خاتمة البحث الجامعي “ضرورة إصلاح جامعة الدول العربية” :
عرض هذا البحث مجموعة من السلبيات الأساسية التي رافقت العمل العربي المشترك منذ نشأة الجامعة بخاصة استمرار القضايا الكبرى من دون حل، وسياسة المحاور والتكتلات والاختراق الأجنبي، وما ترتب على ذلك من استمرار الهجوم على الجامعة وتحميلها مسؤولية هذه السلبيات وغيرها.
إن الجامعة تتعرض للكثير من النقد، سواء من حيث أدائها أو من حيث آلياتها أو درجة الالتزام بما تصدره من قرارات، وقد تشير الظواهر الشائعة في المنطقة العربية في الوقت الراهن إلى عديد من السلبيات الإضافية، مثل التمزق والخلافات المتصاعدة وانعدام المصداقية وعدم القدرة على الاتفاق، وفي ظل هذه الأوضاع جميعها يقول قائل إن ضياع الحاضر بهذا الشكل سيقود إلى ضياع المستقبل، لاشك في أن هناك جوانب قصور ونقص أساسية في الجامعة، بخاصة من حيث قدرتها على التعبير عن طموحات وآمال الشعب العربي في العمل العربي المشترك، بسبب ظروف نشأتها وتكوينها والوظيفة التي أنيطت لها، ومع ذلك فإن من الأهمية التأكيد على ضرورة المحافظة على الجامعة باعتبارها الهيكل التنظيمي الوحيد للنظام العربي وباعتبارها أيضا رمزا لأمال الشعوب العربية وحصنا للنظام العربي لذلك يجب التأكيد على ضرورة النضال من أجل الحفاظ على وجودها ومحاولة دفع هذا الوجود وتطويره باستمرار، لأن ذلك سيمكن من المحافظة على أحد الضمانات الأساسية، من إمكانية تحقيق هذا الاستطراد المدمر.
إن الجامعة تمثل النظام العربي شكلا وموضوعان ودورها ينبغي ألا ينحصر فقط في تنسيق العلاقات العربية، وإنما دفع هذه العلاقات إلى مراحل أعلى من العربي المشترك، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق الوحدة العربية، ضمن برنامج زمني محدد وإذن وطن عربي من دون جامعة يعني عالما عربية دون معان، ومن دون ذكر قائمة الإيجابيات التي رافقت مسيرة الجامعة منذ نشأتها فهل هناك من يؤكد على أنها هي المسؤولة عن السلبيات؟ وهل هناك من يستطيع أن يضمن لنا أن هذه السلبيات كانت ستختفي تماما إذا لم توجد الجامعة في الأصل؟ أو أن القضاء على الجامعة أو استبدالها ببديل سيفتح الباب للتغلب على هذه السلبيات ؟؟
إننا لابد أن نضع في اعتبارنا أن الحملة الضارية التي تتعرض لها جامعة الدول العربية من كل القوى المعادية للوطن العربي ولتقدمه وحريته ومستقبله الوحدوي، مصدرها أن تلك القوى تدرك ماذا يعنيه عالم عربي دون جامعة، بخاصة في هذه المرحلة الحرجة لتي يمر بها الوطن العربي، فالجامعة هي الرمز الصامد الباقي ووجودها دليل على وحدة العرب، وقدرتهم على الالتقاء والحوار والاتفاق على رعاية التضامن العربي وتدعيمه في مرحلة أصبح فيها القابض على عروبته كالقابض على جمرة من نار !!
وأساس ذلك أن تقييما سليما للجوانب الإيجابية والسلبية في العمل العربي المشترك قد يكشف عن كفة الإيجابيات على أنها الأرجح، بخاصة إذا وضع في الاعتبار حسابات الأمد الطويل، وهي الأصل إذا ما أردنا التفكير في المستقبل، إلى جانب تنامي الإدراك العربي سواء على المستوى الرسمي أو غير الرسمي، بان علاج السلبيات يكمن في المزيد من العمل العربي المشترك، وأنه مهما طال الأمد. والذين يطرحون الحلول القطرية أو الإقليمية على حساب الحل العربي، فسوف يتأكد للجميع أن تحقيق التنمية وحماية الاستقلال والسيادة فضلا عن صياغة الأمن القومي، على المستوى العربي، لن يتأتى إلا عن طريق العمل العربي المشترك، لكن تظل مسألة ضرورة المحافظة على الجمعية العامة رهينة بمسألة تطويرها وإصلاحها من حيث الآليات ووسائل الأداء، أي من حيث بناء جامعة لها منظومة حقيقية وشاملة لمؤسساتها، وهذا التوجه ينصب حول الإجابة عن التساؤل حول الهدف من الجامعة: هل الجامعة تمثل في النهاية خطوة على طريق تحقيق إنجازات إيجابية متقدمة لإقامة نظام عربي قوي وفعال، وتمهيد الطريق إلى الوحدة لعربية على النحو الذي يتطلع إليه الرأي العام العربي، أم أن الجامعة عبارة مؤسسة فنية للتنسيق والتعاون بين الدول العربية ضمن الظروف القائمة فحسب.
ضرورة إصلاح جامعة الدول العربية
لا تعليق