القانون الجنائي للمنافسة
الفصل الأول: القواعد الموضوعية للقانون الجنائي للمنافسة
الفرع الثاني : الجزاءات المقررة ضد الأعمال المخلة بحرية المنافسة.
المبحث الأول: العقوبات الأصلية المقررة للأعمال المخلة بحرية المنافسة
المطلب الثالث: عقوبات الممارسات المقيدة لحرية المنافسة.
إن الممارسات المقيدة لحرية المنافسة وكما سبق ذكر بعضها تتمثل في حماية المستهلكين وإعلامهم، إضافة إلى الشفافية في العلاقة التجارية بين المهنيين، زيادة على الادخار السري. حيث نظم المشرع هذه الممارسات واعتبر عدم احترام المقتضيات المنضمة لها بمثابة تقييد للمنافسة، ورتب على مخالفتها عقوبات جنائية.
وبالرجوع إلى مقتضيات الفصل الثاني من الباب الثامن من قانون حرية الأسعار والمنافسة نجد أن المشرع ينص في المادة71 على أنه ” يعاقب بغرامة من 1200 إلى 5000 درهم على المخالفات لأحكام الفصل الأول من الباب السادس والنصوص المتخذة لتطبيقها…”.
حيث نجد أن الفصل الأول من الباب السادس يتضمن مجموعة من المقتضيات القانونية تبتدأ من المادة 47 إلى المادة 50 والتي نصت على مجموعة من الالتزامات الملقاة على عاثق المهنيين .
فمنها ما يتعلق بتسليم الفاتورة, ففي حالة الإخلال بهذا الالتزام نجد أن المشرع قد رتب جزاءا جنائيا في شكل غرامة مالية تتراوح ما بين 5000 و 1000.000 درهم هذا فيما يتعلق بالإخلال بالالتزام بتسليم الفاتورة في إطار العلاقة بين المهنيين . أما بالنسبة لعدم تسليم الفاتورة إلى المستهلك فإن الجزاء محدد في غرامة يتراوح مقدارها ما بين 1200 و 5000 درهم . كما نجد المشرع أيضا قد نص على عقوبة زجرية لعدم تسليم الفاتورة للمستهلك في مشروع قانون رقم 08-31 المتعلق بحماية المستهلكين, وهذه العقوبة هي عبارة عن غرامة تتراوح من 2000 إلى 50.000 درهم .
والملاحظ أن المشرع قد جرم أيضا البيع بالمكافأة وعدم إعلام المستهلكين بالأسعار وشروط البيع, وذلك لأن هذه الممارسات تدخل في نطاق الفصل الأول من الباب السادس، حيث وحد الجزاء لكل المخالفات التي ترتكب خرقا لمقتضيات هذا الفصل بنص المادة 71 السالفة الذكر في فقرتها الأولى والمتمثل في غرامة تتراوح بين 1200 إلى 5000 درهم.
أما فيما يتعلق بالممارسات الممنوعة والتي تهم علاقة المهنيين بعضهم ببعض ( كرفض البيع وتقييده, والممارسات التمييزية …) فإن المشرع قد رتب عليها جزاءات جنائية حيث ثم تحديد هذا الجزاء في غرامة تتراوح بين 5000 إلى 100.000 درهم. وهو ما تنص عليه أيضا المادة 71 من ق ح.أ. م في فقرتها الثانية ” يعاقب بغرامة من 5000 إلى 100.000 درهم على المخالفات لأحكام الفصل الثاني من الباب السادس … “.
