فالتسوية الودية تعتبر من مساطر الوقاية من الصعوبات أو مساطر الإنقاذ حيث يطلق عليها في تونس الإنقاد الرضائي وهي مسطرة تعاقدية ارتفاق ودي لا يخضع للإجراءات الشكلية المعقد التي كانت تهيمن على نظام الصلح القضائي في الإفلاس ولا للشهر من الإجراءات العقيمة التي قد تحول دون التوصل الرضائي إلى اتفاق ودي مستعجل للتسوية يتناسب مع الأخطار التي تلوح في أفق المقاولة إلا أن هذا الاتفاق يحتاج إلى تصديق رئيس المحكمة التجارية والإيداع لكتابة الضبط المحكمة التجارية المادة 556 م ن لضمان المصداقية والشفافية […]
التسوية الودية للمنازعات التجارية
المبحث الأول : التسوية الودية كصورة للوقاية الخارجية من الصعوبات
[…] والإيداع لكتابة الضبط المحكمة التجارية المادة 556 م ن لضمان المصداقية والشفافية اللتين توخاهما المشرع من إقحام القضاء في المسطرة .
لهذا سأتناول :
– شروط التسوية الودية ( المطلب الأول)
– إبرام اتفاق التسوية الودية ( مطلب ثاني )
المطلب الأول : شروط التسوية الودية
بالرجوع إلى ق م ت هناك شروط موضوعية ( فقرة أولى) واخرى شكلية ( فقرة ثانية )
الفقرة الأولى : الشروط الموضوعية
1-طبقا للمادة 550 التي جاء في مطلعها ” يكون إجراء التسوية الودية مفتوحا أمام كل مقاولة تجارية او حرفية ” ولذلك فإن كل مقاولة تجارية أو حرفية فردية أو جماعية اتخذت شكل شركة ذات شخصية معنوية او شركة محاصة بالإضافة للمقاولات على الشياع تخضع للتسوية الودية
2- يجب أن تكون المقاولة تعاني من صعوبات قانونية اقتصادية أو مالية أو لها حاجيات لا يمكن تغطيتها بواسطة تمويل يتناسب إمكانياتها
3- عدم توقف المقارولة عن أداء ديونها م 550 ” من دون ان تكون في وضعية التوقف عن الدفع ” فمسطرة التسوية تهدف إلى عدم الوصول إلى مرحلة التوقف عن الدفع التي تعتبر شرطا لفتح المسطرة القضائية إما بالتسوية أو بالتصفية .
الفقرة الثانية : شروط الشكلية
إن المقاولة لم تصل بعد إلى مرحلة التوقف عن الدفع فهي تعرف صعوبات قد تخل باستمراريتها، لأنه لا يوجد نزاع بين المدين ( رئيس المقاولة) والدائنين فالتسوية الودية مسطرة سرية كي لا تتأثر المقاولة فيما يخص الحصول على القروض هكذا تحرر هذه المسطرة بين تقديم طلب يفتح مسطرة التسوية ( أ) وتعيين المصالح ( ب) .
أ- تقديم طلب يفتح مسطرة التسوية الودية
نصت الفقرة الثانية من المادة 550 على ما يلي :” يتقدم رئيس المقاولة بطلب إلى رئيس المحكمة، يعرض فيه وضعيتها المالية والاقتصادية والاجتماعية والحاجيات التمويلية وكذا وسائل مواجهتها “. هكذا فرئيس المقاولة هو الذي يتقدم بطلب إلى رئيس المحكمة . ولا يملك هذا الحق لا الدائنون ولا الإجراء ولا النيابة العامة، ولا المحكمة في شخص رئيسها.
كما يجب أن يكون الطلب مكتوبا متضمنا لجميع البيانات التي توضح وضعية المقاولة من الناحية المالية والإقتصادية والاجتماعية .
