زفاف الامير إسماعيل يخلف جدلا سياسيا وإعلاميا وعقائديا في المغرب
لم يكن يُتوقع أن يخلف زفاف الأمير إسماعيل ابن عم الملك محمد السادس الذي جرى نهاية الأسبوع الماضي جدلا متسلسلا بالمغرب، ولم يكن أحد يظن أن أبعادا سياسية وعقادية وإثنية ستدخل على الخط مجتمعة منها ‘اعتقال’ جريدة ‘أخبار اليوم’ وانضمام الطائفة اليهودية في المغرب إلى الجدل حول هذا الموضوع.
كان الزفاف الذي تحول إلى الحدث الأبرز في المغرب بمجرد الإعلان عن موعده قد نجمت عنه بعض الأسئلة وترددت على أعمدة الصحافة المغربية المستقلة، ومن أبرزها تلك التي ارتبطت بمعرفة ما إذا كان سيحضر الأمير هشام الشقيق الأكبر للأمير إسماعيل عقد القران في القصر الملكي، بحكم أن الملك محمد السادس هو الذي أشرف شخصيا على دعوة أفراد العائلة، وبسبب وجود اختلافات فكرية بين الأمير وابن عمه الملك كانت قد تداولتها الصحافة والأوساط السياسية منذ عقد من الزمان.
ورغم الطابع المحافظ للمجتمع المغربي، إلا أنه جرى الترحيب بالشابة الألمانية مونيكا زوجة للأمير، وكانت الأميرة الجديدة قد غيرت اسمها إلى أنيسة عقب اعتناقها للديانة الإسلامية منذ سنوات، كما أنها تجيد الحديث باللهجة المغربية ‘الدارجة’ كباقي المغاربة.
وأصبح الجميع يتحدث عن التجاوز التدريجي للبروتوكول الملكي الضارب في عمق التقاليد البالية بعد زواج الأمير بأوروبية.
ويعتبر هذا الزواج وسط العائلة الملكية تجلياً آخر من تجليات الثورة ضد التقاليد السائدة في المؤسسة الملكية المغربية، وكانت الأولى وقد دشنها الملك محمد السادس بعدما قدم زوجته للرأي العام المغربي رغم تحفظ بعض الفقهاء والتيارات الإسلامية.
وبعد انتهاء الاحتفالات، أخذ الزفاف بعدا سياسيا وعقائديا غير منتظر. وكانت أول حلقة للجدل مقالا ً وقعه كاتب الرأي المعروف خالد الجامعي يتساءل عن الأسباب التي دفعت القصر الملكي الى استبعاد الأمير هشام عن الصورة الرسمية، مشددا على وجود سياسة غير مفهومة تعمل في الخفاء لبقاء العداء بين الملك وابن عمه الأمير المعروف بأفكاره الإصلاحية لتجنيب المؤسسة الملكية الأخطار التي قد تواجهها مستقبلا مع الإسلاميين.
لكن التطور المفاجئ، سيصدر عن الأمير إسماعيل الذي قرر رفع دعوى ضد جريدة أخبار اليوم بسبب رسم كاريكاتوري يقدم الأمير فوق ‘العمارية’ (مائدة يحمل فيها العريس) ويجري الطواف به (تقليد مغربي)، وفي جانب العمارية رسم لنجمة غير مكتملة و مبهمة قال طرف إنها سداسية بينما نفى طرف ثان وخاصة الصادر عن الصحيفة المعنية أن تكون كذلك وشدد على أنها خماسية.
وبهذا، يكون الأمير إسماعيل أول عضو من العائلة الملكية يقدم دعوى ضد صحيفة مغربية، ويسبح ضد تيار شقيقه هشام الذي كان أول عضو من العائلة الملكية انفتح على الصحافة ودافع عن حرية التعبير.
وفي الوقت ذاته، قررت النيابة العامة رفع دعوى مماثلة ضد مدير أخبار اليوم، توفيق بوعشرين والرسام الكاريكاتوري خالد بكار حاملة الاتهام نفسه ومعتبرة أنه لا يجوز رسم أفراد العائلة الملكية، وهو موقف على الأقل وصف بأنه متناقض على اعتبار أنه منذ شهرين فقط قد جرى السماح بتوزيع جريدة ‘لوموند’ في المغرب وهي تتضمن رسما كاريكاتوريا مثيرا للملك محمد السادس، مما حدا بصحافي مغربي إلى التعليق على المفارقة قائلا ‘هناك قانون للصحافة خاص بالمسيحيين وآخر خاص بالمسلمين’.
واتخذت السلطات المغربية إجراءات قياسية، إذ في يوم واحد جرى حجز عدد الثلاثاء الماضي وتم تشميع مكتب الجريدة والحجز على حساباتها البنكية، لتصبح أول جريدة في تاريخ الصحافة في المغرب تتعرض ‘للاعتقال’ بهذه الطريقة.
وانتقد الزميل بوعشرين مدير الصحيفة في تصريحات لـ’القدس العربي’ الإجراء بشدة معتبرا، أن’القانون المصادق عليه من طرف البرلمان لا يرخص بهذا’، واستدرك ساخرا ‘لكن القانون السري السائد يرخص بمثل هذه الإجراءات’.
وأجمع عدد من المراقبين ينتسبون إلى قطاعات مختلفة في المغرب: من السياسية والإعلام والحقوق، على أن ما أقدمت عليه وزارة الداخلية يعتبر مسا خطيرا بقوانين البلاد خاصة، بعدما نشرت ‘الجريدة الأولى’ أمس أن الوزير الأول عباس الفاسي لم يكن يعلم بحجز الجريدة، ولم يعلم بذلك كذلك وزير العدل حتى بثته وكالة الأنباء الرسمية.
لكن التطور الآخر الأبرز والمفاجئ، وهو انضمام الطائفة اليهودية المغربية إلى الجدل بعدما أصدرت بيانا تدين فيه الرسم وتعتبر أنه يحمل النجمة السداسية ويقدم الأمير إسماعيل وكأنه يقدم تحية نازية. صاحب الرسم، خالد، تعجب للتأويل اليهودي.
وتلقى بيانهم- اليهود المغاربة – ردود أفعال، ومن بينها ما جاء في موقع ‘هسبريس’، حينما تمت مساءلة الطائفة اليهودية: لماذا لا يرفعون أصواتهم ضد ما تفعله إسرائيل ضد الأقصى وخاصة باب المغاربة الذي يتعرض للهدم تدريجيا؟
حسين مجدوبي _ القدس العربي