‏الإدارة والجباية المحلية: السلطة الجبائية والضمانات الإدارية

‏الإدارة والجباية المحلية: السلطة الجبائية والضمانات الإدارية

جامعة المولى اسماعيل
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية

ماستر المنازعات

عرض بعنوان :
Administration and Local taxes
الإدارة والجباية المحلية

تحت إشراف الدكتور: ‏
احمد حضراني

اعداد الطلبة :
م. عبد المجيد   &    ع. عبد الاله   &   ع. عبدالغني

السنة الجامعية
‏2009/2008‏

تقديم
‏أصبح دور اللاّمركزية في عصرنا الحاضر يتزايد يوما بعد آخر في البناء‎ ‎الديمقراطي العام ‏للدولة. فتشعب مهام الدولة وتكاثر مسؤولياتها أدى بها إلى ترك جزء‎ ‎من الوظيفة الإدارية ‏والاجتماعية والاقتصادية إلى وحدات إدارية وترابية تعتمد‎ ‎التمثيلية عبر آلة الانتخاب، بحيث ‏يصبح لممثلي السكان اختصاصات موسعة في مختلف‎ ‎المجالات . إن تعدد وازدياد أدوار ‏الجماعات المحلية في كل التجارب التي تأخذ‎ ‎باللاّمركزية أدّى إلى اعتماد آليات مالية مهمة تمكن ‏هذه الجماعات من موارد تستطيع‎ ‎من خلالها القيام بهذه الأدوار ،فاللامركزية الإدارية ليست فقط ‏متسع الحريات اللازمة للهيأت المحلية لاتخاذ القرارات التي تهم تدبير الشؤون المحلية إنما هي ‏بالإضافة إلى دلك تتطلب إعطاء الهيأت المحلية السلطات و الإمكانيات المالية اللازمة للقيام ‏بالمهام المنوطة بها على الوجه المطلوب خاصة ما يتعلق بالسلطة الجبائية المحلية‏ ‏, والمغرب ‏كغيره من البلدان التي أخذت بنظام اللاّمركزية‎ ‎راكم تجربة على هذا المستوى وخصوصا على ‏المستوى الإداري والذي يصاحبه تطور‎ ‎وفعالية على المستوى المالي وهده التجربة في الممارسة ‏المالية المحلية في شقها‎ ‎الجبائي تعود إلى مراحل ماقبل الحماية حيث كانت ضرائب دينية وزمنية ‏كانت مجالا‎ ‎للصراع السياسي والاقتصادي بين المخزن وما يسمى” ببلاد السيبة”. غير أن النظام‎ ‎الجبائي بمعناه الحديث لم يعرفه المغرب إلا ّمع مؤتمر الجزيرة الخضراء لسنة 1906 تمثل في ‏‎ ‎مجموعة من الضرائب خصوصا الضريبة الحضرية التي أصبحت البلديات تستفيد من جزء منها‎. ‎أما في عهد الحماية وتطبيقا لبنود معاهدة فاس لسنة 1912 حيث صدر ظهير 27 مارس 1917‏‎ ‎الذي أحدث رسوم وضرائب محلية. لكنها لم تف بالغرض ليصدر ظهير 29 دجنبر 1948 ليدخل‏‎ ‎اصطلاحات عميقة على الجبايات المحلية غير أن الهدف من هذه الإصلاحات كان هو‎ ‎المردودية ‏المالية باعتبار أن هدف المستعمر أساسا الاستغلال بالدرجة الأولى. ومع‎ ‎حصول المغرب على ‏الاستقلال صدر ظهير 23 مارس 1962 الذي أكد في فصله الأول على أن‏‎ ‎تأسيس كل أداء بلدي ‏يجب أن يتم بموجب ظهير شريف وليسرد بعد ذلك لائحة من الأداءات‎ ‎والضرائب الواجب ‏عرضها كرسم النظافة وأخرى اختيارية كالأداء عن الإغلاق المتأخر‎. ‎

