الطعن في قرارات المحافظ على الاملاك العقارية أمام القضاء العادي

الأملاك العقارية:” لقد اوكل المشرع للمحافظ على الاملاك العقارية اختصاصات هامة في مجال حماية حق الملكية عندما يكون الملك العقاري في مسار الخضوع لنظام التحفيظ العقاري بدءا بمسطرة التحفيظ ثم تحفيظ العقار وخلال مسلسل العمليات المتكررة الواردة على العقار بعد تحفيظه.
ذلك انه لكي تكتسي التصرفات المتعلقة بالعقار اثرها القانوني خلال مرحلة التحفيظ او بعد تحفيظ العقار يكون لزاما على المعنيين بها وضعها بين يدي المحافظ على الاملاك العقارية للتقرير بشأنها، اعتبارا لكون التحفيظ يثبت حق الملكية بواسطة التطهير الكلي للعقار من اية حقوق و ان  الرسم العقاري المرفق بالخريطة يشكل الحالة المدنية الكاملة للعقار المحفظ لان جميع التصرفات […]”
جامعة المولى اسماعيل
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية

ماستر المنازعات

عرض بعنوان :

الطعن في قرارات المحافظ على الاملاك العقارية

الطعن في قرارات المحافظ على الاملاك العقارية

تحت اشراف الاستاذ : احمد اجعون

اعداد :
عبد المجيد م.   &   عبد الاله ع.   &    عبد الغني ع.

السنة الجامعية
2008-2009


مقدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة :

[…] الرسم العقاري المرفق بالخريطة يشكل الحالة المدنية الكاملة للعقار المحفظ لان جميع التصرفات المتعلقة بحياة العقار المدنية هي مسجلة بالرسم العقاري[1].

وتختلف قرارات المحافظ باختلاف التصرف المراد ترتيبه على العقار، وتبعا لذلك تختلف الجهة القضائية التي يوكل اليها المنازعة في قرار المحافظ من حالة لاخرى.

هكذا تبقى الاشكالية المحورية للموضوع تتجلى في مجال الحماية القضائية لحق الملكية بمقتضى الية الطعن في قرارات المحافظ على الاملاك العقارية، وماهية القيمة المضافة التي يخولها القضاء الاداري لهذا الحق؟ وهل يشكل ذلك استثناء من قاعدة كون القاضي العادي هو الحامي الطبيعي لحق الملكية ؟

انطلاق من هاته الاشكالية تتجلى اهمية دراسة الموضوع اعتبارا للاهمية القانونية والاقتصادية والاجتماعية لحق الملكية في حذ ذاته والمضمون بمقتضى الدستور والمواثيق الدولية، و الحماية المقررة لهذا الحق وما يترتب عن التصرفات المتعلقة به من منازعات، ومن تقاطع مجموعة من المقتضيات القانونية ، واعتبارا للجدل الفقهي واختلاف التطبيق القضائي بشانها خاصة مع انشاء المحاكم الادارية[2] بمقتضى قانون 41-90 [3].

ذلك ان دراسة مستوفية للموضوع تتطلب منا تأطيره بناء على ترسانة من القوانين والمتمثلة في :

– قانون التحفيظ العقاري[4].
– القانون المطبق على العقارات المحفظة[5].
– مرسوم 05 يونيو 1915 [6].
– قانون المسطرة المدنية[7] على اعتبار ان التنظيم القضائي قد هجر مجموعة من المفاهيم والمؤسسات التي كانت سائدة عند اصدار ظهير التحفيظ العقاري، كمحكمة الصلح او السدد والمحكمة الاقليمية وطريق الطعن بالاستئناف امام المحكمة الاقليمية.
– قانون المحاكم الادارية[8] وقانون محاكم الاستئناف الادارية [9]، مما جعل من المحاكم الادارية محاكم للطعن ابتدائيا ومحاكم الاستئناف للطعن استئنافيا في القرارات الادارية عوض الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى.

ولمحاولة كشف النقاب عن الاشكالية المحورية والاشكاليات الفرعية التي يطرحها الموضوع ، لابد من تحديد نطاق اختصاص القضاء العادي للبت في قرارات المحافظ على الاملاك العقارية في (مبحث اول)، نتناول فيه مجال اختصاص القضاء العادي خلال مسطرة التحفيظ، في (مطلب اول) لنتطرق الى مجال اختصاصه بعد تمام مسطرة التحفيظ في (مطلب ثاني)، ليتأتى لنا بحث نطاق اختصاص القضاء الاداري للبت في قرارات المحافظ في (مبحث ثاني)، من خلال تحديد الاساس القانوني لهذا الاختصاص في (مطلب اول) ثم التطبيقات العملية التي كشفت عنها الممارسة القضائية في (مطلب ثاني).

