مكافحة الإرهاب و حماية حقوق الإنسان
مـقـدمـة :
إن الإرهاب كصورة من صور العنف التي عرفها المجتمع الدولي منذ عصور خلت، تطور مع تطور المجتمع ومع العلاقات الاجتماعية المختلفة، وقد ساهم في ذلك التطور التكنولوجي المذهل في وسائل المواصلات والاتصالات وعالم المعلوميات، بحيث أصبح للإرهاب خطورة أكثر مما مضى، وهذا ما نلمسه من خلال تزايد العمليات الإرهابية المصحوبة بزيادة في أعداد الضحايا مع اتساع نطاق هذه العمليات ليتعدى الحدود الجغرافية للدولة إلى دول أخرى، ناهيك عن ظهور أشكال وأساليب جديدة مستعملة في هذه العمليات الإرهابية والمستخدمة لآخر ما توصل إليه التطور العلمي والتكنولوجي كاستخدام المتفجرات الدقيقة الصنع وذات التحكم عن بعد بواسطة الحاسوب أو الهاتف النقال.
والجرائم الإرهابية تترتب عنها نتائج خطيرة وواسعة النطاق لأنها تمس المجتمع في كيانه وبنيانه؛ ومن الأسس الشرعية والدستورية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يرتكز عليها؛ كما أنها تدخل ضمن زمرة الجرائم المنظمة.
وقد وجدت جرائم الإرهاب طريقها مؤخرا إلى بلدان العالم الثالث؛ بعد أن أخذ الإرهاب صفة التنظيم على الصعيد الدولي؛ كما توطدت العلاقات بين المنظمات الإرهابية المحلية لتساند بعضها البعض في عدة مجالات، منها التدريب على أعمال العنف، أو تقديم الأسلحة والأموال، أو إخفاء المطاردين ومعاونتهم على الفرار من وجه العدالة، وهو الأمر الذي أرق المسؤولين الحكوميين في أغلب بقاع العالم، لاسيما الدول الغنية منها، لدرجة أن الكثير من الحكومات بدأت تتسابق مع بعضها لسن قوانين جديدة تتعلق بمكافحة الإرهاب، الأمر الذي أثار مخاوف المدافعين عن الحقوق المدنية للمواطنين، وما قد يترتب عن ذلك من التأثير على المكاسب الوطنية المهمة التي تحققت لهم عبر مرحلة إنسانية حافلة بالتضحيات الكبيرة على مذبح الحرية، فبرزت قضية العلاقة بين الإرهاب وحقوق الإنسان، وفرضت نفسها بشدة وإلحاح على الساحة العالمية وفي المحافل الوطنية، وذلك مع بداية مسلسل إضفاء الشرعية على عدد من القوانين والممارسات العملية التي كرست تراجعا عن المبادئ الدولية لحقوق الإنسان، إذ تقف حقوق الإنسان ـ كما استقر عليها المجتمع الدولي عبر النصف الثاني من القرن المنصرم ـ ضحية مطحونة بقسوة وفظاظة بين شقي الرحى؛ رحى الإرهاب الذي؛ يمثل اعتداءا صارخا ومباشرا على الحقوق الأولية للإنسان، ورحى مقاومة الإرهاب التي تقدم تبريرا لمختلف الدول للتحرر من القيود الموضوعية والإجرائية التي كان يفرضها التزامها باحترام حقوق الإنسان . والجديد في الأمر بعد أحداث 11سبتمبر2001؛ أن الدول المسماة بالليبرالية قد انضمت إلى قافلة منتهكي حقوق الإنسان بحجة حماية نفسها من الهجمات والتهديدات الإرهابية. فلقد قرر وزير الدفاع الأمريكي “رامسفليد” أن المحتجزين في أقفاص غوانتنامو ليسوا من أصناف البشر، ولذلك لا يحق لهم ما يحق للبشر من نعم العدالة والحكم العادل؛ أو حتى مجرد الاتهام. وقد أتيح للكثيرين مقابلة الذين أطلق سراحهم من أقفاص غوانتنامو؛ فأفادوا بأن المحققين لم يكونوا معنيين حتى بمعرفة أسمائهم الحقيقية، فقد كان المقصود من البداية تجريد الإنسان من إنسانيته، وفرض هذا الصنف على العالم، صنف المخلوقات التي لا تستحق الاتهام والمحاكمة والعقوبة ولا السجون العادية المعروفة. ترى من يجرؤ أن يسأل عن عدد معتقلي غوانتنامو؟! . نفس الوضع القائم نجده بسجن أبو غريب بالعراق؛ فهناك زهاء 4500معتقل يعيشون في نفس الظروف المزرية؛ هذا وإن كانت السلطات الأمريكية قد أعلنت بشهر مارس من سنة2006 أنه سيتم نقلهم إلى مؤسسة سجنية أخرى خلال الثلاثة أشهر الموالية. وقد جاء هذا القرار على إثر تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية حول واقع سجن أبو غريب.
وعلى أية حال؛ فإن السؤال الجوهري الذي بات على الجميع واجب الإجابة عليه بصراحة وأمانة ووضوح هو: هل هناك تعارض بين متطلبات حماية الأمن الوطني ضد الإرهاب؛ وبين تأمين احترام حقوق الإنسان وفقا للمبادئ التي ارتضاها المجتمع الدولي منذ منتصف القرن الماضي؟ كما يحق لنا التساؤل أيضا عن مدى توافر ضمانات كافية لحماية حقوق المتهم بجريمة إرهابية في قانون المسطرة الجنائية المعدل بناء على قانون 03 ـ 03 المتعلق بمكافحة الإرهاب وحماية حقوق الإنسان، خصوصا أن هذا الموضوع لم يلق الاهتمام اللائق به لذلك سنحاول من خلال هذا البحث أن نركز على الموضوع نظرا لأهميته وحيويته بالعصر الحالي معتمدين ومتبعين الخطة الآتية :
– الفصل الأول : الجريمة الإرهابية في ظل قانون 03 ـ 03 والتشريعات المقارنة، وسبل مكافحتها.
– الفصل الثاني : ضمانات حقوق الإنسان في الجريمة الإرهابية.
لكن قبل ذلك خصصنا فصلا تمهيديا لإلقاء نظرة عامة حول مفهوم الإرهاب، وكذا حول طبيعة التأثير المتبادل بينهما، في مباحث مستقلة.
_________________________________________________
-الحرب ضد الإرهاب والحروب الوقائية وحقوق الإنسان-المجلة العربية لحقوق الإنسان، وحدة الطباعة والإنتاج الفني بقسم الإعلام والنشر- المعهد العربي لحقوق الإنسان، ر.د.م.د7107-330ISSN- ص15
-www.google.ae→www.alrai.com/pages php?opinion13/03/2006 18h30
رائع جدا للغايه
ونطلب المزيد ووفقكم الله
أهلا بك,
إستعمل أداة البحث للمزيد أخي الحربي ودائما يوجد الجديد إن شاء الله تعالى.