بحث عن دور الوقف في تنمية المجتمع

الوقف ودوره في تنمية المجتمع
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي وفقنا لهداه والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد اله الذي اصطفاه ربه واجتباه ورضي الله عن صحابته ومن تمسك بسنته واتبع هداه.
أما بعد،
فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولكي نقف على مدى أهمية الوقف وأثره أو دوره في تنمية المجتمع، ينبغي عليها أن نعود إلى النهج القويم الذي سنه سيد الخلق أجمعين صلوات الله وسلامه عليه و إلى السبيل الذي سلكه صحابته رضوان الله عليهم لنتعرف من خلال عملهم كيف كانوا يسارعون في الخيرات، وسعيا إلى مرضاة ربهم، وحرصا منهم على تحصيل الأجر والمثوبة من الله عز وجل ( ) واستجابة لقوله تعالى: يا أيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ( )، وقوله عز وجل: ءامنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين ءامنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير ( ).
فقد كان هذا التوجيه الرباني مدعاة لبذل المسلمين من أموالهم متخيرين أنفسها وأعزها ليقفوه على سبل الخير، ليعم نفعه ويكثر ثوابه، فكانت الأوقاف بالنسبة لهم هي المجال المتميز بكل ما يحقق الأجر والمثوبة عن صدقات الجارية، رغبة منهم في تثقيل موازينهم في يوم الحساب، ولأن رسول الله  قد امتدح من “ترك علما نشره، أو ولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لا بناء السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته” ( ).
لذلك حرص عامة المسلمين من الأثرياء على وقف الأعيان لينفق منها على جهات البر المختلفة ليجمعوا بين خير الدنيا والآخرة،
أما خير الدنيا فبالمحافظة على العين الموقوفة حيث لا تباع ولا توهب ولا تورث، وأما خير الآخرة فهو امتداد ثوابها إلى صاحبها بعد موته لقول الرسول  : “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له” ( ).
ونرى في الوقف لونا من ألوان التكافل الاجتماعي لم يسبق إليه نظام بل ولم يدانه نظام كذلك، وذلك أن هذه الشريعة السمحاء قد جاءت لتحقيق مصالح الناس في دينهم ودنياهم، لأنها بنيت على أصل عظيم وهو: جلب المصالح ودرء المفاسد( ). ومن شأن هذه الشريعة كذلك تحصيل المصالح وتكميلها، وتقيل المفاسد وتعطيلها، لأن مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش وهي عدل كلها، ورحمة كلها ومصالح كلها، وحكم كلها( ). ومما لا شك فيه أن الوقف الإسلامي كامن له دوره الكبير في خدمة الدعوة الإسلامية ورعاية العلم وطلابه، وحفظ كرامة العلماء وصيانة المؤسسات الدينية والإسلامية كالمساجد والمدارس والمشافي، ومواساة الأرامل واليتامى والفقراء والمحتاجين فقد أضفت الأوقاف على المجتمع روح الإسلام وهديه، ونشرت فيه مظلة التكافل الاجتماعي حيث أسهمت في تأليف القلوب وتوحيد الصفوف بخطى ثابتة وموفقة على طريق الخير والنماء.
والحق أن الأوقاف الإسلامية حصن حصين للمسلمين أنا أحسن القيام عليها باستثمارها وتنمية مواردها والحث المستمر على انضمام الأغنياء إلى ركابها ببعض أموالهم تقربا إلى الله تعالى واقتداء برسوله ، وصحابته رضوان الله عليهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وفي هذا البحث “الوقف ودروه في تنمية المجتمع” ونظرا لأهمية موضوعه وآثاره وما يزال يثيره ارتأينا أن نبحث فيه رغبة منا في المشاركة ولو بجزء ضئيل لإزالة الستار وتبين دور الوقف في تنمية المجتمع رغم ما عرفه هذا الأخير من تراجع في الوقت الحالي.
وتجدر الإشارة إلى أننا كنا نعتقد أن بحثنا هذا سيكون بالسهولة بمكان تناوله بالدراسة والتحليل.
إلا أننا على مستوى العلمي واجهتنا صعوبات عدة ليس في قلة المراجع ولكن لكثرتها وتشعبها وأمام هذا التعدد والتشعب أصبح من الصعب معه إيجاد المراجع التي تصب في صلب موضوعنا، إلا أنه وبفضل توجيهات أستاذنا الدكتور علي أبو العكيك، وإحالته لنا على أفيد وأقيم المراجع وأيضا بفضل الصبر والعمل والجد والمثابرة وزيارة مجموعة من الخزانات و الإدارات تمكنا منت التغلب على هذه الصعوبات والعراقيل بفضل الله.

وعلى ضوء ما توصلنا إليه وللإلمام بكل جوانب موضوع بحثنا ارتأينا أن نقسمه إلى ثلاث فصول:
الفصل الأول: أحكام الوقف
الفصل الثاني: دور الوقف في تنمية المجتمع
الفصل الثالث: تنمية الوقف وتمويله

قرأوا أيضا...

فكرتين عن“بحث عن دور الوقف في تنمية المجتمع”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.