هكذا يكون تصميم الموضوع على الشكل التالي :

مبحث اول : نطاق الطعن في قرارات المحافظ امام القضاء العادي.
مطلب اول : الطعن في قرارات المحافظ خلال مسطرة التحفيظ.
مطلب ثاني : الطعن في قرارات المحافظ المتعلقة بعقار محفظ

مبحث ثاني : نطاق الطعن في قرارات المحافظ العقاري امام القضاء الاداري.
مطلب اول : الأساس القانوني لرقابة القضاء الإداري لقرارات المحافظ العقاري.

مطلب ثاني : تطبيقات رقابة القضاء الاداري على قرارات المحافظ العقاري.

خاتمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة

مبحث اول : نطاق الطعن في قرارات المحافظ امام القضاء العادي.
– ان مرجعية اسناد الاختصاص للقضاء العادي للبث في الطعن المقدم ضد قرارات المحافظ على الاملاك العقارية حتى بعد انشاء المحاكم الادارية مرده الى الى نظرة مشرع قانون التحفيظ العقاري لسنة 1913، باعتبار ان المشرع الفرنسي كان يؤسس للحماية القضائية لحق الملكية اعتبارا لكون القاضي العادي هو الحامي الطبيعي لحق الملكية وللحريات الاساسية رغم وجود قضاء اداري مستقل على اعتبار ان فرنسا كانت تتبنى نظام ازدواجية القضاء، قضاء اداري في مقابل قضاء عادي.

وتختلف قرارات المحافظ التي يمكن الطعن فيها امام القضاء العادي بتعدد الاجراءات المتعلقة بالعقار سواء في طور التحفيظ (مطلب اول) او بعد تمام مسطرة التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري (مطلب ثاني).

مطلب اول : الطعن في قرارات المحافظ خلال مسطرة التحفيظ.
هكذا فقد حدد ظهير التحفيظ العقاري اختصاص القضاء العادي للبت في قرارات المحافظ في حالة رفض المحافظ تحفيظ العقار والغاءه للتعرضات، وهو ما سنحاول مقاربته بنوع من التفصيل في النقط التالية :

1- قرار المحافظ برفض طلب التحفيظ :

– فبقدر الأهمية القانونية لقرار المحافظ بتحفيظ للعقار في اسم طالب التحفيظ لكون قراره يكتسي صبغة نهائية[10] ونقطة الانطلاق الوحيدة لكل الحقوق العينية المرتبطة بالعقار[11]، فان رفضه لطلب التحفيظ قد يزعزع المركز القانوني لطالب التحفيظ اتجاه العقار مما يدفعه للمنازعة فيه.

وقد يكون رفض طلب التحفيظ جزئيا يتعلق بجزء من العقار او كليا يتعلق بمجمل مطلب التحفيظ، ويستند المحافظ في قراره برفض التحفيظ اما بعدم قيام طالب التحفيظ باي اجراء لمتابعة المسطرة داخل اجل ستة اشهر من يوم تقديم الطلب وبعد تبليغه انذار المحافظ مع الاشعار بالتوصل طبقا للفصل 50 من ظ ت ع[12]، او استنادا الى عدم كفاية الحجج المدلى بها طبق للفصل 38 من ظهير التحفيظ العقاري او لعدم كفاية الرسوم طبقا للفصل 96 من الظهير المذكور او اذا لم يقم طالب التحفيظ بتبرير الفرق الزائد بين المساحة المطلوب تحفيظها والمساحة على ارض الواقع.

لكن عدم وضوح النصوص القانونية بخصوص الزام طالب التحفيظ بالادلاء بالوثائق المدعمة لمطلبه، ينعكس على سلطة المحافظ في امكانية رفض طلب التحفيظ بناءا على تخلفه عن الادلاء بالوثائق المذكورة، فالفصل 14 من ظ ت ع لا ينص على ازامية ذلك بينما الفصل 72 من من الظهير يتضمن صيغة الالزام بالنص على ضرورة مراقبة المحافظ للوثائق شكلا وجوهرا تحت مسؤوليته ! .

