تطبيقات التكوين في الإبداع تكشف كيف يمكن للتكوين أن يعزز الكفاءات ويحقق الإبداع في المنظمات. هل تساءلت يومًا عن كيفية تأثير التكوين على أداء الأفراد في ظل التغيرات السريعة؟ اكتشف الإجابات في هذا البحث المتميز.
رابعا: دور التكوين في تنمية الكفاءات وتحقيق الإبداع:
يعتبر التكوين إحدى الآليات الهامة لتنمية الكفاءات والإبداع، ومن الوسائل والآليات التي تلجا إليها المنظمة لتنمية كفاءاتها نذكر ما يلي:[34]
- التوظيف من أجل اكتساب كفاءات جديدة أو تعويض الكفاءات المسرحة.
- الاستعانة بكفاءات خارجية)الإستشارة، الأخرجة، المناولة، الوكالة(.
- التشجيع على تعدد القيم عن طريق تعويض)مكافآت( الكفاءات.
- تطور العمال على مستوى التنظيم.
- التكوين بمختلف أنواعه.
- إعادة التنظيم.
- تنمية التفكير الإبداعي:
من الشروط الأساسية لتنمية الإبداع في المنظمة هو قيامها بتعليم المتكونين كيفية التفكير الإبداعي، لذا يجب توفير مكوّن كفئ لتعليم المتكونين كيفية التفكير الإبداعي، فهذه النقطة تعتمد بشكل كبير على كفاءة المكوّن لخلق تفاعل بينه وبين المتكونين، ويتم تعليمهم التفكير الإبداعي عن طريق:
- حثهم على تقديم أفكار ومشاريع حتى وإن كانت خاطئة.
- توفير مناخ تكويني يسمح لهم بالإبداع.
- ترسيخ روح المبادرة والشجاعة لديهم وإزاحة الحواجز لتحقيق أهدافهم.
- أن تكون للمكون مهارات التشخيص والإرشاد ومهارات تكوين مناخ يسمح بالإبداع وإجراء التجارب التي تسهل بزوغ الإبداع.
تنمية الإبداع تركز أساسا على عنصرين، الأول يتمثل في تنمية معارف الأفراد المراد تحقيق الإبداع لديهم )فالإبداع يعنى بالمعرفة وليس بالعمل(، والثاني يتمثل في تغيير سلوك المديرين وأصحاب القرار من أجل تقبلهم للتغيير وتحريرهم من الأفكار السلبية والأعمال الروتينية وحبهم للسيطرة على مجريات الأمور، إلى الانفتاح وتقبل بزوغ وتطور وإبداع المرؤوس لأنه السبيل الوحيد لتطور المنظمة وتحقيق الإبداع التنظيمي.
- العلاقة بين أنواع الكفاءات ومستويات الإبداع:
تتعلق عملية تنمية الكفاءات تعلقا شديدا بالإبداع، تتم عملية تنمية الكفاءات في المنظمة في البداية بتنمية كفاءات الفرد، هو كذلك بالنسبة للإبداع، فمن أجل تحقيق الإبداع على المستوى الفردي يجب تنمية كفاءات الفرد فإن تمت العملية بنجاح فإننا نستطيع القول أن الفرد يستطيع الإبداع، لأن الإبداع لا يتحقق إلا بإكساب الفرد بالمعارف والأفكار والخصائص المتنوعة.
بينما يتم تحقيق الإبداع على المستوى الجماعي بتنمية الكفاءات الجماعية التي تكون نتيجة تفاعل وتعاضد الكفاءات الفردية فيما بينها، إذن فالإبداع على هذا المستوى يتأتى عن طريق إعطاء المنظمة أهمية أكبر لعملية التفاعل والتعاضد عن طريق توفير المناخ الملائم لتفريخ الإبداعات الفردية للحصول على إبداع جماعي، وتركز المنظمة في هذا المستوى على تنمية الكفاءات العلائقية بشكل كبير من أجل تسهيل عملية التكامل وتشجيع العمل كفريق واحد وإزاحة الحواجز بين الإفراد.
ويتم تحقيق الإبداع على المستوى التنظيمي بتحقيق الكفاءات الإستراتيجية )التنظيمية( والتي تعتبر بدورها كفاءات جماعية، وليست كل الكفاءات الجماعية كفاءات إستراتيجية بل يجب أن تحقق أداءا متميزا وميزة تنافسية مستدامة للمنظمة، فإذا وصلت المنظمة إلى تحقيق هذا النوع من الكفاءات فهي حتما ستحقق الإبداع التنظيمي وستصبح منظمة مبدعة وهو الهدف الأسمى للمنظمة.
- العوامل المساعدة على تنمية الكفاءات الإبداعية:
- إعتماد نظام حوافز عادل ومشجع للأفراد على الإبداع.
- توفير المناخ التنظيمي الملائم الخالي من الحواجز والمشاكل التي تحول دون تحقيق الإبداع.
