التنفيذ الجبري على القيم المنقولة

الأسهم والقيم المنقولة في شركات المساهمة
جامعة مولاي إسماعيل – مكناس
كلية العلوم القانونية
و الإقتصادية و الإجتماعية

بحث  لنيـــل الإجازة فــي القــــانون الخاص تحت عنوان:

التنفيذ الجبري على القيم المنقولة
التنفيذ الجبري على القيم المنقولة

تحت إشراف: الدكتورة : أمينة سميع

من إعداد الطلبة:
كلثوم ل   &   رشيد ذ  &  عبد الله ج

تمهيد :
تكتسي الشركات التجارية بشكل عام وشركة المساهمة بشكل خاص أهمية بالغة، سواء من الناحية الاقتصادية أو القانونية، على اعتبار أنها تمثل النموذج الأمثل لمفهوم المقاولة الحديثة والأداة الاقتصادية والقانونية الهامة لتحقيق وإنجاز المشاريع التنموية الكبرى التي تطمح إليها الدول، وكذا الرفع من مستوى تحديات اقتصادها التي تفرضها المنافسة في إطار العولمة، إضافة إلى كونها تمثل الإطار الأمثل للاستثمار، وهذه الأدوار الرائدة إلى جانب أدوار أخرى لا تقل شأنا عن سابقتها لا يتأتى لشركات المساهمة الانفراد بها إلا بفضل القدرات المالية الهائلة التي تتوفر عليها، وهو ما يتجلى بوضوح في رأسمال هاته الشركات خاصة تلك التي تدعو الجمهور إلى الاكتتاب.

ويتكون رأسمال هذه الشركات في أول الأمر من أسهم، ذلك ما أشارت إليه المادة الأولى من قانون 95.17 المتعلق بشركات المساهمة، إلا أن التنظيم القانوني لهذه الشركات سمح لها بتوسيع قدراتها المالية سواء من خلال الاقتراض من المؤسسات البنكية أو من خلال إصدار شهادات الاستثمار أو إصدار سندات القرض وهاتين الأخيرتين تشكلان إلى جانب الأسهم ما يصطلح عليه بالقيم المنقولة حسب المادة 243 من ق ش م. ويلاحظ من خلال هذه المادة أن المشرع المغربي عزف عن تعريف القيم المنقولة في إطار ق ش م، وإنما اقتصر فقط على ذكر أنواعها .
وإذا كان المشرع المغربي لم يعرف القيم المنقولة في ق ش م، فإنه قام بتعريفها في قوانين أخرى، هكذا نجده يعرفها في قانون البورصة[1] من خلال المادة الثانية باعتبارها ” السندات الصادرة عن أشخاص معنوية عامة أو خاصة، والقابلة للتحويل بقيدها في حساب أو عن طريق التداول، والتي تخول بحسب كل صنف من أصنافها حقوقا مماثلة للملكية أو الدين العام في ممتلكات الشخص المعنوي الذي يصدرها.

أما قانون الوديع المركزي[2]، فقد اعتبر قيما منقولة القيم المشار إليها في المادة الثانية من الظهير الشريف المتعلق بالبورصة ، كما اعتبر في حكم القيم المنقولة سندات الديون القابلة للتداول، وكل حق مرتبط بالقيم المنقولة الواردة في قانون البورصة، سواء أكان هذا الحق قابلا للتداول أو من شأنه أن يكون قابلا لذلك .