في خضم هذا التباين التشريعي صدرت مذكرة المحافظ العام بتاريخ 16 دجنبر 1988 التي تحث المحافظين العقاريين على ضرورة اجراء مراقبة دقيقة وجدية على كافة الوثائق المؤيدة لمطلب التحفيظ، وهكذا وفي ظل مقتضى نص الفصول 38-72-96- من ظ ت ع ومذكرة المحافظ العام فانه للمحافظ رفض مطلب التحفيظ اذا لم يدل طالب التحفيظ بالوثائق المؤيدة لمطلبه وبالتالي فلهذا الاخير الطعن في قراره عبر التظلم الاستعطافي امام المحافظ العام الذي قد يلغي قرار المحافظ العقاري لكن دون ان يلزمه باتخاذ قرار التحفيظ الذي يخضع لسلطة المحافظ التقديرية، او الطعن قضائيا امام المحكمة الابتدائية داخل اجل شهرين من رفض المحافظ للتحفيظ طبقا للفصل 10 من القرار الوزيري الصادر في 03-يونيو 1915 كما وقع تعديله بتاريخ 08 دجنبر 1942، او من صدور قرار المحافظ العام بتأييد قرار المحافظ، لكن القضاء بدوره لا يمكنه اقامة التحفيظ الذي يبقى مسطرة ادارية محضة وانما مراقبة مدى مشروعية قرار المحافظ برفض التحفيظ.

وتكون لاحكام الصادرة في التحفيظ حجية الشيء المقضي به بين الاطراف، و لا يمكن لطالب التحفيظ ان يتقدم كمتعرض على مطلب التحفيظ الذي يقدمه المحكوم بصحة تعرضه، كما ان المحافظ ملزم بتنفيذ الحكم النهائي الحائز لقوة الشيء المقضي به الذي يقضي بصحة التعرض، وذلك بمتابعة مسطرة التحفيظ في اسم المتعرض المحكوم له اذا تقدم بمطلب تحفيظ جديد.

بينما اذا ما تم تأييد قرار المحافظ برفض التحفيظ، يعاد العقار الى الحالة التي كان عليها قبل بدء اجراءات التحفيظ، ويقوم المحافظ باستدعاء طالب التحفيظ ويكلفه بسحب الوثائق المودعة من طرفه ويتم الغاء عملية التحفيظ المؤقت ومحو اثاره على نفقة طالب التحفيظ وحتى باستعمال القوة العمومية .

2- قرار المحافظ بإلغاء التعرض :

– فاذا كان من غير المتصور امكانية الطعن في قرار المحافظ القاضي بقبول التعرض من طرف طالب التحفيظ، مادام ان التعرض حق لكل مدع لحق على العقار موضوع مسطرة التحفيظ، فانه طبقا للفصل 31 من ظ ت ع فانه بعد حصول تعرضات على مطلب التحفيظ يقوم المحافظ بتبليغ نسخة من محتوياتها لطالب التحفيظ ويمنحه اجل الشهر لقبولها او رفضها واذا لم يتم التصالح بين الطرفين بشأنها، فان المحافظ يوجه انذارا للمتعرضين لتقديم الوثائق والرسوم المؤيدة لتعرضهم داخل اجل ثلاثة اشهر باعتبار ان المتعرض يكون في موقف المدعي في مواجهة طالب التحفيظ الذي هو بمثابة المدعى عليه، وان المدعي وفقا للقواعد العامة هو الملزم بالإثبات طبقا للفصل 32 من ق م م والفصل 399 من ق ل ع، وبذالك اذا لم يتم تقديم الحجج والوثائق المدعمة للتعرض او لم يثبت استحالة تقديمها، فانه للمحافظ الابقاء على التعرض بناء على البحث الذي يجريه او اعتباره ملغى بقرار معلل.

واعتبارا لخطورة قراره هذا على المتعرض والذي يخلل المركز القانوني له اذا ما تم تحفيظ العقار وضياع حقوقه سيما وان مقتضيات الفصل 32 من ظ ت ع تمنع على المحكمة تسلم الوثائق من الاطراف اذا ما عرض النزاع عليها[13] بل وتقضي بضرورة اخبار المحافظ للمتعرضين بهذا المقتضى[14]، فان قراره هذا يكون قابلا للطعن امام المحكمة الابتدائية التي تبث فيه في اجل 15 يوما من تاريخ تبليغ قرار المحافظ بصفة انتهائية.