وفي سنة 1978 حاول المشرع فرض ضريبة عقارية لفائدة الجماعات المحلية لكنها ‏اصطدمت‎ ‎بمقاومة لوبي العقار بالمغرب، وصدر قانون 89.30 محكوما بظرفية داخلية وخارجية ‏حدت من‎ ‎دوره في الدفع باللاّمركزية بالمغرب. إلا أن أنه وبالنظر إلى الصعوبات والإكراهات ‏التي عرفها قانون رقم 30.89(‏ ‏) ولاسيما من حيث التطبيق ونتيجة إلى ما عرفه المغرب من ‏إصلاحات في المجال الضريبي خلال الثمانينات من القرن الماضي، وكذا الاختصاصات الواسعة ‏التي أصبحت تضطلع بها الجماعات المحلية بعد التعديل الدستوري سنة 1996 في مجال التنمية ‏الشاملة، أصبح معه القانون رقم 30.89 متجاوزا وعجلت بصدور قانون الجبايات المحلية رقم ‏‏47.06 والذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2008(‏ ‏).‏
‏ وما تجدر الإشارة إليه أن موضوع الجبايات المحلية من المواضيع التي استرعت اهتمام كل ‏المسؤولين سواء على مستوى وزارة الداخلية باعتبارها الوزارة الوصية على الجماعات المحلية ‏أو على مستوى المسؤولين بالمجالس الجماعية (‏ ‏).وسنحاول في هدا العرض تجاوز المنطق ‏الوصفي أو السردي للقانون المتعلق بالجبايات المحلية06/47 إلى البحث في مدى‎ ‎قدرة هدا ‏القانون على تجاوز حدود ظهير 1989 من خلال الإجابة على الإشكال المركزي‏‎ :‎
هل الإصلاحات الجبائية المحلية تعكس رؤية إستراتيجية للدفع بدور‏‎ ‎اللاّمركزية في التنمية؟ أم أن ‏الأمر مرتبط بتدبير أزمات عبر إصلاحات سرعان مايتم‏‎ ‎اعلان افلاسها؟ من خلال خطة البحث ‏التالية:‏

التصميم:‏
مقدمة :‏
المبحث الاول : أطراف العلاقة الجبائية المحلية
‏ المطلب الأول: الإدارة الجبائية المحلية ‏
‏ الفقرة الثانية : سلطة الادارة الجبائية
‏ المطلب الثاني: المكلف بالجبايات المحلية
‏ الفقرة الاولى : الضمانات الادارية ‏
‏ الفقرة الثانية: الضمانات القضائية‏
‏ المبحث الثاني :تقيم الإصلاح الجبائي المحلي ‏
‏ المطلب الأول:المرتكزات والمبادئ المؤطرة لقانون رقم 06.47‏
‏ فقرة أولى : تبسيط الجبايات المحلية وتحسين مردوديتها‏
فقرة ثانية: مطابقة الجبايات المحلية لإطار اللامركزية :‏
فقرة ثالثة: ملاءمة الجبايات المحلية مع حاجيات الدولة‏
‏ المطلب الثاني :سلبيات الإصلاح الجبائي المحلي رقم 06.47 ‏
‏ فقرة أولى: محدودية توسيع الوعاء الجبائي المحلي ‏
‏ فقرة ثانية : تكريس الفوارق الجبائية بين الجماعات المحلية ‏
‏ فقرة ثالثة:القانون الجبائي المحلي ومطلب تحقيق العدالة ‏
خاتمة:‏
المبحث الأول: أطراف العلاقة الجبائية المحلية
‏ إن أي علاقة جبائية تتمركز على طرفي نقيض بين الملزم والإدارة الجبائية هده ‏العلاقة حتمية تفرضها القوانين والتنظيمات الضريبية والتي تتعلق بمهام الإدارة الجبائية المتمثلة ‏في تحديد أساس فرض الضريبة وتصفيتها، وتحصيلها من الملزمين.‏
فالإدارة الجبائية بمناسبة تدبيرها للرسوم أو الضرائب تملك سلطات واسعة حسب القانون الجديد ‏‏06. 47 : التصفية، التحصيل، الفحص، المراقبة، توقيع الجزاءات والعقوبات. ‏
‏ تستخدمها إزاء ملزم مثقل بالإلتزامات، مما يؤدي إلى العديد من ردود الفعل النفسية السيئة ‏للملزم إزاء الضريبة والإدارة الجبائية معا، لهذا ولتحقيق المردودية الجبائية يتعين تحسين ‏العلاقة بين الطرفين وذلك بتهيئة السبل والوسائل لتلطيف تلك العلاقة وإقامة جسور الحوار ‏والتواصل بين الجانبين.‏

