Site icon مراجع Maraje3

بحث عن الخبرة الطبية واللعان في نفي وإثبات النسب

إثبات النسب بين اللعان والأدوات الطبية العلمية – خاتمة:
تأسيسا على ما سبق يتبين أن اللعان قد فـقـد فعلا قيمته ــ خاصة في وقتنا ــ الحالي ما دام يقوم على الشك لا اليقين ــ كما قال بذلك بعض الفقه كما سبق وأن وضحنا ــ، وأحيانا يعـد انتقـاميا كيديا ليس إلا، فالشك يظهـر لنا من خلال أن الزوج إذا كان في استطاعته أن يشهد على سبيل القطع أن زوجته قد ارتكبت الزنا فإن الأمر على خلاف ذلك بالنسبة لواقعة نفي الولد، لأن الزوج لا يستطيع أن يؤكد على سبيل القطع أن الولد ليس منه حتى ولو كان صادقا في اتهامه لزوجته بواقعة الزنا، إذ قد تكون الزوجة مرتكبة للزنا فعلا إلا أن الولد قد يكون ابنه بأن يكون الحمل قد حدث منه، وهذا ما جعل الفقه والقضاء كما رأينا أنهما يخضعان في هذه المسطرة لعدد من القيود والشروط للحد من الشك، ويمنع الزوج من اللعان، إذا وجدت قرائن بسيطة تدل على عدم الجدية في إنكاره، كعدم استبراء المرأة قبل ظهور الحمل والسكوت بعد العلم بالحمل ولو يوما أو يومين، والاستنتاج البديهي من هذا الاجتهاد الذي طبق به الفقه آية اللعان هو أنه متى توفرت وسيلة قادرة على كشف الحقيقة يكون لكل من الزوجين الحق في المطالبة بها لتبرئه ساحته من تهمة الكذب التي لا يبعدها عنه أداء أيمان اللعان[1].

وإذا كانت البصمة الوراثية قد  جاءت بالمشاهدة الحقيقية للصفات الوراثية القطعية، دونما كشف للعورة، أو مشاهدة لعملية الجماع بين الزوجين، ودونما تشكك في ذمم الشهود أو المقرين أو القافة ( الأطباء)، لأن الأمر يرجع إلى كشف آلي مطبوع مسجل عليه صورة واقعية حقيقية للصفات الوراثية للإنسان، والتي يتطابق نصفها مع الأم الحقيقية ونصفها الآخر مع الأب الطبيعي، فهل بعد ذلك يجوز أن نلتجئ لأدلة الظن ونترك دليل يكاد يكون قطعيا؟[2]

وبما أن نظام اللعان هو نظام يفرض وجوده من حيث القانون ويغيب على مستوى التطبيق العملي للقضاء، فإننا نعود لما قلناه بضرورة تغيير مسطرة اللعان وتدعيمها بالخبرة الطبية، حماية لنسب الطفل من الإنكار الكاذب وأيضا حتى لا يلحق نسب الأب بغير ابنه.

ومن تم يجب الاستعانة اليوم بالتقنيات الطبية الحديثة مع الإبقاء على اللعان للوصول لنتائج يقـينية تبـدد الشك، فالمفروض أن تطبق هـنا قاعـدة ( الشك يزول باليقـين)

فإذا علم بناء على تلك النتائج أن الولد ليس منه يمكن من إجراء اللعان لنفي الولد لأنه ثبت يقينا أن الولد ليس منه، أما إذا علم من تلك النتائج أن الولد منه، فلا يمكن من إجراء اللعان لأجل نفي الولد، وإنما يمكن من اللعان كإجراء شرعي لدرء الحد عن الزوجين، وللتفريق بينهما، لأن الزوج لربما يكون متأكدا من صلة زوجته غير المشروعة بغـيره، وهنا يكون من حقه إجراء اللعان دون نفي الولد، ومن تم فإن الركون للنتـائـج الطبية قد يحـقـق غايتين إحداهما: إمكانية تراجع الملاعن قبل الـفحـص، وثانيهما: إمكانية إثبات الفحص عكس مزاعـم الملاعـن، وبذلك تتحـقـق الغاية من مقاصد الشريعة الإسلامية التي تتشوف للحـوق النسب، وبهـذا نكون قـد فهـمنـا النـص على أساس ضرورات التـطـور الاجتماعي والعلمي دون أن يعني ذلك إهماله أو تجاوزه وإنما هو النفاذ إلى جوهره وما وراءه[3].

وختاما تجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من كون موقف المشرع المغربي يعتبر مهما ومتقدما بنصه على الخبرة الطبية صراحة في عدة مواد من مدونة الأسرة مقارنة بباقي التشريعات العربية المتعلقة بالأحوال الشخصية فانه مع ذلك يعتبر منتقدا على أكثر من صعيد لأن المشرع المغربي لم يفصل أحكام وشروط وضوابط العمل بالبصمة الوراثية في مجال إثباث ونفي النسب كما أنه لم يبين مكانة البصمة الوراثية  وحجيتها خاصة عند تعارضها مع وسائل الإثبات أو النفي المقررة شرعا.

المراجع

الكتب:

الرسائل والأطروحات:

المقالات:

المواقع الالكترونية:

نفي النسب بين اللعان والخبرة الطبية في ضوء القانون الوضعي
____________________________________
[1] ــ أحمد الخمليشي، التعليق على قانون الأحوال الشخصية، الجزء الثاني، آثار الولادة والأهلية والنيابة القانونية، الصفحتان 71و 72.
[2] عائشة سلطان إبراهيم المرزوقي: المرجع السابق، ص 315
[3] ــ رشيدي مغنية، المرجع السابق، 2003 ص 82.

Exit mobile version