠﻭﺩ ﻋﻘﺩ ﺍﻟﻘﺭﺽ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺴﺘﻁﺎﻉ ﺇﺜﺒﺎﺘﻪ ﺃﻓﺘﺭﺽ ﺍﻨﻪ ﺨﺎل ﻤﻥ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺒﻁﻼﻥ، ﻓﺈﺫﺍ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻤﺩﻴﻥ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﻗﺩ ﻟﺤﻘﻪ ﺴﺒﺏ ﻤﻨﻬﺎ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﻫﻭ ﻴﻘﻊ ﻋﺒﺊ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺫﻟﻙ.

ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻨﻪ ﺤﺘﻰ ﻴﺘﺴﻨﻰ ﻟﻠﻤﺩﻋﻲ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻤﺎ ﺍﺩﻋﺎﻩ، ﻭ ﺍﻟﺒﺎﻋﺙ ﻋﻠﻰ ﺇﻗﺭﺍﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ﻫﻭ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻑ ﻤﻥ ﺘﺤﻤل ﺘﺒﻌﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺏﺀ.

1 ﻧﺒﻴﻞ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺳﻌﺪ ﻭﳘﺎﻡ ﳏﻤﺪ ﳏﻤﻮﺩ ﺯﻫﺮﺍﻥ- ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ﰲ ﺍﳌﻮﺍﺩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ – ﺹ 341

2 ﳏﻤﺪ ﻓﺘﺢ ﺍﷲ ﺍﻟﻨﺸﺎﺭ – ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ – ﺹ 175

_ ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ﺩﻭﺭ ﺃﺴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ﻤﺴﺘﻌﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺒﺄﺴﺎﻟﻴﺏ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺭﻉ ﻭ ﺘﺴﻤﻰ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺍﻵﺨﺭ ﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﻴﺴﺘﻨﺒﻁﻬﺎ ﺒﺤﻜﻡ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺃﻱ ﻤﻥ ﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﻭ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻴﺔ.

ﺍﻟﻤﻁﻠﺏ ﺍﻷﻭل: ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻓﻲ ﺘﻭﺯﻴﻊ ﻋﺏﺀ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﺒﻤﻭﺠﺏ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ:

_ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻫﻲ ﺒﻤﺜﺎﺒﺔ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﻟﻡ ﻴﺘﺭﻙ ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ﺃﻤﺭ ﺘﻘﺩﻴﺭﻫﺎ ﻓﻬﻲ ﺘﻌﻔﻲ ﺍﻟﺨﺼﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻠﺠﺄ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﻭ ﻫﻲ ﻗﺎﺒﻠﺔ ﻓﻲ ﺃﺼﻠﻬﺎ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﻋﻜﺴﻬﺎ ﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻭﺠﺩ ﻨﺹ ﻴﻘﻀﻲ ﺒﺨﻼﻑ ﺫﻟﻙ ) ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 337 ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ.(

_ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺘﺴﻤﻰ ﺒﺎﻟﻘﺭﻴﻨﺔ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﻭ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺍﻟﺤﻜﻴﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺴﺘﻨﺒﻁﺕ ﻤﻥ ﺇﺠﺘﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺤﺘﻰ ﺼﺎﺭﺕ ﺃﻤﺭﺍ ﺜﺎﺒﺘﺎ ﻴﻔﺘﻲ ﺒﻪ ﺍﻟﻤﻔﺘﻭﻥ.

