نظام الخسارة البحرية المشتركة
الفصل الثاني : شروط وصور الخسارات البحرية المشتركة
الـفـرع الثـانـي: أنواع الخسارات البحرية المشتركة.
تعرف الخسارة بأنها النقص في قيمة الممتلكات أو فناؤها بسبب حادث معين، ويعد تقسيم الخسارة وأنواعها أمر بالغ الأهمية يجب أن تتعرض إليه أي دراسة في العوارية العامة باعتبارها شكل من أشكال الخسارة. حيث أن التضحية الاختيارية التي يقرر الربان اتخاذها قد ترد على السفينة أو الأموال الموجودة عليها، وهي قد تأخذ صورة الخسارات بشكل عام إلى خسارات كلية وخسارات جزئية.
كما قد تأخذ صورة تضحية مادية ترد على أشياء كإتلاف صواري أو أهلاب السفينة أو رمي جزء من البضاعة، إضافة إلى أنه قد تأخذ صورة إنفاق مبالغ نقدية غير اعتيادية، كدفع مكافآت مقابل طلب إنقاذ السفينة الذي لم يجد الربان بديلا عنه، أو دفع مقابل قطر السفينة بعد تعطلها نتيجة عواصف غير عادية مع خطر في بقاءها في مكانها.
وسواء تعلق الأمر بهذه الصورة أو تلك، فليلزم دوما أن تكون الأضرار ناشئة مباشرة عن القرار الذي اتخذه الربان من أجل السلامة العامة. وسوف نفصل ما أجملنا بادئين بالخسارة التي بمثابة أضرار(الأضرار المادية) ثم الخسارات التي بمثابة نفقات.
الـمـبحـث الأول: خسارات بمثابة أضرار أو الخسارات المادية Avaries dommages
يقصد بها الأضرار المادية التي تلحق السفينة أو بالشحنة بسبب فعل الخسارة المشتركة، وهذا ما عبر عنه أحمد عبد الحميد عشوش بالخسارات العينية، ونفس الاتجاه ذهب عليه البارودي في القانون البحري.
وبناء على ذلك فالخسارات التي تعتبر بمثابة أضرار إما أن تلحق بالبضاعة (مطلب أول) أو تلحق السفينة (مطلب ثاني).
المـطـلـب الأول: أضرار تـلحق بالبضاعة
يقصد بها الخسائر التي تمت التضحية بها من قبل الربان بقصد إبعاد الخطر الذي يهدد الرحلة البحرية للسفينة، وهذه يجب أن يتحملها الجميع. وتتجلى هذه الأضرار التي تلحق بالبضاعة في العناصر التالية:
الفـقـرة الأولـى: رمـي البـضاعة فـي البـحـر.
كانت عملية إلقاء البضائع في البحر شائعة، ويقصد بها تخفيف حمولة السفينة لتفادي الخطر، ذلك لأن السفن قديما كانت أغلبها شراعية. و لأجل تفادي العواصف وزيادة السرعة، أو التخفيف من حمولتها، كان يتم اللجوء إلى إلقاء جزء من البضائع التي عليها لتفادي المخاطر.
أما في الوقت الحاضر أفلا نرى إلا نادرا ما يلجأ إلى هذه الطريقة، لأن السفن الحديثة لا يمكن تجاوز حمولتها المقررة لها. ومع ذلك فعند إلقاء البضائع في البحر لتفادي خطر تعرضت له السفينة، فمثل هذا العمل يشكل خسارة بحرية مشتركة توزع على الجميع. ومع ذلك لا تطبق قواعد الخسائر البحرية المشتركة على إلقاء البضائع التي شحنت على سطح السفينة خلافا للعادات التجارية أو البضائع التي لم يصدر بها سند شحن. إلا أن أصحابها يلزمون بالمساهمة البحرية المشتركة عند إنقاذ بضائعهم.
وإذا كان الأصل هو اعتبار ما يلي من البضائع بمثابة خسارة مشركة يساهم فيها الجميع، فإن ثمة استثنائين.
