المقتضيات الحمائية للعلامة التجارية وفق اتفاقية باريس

Trademark, Convention de Paris
المقتضيات الحمائية للعلامة التجارية وفق اتفاقية باريس – المطلب الثاني
تضمنت اتفاقية باريس مجموعة من المقتضيات الحمائية للعلامة التجارية تتمثل في مجموعة من المبادئ سنتولى دراسة كل منهما على حدى :

1-مبدأ المساواة :
تنص المادة الثانية من اتفاقية باريس على أن يتمتع رعايا كل دولة من دول الاتحاد في جميع الدول الأخرى للاتحاد بالمزايا الممنوحة أو التي يمكن منحها في المستقبل للمواطنين فيما يتعلق بالعلامات التجارية وبذلك يكون لهم ما لهؤلاء المواطنين من حق في الحماية أو التنظيم من كل مساس بحقوقهم بشرط إتباع الشروط والأوضاع المفروضة على المواطنين، وبناءا على ذلك يسوى الأجانب بالمواطنين في المعاملة وتكون لهم ذات الحقوق والمزايا التي يتمتع بها المواطنون.1

وعليه فان رعايا دول الاتفاقية يتساوون بالمواطنين في أية دولة عضو في كل مسالة تتعلق باكتساب الحق على العلامة والاعتراف به.

ويتضح من خلال إدراج هذا المبدأ في الاتفاقية إن هذه الأخيرة قد وسعت في مجال الحماية التي يبسطها على العلامات فلم تكتف بحماية العلامة لرعايا دول الاتحاد بل شملت أيضا رعايا الدول غير الأعضاء إذا كان لهم موطن أو منشآت صناعية أو تجارية في أحد بلدان الاتفاقية وهذا ما نصت عليه المادة 3 من الاتفاقية » يعامل نفس معاملة رعايا دول الاتحاد رعايا الدول غير الأعضاء في الاتحاد المقيمين في إقليم إحدى دول الاتحاد أو الذين لهم عليها منشات صناعية أو تجارية حقيقية وفعالة«  2

هذا المبدأ تبناه المشرع المغربي في المادة الثالثة من القانون رقم 97-17 المعدل والمتمم  بالقانون رقم 05-31 المتعلق بحماية الملكية الصناعية والتي نصت على أن »سيستفيد رعايا كل بلد من البلدان المشتركة في الاتحاد الدولي لحماية الملكية الصناعية من حماية حقوق الملكية الصناعية المنصوص عليها في هذا القانون بشرط استيفاء الشروط والإجراءات المقررة عنه«

2-حق الأسبقية :
وفقا للمادة 4 من اتفاقية باريس يكون لكل من تقدم بطلب تسجيل علامة تجارية في إحدى دول الاتحاد، حق الأفضلية والأسبقية في باقي دول الاتحاد بالنسبة لتسجيل علامته من خلال ستة اشهر من تاريخ تقديمه طلب التسجيل الأول(3) حيث ينظر إلى طلباته اللاحقة كما لو كانت قد قدمت في تاريخ إيداع طلبها لأول الأمر الذي يخوله حق الأولوية أو الأسبقية بالنسبة للطلبات التي يقدمها أشخاص آخرون خلال المدة المشار إليها(4).

والعبرة من هذه الفترة الممنوحة لصاحب العلامة هي إعطاءه المدة الكافية للتفكير قبل أن يقرر في أي دولة أجنبية سيسجل علامته حيث يمكنه التصرف بدون أي خطرا أو اعتراض بدعوى تأخره في الإيداع بالدولة الأجنبية (5) وبالرجوع إلى المادة 4 من اتفاقية باريس نراها تشترط أن تسجل العلامة أولا في دولة الأصل بل أن النص يشير إلى طلب تسجيل العلامة يقدم في إحدى بلدان اتحاد اتفاقية باريس التي قد تكون دولة الأصل كذلك.

وإذا كان حق الأسبقية لا يثير صعوبات عملية في البلدان التي تأخذ بمبدأ التسجيل كأساس ملكية العلامة فانه يثير صعوبة في البلدان التي تأخذ بمبدأ الاستعمال كأساس للملكية.

وعليه يمكن دحض القرينة المستندة من تقديم طلب التسجيل على ملكية العلامة بإتباث أسبقية الاستعمال وتظهر الصعوبة إذا كان مقدم الطلب غير مستعمل للعلامة في الدول المتنازع فيها على العلامة وقد يكون الغير اغتصب العلامة محل البحث قبل ظهورها في السوق المحلي لهذه الدولة ومن تم فلا يكون الاتباث في مثل هذه الحالة ضروريا ويصنف حق الأسبقية .

ونجد أن المشرع المغربي اخذ بهذا الحق في المادتين 6و7 من القانون رقم 97-17 المتعلق بالملكية الصناعية.

3 -مبدأ قبول تسجيل جميع العلامات الأجنبية المسجلة في بلدها الأصلي :
تسهيلا لتسجيل العلامة التجارية في جميع دول الاتحاد قررت المادة السادسة في فقرتها  من اتفاقية باريس على كل دولة من دول الاتحاد أن تقبل إيداع كل علامة سبق تسجيلها في بلدها الأصلي بصورة قانونية وان تمنحها الحماية التي هي عليها ويجوز لتلك الدول أن تطلب قبل إجراء التسجيل تقديم شهادة صادرة من جهة الاختصاص تثبت حصول تسجيل العلامة في بلدها الأصلي على أنه لا يشترط التصديق على تلك الشهادة ، و بناءا على ذلك تلتزم جميع دول الاتحاد قبول تسجيل العلامات التجارية التي سبق تسجيلها في إحدى دول الاتحاد وذلك بالحالة التي تكون عليها كما سجلت في بلدها الأصلي2 إلا انه يمكن رفض هذا التسجيل إذا كانت العلامة تخالف النظام العام للدولة المطلوب فيها التسجيل أو تمس حقوق مكتسبة للغير أو مجردة من أية صفة مميزة.