المطلب الأول: الإدارة الجبائية المحلية
‏ الإدارة الجبائية في معناها العام تعتمد في قيامها بمهامها على عناصر بشرية ممثلة في ‏موظفيها وكذلك على هياكل وبنيات إدارية معينة تتجسد في الأقسام والمصالح المختصة، كما ‏تعتمد أيضا على صلاحيات وسلطات خولها لها القانون.‏

الفقرة الأولى:مكونات الإدارة الجبائية ‏
يقصد بالإدارة الجبائية مجموع الأجهزة المتدخلة في تدبير الجباية المحلية بدء من أجهزة ‏الوعاء المحلي , مرورا بتصفيته , وانتهاء باستيفائه من ذمة الملزم ,ونجد المشرع الجبائي في ‏مجال الجبايات المحلية ومن خلال المادة 167 من القانون رقم 06.47 يقصد بالإدارة نوعين من ‏المصالح الإدارية تلك المصالح التابعة لمديرية الضرائب بالنسبة للرسوم المهنية ورسم السكن، ‏ورسم الخدمات الإجتماعية، وكذا المصالح الجبائية التابعة للجماعات المحلية بالنسبة لباقي ‏الرسوم المذكورة في ذات القانون، ومن خلال هذا المطلب سنبين مكونات الإدارة الجبائية ثم ‏السلطات المخولة لها لممارسة مهامها بالشكل المطلوب
لقد أوكل المشرع مهام تطبيق وتنفيذ النص القانوني المتعلق بالجباية المحلية إلى إدارة ‏جبائية، وحدد الساهرين عليها في الأمرين بالصرف سواء عمال العمالات والأقاليم ورؤساء ‏الجماعات الحضرية والقروية، وعمال مراكز الجهات، وهي فئة ذات طابع سياسي وكذا أجهزة ‏تقنية محلية تتجلى في القابض ووكلاء المداخيل.‏

أولا: جهاز الآمر بالصرف
يمكن الحديث في هذا الصدد، وتماشيا ما حدده المشرع عن الآمرين بالصرف المنتخبون ‏والآمرون بالصرف المعينون.‏
يعتبر رؤساء المجالس الجماعية آمرين بالصرف للميزانية، ويتخذون القرارات لأجل تحديد ‏سعر الرسوم وتعرفة الواجبات ومختلف الحقوق طبقا للنصوص التنظيمية المعمول بها إضافة ‏إلى مهام أخرى مسندة إليهم في مجالات متعددة ومتنوعة‏
وبحكم صلاحية رؤساء المجالس الجماعية في مجال اتخاذ القرارات الجبائية المحلية من ‏أجل تحديد سعر الرسوم، إضافة إلى القيام بعمليات الإثبات والتصفية للرسوم المحلية(‏ ‏)، فإن ‏المنطق السليم المتماشي مع تدعيم اللامركزية الإدارية وتحقيق المردودية الجبائية يقتضي التوفر ‏على كفاءات علمية وتقنية في هذا المجال، وإن كان الميثاق الجماعي ‏ قد جاء بعدة إصلاحات في ‏هذا المجال بفرضه توفر الشهادة الإبتدائية في المرشح لرئاسة المجالس الجماعية فإنه مع ذلك لم ‏يستطع تجاوز مجموعة من الإخلالات التي تطرحها عملية تسيير دواليب المجالس المحلية، ولا ‏سيما منها الجانب الجبائي

‏1-الآمرون بالصرف المعينون‏
يعتبر العمال سواء عمال العمالات والأقاليم أو عمال مراكز الجهات أجهزة معينة في إطار ‏اللامركزية الإدارية من خلال ظهائر شريفة باقتراح من وزير الداخلية، واستنادا إلى ظهير ‏‏1977 المتعلق باختصاصات العمال فقد أصبح هؤلاء إضافة إلى ممثلين لوزارة الداخلية، ممثلين ‏لجلالة الملك ومندوبين للحكومة، وقد أصبح العمال بعد التعديل الدستوري لسنة 1996، ممثلون ‏للدولة في العمالات والأقاليم والجهات ويسهرون على تنفيذ القوانين، والمسؤولون عن تطبيق ‏القرارات الحكومية وتسيير المصالح والإدارات التابعة للإدارات المركزية، وبوصفهم آمرين ‏للصرف فهم منفذين لميزانيات العمالات والأقاليم والجهات ويقومون بموجب ذلك باتخاذ ‏القرارات الجبائية الإقليمية والجهوية
وهكذا نستنتج أن تسيير حقل الجبائية المحلية ثم إسناده للآمرين بالصرف منتخبين ومعينين، ‏وإن كان الأمر يتطلب اقتصار إسناد الجبائية المحلية لفائدة الأجهزة المنتخبة بحكم نوعية وكم ‏الرسوم المحلية المستحقة لفائدة الجماعات الحضرية والقروية مقارنة مع تلك المستحقة للعمالات ‏والجهات، تماشيا مع تدعيم الديمقراطية المحلية وتحميل ممثلو السكان كامل المسؤولية في هذا ‏الباب.‏