_ ﺘﻘﺴﻡ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺴﻭﺍﺀ ﺇﻟﻰ ﻗﺭﺍﺌﻥ ﻗﺎﻁﻌﺔ ﻭ ﻗﺭﺍﺌﻥ ﻗﺎﺒﻠﺔ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻭ ﻨﺘﻌﺭﺽ ﻟﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻠﻲ:

ﺃﻭﻻ: ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﺭﺍﺌﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻁﻌﺔ:

_ ﻟﻘﺩ ﻋﺭﻑ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺹ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺩﻡ ﺠﻭﺍﺯ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻋﻜﺴﻬﺎ ﺇﻻﹼ ﻓﻲ ﺤﺎﻻﺕ ﺨﺎﺼﺔ ﻜﺎﻹﻗﺭﺍﺭ ﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻲ ﻭ ﺍﻟﻴﻤﻴﻥ ﺃﻭ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﺍﻷﺠﻨﺒﻲ، ﻭﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺒﻴل ﻤﺎ ﻨﺼﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 139ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ، ﻓﻲ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺒﺒﻪ ﻟﻠﻐﻴﺭ، ﻓﻬﻲ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺨﻁﺄ ﺍﻟﺤﺎﺭﺱ، ﻭﻫﻭ ﺨﻁﺄ ﻤﻔﺘﺭﺽ ﻻ ﻴﻘﺒل ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻜﺱ، ﻭﻤﺎ ﺘﻨﺹ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 138 ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺤﺎﺭﺱ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻭ ﻤﺎ ﺘﻨﺹ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ496 ﻤﻥ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﻥ ﻤﻥ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺄﺠﺭ ﻋﻥ ﺤﺭﻴﻕ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﺍﻟﻤﺅﺠﺭﺓ1

_ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻓﻬﻭ ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻁﻌﺔ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼل ﻓﻲ ﺩﻻﻟﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﻘﻁﻊ ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﺍﻋﺘﺒﺭﻫﺎ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺍﻟﺤﻜﻴﻡ ﻤﺭﺍﻋﺎﺓ ﻟﻠﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭ ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻟﻴﺱ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﻤﺩﻯ ﺩﻻﻟﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺭﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻡ، ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﻴﻌﺩ ﺒﻴﻨﺔ ﻨﻬﺎﺌﻴﺔ ﻜﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ.

ﻤﻥ ﺼﻭﺭ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﺍﻟﻘﺎﻁﻌﺔ:

(1 ﻨﺼﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 312 ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﺎﺩﻡ ﺒﺴﻨﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻭ ﺍﻟﺼﻨﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺩﻭﻫﺎ ﻷﺸﺨﺎﺹ ﻻ ﻴﺘﺎﺠﺭﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭ ﺤﻘﻭﻕ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻔﻨﺎﺩﻕ ﻭ ﺍﻟﻤﻁﺎﻋﻡ ﻋﻥ ﺃﺠﺭ ﺍﻹﻗﺎﻤﺔ ﻭ ﺜﻤﻥ ﺍﻟﻁﻌﺎﻡ ﻭ ﻜل ﻤﺎ ﺼﺭﻓﻭﻩ ﻟﺤﺴﺎﺏ ﻋﻤﻼﺌﻬﻡ ﻭ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻎ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻘﺔ ﻟﻠﻌﻤﺎﻝ ﺍﻷﺠﺭﺍﺀ ﺍﻵﺨﺭﻭﻥ ﻤﻘﺎﺒل ﻋﻤﻠﻬﻡ. ﻭﻗﺩ ﺃﻀﺎﻓﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻨﻪ ﻴﺠﺏ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﻴﺘﻤﺴﻙ ﺒﺎﻟﺘﻘﺎﺩﻡ ﻟﺴﻨﺔ ﺃﻥ ﻴﺤﻠﻑ ﺍﻟﻴﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﺃﺩﻯ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻓﻌﻼ. ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻴﺩل ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻉ ﻗﺩ ﺠﻌل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻘﺎﺩﻡ ﺍﻟﻘﺼﻴﺭ ﻗﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﻗﺭﻴﻨﺔ ﻗﺎﻁﻌﺔ ﺘﻔﻴﺩ ﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ﺒﺎﻟﺤﻕ، ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺃﺠﺎﺯ ﺩﺤﺽ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺭﻴﻨﺔ ﺒﺎﻟﻨﻜﻭل ﻋﻥ ﺍﻟﻴﻤﻴﻥ، ﻓﻴﺠﻭﺯ ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺃﻭﻟﻰ ﺩﺤﻀﻬﺎ ﺒﺎﻹﻗﺭﺍﺭ.