الاستثناء الأول: يتمثل فيما إذا ألقيت البضائع المشحونة خفية فلا تعد خسارة مشركة، وقد أشارت إليه المادة 255 من القانون البحري المصري والمادة 268 من القانون الليبي البحري.
أما القانون المغربي فقد مثل هذا الاستثناء بحالة شحن بضائع على السفينة دون وثيقة شحن أو توصيل من الربان.
الاستثناء الثاني: يتمثل في حالة إذا ألقيت البضائع المشحونة على سطح السفينة فلا يعد ذلك خسارة مشتركة إلا إذا أتبث مالكها أنه لم يوافق على شحنها على سطح السفينة أو إذا كان القانون أو
اللوائح المعمول بها في ميناء الشحن أو طبيعة الشحنة، توجب شحنها بهذه الكيفية أو جرى العرف في هذا الميناء على ذلك.
وقد أشارت إلى هذا الاستثناء المادة 256 من القانون البحري المصري والمادة 269 من القانون البحري الليبي. أما المشرع المغربي فقد نص عليه في الفصل 320 من القانون البحري المغربي، حيث مثل هذا الاستثناء في البضائع التي تشحن على ظهر السفينة.
والجدير بالذكر في ختام الحديث عن هذه الصورة أن بعض القوانين تؤكد على ضرورة إقدام الربان على رمي البضاعة في البحر وفق قاعدة البضاعة الأقل ثمنا والأكثر وزنا.
الفقـرة الثـانيـة: البضائـع التـي تستعمـل كوقـود للسفينـة بهـدف إكمـال الرحلة الـبحـريـة
قد ينفد وقود السفينة، فيستعمل الربان بعض البضائع المشحونة كوقود، وتعتبر هذه التضحية بالبضاعة خسارة مشتركة، لكن يشترط لذلك أن تتعرض السفينة للخطر بسبب نفاد الوقود، وألا يكون نفاد الوقود ناشئا عن خطأ من المجهز أو من الربان.
وإذا كان هناك من يرى أنه لكي يعتبر ما ضحى به الربان من بضائع في هذه الصورة خسارة مشتركة، يجب ألا يكون نفاد الوقود راجع إلى خطأ الربان أو المجهز، فإن قواعد يورك وانفرس قد اعتبرت التضحية بالبضاعة هنا خسارة عمومية حتى ولو كان نفاد الوقود بخطأ من الربان، إلا أنها لا تجيز للربان المخطئ إذا كانت البضائع المستعملة كوقود مملوكة له شخصيا، أن يطالب بمساهمة الآخرين معه في الخسارة.
الفـقـرة الثـالـثـة: تـفـريـغ البضـائع فـي ميـنـاء المـلجـأ
إذا هلكت البضائع التي وضعت في الصنادل لتخفيف السفينة في حال دخولها في ميناء أو نهرا لتخفيف السفينة وتعويمها بعد جنوح هذه الأخيرة، فيعد ذلك خسارة مشتركة والقاعدة أن ما يلحق البضائع سواء أثناء شحنها في الصناديق أو السفن أو تفريغها منها من ضرر أو تلف، يعتبر خسارة عامة مشتركة، ما دام تخفيف السفينة إنما قصد منه سلامة الرحلة البحرية جميعها.
وقد أشارت إلى هذه الحالة المادة 262 من القانون البحري الليبي وأيضا الفصل 314 من القانون البحري المغربي، كما نصت عليها أيضا القاعدة ” 8 ” من قواعد يورك وانفرس.
الفـقـرة الـرابـعـة: إتـلاف البـضـاعـة أثـنـاء إطـفـاء الحـريـق
إذا نشب حريق في السفينة وتمكن الربان من إطفاءه بإغراق بعض البضائع بالماء، فإن الأضرار اللاحقة بهذه البضاعة تعتبر خسارة مشتركة لأنها نتيجة عمل اختياري من الربان، أما البضائع التي احترقت فلا تندرج في عداد الخسارة المشتركة لأن هلاكها كان بقوة قاهرة أو بخطأ من المجهز أو الربان أو الغير.