- إعتماد الإدارة التشاركية والإدارة بالأهداف كأسلوب إداري من أجل إشراك كل الأطراف في العملية الإبداعية.
- اعتماد نظام اتصال فعال من أجل تسهيل انتقال المعلومات بين مختلف المستويات التنظيمية، وإيصال الأفكار والمقترحات إلى المستويات العليا.
- تنمية التفكير الإبداعي لدى العاملين عن طريق اعتماد أساليب تكوينية كالعصف الذهني ولعب الأدوار… الخ.
- الأساليب التكوينية المستعملة في تنمية الكفاءات الإبداعية:
ترتكز تنمية القدرات الإبداعية أساسا على اكتساب وتراكم المعرفة، وهذه الأخيرة لا تتحقق إلا بانتهاج أساليب تكوينية فعالة وملائمة لمثل هذا النوع من التنمية، وعموما تستعمل المنظمة الأساليب التالية:
- أسلوب العصف الذهني: وهي الطريقة التي ابتكرها “Osborn ” عام 1953 ومن بعده ، ورغم أنها طريقة للتدريب الجماعي إلا أنها تصلح للتدريب الفردي أيضا. وتتكون جلسة العصف الذهني العادية من جماعة عددها يتراوح بين 6-12 يجلسون حول مائدة مستديرة وينتجون تلقائيا الأفكار التي ترتبط بحل مشكلة معينة.[35] ويسمى أيضا بأسلوب تهييج الأفكار وتستخدم هذه الطريقة لتنمية حلول جديدة أو مبتكرة للمشكلات وتنمية القدرة على الإبتكار و دفع المتكونين على المشاركة.
- أسلوب تمثيل الأدوار: يتيح هذا الأسلوب للمتكونين الفرصة في التنفيس عن مشاعرهم عندما يؤدون أدوارهم أمام الآخرين بحرية، الأمر الذي يؤدي إلى نشوء ما يسمى بين الجماعة بالخبرة المشتركة التي تظهر بعد الإنتهاء من التمثيل في ضوء حدوث التفاعل بين أفراد الجماعة، ويتوقف نجاح مثل هذا النوع من التكوين على مهارة المكون عند التطبيق وتوجيهه للملاحظات.[36]ويقوم هذا الاسلوب على مبدأ التصور مما يؤدي إلى نشوء أفكار وحلول إبداعية.
- أسلوب تدريب الحساسية: يتميز هذا الأسلوب بأنه يؤكد على تغذية روح الاستقلالية و النمو الشخصي و الاعتماد على الذات في ضوء الاستبصار بالمشكلات الذاتية و المحيطة بالجماعة. و تمثل الجماعات في تدريب الحساسية جزءا حيويا من شرط نجاحه، ومن هذه الجماعات جماعة التكوين و التي تتكون من 10 إلى 15 فردا و لا يعين فيها قائدا، و لا يحدد فيها مشكلة للطرح. إنما يطلب من هذه الجماعات أن يتحدثوا على راحتهم في محاولة لفهم مشاعرهم و مشاكلهم و اختيار الحلول البديلة لتلك المشاكل في ضوء أوضاع الجماعة حتى يمكن النهوض بها. وتمكن الاستفادة الحقيقية من أسلوب الحساسية عند الرغبة في نشر روح التعاون و الإخاء داخل المنظمة أو الوحدة.[37]
خلاصة:
على ضوء ما سبق يتبين لنا أهمية التكوين في المنظمة، التي أصبحت مجبرة على تحقيق الإبداع، فهو لم يعد خيارا في زمن المنافسة الشديدة والتسابق نحو تقديم الأفضل، بل أصبح فرضا على المنظمة، وهذا الإبداع بمختلف مستوياته سواء الفردي أو الجماعي أو التنظيمي لا يتحقق إلا بتنمية الكفاءات الإبداعية في المنظمة وخلق جو لتفريخها وتعاضدها.
فالتكوين يساعد على تقديم المعرفة والمهارات والسلوكيات اللازمة لتنمية هذه الكفاءات، بشرط أن تعتمد المنظمة عملية تكوينية منهجية ومستمرة وهادفة، وأن تعتمد التخطيط الاستراتيجي لتخطيط برامجها التكوينية وأن تحدد احتياجاتها التكوينية بدقة وشفافية، وأن توفر المكونين الأكفاء لتنمية التفكير الإبداعي لدى المتكونين.
________________________
34. BENJAMIN, (Chaminade), RH et compétences dans une démarche qualité : Edition ANFOR, Paris, 1999, p361. ↑
35. ميلود زيد الخير، أثر التدريب على الإبداع والتغيير التنظيمي، مرجع سابق ↑
36. رأفت السيد عبد الفتاح، مرجع سابق، ص 116 ↑
37. رأفت السيد عبد الفتاح، مرجع سابق، ص 118 ↑