ثانيا: الأجهزة التقنية المحلية
إذا كان الآمرون بالصرف (معينون أو منتخبون) يقومون بعمليات تصفية المادة الجبائية ‏فإن المحاسبين العموميون هم الذين يقومون بعمليات التحصيل وذلك عملا بمبدأ الفصل بين العمل ‏الإداري والسياسي، ويمكن الحديث في هذا الصدد عن القباض (المحاسبين العموميين)، ووكلاء ‏المداخيل الجماعيين.‏

يعتبر القباض موظفون تابعين لوزارة المالية، يشرفون على التسيير المالي للجماعات كتنفيذ ‏الميزانية بشقيها المداخيل والنفقات ويمارسون رقابة على الآمر بالصرف ووكلاء المداخيل، ‏وبالتالي هم محاسبون عموميون يخضعون لقواعد المحاسبة العمومية ويتحملون مسؤوليتهم أمام ‏القضاء المالي(‏ ‏)، ‏

‏2–وكلاء المداخيل‏
يعتبر موظفا جماعيا يعمل تحت إشراف السلطة الرئاسية للآمر بالصرف ويتم تعيينه بالكيفية التي ‏يتم بها إنشاء وكالة المداخيل الجماعية بمقرر صادر عن وزير الداخلية باقتراح من الأمر ‏بالصرف بعد تأشيرة وزير المالية ‏
‏ ‏
الفقرة الثانية :سلطة الإدارة الجبائية‏
يتحدد الوعاء الجبائي من خلال طرحين اساسين الأول يتعلق باهتمام الملزم بالواقعة المنشئة ‏للرسوم المحلية بواسطة آلية الإقرار أما الطرح الثاني فيتم من طرف الإدارة عبر تقنية الإحصاء ‏لكن في بعض الحالات تقوم الإدارة الجبائية بإرادتها المنفردة بتحديد المادة الجبائية المحلية وذلك ‏عن طريق التقدير الجزافي في حالة امتناع الملزم عن الإدلاء بالتصريح ، إضافة إلى هذه ‏السلطات المهمة فقد منح لها القانون الجديد المتعلق بالجبايات المحلية سلطات أخرى تتجلى أساسا ‏في سلطة التسعير وسلطة التحصيل ‏

سلطة التسعير : ‏
لقد ترك المشرع أمر تحديد أسعار بعض الرسوم للجماعات المحلية إما على أساس قيمي أي قيمة ‏المادة الضريبية محددة بالعملة ويطبق السعر بنسبة مائوية معينة من هذه القيمة وهذه لرسوم تمس ‏بالدرجة الأولى مجالات ذات أهمية بالغة من عقارات و ترفيه وسياحة ونقل وتجارة ، ويتضح إن ‏التقدير القيمي هو النظام الأمثل لتحديد الأسس الجبائية المحلية لكنه نظام أكثر تعقيدا وصعوبة مما ‏حذا بالمشرع إلى مزاوجته بنظام التقدير النوعي في تسعير الرسوم المحلية عن طريق تطبيق ‏الجباية على وحدة المدة الخاضعة للرسم مثل الوزن أو الحجم ويحتسب السعر النوعي بمبلغ مالي ‏مباشر على هذه الوحدة بغض النظر عن قيمتها كأن يحدد السعر في 20 درهم للمتر مربع من ‏المادة الخاضعة للرسم المحلي ‏. ‏

سلطة التحصيل:
يقتضي التحصيل الجبائي المحلي لمختلف رسوم الجماعية نهج المساطر المنصوص عليها في ‏مدونة تحصيل الديون العمومية ونقصد بذلك المسطرة العادية التي تلجأ إليها الإدارة الجبائية ‏المحلية من اجل استخلاص الرسوم بطريقة ودية إذا تم الأداء داخل الأجل المحددة قانونا بناءا ‏على جداول الرسم المحلي وتاريخ استحقاقه، لكن في حالة عدم تمكن الإدارة من تحصيل ديونها ‏بالطريقة الودية فان اللجوء إلى مسطرة التحصيل الجبري يبقى الملاذ الأخير من اجل إكراه ‏الملزم على أداء ما بذمته من ديون محترمة في ذلك مختلف درجات التحصيل الجبري التي ‏حددتها المادة 39 من مدونة التحصيل مرتبة كالتالي الإنذار _ الحجز _ البيع الإكراه البدني