وقد تطرقت إلى هذه الصورة القاعدة ” 3 ” من قواعد يورك وانفرس وكذا مجمل القوانين البحرية الدولية ثم أقرها الفقه وعمل بها القضاء.
الـمـطـلـب الثـانـي: أضرار تـلـحـق بـالسفـينـة.
لاشك أن تحقيق السلامة العامة لا يقتصر على إلقاء البضائع في البحر، وإنما يتطلب أحيانا التضحية بأجزاء من السفينة أو مؤنها وذخائرها.
والواقع أن الأضرار التي تلحق بالسفينة كثيرة ومتنوعة لذلك سنقتصر على ذكر بعض الحالات وذلك على سبيل المثال فقط.
الفـقـرة الأولـى: الـتـضـحـيـة بمـلحـقـات السفـيـنـة ومـعـداتـهـا.
يدخل ضمن الخسائر البحرية المشتركة التضحية بكل أو بعض ملحقات السفينة لتفادي خطر تعرضت له، سواء بقصد تخفيف حمولتها أو عند تعرضها لحوادث أخرى كالجنوح مثلا أو إذا استخدمت كوقود للسفينة.
وتعتبر من ملحقات السفينة أو كما سماها المشرع الأردني المهمات والتفرعات كالحبال والأشرعة والصوان والمؤن والأدوات الأخرى. وقد نظمت المادة ” 9 ” من قواعد يورك وانفرس هذه الحالة، فاعتبرت خسارة مشركة استخدام أدوات السفينة ومؤنها أو أيا منها وقودا لها في سبيل السلامة العامة في وقت الخطر.
كما أن القاعدة ” A ” من قواعد يورك وأنفرس قد تناولت التضحية بأدوات السفينة الأخرى كالحبال والأشرعة، واعتبرت خسارة مشتركة.
وعليه إذا ما ارتأى الربان التضحية بالمعدات أو الملحقات بقصد تخفيف حمولة السفينة وتمكينها من متابعة السفر، أو الزيادة بسرعتها، أو استعمال هذه الملحقات وقودا لها مثلا، فإن هذه التضحية خسارة مشتركة.
وقد أشار القانون البحري الليبي والمصري لهذه التضحية، ولا يخرج المشرع المغربي عن ذلك، حيث تبنى هو الآخر هذه الصورة في الفصل 314، واعتبر كل تضحية بمعدات السفينة أو ملحقاتها من قبيل الخسارة العمومية.
الـفـقـرة الثـانيـة: الأضـرار النـاتـجـة عـن جـنـوح السـفـيـنـة
قد يرى الربان أن يجنح بالسفينة عمدا على الساحل تفاديا لاصطدامها بالصخور أو لعدم قدرتها على البقاء في البحر أو لأي سبب آخر. والهدف من الجنوح العمد هو تفادي تصادم بسفينة أخرى تنشأ عنه أضرار أكثر جسامة .
وتقضي القاعدة الخامسة من قواعد يورك وانفرس بأن جنوح السفينة عمدا على الساحل لأجل السلامة العامة يعد خسارة مشتركة. بيد أنه لا يعتبر خسارة مشتركة جنوح السفينة عمدا على الساحل إذا كانت السفينة ستجنح حتما على الساحل أو تصطدم بالصخور لو لم يتخذ هذا الإجراء.
وبمعنى آخر للاعتبار الجنوح من الخسارات العمومية يشترط بطبيعة الحال أن يكون الجنوح اختياريا.
