في النظام العالمي الجديد : التحديات التي تواجه الأمم المتحدة
الفصل الثاني: التصورات والمقترحات المتعلقة بتحديد دور المنظومة الأممية لمواكبة البيئة الدولية الجديدة.
المبحث الثاني: أهم المقترحات المتعلقة بأجهزة الأمم المتحدة تماشيا والواقع الدولي الجديد
المطلب الرابع : المقترحات المتعلقة بمجلس حقوق الإنسان مع المطالبة بإتساق المنظومة الأممية
فرع أول :إقتراح إنشاء مجلس لحقوق الإنسان .
يكلف ميثاق الامم المتحدة المنظمة بحماية وتعزيز حقوق الإنسان في أنحاء العالم .وكانت هناك عوامل عديدة تعرقل إنجاز هذه المهمة، من بينها جوانب القصور في فعالية لجنة حقوق الإنسان، التي يرى الكثيرون الآن أنها فقدت مصداقيتها إلى حد بعيد.
وأثناء التحضير لعقد مؤتمر القمة الأخير، عكفت الدول الأعضاء على مناقشة توصية الأمين العام بإنشاء مجلس دائم أصغر حجما يتخد مقرا له في جنيف لحقوق الإنسان مكانة الصدارة التي أفردها لها الميثاق. لكن الوثيقة الختامية الموقع عليها من طرف الدول الأعضاء أرجأت وضع التفاصيل المتعلقة بهذا المجلس إلى وقت لاحق.
ومن خلال إستقراء آراء بعض الدول يتضح أن هذه المحاولة لا تخلو من حسابات سياسية ،فالولايات المتحدة تدعم مبادرة الأمين العام الخاصة بإستبدال لجنة حقوق الإنسان بمجلس حقوق الإنسان يتخد الإجراءات و لا يسمح بالإنضمام إلى عضويته للدول ذات السجل الزاخر بإنتهاكات حقوق الإنسان . وينبغي أن تكون المهمة الموكولة إلى مجلس حقوق الإنسان معالجة حالات الطوارئ وأفضع الإنتهاكات لحقوق الإنسان ، وتقديم المساعدات الفنية ، وتشجيع حقوق الإنسان كأولوية عالمية .
(1) _ نص تقرير لجنة ” إدارة شؤون المجتمع العالمي “, جيران في عالم واحد, مرجع سابق ص 275 – 276.
أما الصين الشعبية، فهي تدعم وتؤيد إصلاح أجهزة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وتعتقد أن جوهر الإصلاح هو عدم تسيس على قضايا حقوق الإنسان . وبإعتبارها جزءا هاما من مؤسسة الأمم لإجراء تبادلات وحوارات على قدم المساوات ومناقشة كيف تعزز حقوق الإنسان وتحميها .
ونظرا لعدم إستعدادها التخلي عن عقلية الحرب الباردة، إنغمست مجموعة من الدول المتقدمة في مواجهة سياسية في أجهزة حقوق الإنسان للأمم المتحدة حيث مارست إزدواجية المعايير وإستخدمت قضايا حقوق الإنسان لمهاجمة آخرين وتشويه دول نامية و أخرى أصغر في محاولة لتحقيق أهداف سياسية . وقد أوقع ذلك أجهزة حقوق الإنسان في أزمة خطيرة بشأن مصداقيتها، وبالعمل من أجل نفس الأهداف السياسية، بالغت هذه الدول المتقدمة عمدا في التأكيد على حقوق الفرد والحقوق المدنية والسياسية بينما أهملت حقوق الدول النامية في البقاء والتنمية .
وبفعل ذلك، حاولت الدول المتقدمة بيع قيم و إيديلوجيات غربية وفرض أنظمة ونماذج سياسية غربية للتنمية على اللآخرين . وتتعارض جميع هذه الممارسات مع أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقضية تعزيز و حماية حقوق الإنسان . وتضيف الصين دائما، أن أي إصلاح لا يقوم على مبادئ الديمقراطية والعدالة والكفاءة والتوزيع الجغرافي المنصف لضمان تمثيل وقبول واسعين ، سيعتبر إنتكاسةحقيقية وليس إصلاحا.
وفي المذكرة التفسيرية المقدمة من طرف الأمين العام بخصوص مجلس حقوق الإنسان. للجمعية العامة .والمكونة من 17فقرة يستعرض فيها وبالتفصيل كل الجوانب المتعلقة بالولاية و المهام ،ثم التشكيل و الحجم و غيرها من اللأمور التي توجه من خلالها الأمتن العام الى كافة الدول لإتخاذ القرار المطلوب بهذا الشأن :
_”15 بعد النظر في المسائل الواردة أعلاه ،يمكن للدول الأعضاء أن تتفق على أن تؤيد،من حيث المبدأ، إنشاء مجلس لحقوق الأنسان في الإعلان الختامي اذي يصدر عن مؤتمر أيلول /سيبتمبر 2005. و ينص مشروع الصيغة الواردة في تقرير الأمين العام على ما يلي :
**توافق على الإستعاضة عن لجنة حقوق الإنسان بمجلس دائم أصغر حجما لحقوق الإنسان ايكون جهازا رئيسيا من أجهزة الأمم المتحدة أو هيئة فرعية تابعة للجمعية العامة بحيث تقوم الجمعية العامة بإختيار أعضاءه عن طريق الإنتخاب المباشر بأغلبية ثلثي الأعضاء الحاضرين و المصوتين** (المرفق،الفقرة 8) ه (2005 /29/ A ).