كما يمكن للمحافظ الغاء التعرض اذا لم يؤدي المتعرضون الوجيبة القضائية [15] داخل اجل الثلاثة اشهر، او لم يحصلوا على المساعدة القضائية التي تعفى من اداء الوجيبة المذكورة[16] ، الا ان جانبا من الفقه يرى بان قرار المحافظ بالغاء التعرض بعلة عدم اداء الوجيبة القضائية لا يقبل أي طعن[17]، الا انه بالرجوع لمقتضيات ظ ت ع فانها لا تتضمن ما يمنع الطعن في قرار المحافظ في هذه الحالة بل بالعكس من ذلك فعمومية نص الفصل 32 توحي بامكانية ذلك كما ان القواعد المسطرية في الطعون تتيح حق الطعن ما لم يوجد نص صريح بالمنع، لا سيما وان المحافظ في هذه الحالة قد يصدر قراره في حين ان المتعرض لم يتوصل بشكل قانوني طبقا للفصل 39 من ق م م بانذار المحافظ له باداء الوجيبة القضائية وهو ما قد يحرمه من بسط اوجه دفاعه في مواجهة قرار نهائي بالتحفيظ لا يقبل أي طعن بعد تاسيس الرسم العقاري.

ويتم الطعن في قرار المحافظ بمقال مكتوب او تصريح شفوي امام المحافظ العقاري، الذي يقوم باحالته على رئيس المحكمة الذي يعين قاضيا مقررا للتحقيق في ادعاءات المتعرض دون طالب التحفيظ، ويتم تبليغها للمحافظ للرد عليها[18] وتجري المسطرة بصفة استعجالية امام المحكمة ويتم النظر في مدى احقية المتعرض في التعرض في حد ذاته كما قضت المحكمة الابتدائية بتطوان بتاريخ 22 يوليوز 1996 [19]، دون النظر في صحته من عدمها الذي تبت فيه المحكمة عندما يحال عليها الملف برمته.

مطلب ثاني : الطعن في قرارات المحافظ المتعلقة بعقار محفظ.

– بعد تمام مسطرة التحفيظ وتأسيس رسم العقاري، يصبح العقار ذا قيمة مضافة من الناحية القانونية والاقتصادية، ويكون محط تصرفات مختلفة غير محدودة، ومن تم تنشأ عدة منازعات تتعلق بهذه التصرفات التي يبقى المحافظ صاحب القرار الاول بشأنها، هكذا سنعرض لمجمل النزاعات التي يختص بها القضاء العادي خلال هذه المرحلة المهمة من حياة العقار.

1- قرار المحافظ برفض تقييد حق عيني او التشطيب عليه :

– ان تقييد حق عيني معين يشكل نقطة الانطلاق لمدعيه في علاقته مع العقار لكونه الوسيلة الوحيدة للاحتجاج بالحق على الاغيار طبقا للفصلين 65 و66 من ظهير التحفيظ العقاري، فهو يرمي الى اعلان التصرفات العقارية بالرسم العقاري او نقل او تعديل او الغاء حق عيني لحق او تصرف مسجل، و بالمقابل فان التشطيب يهدف الى ازالة تصرف مقييد من الرسم العقاري.

والمحافظ ملزم قانونا بتعليل قراره القاضي برفض تقييد او التشطيب على حق عيني طبقا للفصل 96 من ق.ت.ع والفصل 10 من القرار الوزيري الصادر بتاريخ 03-06-1915، وللمتضرر من قراره هذا الطعن فيه امام المحاكم العادية اذا كان القرار مؤسسا على عدم صحة الطلب اعتبارا لعدم توفر الطلب على البيانات اللازمة لقبوله كهوية الاطراف او عدم تطابقها مع البيانات الواردة بالرسم العقاري، او مؤسسا على عدم كفاية الرسوم الواجبة لعملية التسجيل.

ويتم الطعن في قرار المحافظ بنفس المسطرة المقررة للطعن في قرار المحافظ برفض التحفيظ اذ يقدم من طرف الطاعن بعريضة للطعن الى كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية داخل اجل شهر من التوصل بقرار المحافظ طبقا للفصل 10 من القرار الوزيري الصادر بتاريخ 03 يونيو 1915، تبين فيها ملخص لوقائع النزاع واسباب الطعن، ليتم توجيه العريضة للمحافظ ليدلي بمذكرته الجوابية معززة بالوثائق التي بني عليها القرار ان اقتضى الحال.