فإذا تبين أن الجنوح كان حتميا لا حيلة للربان فيه هذا الجنوح يعتبر خسارة خصوصية، ولعل هذا ما أقره الفقه والتشريع عموما، وبه أخذ المشرع البحري المغربي في الفصل 314 عندما قضى بأنه يعتبر من قبيل العواريات العامة الأضرار الناجمة عن تعويم السفينة و إنجادها، وأيضا الأضرار الناتجة عن كسر الشراعات أو الآلات إذا كان الهدف منها تعويم السفينة الجانحة.
الفـقـرة الثـالـثـة: الأضـرار التـي تلحـق بمـراجـل السفـينـة وشـراعـاتـهـا وآلاتـها نـتـيـجـة زيـادة سـرعـتـهـا.
قد يقرر الربان تفاديا للخطر، أن يزيد من سرعة السفينة عن المعدل الطبيعة، فتتلف من جراء هذه السرعة بعض أجهزة السفينة أو آلاتها أو مراجلها، فيعتبر هذا التلف من قبيل الخسارة العمومية.
وبمعنى آخر قد يرى الربان زيادة السرعة لتعويم السفينة بعد جنوحها فيطلق العنان لشراعها أو للبخار، فيترتب على ذلك هلاك أو تلف أشرعة السفينة وصواريها أو هلاك آلاتها ومراجلها، فهذا الهلاك أو التلف يعد خسارة بحرية مشتركة إذا كان لزيارة السرعة طابع استثنائي محض أملته السلامة العامة.
هذا ما نصت عليه القاعدة 6 و 7 من قواعد يورك وانفرس وكذا باقي التشريعات الأخرى مثل المشرع البحري الأردني والذي اعتبر من قبيل الخسائر البحرية المشتركة الأضرار الناجمة عن زيادة سرعة السفينة عند إطلاق العنان لأشرعة والبخار بقصد تفادي خطر كان يهدد السفينة. فإذا أدى زيادة السرعة إلى تلف الأشرعة أو هلاكها أو هلاك وتلف الصواري ومراجل السفينة، فإن ذلك يعتبر من الخسائر البحرية، تقع مسؤولية المساهمة فيها على جميع من في السفينة.
الـفـقـرة الـرابعة: الأضـرار التـي تلحق السفينـة بسـبـب تـدابيـر إطفـاء الحـريق.
إن الضرر أو الهلاك الذي يصيب السفينة أو إحدى ملحقاتها على إثر حريق شب فيها يعتبر خسارة عمومية، يساهم فيها الجميع ما دام الهدف من ذلك هو خدمة المصلحة العامة ولو كانت السفينة راسية في ميناء الوصول ما دامت الحمولة على ظهرها.
يلاحظ ونحن بصدد دراسة هذه الصورة الأربعة أن هناك صور أخرى لم نتطرق إليها بتفصيل نظرا لعدم الإشارة إليها في القانون البحري المغربي من جهة ولقلة وقوعها في الواقع العملي من جهة ثانية، ويتعلق الأمر على سبيل المثال: الدفاع عن السفينة في مواجهة العدو.
المـبـحث الـثـانـي: الخسارات النقدية (خسـارات بمثابـة نفـقات) Avaries Frais
قد تتمثل التضحية الإرادية التي يبذلها الربان في مصروفات ينفقها لمصلحة السفينة والبضاعة معا (السلامة العامة) وقد أصبحت هذه المصروفات في الوقت الحاضر من أهم ما يعرض من أمثلة لهذه الخسارات، إذ لم تعد المخاطر البحرية تلجئ الربان إلى رمي البضاعة في البحر أو إلى استعمال ملحقات السفينة كوقود، فهو يستطيع عن طريق الاتصالات الحديثة أن يحصل على مختلف الخدمات التي يواجه بها الخطر. ولكن المصروفات التي ينفقها في مقابل هذه الخدمات هي التي يمكن أن تعتبر –أولا تعتبر- من قبيل الخسارات العمومية، وفقا لتوافر أو عدم توافر شروطها.