وبخصوص التطور التاريخي للقيم المنقولة ، فلم يكن ظهورها إلى حيز الوجود تلقائيا بل مر بتطور تاريخي ملحوظ ، حيث أن الأسهم ظهرت بداية منذ وقت طويل وقد عرفها التشريع المغربي مع أول قانون ينظم شركات المساهمة، وذلك خلال القانون الفرنسي رقم 24 يوليوز 1867 الذي طبق في المغرب بمقتضى ظهير 11 غشت 1922، كما أن قانون الإلتزامات والعقود تضمن عدة مقتضيات متعلقة بالأسهم، في حين ظهرت سندات القرض لأول مرة في فرنسا 1850 وكان قانون 3 فبراير 1907 أول إطار قانوني ينظم هذه السندات، أما في المغرب فقد تم تنظيم بعض مقتضياتها أيضا في قانون 11 غشت 1922، إلا أنه نظرا للنقص الذي شاب تنظيم هذه السندات تدخل المشرع بمقتضى ظهير 30 غشت 1945 المتعلق بإصدار سندات القرض وترويجها، أما شهادات الاستثمار فهي تعتبر من القيم المستجدة حيث لم يعرفها المغرب إلا مع قانون 95.17.
وبالإضافة إلى ذلك هناك مجموعة من القوانين الأخرى التي تنظم القيم المنقولة ككل الصادرة بتاريخ 21 شتنبر 1993، ومن بينها القانون المنظم لمجلس القيم المنقولة والمعلومات المطلوبة إلى الأشخاص المعنوية التي تدعوا الجمهور إلى الاكتتاب، والثاني يتعلق بالهيئات المكلفة بالتوظيف الجماعي للقيم المنقولة. كما تجدر الإشارة إلى أن قانون 95.17 عرف نوعا من التنقيح بموجب قانون 08. 20 الصادر بتاريخ 2008.
ويلاحظ أن ثمة العديد من الأوراق أو السندات في ميدان الأعمال التي تحظى بأهمية بالغة بين المتعاملين ، ولذلك فلا بأس أن نقوم بنوع من التمييز بين هذه الأوراق والأوراق المالية
1-الأوراق المالية والأوراق النقدية: تتميز الأوراق النقدية بقوة الإبراء من الديون، وهي أوراق تصدر عن بنك المغرب ولا تنتج أية فوائد لأنها تمتاز بالسعر الإلزامي. كل هذه الخصائص جعلتها تبتعد عن الأوراق المالية التي تصدر عن شركات المساهمة، وتنتج فوائد قانونية واتفاقية.
2-الأوراق المالية والأوراق التجارية: تعرف الأوراق التجارية بأنها سندات تحمل قيمة نقدية ومجردة وقابلة للتداول وقائمة بذاتها وتثبت وجود حق أو دين لأجل قريب للمستفيد منها. وإذا كانت القيم المنقولة يتم تداولها وفق نظامها القانوني الخاص بها، فإنها تختلف عن الأوراق التجارية في كون الأولى تتضمن حقوقا مركبة ( مالية وغير مالية : الجلسات العمومية والتصويت والإدارة )، ومحتملة الأرباح، وتصدر لأجل طويل وتتداول في بورصة القيم، عكس الثانية التي تتضمن الأمر الناجز بدفع مبلغ معين ثابت واجب الاستحقاق بمجرد الإطلاع أو بعد أجل قصير وتكون قابلة للخصم لدى البنوك [3].
أما فيما يتعلق بالتنفيذ الجبري، فإنه يهدف إلى التوفيق بين اعتبارين: الأول ضرورة حصول الدائن على حقوقه طبق السند المدلى به لدى الجهة المختصة ، أما الثاني فيتمثل في مراعاة ظروف المدين الذي قصر في الوفاء بدينه للدائن لسبب أو لآخر.

وانطلاقا من هذين الاعتبارين نجد أن المشرع المغربي كلما أتاح الفرصة للدائن للحصول على دينه إلا وأحاط المدين في نفس الوقت بكل الضمانات التي من شأنها المحافظة على مصالحه أيضا .
وللتنفيذ إجراءات تتمثل في ما يسمى بمقدمات التنفيذ الأولية، كما أنه يتخذ مجموعة من الطرق تتمثل في التنفيذ الاختياري ثم التنفيذ الجبري، هذا الأخير يمكن أن يكون مباشرا أو غير مباشر. وإذا كان غير مباشر، فإنه يمكن أن يكون إما حجزا تنفيذيا أو تحفظيا كما يكن أن يكون حجزا لدى الغير .

