مدة الشغل والراحة والعطل – المبحث الثاني:
لا تعتبر مدة الشغل كشرط من شروط الشغل بعد الأجور فحسب، بل لما لها من اتصال بحماية صحة العمال وتهيئة ظروف شغل مناسبة.
ولقد بدأت حركة تخفيض مدة الشغل في المجتمع العربي مع بداية تكوين النقابات، وصدرت القوانين المبكرة لتنظيم ساعات العمل كرد فعل لهذه الحركات، ولقد بدأت الحماية في سائر الدول في هذا المجال بتنظيم ساعات عمل الأحداث والنساء.
وكان لهذه القوانين أثرها على مدة الشغل بالنسبة للعمال، وبدأ الاهتمام في هذا المجال بعمال الصناعات الخطيرة والضارة بالصحة، وتدرجت إلى العمال المشتغلين بباقي فروع النشاط الاقتصادي.
أما بالنسبة للمغرب فقد ظهرت البوادر الأولى لتشريع الشغل، بظهور قانون الالتزامات والعقود المغربي وهي بوادر فرضتها الظروف الاجتماعية المستجدة فهي جاءت لتضمن حقوق اليد العاملة الأجنبية بالمغرب.
وبعد ذلك صدر ت مجموعة من الظهائر تناولت مدة الشغل بشكل مشتت.
ولاعتبارات اجتماعية واستجابة لمطالب الطبقة العاملة ولتوصيات واتفاقيات منظمة العمل الدولية[1]، تدخلت معظم التشريعات ومنها التشريع المغربي في مدونة الشغل لتضع حد أقصى لمدة العمل اليومية والأسبوعية لا يمكن تجاوزها إلا في حالة الضرورة.
ونشير إلى أنه تستهدف توقيت الشغل بطبيعة الحال تحديد مدة الشغل، وتكتسي هذه المدة في اتجاه تخفيضها أهمية كبيرة بنفس القدر الذي تكتسيه الزيادة في الأجر، حيث أصبح تخفيض مدة الشغل موضوع مطالبات المنظمات النقابية وإحدى اهتمامات المشرع في الدول الصناعية على الخصوص.
ويتمحور توقيت الشغل أساسا حول مدة الشغل التي يمكن تقديرها على مستوى اليوم أو الأسبوع أو السنة وحتى على صعيد حياة الأجير، كما أن هناك إمكانية لتخفيضها أو الزيادة في هذه المدة وذلك بشكل استثنائي.
وعليه سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص المطلب الأول لمدة الشغل أما المطلب الثاني سنتطرق فيه لفترات الراحة والعطل والتغيبات.
المطلب الأول: مدة الشغل
تعتبر مدة الشغل الوقت الفعلي الذي يوجد فيه الأجير رهن إشارة المشغل أي تلك الفترة الزمنية اليومية والأسبوعية التي يلتزم فيها الأجير بوضع خدماته تحت إمرة المشغل، وعليه سنقسم مدة الشغل إلى ساعات الشغل العادية من جهة ثم ساعات الشغل الإضافية والضائعة من جهة أخرى.
الفقرة الأولى: ساعات الشغل العادية
وهي الحد الأقصى لساعات الشغل التي حددها المشرع بحيث ميز بين القطاعات غير الفلاحية والقطاعات الفلاحية
فبالنسبة للقطاعات غير الفلاحية حدد المشرع ساعات الشغل في 2288 ساعة في السنة أو 44 ساعة في الأسبوع.[2] بعد أن كانت سابقا في 2496 ساعة في السنة أو 48 ساعة في الأسبوع، بحيث توزع المدة المحددة على مدار السنة، وحسب حاجيات المقاولة أو المؤسسة شرط ألا تتجاوز مدة العمل العادية، عشر ساعات في اليوم[3].
أما في القطاعات الفلاحية فقد حددت مدونة الشغل مدة الشغل العادية في 2496 ساعة في السنة، وذلك بذل 2700 ساعة في السنة، في النصوص السابقة، بحيث يتم تقسيم هذه المدة على فترات، بحسب طبيعة العمل الذي تتولى السلطة الحكومية المختصة تحديدها باستشارة مع المنظمات المهنية والنقابات الأكثر تمثيلا.[4]
وجدير بالذكر إلى أن تقليص مدة الشغل لا يعني بالضرورة الانتقاص من الأجر.[5]
فإذا كان المشرع قد نص صراحة على الحد الأقصى القانوني لساعات الشغل بمقتضى المادة 184 من مدونة الشغل، فإنه في نفس الوقت قد كرس نوعا من المرونة بسماحه استثناءا بالخروج عن النص للأسباب اقتصادية خاصة ، حيث بمقتضاها يجوز للمؤسسة أو المقاولة، عدم التقيد بساعات الشغل المحددة، بشرط ألا تزيد عن 12 ساعة في اليوم الواحد، وذلك في حالة الشغل المتقطع والضروري أو في حالة الأشغال المستعجلة أو إذا كانت الضرورة تقتضي القيام ببعض الأشغال التحضيرية أو التكميلية لا غنى عنها لنشاط المؤسسة[6]، إلا أن هذا الاستثناء يقتصر فقط على الأجراء الذين يفوق سنهم 18 سنة.
أما فيما يتعلق بالأجر المؤدى عن تجاوز الحد الأقصى لساعات الشغل العادية، فهو نفس سعر الشغل العادي اللهم إذا تم إعطاء الأجير في مقابلها راحة تعويضية.
بقي أن نشير إلى أن المشرع قد عاقب بغرامة من 300 إلى 500 درهم، في حالة تجاوز المدة المسموح بها، وتكرر عقوبات الغرامة بتعدد الأجراء اللذين لم يراعي في حقهم تطبيق حكم القانون، على ألا يتجاوز مجموع الغرامات 20.0000 درهم.[7]
مقدمــة
المبحث الأول: شروط الشغل وظروفه.
المطلب الأول: شروط أداء الشغل.
الفقرة الأولى: صفات أداء الشغل
الفقرة الثانية: كيفية أداء الشغل
المطلب الثاني: ظروف الشغل
الفقرة الأولى: طب الشغل
الفقرة الأولى: تدابير الوقاية والسلامة
المبحث الثاني: مدة الشغل والراحة والعطل
المطلب الأول: مدة الشغل
الفقرة الأولى: ساعات الشغل العادية
الفقرة الثانية: ساعات الشغل الضائعة والإضافية
المطلب الثاني: فترات الراحة والعطل والتغيبات
الفقرة الأولى: فترات الراحة
الفقرة الثانية: العطلة السنوية والإجازات الخاصة ورخص التغيب
خاتمــة
____________________________
[1] – اتفاقية الشغل الدولية، رقم 30 لسنة 1930، بتاريخ يوليوز 1974.
[2] – الفقرة الأولى من المادة 184 من مدونة الشغل.
[3] – مع مراعاة الاستثناءات الواردة في المواد 189 و 190 و 191 من مدونة الشغل.
[4] – الفقرة الثالثة من المادة 184 من مدونة الشغل.
[5] – الفقرة الرابعة من المادة 184 من مدونة الشغل.
[6] – عبد اللطيف خالفي، المرجع السابق، ص: 377.
[7] – المادة 203 من مدونة الشغل.