على أن الصعوبة الحقيقية هي أن هناك أنواع كثيرة من المصروفات ينفقها الربان خلال الرحلة البحرية في مسيرتها العادية، ومن تم فإنه يجب الدقة والحذر فيما يمكن أن يعتبر منها مصروفات استثنائية وينفق في سبيل السلامة العامة، وما لا يعد كذلك حتى لا يسهم معه فيها أصحاب البضائع بدلا من أن يتحمل المجهز أو الربان وحده هذه المبالغ.
والضابط في هذا الشأن هو أن المصروفات لا تعد خسارة مشتركة إلا إذا كانت بطبيعتها مصروفات استثنائية غير عادية، أو كانت بطبيعتها مصروفات عادية ولكنها أنفقت من جراء حادث استثنائي، أو كانت بطبيعتها مصروفات بديلة أنفقت بدلا من مصروفات أخرى تعتبر خسارة مشتركة، وهذا الضابط نفسه الذي اعتمدته أغلب التشريعات والفقه.
الـمـطـلـب الأول: الـنـفـقـات الاسـتـثـنـائـيـة
وهي مصروفات ذات طابع استثنائي، بمعنى أنها نفقات غير معتاد على صرفها الربان في الملاحة العادية، أو بعبارة أخرى تلك النفقات التي لا تدخل بطبيعتها ضمن مصروفات الملاحة العادية.
أما المشرع المغربي فقد أطلق عليها مصاريف فائقة العادة.
وتتجلى هذه النفقات الاستثنائية فيما يلي:
الـفـقـرة الأولـى: مـصـاريـف تـعـويـم الـسـفـيـنـة.
إذا جنح الربان السفينة عمدا لأجل السلامة العامة، فإن مصروفات التعويم خسارة مشتركة بوصفها نتيجة مباشرة لخسارات مشتركة. أما إذا جنحت السفينة بقوة قاهرة، بأن أطاحت العاصفة بالسفينة وألقت بها على الرمال، فهل تعد مصروفات تعويمها في هذه الحالة خسارة مشتركة كذلك ؟
الأصل أن مصروفات التعويم لا تعد خسارة مشتركة في هذه الحالة إلا إذا كان هناك خطر من بقاء السفينة جانحة، فإذا لم ينشأ عن الجنوح القهري خطر عام يهدد السفينة والحمولة معا، فإن مصروفات التعويم تكون خسارة خاصة يتحملها المجهز وحده ولا يلتزم الشاحنون بالمساهمة فيها.
وبالتالي فإن ما ينفق من مصاريف في سبيل تعويم السفينة يعتبر من قبيل الخسارة العمومية، وهذا ما نصت عليه القاعدة الثامنة ” 8 ” من قواعد يورك وأنفرس، وأمضى في الفصل 314 من القانون البحري المغربي الذي يقضي بأنه تعتبر بنوع خاص عواريات عمومية … مصاريف تعويم السفينة…
الـفـقـرة الثـانـيـة: مصـاريـف الإنـقـاذ والمسـاعـدة البحـريـة
الإنقاذ البحري هو المعونة التي تقدمها سفينة لأخرى في حالة خطر الهلاك. ومن تم فإن مصروفات الإنقاذ تندرج ولا شك في عداد الخسارات المشتركة. وتعتبر مصروفات الإنقاذ من أكثر الخسائر المشتركة شيوعا.
ويعتبر القطر عملا من أعمال الإنقاذ، وتندرج المصروفات التي تتفق في هذا السبيل في عداد الخسارات المشتركة، وتقع مصروفات الالتجاء على عاتق المجهز في المبدأ، بيد أنها تعد خسارة مشتركة إذا كان الالتجاء اضطراريا لأجل السلامة العامة أو كما عبر عنه مصطفى كمال بأنه لا تعتبر كذلك أي مصارف الإنقاذ إلا إذا كان الخطر الذي تتعرض له السفينة جدي.
