آثار تسليم الأعمال , مقاول من الباطن

مسؤولية المقاول والمقاول من الباطن
الفصل الأول : المسؤولية العقدية للمقاول والمقاول من الباطن
المبحث الثاني : المسؤولية العقدية للمقاولة والمقاول من الباطن بعد
المطلب الأول : تسليم للأعمال :
الفقرة الثانية : أثار التسليم :
يضع التسليم حدا للالتزامات العقدية التي تفرض بطبيعتها أن يكون تنفيذها ممتدا في الزمان ، إذ يترتب على تسلم الأعمال والأشغال مجموعة من الأثار القانونية باعتباره فصيلا بين مرحلتين مختلفتين هما مرحلة ما قبل الإنجاز ومرحلة ما بعد الإنجاز حيث يتوجب على المقاول من الباطن أن ينقل حيازة المصنوع إلى المقاول الأصلي وهذا الأخير بدوره إلى رب العمل وفق للمسطرة الجاري بها العمل بما أن للتسليم أثر إعفائي بخصوص العيوب الظاهرة بحيث يضع حدا لها فإن التسليم كذلك اثر ثالثا يتمثل في أنه يفتح باب حساب فهل الضمان وبالتالي فدراسة التسليم ترتكز على ثلاث نقاط .
أولا : التسليم ينقل الحيازة – المصنوع- من المقاول من الباطن إلى المقاول الأصلي إلى رب العمل :
إذا كانت الحيازة المنقولة سند الملكية  فإن الحيازة في العقار وحدها لا تكفي لتملكه إلا ذا كانت مصحوبة بأدلة اخرى تعزز المدخل القانوني للحائز ويرجع ذلك إلى أن الحيازة  للعقار لها وضع قانوني خاص باعتبارها لا تكون إلا حيازة حكيمة  ، ويتمثل ذلك بتمكين مالكه بوضع اليد عليه والانتفاع به والتصرف فيه، أي السيطرة الفعلية على الشيء ، وهنا يجب التمييز بين انتقال الحيازة وانتقال الملكية فإذا كانت الحيازة لا تنتقل إلا بالتسليم فإن الملكية قد تنتقل قبل هذا التاريخ وهذا ما يتحقق إذا كانت المواد المقدمة من قبل رب العمل أما إذا كانت المواد المقدمة من طرف المقاول الأصلي فإن الانتقال الملكية لرب العمل يتزامن مع انتقال الحيازة إليه وبما أن هذه الحيازة عن طريق التسليم تستلزم بالضرورة نقل الحراسة أي أن مخاطر البناء التي تلي التسليم تكون من نصيب رب العمل باعتباره حارسا لها  .
ثانيا: التسليم يعفي المقاول من العيوب الظاهرة
يعتبر هذا المبدا من جملة القواعد القارة في باب المسؤولية عن المباني حيث ان الفقه والقضاء يكادان يستقران عليه، ومعلوم أن هذه العيوب لا تكون مشمولة بالضمان بعد تسليم العمل المصنوع للمقاول الأصلي وموافقته هذا الأخير دون تحفظ  فإنه يترتب على ذلك إعفاء المقاول من الباطن من المسؤولية عن العيوب التي كانت ظاهرة   وقت حصول التسليم ونفس الشيء بالنسبة للمقاول الأصلي تجاه رب العمل حيث إذا تسلم هذا الأخير مصنوعا دون إبداء أي تحفظ عن العيوب الظاهرة فذلك معناه انه قد قبل المصنوع على ما هو عليه وذلك على اعتبار أن رب العمل المقاول أو المقاول من الأصلي قد بذل في فحصه ما يبذله الشخص المعتاد من نفس طائفته   ويشترط القضاء الفرنسي لإعمال هذا الأثر أن يكون العيب ظاهرة في سببه وأثره عند السليم إذا كانت أثاره لا تظهر بعد التسليم فلا يعتبر ظاهرا ولا يعفي المقاول من الباطن تجاه المقاول الأصلي وكذا هذا الأخير تجاه رب العمل وحيث يسقط الضمان عن العيوب الظاهرة قياسا على أحكام عقد البيع ، ذلك أن قبول المقاول الأصلي للأعمال المسلمة له من قبل المقاول من الباطن وكذا قبول رب العمل الأصلي للأعمال المسلمة له من طرف المقاول والأصلي بدون تحفظ يعتبر من قبيل النزول عن حقه في الضمان  .