و اذا ما تم الغاء قراره يكون المحافظ ملزما بتنفيذ الحكم الصادر عن المحكمة اذا ما اصبح نهائيا في اجل 48 ساعة من توصله بالحكم من كتابة الضبط.

2- قرار المحافظ برفض تسليم نظير الرسم العقاري والشواهد الادارية :

– ان الاحتجاج بملكية عقار معين او وجود حق على العقار المحفظ لا يثبت الا بوثائق ادارية غاية في الاهمية من ناحية الائتمان خصوصا، يتسلمها المعني بالامر من المحافظ بناء على ما لديه من بيانات بالكناش العقاري.

هكذا يمكن لمالك العقار تسلم نسخة واحدة مطابقة للاصل من الرسم العقاري، كما تسلم النسخة المطابقة للاصل للشريك المكلف بادارة العقار وتعطى شهادات خاصة الى الشركاء الاخرين[20]، لكنه اذا رفض المحافظ تسليم نسخة من الرسم العقاري او شهادة التسجيل المنصوص عليه بالفصل 101 و 102 فان قراره هذا يكون معرضا للطعن امام المحاكم العادية طبقا للفصل 103 من ظ ت ع ، و قضت المحكمة الادارية بفاس بعدم اختصاصها للبت في الطعن الموجه ضد قرار المحافظ على الاملاك العقارية لكونه رفض تسليم نظير الرسم العقاري للطاعن بناء على الفصل 103 المذكور لكون الجهة القضائية المختصة نوعيا للبت في الطلب هي المحكمة الابتدائية[21].

3- قرار المحافظ برفض اصلاح الاخطاء المادية بالرسم العقاري :

لا نقصد في هذه الاغفالات وحالات بطلان ما ضمن بالكناش العقاري كما هو منصوص عليه بالفصل 97 من ظهير التحفيظ العقاري والتي يسأل عنها المحافظ مسؤولية شخصية.

وانما المقصود هو الاخطاء المادية التي قد تعتري الرسوم العقارية من اخطاء مادية او اغفالات في هوية المسجلين بها او معالم العقار او في التقييدات اللاحقة … الخ، ومن تم للمحافظ العقاري تصحيحها تلقائيا او بناءا على طلب صاحب المصلحة ويتم تبليغها عند الاقتضاء لحامل نظير الرسم العقاري مع انذاره للادلاء به لمطابقته للرسم الاصلي، و قد يتردد المحافظ في اصلاح تلك الاخطاء تلاقائيا احتياطا من اثارة مسؤوليته وتفاديا لكل محاولة لتحوير بيانات الرسم العقاري لما لها من اثر بالغ على حق الملكية الذي يقطع اشواطا مسطرية غاية في التعقيد حتى يتمتع بصفة التحفيظ، حتى لايفسح المجال للقفز على ذلك بجرة قلم.

واذا ارتأى المحافظ اصدار قراره برفض اصلاح الاخطاء بالرسم العقاري[22]، فانه يبقى لمدعي المصلحة الطعن في قراره هذا امام المحكمة الابتدائية طبقا للفصلين 29 و30 من القرار الوزيري المؤرخ في 03 يونيو 1915 والتي تبت فيه في غرفة المشورة بعد ادلاء النيابة العامة بملتمسها طبقا للفصل 30 من القرار الوزيري اعلاه و الفصل 9 من ق م م.