(2 ﻨﺼﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ338 ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺎﺯﺕ ﻗﻭﺓ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻤﻘﻀﻲ ﺒﻪ ﺘﻜﻭﻥ ﺤﺠﺔ ﺒﻤﺎ ﻓﺼﻠﺕ ﻓﻴﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ، ﻭﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻗﺒﻭل ﺃﻱ ﺩﻟﻴل ﻴﻨﻘﺽ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺭﻴﻨﺔ.1

ﺍﻟﺘﻔﺭﻗﺔ ﺒﻴﻨﻪ ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻁﻌﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ:

1 ﺍﳌﺸﺮﻉ ﻳﻔﺮﺽ ﻓﺮﺿﺎ ﻏﲑ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﻌﻜﺲ ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﻫﻮ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻭ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﳊﻜﻢ ﻣﱴ ﻓﺼﻞ ﰲ ﺧﺼﻮﻣﺔ ﻛﺎﻥ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪﻩ ﻟﻮﺿﻊ ﺣﺪ ﻟﺘﺠﺪﺩ ﺍﳋﺼﻮﻣﺎﺕ ﻭ ﺍﳌﻨﺎﺯﻋﺎﺕ، ﻓﻼ ﳚﻮﺯ ﻟﻠﺨﺼﻢ ﺍﶈﻜﻮﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺪ ﻃﺮﺡ ﺍﻟﱰﺍﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺑﺪﻋﻮﻯ ﻣﺒﺘﺪﺃﺓ، ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﲰﺢ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺑﺘﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﱰﺍﻉ ﺑﺪﻋﺎﻭﻯ ﻣﺒﺘﺪﺃﺓ ﳉﺎﺯ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﳋﺼﻤﲔ ﺃﻥ ﳛﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻳﺘﻌﺎﺭﺽ ﻣﻊ ﺍﳊﻜﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳋﺼﻢ ﺍﻵﺧﺮ.

– ﺣﺠﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﳌﻘﻀﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺎﺋﻞ ﺍﳌﺪﻧﻴﺔ ﲝﺴﺐ ﻧﺺ ﺍﳌﺎﺩﺓ 338 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﳌﺪﱐ ﺍﻟﱵ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﳚﻮﺯ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﻥ ﺗﺄﺧﺬ ﺬﻩ ﺍﻟﻘﺮﻳﻨﺔ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ.

– ﻻ ﺗﻘﻮﻡ ﺣﺠﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﳌﻘﺘﻀﻲ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺗﻮﺍﻓﺮ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳊﻜﻢ ﻭ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳊﻖ ﺍﳌﺪﻋﻰ ﺑﻪ:

(1) ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﳊﻜﻢ : – ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻜﻤﺎ ﻗﻀﺎﺋﻴﺎ – ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻜﻤﺎ ﻗﻄﻌﻴﺎ – ﺃﻥ ﺑﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﳊﺠﻴﺔ ﰲ ﻣﻨﻄﻮﻕ ﺍﳊﻜﻢ ﻻ ﰲ ﺃﺳﺒﺎﺑﻪ.

(2) ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﳊﻖ ﺍﳌﺪﻋﻰ ﺑﻪ : – ﺍﲢﺎﺩ ﺍﳋﺼﻮﻡ – ﺍﲢﺎﺩ ﺍﶈﻞ – ﺍﲢﺎﺩ ﺍﻟﺴﺒﺐ.

* ﻗﺮﺍﺭ ﺻﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﺍﶈﻜﻤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ : ﻣﻠﻒ 174.416 ﻗﺮﺍﺭ ﺑﺘﺎ

Rechercher

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.