وهذا جائز لأن  الإعفاء أو الحد من الضمان يعتبر باطلا إذا كان سابقا على تحقيق سبيه وحسب الفصل 769 من قانون الالتزامات والعقود المغربي ” أن المقاول من الباطن لا يضمن التهدم والعيوب الظاهرة إلا في حدود القواعد العامة لأحكام عقد المقاولة “.
وذلك انه إذا حدث وتهدم أو ظهرت عيوب في مدة الضمان رجع رب العمل على المقاول الأصلي بدعوى المسؤولية وشروطها طبقا لأحكام عقد المقاولة .
وللمقاول الأصلي الرجوع على المقاول من الباطن طبقا للقواعد العامة للمسؤولية العامة .
ثالثا: التسليم كمنطلق لحساب مهل الضمان :
للتسليم اثر قانوني إجرائي يتمثل في أنـه منطلق لحسـاب مهل الضمـان – الضمان العشري- ضمان إتمام العمل على الوجه الأكمل ” . وقد ع ل م ينمي سوى على الضمان الأول في الفصل 769/ق ل ع المغربي الذي ورد فيها ” تبدأ مدة العشر سنوات من يوم تسلم المصنوع ” ولا تسري هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن ومعنى ذلك أن التزامات المقاول من الباطن نحو المقاول الأصلي، يبقى المقاول الأصلي مسؤولا عنها نحو رب العمل ولا يكون المقاول من الباطن مسؤول مباشرة أمام رب العمل، حيث إذا أخل المقاول من الباطن بالتزامه بضمان العيوب الخفية كان مسؤولا عن هذا العيب نحو المقاول الأصلي وهذا الأخير يبقى مسؤول نحو رب العمل ومسؤولية المقاول من الباطن يعمل مستقلا عن المقاول وللأصلي ولا يعتبر تابع له ، إنما هي مسؤولية عقدية تنشأ عن عقد الإيجار للأصلي وتقوم على افتراض أن كل الأعمال التي تصدر من المقاول من الباطن تعتبر بالنسبة لرب العمل أعمال صادرة عن المقاوم الأصلي وعلى هذا التكييف ينتهي التزام المقاول من الباطن بمجرد ان يتسلم المقاول الأصلي للأعمال بعد فحصها والكشف عنها .
ولهذا فالتسليم بداية لحساب مهل الضمان هذا ما سنراه وسنرجي الإجابة عنه في النقطة الموالية ( المطلب الثاني ) .
_____________
– انظر هذا المبدأ في الفصل 456 ق ل ع المغربي .
– يمكن استخلاص هذه القاعدة من الفصل 500 ق ل ع بالرغم من انها تتعلق بعقد البيع التي جاء فيها بأن تسليم العقارات يتم بتخلي البائع عنها وتسليم مفاتيحها إذا كانت من المباني بشرط ألا يكون تمة عائق يمنع المشتري من وضع اليد عليها ” .
– شكري سرور، م س ، ص 169-170.
– السنهوري ، م س ، ص 119 / عبدالقادر العرعاري ، م س ، ص 157.
– حكم ابتدائية الدار البيضاء في 9/4/1945 عن مجلة المحاكم المغربية سنة 1975 ص 83.
– لبيب شنب ، م س ، ص 127
– رأفت محمد احمد حماد ، م س ، ص 99
– السنهوري مرجع سابق ص 716.
– عبد القادر العرعاري ، م س ، ص 159.
– ويقابل هذه الفقرة من الفصل ( 769) ق ل ع /م المادة 651 /3 مدني المصري والمادتين 1792 و 2270 مدني فرنسي والفصلين 5 و 10 من المرسوم التونسي الصادر بتاريخ 10/10/1986 المتعلق بالضمان العشري ، وتأمين أخطار البناء والمادة 555/2 من المدني الجزائري لكن هذا الأخير ربط سريان مهلة عشر سنوات بالتسلم النهائي .

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.