موقف التشريع الغربي من الاتفاق على مقابل الطلاق – الفقرة الثانية
إن معظم التشريعات الغربية لم تعتبر الاتفاق على الطلاق بمقابل كحالة من حالات اللجوء إلى مسطرة الطلاق، وإنما تم التنصيص على الطلاق الاتفاقي.
لكن هل يعني هذا انه لا يمكن لهذه الأنظمة الاعتراف بهذا النوع من الاتفاق بين المغاربة في المهجر ؟
باستقرائنا لمقتضيات بعض التشريعات الغربية وعلى الأخص التشريع البلجيكي نجده يمنح حرية مطلقة لإرادة الزوجين في الاتفاق على الطلاق ولا يوجد ما يمنع الطرفين من الاتفاق على المقابل في الطلاق, بل إن القانون المدني البلجيكي يستلزم من الزوجين عند الطلاق تحرير اتفاق مسبق بينهما، يتم فيه التراضي حول كافة النقط التي من الممكن أن تثير نزاعا بينهما ومن بين العناصر التي يجب الاتفاق عليها ما يرتبط بقسمة الأموال والممتلكات المشتركة بينهما[1], وتحديد النسبة المتفق عليها لكل واحد من الزوجين، فقد يتنازل أحد الطرفين عن حصته كاملة أو قد يقبل بحصة أقل من الطرف الآخر، فكل ما يشترطه المشرع البلجيكي هو أن يكون الاتفاق بناءا على الإرادة الحرة للزوجين[2] الأمر الذي يضع موقف القانون الدولي الخاص البلجيكي من الاعتراف بالطلاق بمقابل محل تساؤل؟
لقد عرفت السياسة التشريعية البلجيكية تحولا جذريا في معالجة القضايا المتعلقة بالجالية المسلمة في بلجيكا وخاصة المواطنين المغاربة[3], فمنذ دخول دورية وزارة العدل السيد wathelet حيز التنفيذ في 27 أبريل 1994[4]، والطلاق يخضع لتقدير النيابة العامة في حالة كون أحد الزوجين بلجيكيا، وكثيرا ما كانت تقبل النيابة العامة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالطلاق الخلعي (طلاق بواسطة عوض) الاعتراف بهذا النوع من الطلاق منذ تسجيله في السجل الخاص, إذ ذهب الاجتهاد الفقهي والقضائي على اعتبار أن قرارات الطلاق الخلعي يمكن استقبالها لما تتأسس عليه من تراضي بين الزوجين , خاصة محكمة بروكسيل Bruxelles التي اتجهت إلى قبول مثل هذا الاتفاق .
كما جرى العمل على قبول النيابة العامة الاعتراف بفعالية الطلاق بواسطة مقابل، هذا الطلاق الذي يكون فيه الطلب مقدم من طرف الزوجة بناءا على التراضي بين الزوجين. وهو ما يعتبر في نظرهم، شبيها بالطلاق الاتفاقي الذي ينص عليه القانون المدني البلجيكي.
إلا أنه وإلى حدود دخول القانون الدولي الخاص البلجيكي حيز التنفيذ في 1 أكتوبر 2004، شهدت المحاكم البلجيكية تراجعا في الاعتراف بالطلاق الخلعي حيث نصت المادة 57 من القانون الدولي الخاص البلجيكي الجديد على رفض أي حالة طلاق تمت بالخارج سواء تعلق الأمر بالطلاق الخلعي أو الطلاق الانفرادي والذي لا يمكن تسجيله في بلجيكا. على أن تطبق هذه المادة على الأشخاص الذين لا يحملون الجنسية البلجيكية [5] .
وهذا ما أكدته الدورية الوزارية لوزارة العدل البلجيكية[6], التي اعتبرت أن الاعتراف بالطلاق لا يمكن أن يتعلق إلا بالوضعيات التي يكون فيها الطلاق أكتسب في دولة أجنبية تعترف بالطلاق الاتفاقي بين مواطنيها، ويملكون جميع الوسائل التي تمكنهم من تنظيم حياتهم المشتركة عند الطلاق، كما لا يمكن أن يسمح لهم بالطلاق بعوض إذا كان أحد الزوجين بلجيكا أو يقيم في بلجيكا.
وقد اعتبر الأستاذ Piron Luc. أن ما تضمنته هذه الدورية هو حل للمشكل المطروح والمتمثل في اختلاف النظام البلجيكي عن نظيره المغربي، هذا الأخير يعترف بالطلاق الخلعي الذي يكرس امتياز الزوج ويعتبرنه يشكل, بالنسبة للنساء المغربيات دونية ونقص لهن، على اعتبار أن هذا الطلاق هو طلاق غير متكافئ يعطي للزوج مزايا كبيرة وان الكثيرات من النساء يؤثرن التنازل عن حقوقهن تجنبا للدخول في إجراءات التطليق.