أما المسائل التي تركت للنقاش بعد مؤتمر أيلول /سبتمبر 2005:
_ 16 سيجري القيام بمزيد من العمل بشأن كيفية أداء مجلس حقوق الإنسان للمهام المبنية أعلاه وللتفاصيل المتعلقة بحجم وتشكيل وإنشاء المجلس في مرحلة ما بعد القمة .ولاشك في أن مصير العديد من مهام اللجنة و إجراءاتها وأفرقة العمل بها ستترك للمجلس إما لقبولها أو تجديدها أو التخلي عنها. أما الإجراءات الخاصة و إشراك المنظمات غير الحكومية فهما جانبان من جوانب عمل اللجنة ينبغي أن يواصل المجلس العمل بها .
_ 17وهناك مجموعة أخرى من المسائل تتطلب مزيدا من البحث وتتعلق بدور مجلس حقوق الإنسان و ولايته فيما يخص العناصر الأخرى من منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ،لاسيما مفوضية حقوق الإنسان، و وكالات الأمم المتحدة وبرامجها الأخرى المعنية بحقوق الإنسان، وهيئات رصد المعاهدات، والجمعية العامة و مجلس الأمن و المجلس الإقتصادي و الإجتماعي و لجنة بناء السلام الجديدة. وسيفضي إنشاء مجلس حقوق الإنسان إلى تعزيز و توطيد أعمال تلك العناصر المكونة الأخرى في مجال حقوق الإنسان. و على سبيل المثال فلسوف يتيح المجلس المقترح فرصة لترشيد جدول أعمال اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة من خلال عمل مجلس حقوق الإنسان، إضافة إلى تعزيز قدرة الجمعية العامة على تحليل الفجوات التي تشوب بإستمرار إقرار حقوق الإنسان و دمج إجراءاتها في صلب أنشطة منظومة الأمم المتحدة بأسرها مع إسترعاء الإهتمام إليها. وعلى نفس المنوال، يمكن للمجلس أن يساعد على إنشاء و دعم صناديق مختلفة للتبرعات. وتوليد المساهمات فيها و خاصة من أجل مساعدة البلدان النامية.”
فرع ثاني : المطلبة بإتساق منظومة الأمم المتحدة.
يرتبط بالأمم المتحدة من خلال إتفاقات تعاونية صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و إثنتا عشر منظمة أخرى مستقلة تعرف باسم “الوكالات المتخصصة” و هذه الوكالات التي من بينها منظمة الصحة العالمية و منظمة الطيران المدني الدولي هي هيئات مستقلة أنشئت بموجب إتفاق حكومي دولي. و هي تضطلع بمسؤوليات دولية واسعة النطاق في المجالات الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية و التربوية و الصحية و المجالات ذات الصلة. و بعضها، مثل منظمة العمل الدولية و الإتحاد البريدي العالمي، أقدم عهدا من الأمم المتحدة ذاتها.
و بالإضافة إلى ما تقدم، يعمل عدد من مكاتب الأمم المتحدة و برامجها و صناديقها _ مثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين و برنامج الأمم المتحدة الإنمائي و منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)_ على تحسيم الحالة الإقتصادية و الإجتماعية للشعوب في جميع أنحاء العالم. و هي ترفع تقارير إلى الجمعية العامة أو المجلس الإقتصادي و الإجتماعي.
و لكل من هذه المنظمات مجلس إدارته و ميزانيته و أمانته. و تعرف و الأمم المتحدة بأسرة الأمم المتحدة أو منظومة الأمم المتحدة. و هي توفر معا المساعدة التقنية و كافة أشكال المساعدة العملية في جميع الحالات و المجالات الإقتصادية و الإجتماعية تقريبا.
و بهذا الصدد فهناك مجالا واسعا للتحسين في الإستجابة للإحتياجات الجديدة و في الكفاءة. و هناك أيضا حاجة لتحسين التنسيق و لأن تقوم الوكالات المتخصصة بتعزيز وضعها كمراكز للسلطة. و تتطلب البرامج و الصناديق المختلفة هياكل لإدارة الشؤون أكثر كفاءة، مع تقاسم للأعباء أكثر عدلا بين طائفة أوسع من البلدان.
و ينبغي كذلك للأمم المتحدة أن تعمل بصورة وثيقة مع علماء وضاع سياسات وزعماء سياسيين مستقلين في أرجاء العالم. و يصدق هذا بوجه خاص على ميدان التنمية، حيث تحتاج المنظمة على الدوام إلى أدراج آخر ما جد من تطورات علمية و تكنولوجية في الممارسة العملية للمنظمة و برامجها. وبغية توطيد الصلات بين جهود الأمم المتحدة الإنمائية و أعلام الفكر في العالم في الميادين ذات الصلة.