خطاب الضمان البنكي / خاتمة البحث

خطاب الضمان البنكي

خاتمـة/
من خلال ما تم استعراضه بخصوص خطابات الضمان يتضح لنا بجلاء التأثير الإيجابي الكبير لهذا النوع من الضمانات على التجارة الدولية من خلال وضع القوانين والقواعد القانونية، وتكريس الأعراف التي تساهم في تطور التجارة الدولية.
فخصوصيته المتمثلة في استقلالية التزام البنك عن العلاقة الأصلية، وما تقتضيه من عدم جواز التمسك بدفوع مستمدة من هذه العلاقة، بالإضافة إلى كونه بمثابة تأمين نقدي جعلاه يتجاوز سلبيات “التأمين الكلاسيكي” ويحقق مزايا تخدم جميع الأطراف ويفرض بالتالي وجوده في ميدان المال والأعمال.
إلا أنه على الرغم من الأهمية الخاصة التي تميز خطاب الضمان عن باقي “التأمينات الشخصية” فإن هناك معوقات حقيقية قد تحول دون نجاح هذه المؤسسة في أداء وظيفتها الأساسية كون المطالبة قد تقوم على تعسف أو غش خاصة في الضمان لدى أول طلب، بحيث أن المستفيد قد يستعمل الضمان المستقل كوسيلة للضغط على الأمر من أجل الحصول على تنازل منه بمراجعة شروط ومقتضيات تنفيذ المشروع.
فأمام هذا الوضع الذي يفرض على الضامن مراعاة مصالح عمليه، في الوقت الذي يتولى فيه حماية سمعته ومصداقيته التجارية، يتعين عليه اتخاذ كامل احتياطاته للإحتماء من آثار واجبه بالإخطار وواجبه بالوفاء بصورة تلقائية وفورية.
فكما سبقت الإشارة فالضمانة المصرفية من خلق وابتكار الممارسة البنكية الحالية التي فرضتها التطورات المتسارعة والعلاقات المعقدة التي يعرفها محيط التجارة الدولية.
لهذا وأمام غياب نصوص تشريعية تنظم هذه العمليات التي مازال يحكمها العرف التجاري ومن ثم صعوبة إيجاد حلول لعدة مشاكل قد تعوق هذه المؤسسة، فإن السؤال الذي يبقى مطروحا ويفرض نفسه بإلحاح هو كيفية التوفيق بين استقلال خطاب الضمان وما يترتب عنه من تلقيائية الدفع وعدم جواز التمسك بدفوع مستمدة من علاقة المستفيد بالعميل أو علاقة هذا الأخير بالضامن وبين حماية الأمر ضد تعسف المستفيد؟
يقترح بعض الفقه لحل هذه الإشكالية ضرورة إدخال بعض التعديلات على مقتضيات خطاب الضمان يكون من ورائها تقييد المطالبة بالوفاء.
غير أن هذا الاقتراح يبدو أنه غير مستساغ وذلك لاعتبارين أساسيين: الاعتبار الأول: ويتعلق بالمركز الاقتصادي الذي غالبا ما يتمتع به المستفيد بالنظر للمنافسة الحادة التي تسود بين المقاولات والشركات التجارية مما يتيح للمستفيد فرض نوع التأمين الذي يرغب فيه ويراه محققا لمصالحته.
أما الاعتبار الثاني: فيتجلى في كون خطاب الضمان المصرفي قد تم تكريسه من قبل الممارسة البنكية أصلا لتجاوز سلبيات الكفالة البنكية وما يطبعها من علاقة تبعية.
في حين يرى جانب آخر من الفقه ضرورة إقحام شرط التحكيم بحيث إذا وقع نزاع حول مدى أحقية المستفيد في استيفاء قيمة خطاب الضمان فإنه يتم اللجوء على إحدى جهات التحكيم المحلية أو الدولية بعدما يتم أداء قيمة الضمان إلى المستفيد بصفة مؤقتة ( ).
غير أن هذا لا يكفي لحماية الآمر خصوصا عندما يتعلق الأمر بخطاب الضمان الغير المشروط أو الواجب الدفع لدى أول طلب لذلك يبقى على الآمر فقط أن يحتاط وأن يطلب من البنك تضمين مقتضيات من شأنها حمايته دون أن تشكل عرقلة في تنفيذ خطاب الضمان، وذلك من قبيل “نلتزم بالدفع لكم لدى أول طلب مبرر يبين بدقة نوع الالتزام الذي وقع الإخلال به”.
وعلى المستوى الوطني نجد أنه بالرغم من انتشار استخدام خطاب الضمان خاصة في مجال الصفقات العمومية، إلا أننا نسجل غياب أي تنظيم قانوني لهذه المؤسسة، لذا يبقى تدخل المشرع لتقنينها -عبر قواعد قانونية مكملة- أمرا ضروريا وذلك على غرار ما قامت به بعض الدول العربية كمصر والإمارات العربية المتحدة.

قرأوا أيضا...

1 فكرة عن “خطاب الضمان البنكي / خاتمة البحث”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.