4 – مبدأ استقلال العلامات:
أشارت اتفاقية باريس إلى مبدأ استقلال العلامات التجارية في المادة السادسة في فقرتها 3 بقولها »تعتبر العلامة التي سجلت طبقا للقانون في إحدى الدول الاتحاد مستقلة عن العلامات التي سجلت في دول الاتحاد الأخرى بما في ذلك دولة المنشأ «سيستفاد من ذلك أن كل هذه العلامات الأصلية من تاريخ تسجيلها تعتبر مستقلة عن العلامة في البلد الأصلي بشرط أن تكون مطابقة للتشريع الداخلي للبلدان التي سجلت فيها.

فإذا فرض وانتهت مدة الحماية في إحدى الدول فان هذا لا يستطيع حتما انتهاء هذه المدة في الدول الأخرى وإذا فرض وكانت قوانين البلد الجديد لا تستلزم تجديد التسجيل فان العلامة تبقى محمية بغض النظر عن تجديد التسجيل أو عدم تجديده في البلد الأصلي ، وكذا تشطيب تسجيل أي علامة تجارية في دولة منها مدة لا تؤثر على سلامة تسجيلها ففي الدول المتعاقدة الأخرى وعلة ذلك أن تسجيل العلامة في بلد ما غير بلدها الأصلي يدخلها حياة جديدة بعيدة عن مؤثرات البلد الأصلي ، بل ويخضعه لنظام قانوني جديد من حيث البقاء والاستمرار ألا وهو النظام القائم في البلد الذي استوطنته.

5-  الحماية المؤقتة في المعارض الدولية
يعتبر مبدأ الحماية المؤقتة في المعارض الدولية أحد  أهم المبادئ العامة التي جاءت بها اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية وذلك ضمن مقتضيات المادة11 والملاحظ أن هذه المادة لم تتعرض لشروط اكتساب الحماية المؤقتة بحيث أوكلت هذه المهمة لتشريع كل دولة عضو في الاتحاد.

كما أعطت لكل دولة عضو في الاتحاد الدولي لحماية الملكية الصناعية أن تتخذ التدابير الضرورية والكافية لضمان الحماية المؤقتة للعلامات التجارية المقبولة في المعارض الدولية الرسمية أو المعترف بها رسميا ويظهر ذلك من خلال ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 11 من اتفاقية باريس التي تنص على أنه » يجوز لكل دولة أن تطلب ما تراه ضروريا من المستندات التي تثبت ذاتية الشيء المعروض وتاريخ إدخاله المعرض(6).

6-  العلامة المشهورة :
العلامة المشهورة هي تلك العلامة التي يعرفها عدد كبير من الجمهور والتي تتمتع بسمعة طيبة وتسمى هذه العلامة أيضا بالعلامة ذات شهرة كبيرة ،  أو علامة ذات شهرة عالية وقد تم التنصيص عليها في المادة 6   ) ثانيا ( من اتفاقية باريس والتي تنص على أن تتعهد دول الاتحاد سواء من تلقاء نفسها إذا أجاز تشريعها ذلك أو بناء على طلب صاحب الشأن ، يرفض أو إبطال التسجيل ، ويمنع استعمال العلامة الصناعية أو التجارية التي تشكل نسخا أو تقليدا أو ترجمة يكون من شأنها إيجاد لبس بعلامة ترى السلطة المختصة بالدولة التي تم فيها التسجيل أو الاستعمال أنها مشهورة باعتبارها فعلا العلامة الخاصة بشخص يتمتع بمزايا هذه الاتفاقية ومستعملة على منتجات مماثلة أو مشابهة ، كذلك تسري هذه الأحكام إذا كان الجزء الجوهري من العلامة يشكل نسخا لتلك العلامة المشهورة أو تقليدا لها من شانه إيجاد لبس بها«

كما حددت هذه المادة المدة التي يمكن لصاحب العلامة المشهورة ممارسة حقه هذا وهي مقدرة في نفس سنوات من تاريخ التسجيل في حالة التسجيل عن حسن  نية أما إذا كان التسجيل عن سوء نية فانه يحق لصاحب العلامة المشهورة أن يطالب بإبطال التسجيل متى شاء.
عرض حول العلامة التجارية
_________________________
(1) سميحة القليوبي : الملكية الصناعية- دار النهضة العربية الطبعة الثانية ص 381.
(2) – محمد محبوبي : الحماية الدولية لعلامات التجارة أو الصناعة أو الخدمة- مرجع سابق ص 31.
(3) – سميحة لقليوبي : الملكية الصناعية- مرجع سابق ص 381.
(4) حسين يوسف غانم : حماية العلامة التجارية – مرجع سابق ص97.
(5)-André FRANçON M Cours de propriété litteraire.A rtistique et industrielle Paris 1996. P 140
(6) – محمد محبوبي : النظام القانوني للمبتكرات الجديدة في ضوء التشريع المغربي المتعلق بحماية الملكية الصناعية والاتفاقيات الدولية- دار أبي رقراق للطباعة والنشر الطبعة الأولى 200ص.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.