المطلب الثاني: الملزم بالجبايات المحلية
إن فكرة الملزم بالضريبة سواء محلية أو وطنية، يثير مفهوم السلطة العمومية والقرار ‏الأحادي للإدارة كأداة لعمل السلطة التنفيذية الساهرة على تطبيق القانون الضريبي المحلي ‏والوطني. فهذه النظرة التقليدية نابعة من كون الأفراد الخاضعين للضريبة أو الرسوم يتكون لديهم ‏ذلك الشعور النفسي بالتقزز والنفور من قواعدها لأنها تقتطع من دخولهم وأرباحهم المحققة ‏بمجهودهم الفردي لاعتبارات المصلحة العامة التي لا يرونها في بعض الأحيان مجسدة أمامهم ‏في منافع وخدمات يستفيدون منها مباشرة لقاء مساهمتهم في تلك التحملات العمومية، فمن هذا ‏المنطلق يتقلص الوعي الجبائي لارتباطه بحسن تدبير النفقات العمومية الذي يختلف عن تدبير ‏الموارد العمومية، وهذا المفهوم في العلاقة الجبائية الذي يجعل الفرد يحس أنه إن كان يتعامل مع ‏إدارة أقل شعبية فإنه بالمقابل يعترف لها بالمشروعية في مباشرة أعمالها ووجوب إسداء الإحترام ‏لها.‏

وفي ذات السياق تنبني العلاقة في معظم مراحلها بين الإدارة الجبائية والملزم على محاولة ‏تحقيق التوازن بين المردودية أي مصلحة الإدارة وبين العدالة الجبائية أي مصلحة الملزم، وهنا ‏يطرح الإشكال حول كيفية الوصول عبر الضمانات القانونية لتحقيق منظومة جبائية محلية تضمن ‏للخزينة والجماعة مردودية جبائية دون ضغط جبائي مرهق للملزم يدفعه إلى الإنحراف ‏الضريبي، إلا أن هذا الأمر وارد لتباين الأهداف لكل طرف على آخر فالخزينة ترمي التحصيل ‏التام لواجباتها والملزم يرمي إلى تكوين رأسمال دون إكراهات جبائية وضغط ضريبي مرتفع، ‏واستنادا لمبادئ العدالة والإنصاف فإن التشريعات الجبائية تنص على بعض الحقوق للملزم ‏ضمانا له ضد تعسف وجور وإجحاف الإدارة، إن رغبة المشرع في الإرتقاء بالرسوم المحلية ‏عن مضمونها الكلاسيكي القائم على الأداء دون المجادلة في شرعيتها كانت وراء إقراره ‏لمجموعة من الضمانات1‏

فقر ة أولى -الضمانات من خلال التظلمات الإدارية:‏
يمكن اعتبار طلب المراجعة المقرر أمام الآمر بالصرف والطعن أمام اللجان المحلية لتقدير ‏الضريبة من بين أهم الضمانات المقررة للملزم من خلال قانون 06. 47 والتي عبر من خلالها ‏المشرع عن نيته في إشراك الملزم كفاعل أساسي في البناء التنموي.‏

فقرة ثانية- الضمانات القضائية:‏

إن إقرار المشرع لمرحلة قضائية بشأن النزاع المرتبط بالجبايات المحلية ضمانة أساسية في اتجاه ‏ترسيخ عدالة جبائية وحماية قانونية للملزم ويتجلى ذلك في إحداث المحاكم الإدارية وإسنادها ‏اختصاص النظر في كل المنازعات الجبائية.

للإطلاع على المبحث الثاني
تقييم الإصلاح الجبائي المحلي: الإيجابيات والسلبيات

قرأوا أيضا...

1 فكرة عن “‏الإدارة والجباية المحلية: السلطة الجبائية والضمانات الإدارية”

  1. السلام عليكم السادة الأساتذة الكرام شكرا لكم على هذا العمل القيم أريدكم موافاتي بشيئ عن النظام الجبائي المحلي التونسي إذا كان في الإمكان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.