و ينص المشرع المغربي عن ذلك، أي أن النفقات التي تصرف بسبب هذه العملية تعتبر عوارية عمومية، حيث نص الفصل 314 على أنه تعتبر بنوع خاص عواريات عمومية متى توفرت الشروط المعينة في الفصل 313 الأمور التالية: … مصاريف تعويم السفينة وإنجادها وكذلك الأضرار الناتجة عن هاتين العمليتين.
الـفـقـرة الثـالـثـة: المصاريـف الناتجة عـن شحن وتفريـغ البضائع بشكل غير اعتيـادي.
إذا كان شحن البضائع على السفينة وكذا تفريغها منها على عاتق مسؤولية المجهز فإنه في بعض الأحيان يستدعي مساهمة بقية المصالح الممثلة في الرحلة البحرية إذا تجاوزت هذه النفقات حدها المعقول وأصبحت فائقة العادة حيث تعتبر هذه المساهمة خسارة عمومية يشارك فيها الجميع.
وإذا كانت بعض التشريعات لم تتطرق إلى هذه الصورة فإن المشرع المغربي ومن حسناته أن أدرجها ضمن اللائحة المحصورة والتي تدخل في عداد الخسارة المشتركة وذلك من خلال الفصل 314 في الفقرة 7.
المـطـلـب الثـانـي: النفقـات النـاتجة عـن حـادث فجـائـي.
– وهي نفقات الرسو والقطر وأجور الربان والبحارة.
الفـقـرة الأولـى: مصـاريـف الـرسـو الإجـبـاري.
يدخل ضمن الخسارة البحرية النفقات التي يكون مصدر نشوئها تعرض السفينة لحادث استثنائي، كما لو أخطر الربان بسبب استثنائي اللجوء إلى أحد الموانئ لتفادي خطر يواجه السفينة والحمولة، أو كان اللجوء إلى الميناء لإصلاح السفينة من عطل كان يعرضها للخطر، والأصل أن مصاريف رسو السفينة في الميناء في الظروف العادية لإنزال الركاب أو البضاعة تعتبر من المصاريف العادية، كرسوم الدخول إلى الميناء أو الخروج منه، ورسوم الإرشادات أو الشحن والتفريغ. إلا أن هذه المصروفات تعتبر استثنائية تخضع لنظام الخسائر البحرية المشتركة إذا أنفقت بسبب لجوء السفينة إلى الميناء لتفادي خطر يهددها.
وقد نصت المادة 314 من القانون البحري المغربي على هذه المصروفات الاستثنائية كخسارة عمومية، كما تضمنت القاعدة رقم عشرة ” 10 ” من قواعد يورك وأنفرس هذه الحالة.
الفـقـرة الثـانـيـة: مـصـروفـات الـقـطـر
القطر البحري هو عقد يلتزم بمقتضاه مالك السفينة بجر سفينة مملوكة لآخر نظير أجر متفق عليه.
وقد بدأ القطر في صورة تقديم مساعدة للسفينة التي تعطلت عن السير بسبب حادث ألم بها في عرض البحر، ثم أصبح القطر عملا ثابتا يقصد منه معاونة السفينة على الدخول في الميناء والرسو على الرصيف أو الخروج من الميناء، كما أصبح يستخدم في شحن السفن وتفريغها بأن تجر سفينة القطر المواعين والصنادل المشحونة بالبضائع لتوصيلها من الأرصفة إلى السفن الراسية في المرفأ وبالعكس.
والقطر يزود السفن والعائمات بقوة الدفع اللازمة لدخولها في الموانئ أو خروجها منها، ويفوق ذلك عادة القوة اللازمة لسير السفينة، ويزداد القطر خاليا بالنسبة للسفن التي آلاتها من القوة بدرجة تهدد بالخطر الأرصفة والعائمات الصغيرة بالميناء، ولهذا الاعتبار يتعين على تلك السفن أن تتخلى عن قوتها الذاتية، كما أن تلك السفن لا تستطيع الملاحة في مياه ضيقة.
وقد نص على ذلك مجموعة من التشريعات ومن بينها المشرع الأردني في المادة 262 كما نص المشرع المغربي على ذلك في الفصل 315 ولو كان ذلك بشكل ضمني.