أما الادخار السري والذي نصت عليه المادة 55 من قانون حرية الأسعار والمنافسة والتي اعتبرت بمثابة ادخار سري ممنوع مثلا حيازة مدخرات من بضائع أو منتوجات يتم إخفاؤها قصد المضاربة فيها من طرف التجار والفلاحين، وأيضا حيازة مدخرات أو بضائع لأجل البيع لدى أشخاص غير مقيدين في السجل التجاري ، أو ليس لهم صفة صانع تقليدي ، أو حيازة المنتجين الفلاحين لمدخرات من البضائع أو المنتوجات لا علاقة لها بمؤسسات استغلالهم قصد بيعها, وما إلى غير ذلك من أشكال الادخار السري. فقد عاقب عليه المشرع بغرامة مالية من 100.000 إلى 500.000 درهم، وهي غرامة كبيرة مقارنة مع باقي الممارسات الأخرى المقيدة للمنافسة والتي سبق ذكرها، مما يدل على خطورة هذه الأفعال أو الممارسات على السوق الوطنية، وعلى القدرة الشرائية للمستهلكين.وذلك لأن حيازة البضائع أو المنتوجات بأي شكل من الأشكال التعسفية يعتبر بمثابة خرق لمقتضيات قانونية نص عليها المشرع، والتي بموجبها يتم وضع الشروط القانونية لحيازة البضائع بشكل يضمن عدم التعسف في استعمال هذا الحق .
وفي الأخير ينبغي الإشارة إلى أن هناك عقوبات أصلية أخرى غير التي تم ذكرها سابقا والتي لا تندرج ضمن الممارسات المنافية ولا المقيدة ، وإنما تتعلق بأفعال أخرى تدخل المشرع أيضا للتنصيص على عقوباتها ويتعلق الأمر بعمليات التركيز الاقتصادي ، والتي تتمثل عقوبة عدم الوفاء ببعض الالتزامات المنصوص عليها ضمن النصوص المؤطرة لهذه العمليات، في غرامة تبلغ بالنسبة إلى منشأة ما بين 2 إلى 5 في المائة من رقم الأعمال دون اعتبار الرسوم المنجزة في المغرب خلال آخر سنة محاسبية مختتمة, وإذا لم يكن المخالف منشأة حددت الغرامة بمبلغ يتراوح بين 200.000 و 2000.000 درهم … .
وبالإضافة إلى عمليات التركيز الاقتصادي فإن هناك أفعال أخرى نص المشرع على عقوباتها كالتعرض على قيام الباحثين بأعمالهم، أو منعهم من الإطلاع على الوثائق المتعلقة بمزاولة النشاط المهني…, حيث نلاحظ أن عقوبات هذه الأفعال وعلى خلاف الممارسات السالفة الذكر تتضمن عقوبة حبسية تتراوح بين شهرين إلى سنتين وبغرامة من 5000 إلى 800.000 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط .
ولكي نختم هذا المبحث ينبغي الإشارة إلى أن العقوبات المالية التي سبق ذكرها والتي نص عليها قانون {99-06} تبقى عقوبات مالية هزيلة على الممارسات المخلة بالمنافسة ، خصوصا إذا ما قورنت بالعقوبات التي وقعتها سلطة المنافسة بألمانيا, حيث تراوحت العقوبات حسب تصريح ” كريسوف باروس” ( المسؤول عن برنامج توأمة سلطة المنافسة بألمانيا مع نظيرتها بالمغرب) سنة 2003 و 2008 ما بين 639 مليون ومليار و 866 مليون درهم مغربي ( 58 إلى 713 مليون أورو) في الحالة الواحدة . مما ينبغي معه إعادة النظر في بعض العقوبات وذلك لخطورة بعض الأفعال التي يتم ارتكابها .
___________________
-الفقرة الثانية من المادة 71 قانون حرية الأسعار والمنافسة .
– راجع المادة 51 من ق ج أ م .
– راجع المادة 48 من ق ح أ م .
– الفقرة الأولى من المادة 71 ق ح أ م .
– انظر المادة 172 من مشروع قانون رقم 08-31 المتعلق بحماية المستهلكين.
– للمزيد من التفاصيل حول شروط وتنظيم حيازة البضائع راجع المواد 57 و 58 و 59 من قانون حرية الأسعار والمنافسة .
– انظر الباب الرابع من ق ح أ م المواد من 10 إلى 13.
– المادة 70 من ق ح أ م .
– المادة 76 من ق ح أ م .
– محمد بنكاسم ” مجلس المنافسة يتطلع إلى منحه سلطة فرض عقوبات ” مقال حول لقاء دراسي عقد بمقر مجلس المنافسة بالرباط بتاريخ 3/3/2009 منشور في جريدة المساء الأربعاء 4 / 3/ 2009.