والمعتاد أن هذا النوع من التفاوض يعني موافقة الزوجة على التنازل عن كل حقوقها, اضطراريا, الأمر الذي يعتبر نتاجا لنظام الطلاق البالغ التمييز للرجل, و يجعل المرأة مضطرة إلى اللجوء لخيارات شبه مستحيلة تكون محل استغلال من قبل الزوج, مما حتم على التشريع البلجيكي منع امتياز الطلاق بمقابل من بطاقة اعترافه [7] .
إن موقف المشرع البلجيكي من الطلاق بمقابل (الطلاق الخلعي) يعتبر تجاهل للخصوصية الثقافية للجالية المغربية ويتعارض مع الاتفاقيات المبرمة بين المغرب وبلجيكا [8], الأمر الذي يمكن تفسيره بمحاولة إدماج المهاجر المغربي في السياسة التشريعية البلجيكية وطمس الهوية الوطنية والثقافية للجالية المغربية في بلجيكا [9],وجعلها تتفاعل مع سياسة الاستيعاب التي انتهجتها أوروبا في السنوات الأخيرة.
مما يستدعي تدخل الأجهزة المختصة من كلا الدولتين وفتح حوار حول هذه الدورية الوزارية والعمل على أن يتم الأخذ بعين الاعتبار ما تضمنته مدونة الأسرة من مستجدات وتعديلات، خاصة بمؤسسة الطلاق الانفرادي والخلع والتي احتاط من خلالها المشرع المغربي إلى صيانة حقوق المرأة في حالة تعسف الزوج أو نتيجة إكراهه لها أو إضراره بها, كما قام بتعزيز حماية مصلحة الطفل وحقوقه في حالة إعسار الأم ولو كان ذلك نتيجة التزامها بإرادتها الحرة حول حقوقها المترتبة على الطلاق.
غير أن المشرع المغربي و في إطار تجاوز الصعوبات التي تواجهها الجالية المغربية في الخارج كلما تعلق الأمر بانحلال الرابطة الزوجية فقد أسس لمؤسسة جديدة تراعي إرادة الزوجين المشتركة عند الرغبة في إنهاء العلاقة الزوجية.
الطلاق الإتفاقي للمغاربة في المهجر وفق مدونة الأسرة
___________________________________________________
[1] -1الفقرة الثانية من الفصل 1287 من التقنين القضائي البلجيكي
[2] Http// www. Notaire. be – info – divorces
[3] – Catheline Hamesse “deux réforces vers plus d’égalité pour le statut juridique des femmes marocaines en Belgique » colloque du 16 novembre 2004. http. www. Alter. Be /modawana- 16 Nov 04 – catheline Hamesse.
[4] – publiée au moniteur belge au 19 mai 1994.
[5] -ولقد كان الاعتراف بالطلاق الخلعي محل مناقشة في الأعمال التحضيرية للقانون الدولي الخاص البلجيكي الجديد. على أساس أن هذا النوع من الطلاق يجعل المرأة تشتري حريتها, أنظر في هذا الصدد.
-Marie claire FOBLETS, Jean Yves Carlier, le code marocain de la famille incidences au regard du droit international privé. Bruylant Bruxelles. 2005 p 69,70.
[6] – Publiée au moniteur belge du 28 septembre 2004.
[7] – Texte de Luc Piron. Colloque Modawana . op.cit
[8] – لقد وقع المغرب مع بلجيكا على مجموعة من الاتفاقيات في هذا المجال إلا أنها لم تحظ إلى وقتنا الحالي بالمصادقة وهذه الاتفاقيات كالتالي:
-يرتوكول اتفاقي إداري حول القواعد التي تحكم حالة الأشخاص في سنة 1979
-اتفاقية للتعاون القضائي وبرتوكول اتفاق حول إنشاء لجنة استشارية مختلطة في سنة 1981.
– ثلاث اتفاقيات بشأن القانون المطبق على الاعتراف بالزواج وانحلاله وتنفيذ الأحكام القضائية في مادة النفقة والحضانة وحق الزيارة في يوليوز 1991.
[9] – راجع في هذا الصدد هشام أضيب ضابط الإرادة في الأحوال الشخصية وآثاره على الجالية المغربية بأوروبا الغربية. بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ,جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية 2002. 2003 ص 51.
salam ana fatat motazawij birajolin mar3iby jinsyath biljike waladya ibn wahed wal an akhda ibny ramila lahe alikhtitaf konte fy imadrasa litaralome alora rinda rawdate lam artor rala ibny walan atsal hal alma laysa laha ha9 mitla jamiry ansai albiljikya al9ane albiljik mada ya9ol fiy ha9 atifl tifliy mazala sareran romrehe 10 acher hona asoal alibne yoride hadanat alom am ilab ana ara filralam biasreh alhadana lilom walaysa lilab ama iflamo la ar3ife ma hada al9anen