الـفـقـرة الثـالـثـة: أجـور الـربـان والبحـارة ومصـروفـات غـدائـهـم.
تعتبر أجور الربان وأشخاص الملاحة البحرية ونفقات علاجهم وأغذيتهم من المصروفات العادية للرحلة في الأصل وبالتالي تقع مسؤولية تحملها على مجهز السفينة، إلا أن في الأحوال التي تصرف بسبب تعرض السفينة لحادث استثنائي، فإنها تعتبر نفقات استثنائية تخضع لنظام الخسائر البحرية المشتركة، ويمكن إيراد أمثلة على هذا النوع من النفقات، فقد تصرف بسبب الرسو الإجباري للسفينة لإصلاح ضرر ناجم عن خسارة مشتركة، أو أن إنفاقها ناجم عن تغيير خط سير الرحلة لتفادي خطر، الأمر الذي يؤدي إلى طول الرحلة وزيادة نفقات الربان والبحارة كأجورهم ونفقات علاجهم.
وهذه النفقات تناولتها القاعدة إحدى عشر ” 11 ” من قواعد يورك وأنفرس. كما أن المشرع المغربي درجها في الفصل 314 من القانون البحري.
المـطـلب الثـالـث: النفـقـات البـديلـة ومصـروفـات التسـويـة
الـفـقـرة الأولـى: الـنـفـقـات الـبـديـلـة
يقصد بهذه النفقات المصروفات التي بدلا من مصروفات أخرى كانت تدخل في الخسائر البحرية المشتركة، بشرط عدم تجاوزها للنفقات التي حلت محلها . فلو مثلا تعرضت السفينة لخطر وألحقت بها الربان ضررا لتفادي ذلك الخطر، والضرر الذي أصاب السفينة بفعل الربان يعتبر من الخسائر البحرية المشتركة، لأنه كان لتفادي خطر، فإذا اضطر الربان لإصلاح هذا الضرر اللجوء إلى ميناء قريب واتضح ارتفاع تكاليف الإصلاح، مما أدى إلى توجه ربان إلى مينا آخر عن طريق قطر السفينة إليه، فإن نفقات القطر في هذه الحالة تعتبر مصروفات عادية لم تنشأ لتفادي خطر، إلا أنها تعتبر خسائر بحرية مشتركة لأنها مصروفات بديلة حلت محل النفقات التي كان من الواجب إنفاقها في الميناء الذي لجأت إليه أولا ولهذا تعتبر خسائر بحرية مشتركة يتحملها الجميع بحدود ما تم توفيره من نفقات الإصلاح بشرط أن لا تتجاوز النفقات المستبدلة .
وقد أشارت وأكدت القاعدة (F) من قواعد يورك وانفرس هذه النفقات، ونفس الشيء أكده المشرع المغربي من خلال الفصل 315 حيث نص على أن كل مصروفات أيا كان نوعه يتم بدلا عن مصروف آخر من المصاريف التي لها صفة عوار عمومي، يعتبر هو أيضا عوارا عموميا، ولكن في حدود مبلغ المصروف الذي وقع تجنبه.
الفـقـرة الثـانـيـة: نفـقـات تسـويـة الخسـارات البحـريـة المشتـركـة.
تعد مصروفات تسوية الخسارة المشتركة خسارة مشتركة كذلك بطريق التبعية بشرط أن تصرف لمصلحة جميع ذوي الشأن كمصروفات الخبراء الذي يقومون بالتسوية، أما مصروفات الكفالة المصرفية التي يقدمها متسلم البضاعة لمصلحته الخاصة فلا تندرج في عداد الخسارات المشتركة.
وقد تضمنت هذا النوع من الخسائر القاعدة عشرين ” 20 ” من قواعد يورك وأنفرس.
انا اريد نسخة كاملة من قواعد يورك والتحديث الآخير لها فى سوق النقل البحرى