الا انه اذا تعلق الامر بقرار برفض اجراء معين خارج الحالات والشروط المقررة اعلاه فان قرار المحافظ يكون مشوبا بعيب الانحراف في استعمال السلطة وبالتالي يكون الطعن فيه امام المحاكم الادارية بالالغاء وهو ما سنفصله في المبحث الثاني .
_____________________________________
[1] – الدليل العملي لقاضي التحفيظ العقاري 1968 منشورات وزارة العدل دون ذكر الطبعة ص 5.
[2] – محمد قصري، القرارات التي يجوز الطعن فيها بدعوى الالغاء لتجاوز السلطة، منشورات المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية عدد 1/1995 ص 20، ففي بداية العمل بالمحاكم الادارية قضت المحكمة الادارية بمكناس في قرارها عدد 8/94 بتاريخ 26-7-1994 بالملف الاداري عدد 2-94/3غ بان قرارات المحافظ العقاري ليست بقرارات قضائية ولا ادارية بل هي قرارات من نوع خاص وان المادة 8 من قانون المحاكم الادارية لم تدرج القرارات المحافظ العقاري ضمن اختصاصها، وبذلك فالطعن فيها يبقى للمحاكم الابتدائية طبقا للفصل 96 من ظهير 12-08- 1913، معتبرة بذلك ان المادة 8 قد وردت على سبيل الحصر، وهو ما ستتراجع عنه نفس المحكمة تمشيا مع قرارات باقي المحاكم الادارية وكذا المجلس الاعلى.
[3] – لقد دخل هذا القانون حيز التطبيق بتاريخ 03-11-1993 وتم انشاء سبع محاكم ادارية تتوزع حسب جهات المملكة انذاك، ليتم انشاء محاكم استئنا ف ادارية في كل من الرباط ومراكش بعد صدور قانون رقم 03-80 بتاريخ 14-فبراير 2006.
[4] – الصادر بتاريخ 12-08-1913
[5] – الصادر بتاريخ 12-08-1913
[6] – الصادر بتاريخ 03 يونيو 1915.
[7] – الصادر بتاريخ 28-09-1974.
[8] – الصادر بتاريخ 03-11-2003.
[9] – الصادر بتاريخ
[10] – الا ان مشروع قانون التحفيظ العقاري قد حاول تجاوز سلبيات هذا الاثر التطهيري النهائي للتحفيظ بوضع اثتثناءات له في حالة التحفيظ المبني على التدليس والزور واستعماله، وحالة الحقوق المستمدة من طالب التحفيظ الذي اسس الرسم في اسمه، خالد مداوي، مسطرة التحفيظ العقاري الطبعة الاولى 2000 دون ذكر المطبعة ص 62.
[11] – حتى اصطلح عليه بعض الفقه انه بمثابة قرار الملك في حالة الاثتثناء، او قرار المجلس الاعلى باعتباره لا يقبل أي طعن.
[12] – ان هذا المقتضى القاضي بامكانية عدم الاستمرار في اجراءات التحفيظ من طرف طالب التحفيظ قد يفرغ الفصل 6 من الظهير من محتواه باعتباره يمنع أي سحب لمطلب التحفيظ بعد تقديمه.
[13] – وان كانت مقتضيات الفصل 34 من ظ ت ع في فقرته الاخيرة تتيح لقاضي التحفيظ العقاري ان يقبل ما يقدم له من وثائق جديدة ولا سيما في مرحلة التحقيق، انظر لمزيد من التفصيل مقال لمحمد ناجي شعيب تحت عنوان قاضي التحفيظ العقاري بين اجحاف النص ومتطلبات الواقع، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون عدد 2 2000 مطبعة دار النشر الجسور ص 94.
[14] – الا انه في الواقع العملي فان المحاكم دأبت على قبول كل الوثائق والحجج الجديدة التي يدلي بها المتعرض او دفاعه ابان المسطرة القضائية تفاديا لضياع الحقوق ولو تم التمسك بحرفية النص التشريعي، انظر في هذا الصدد : خالد مداوي، مرجع سابق ص 32.
[15] – لقد تم الغاء صلاحية المحافظ بتخفيض الوجيبة القضائية اعتبارا منه لقيمة النزاع حسب قانون الرسوم القضائية لسنة 1986.
[16] – يقدم طلب المساعدة القضائية الى وكيل الملك القضائية بالمحكمة الابتدائية ويتم البث فيه من طرف مكتب المساعدة لدى نفس المحكمة طبقا لظهير 16 نونبر 1966، مع ضرورة التنويه الى انه بالنسبة للمحاكم الادارية فان رئيس المحكمة هو المختص لمنح المساعدة القضائية طبقا للفصل 3 من قانون هذه المحاكم.
[17] – مامون الكزبري ، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الاصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي، الجزء الاول الطبعة الثانية 1987.
[18] – الطاهري منير،الطعن في قرارات المحافظ، بحث لنيل دبلوم السلك العادي بالمدرسة الوطنية للادارة للسنة الجامعية 1996-1997 ص 14.
[19] – الطاهري منير، مرجع سابق ص 15.
[20] – الدليل العملي لقاضي التحفيظ العقاري، مرجع سابق ص 6.
[21] – حكم عدد 16-غ-94 بتاريخ 22-09-1994 اورده ذ/ محمد قصري بمجلة منشورات م م ا م ت مرجع سابق ص 21.
[22] – لقد قضى المجلس الاعلى باختصاص المحافظ في اصلاح الاخطاء المادية المتسربة للرسوم العقارية في قراره عدد 1026 بتاريخ 06-04-2005.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.