ولعل أهمية التنفيذ الجبري على القيم المنقولة تتجلى في الحياة العملية التي اتسع نطاق الالتزامات فيها، بحيث أصبحت الروابط القانونية ونمو العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين الأفراد والسرعة والثقة المتبادلة تتطلب من المحاكم هي الأخرى السرعة في تنفيذ الأحكام حتى تعتبر خير معيار يحكم به على نجاح النظام القانوني، وندعم بذلك ثقة الناس وتشجيعهم على اللجوء إليه، وبالتالي نزيد من تشجيع جميع أنواع النشاطات الاقتصادية.

ومما شجعنا على البحث في هذا الموضوع هو الفراغ الحاصل في الكتابات الفقهية في مجال التنفيذ الجبري على القيم المنقولة رغم اعتباره أداة فعالة لمن لا يريد الوفاء بالتزامه اختيارا. وقد قصرنا البحث على التنفيذ الجبري على القيم المنقولة عاملين قدر المستطاع أن نتغلب على كل الصعوبات التي تطرحها هذه الدراسة محاولين بذلك أن نساهم مساهمة متواضعة في إلقاء بعض الضوء على هذا الموضوع المتشعب .

وهكذا ، فإذا كانت القيم المنقولة تكتسي أهمية بالغة باعتبارها مصدرا من مصادر التمويل وأداة لإمداد الشركات بالموارد اللازمة وذلك بتحفيز وتوجيه مذخرات الأفراد لتوفير سيولة مالية من أجل تغطية المشروعات، فإن مجيئ هذه القيم أحدث تغييرا جذريا على تكوين الذمة المالية للأشخاص بعدما كانت المنقولات والعقارات تعتبر من العناصر التقليدية التي تطغى عليها، وذلك بجمعها لميزتي الادخار والمضاربة ولتحقيق الربح في نفس الوقت .

وبالنظر إلى دقة الموضوع، وعدم وجود قانون خاص ينظم التنفيذ الجبري على القيم المنقولة نتساءل إلى أي حد استطاع المشرع المغربي إيجاد نصوص أخرى بديلة للتنفيذ عليها ؟ وبصيغة أخرى، كيف استطاع المشرع من خلال الإطارات القانونية تنظيم هذه القيم وتوفير الضمانات الحمائية لإصدارها وتداولها ؟

وباعتبارها قابلة للتداول إلى أي حد يمكن القول أنها تشكل ضمانا عاما للدائنين بإمكانهم إجراء الحجز عليها ؟
ومن أجل إلقاء بعض الضوء على هذا الموضوع سوف نعتمد خطة البحث التالية :
الفصل الأول : القيم المنقولة ومدى قابليتها للتنفيذ عليها.
الفصل الثاني: طرق التنفيذ الجبري على القيم المنقولة.

المختصرات :

صصفحة
ططبعة
ظظهير
ق.ل.عقانون الالتزامات والعقود
ق م مقانون المسطرة المدنية
م.تمدونة التجارة
ق.ش.مقانون شركة المشاهمة
م .سمرجع سابق

____________________________________________
[1] – راجع القانون رقم 211. 93. 1، الصادر في 4 ربيع الآخر 1414 (21  شتنبر 1993)، المتعلق ببورصة القيم والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 4223 بتاريخ 6 أكتوبر 1993 ص  1882.
[2] الوديع المركزي: شركات مساهمة تخول وحدها صلاحية حفظ القيم المنقولة المقبولة في عملياتها ،وتسهل انتقالها وإدارتها لفائدة المنتسبين إليه، وقد نظمه الظهير الشريف رقم 246-96-1 .الصادر في 29 شعبان 1417 ( 9 يناير 1997) بتنفيذ القانون رقم 96- 35 المتعلق بإحداث وديع مركزي وتأسيس نظام عام لقيد بعض القيم في الحساب .الجريدة الرسمية عدد 4448 بتاريخ 16 يناير 1997، ص  80.
[3] – عبد الرحيم شميعة ، دروس في القانون التجاري : نظام الأوراق التجارية، ونظام معالجة صعوبات المقاولة، طبعة 2009- 2010 ،مطبعة وراقة سجلماسة .

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.