وحتى يكون لرئيس المحكمة فكرة مكتلمة عن وضعية المقاولة يقوم باستدعاء رئيس المقاولة لتلقي الشروحات الإضافية والحصول على المعلومات الكاملة سواء، منها شخصيا أو من أية جهة أخرى مقيدة كما يملك حق تعيين خبير تقريرا عن وضعية المقاولة( م 552 م ت ) ولا يمكن أن يواجه هذا الأخير بالسر المهني.
ب – تعيين المصالح
يأمر رئيس المحكمة بالتجارية بمجرد ما يتبين أن اقتراحات رئيس المقاولة من شأنها أن تسهل تصحيح وضعية المقاولة، يفتح إجراء التسوية الودية ويعين المصالح م 553 الذي توكل إليه مهمة التقريب والتفاوض بين المقاول المدين وبين دائنيه لإنقاد المقاولة المتعثرة
وإن كان التشريع يكلف رئيس المحكمة التجارية بتحديد مهمة المصالح ( 554 م) في مسطرة التسوية الودية ، كما هو الشأن في مهمة الوكيل الخاص في مسطرة الوقاية الخارجية، فإن تدخله كان بارزا وصارما سواء فيما يتعلق بالمهمة ذاتها، وبأجلها، في المسطرة الأولى على خلاف الثانية .
لقد منح المشرع سلطة واسعة لرئيس المحكمة التجارية في مسطرة الوقاية الخارجية تيدوا من قراءة المادة 549 م ت التي جاء فيها ” عينته رئيس بالمحكمة بصفتخ وكيل خاص وكلفه بمهمة وحدد له أجلا لإنجازها” وبمعنى آخر بأن المهمة والأجل يخضعان في هذه المسطرة لكامل السلطة التقديرية لرئيس المحكمة دون شرط أو قيد أما مهمة المصالح وأجلها فتخضع لقيود قد يبررها التدخل القوي للدائنين في مسطرة التسوية الودية دون مسطرة الوقاية الخارجية ( إذ ترتكز مهمة الوكيل الخاص في تخفيف الاعتراضات المحتملة للمتعاملين المعتادين مع المقاولة لأعلى إبرام اتفاق ودي الذي هو موضوع التسوية الودية لا تجرء إلا على المقاولات التجارية التي تتخذ شكل شركة في حين أن سائر المقاولات التجارية، كانت فردية أو جماعية على الشياع، اتخذت شكل شركة أم لا تخضع لهذه المسطرة على غرار ما بين سابقا ، وطبقا للمادة 550 التي جاء في مطلعها : ” يكون إجراء التسوية الودية مفتوحا أمام كل مقاولة تجارية وحرفية … “.
وإذا كان المصالح يعمل على تسهيل سير المقاولة ( م 554 م ) سواء كانت فردية او جماعية أو اتخذت شكل شركة ، فلا يعني هذه المهمة تولي إدارة المقاولة وتسيير شؤونها ولا التصرف في أموالها أو التدخل في هذه التصرفات التي تبقى حقا خالصا للمقاول او المسير .
ويدفع نقل مهمة المصالح إلى التساؤل عن هويته وسنه ومؤهلاته العلمية وخبرته وغيرها من الصفات والمناقب التي تقاعس المشرع عن تنظيمها بل سكت عن الإشارة إليها، بأن وضع في يد رئيس المحكمة التجارية كامل سلطات الاختيار المصالح ، أو الموقف الصالح لهذه المهمة، ولا يمكن أن يقع والاختيار السليم الأعلى ذوي الخبرة والتأهيل والنزاهة القادرين على تحليل المعلومات الاقتصادية والمالية والاجتماعية ( والقانونية وعلى الاقناع وبراعة التفاوض والحنكة في إدارة النقاش لتحقيق الانقاد المنشود وإزاحة صعوبات المقاولة المتعثرة
ويتبين من هذا العرض أن سلطة رئيس المحكمة التجارية لا ترتبط بقيود ولا بحالات التنافي وغيرهما. وتخضع فقط لقناعة وضمير وتقدير هذا الأخير الذي قد يرجع أخذ القضاة العاملين او المتعاقدين أو احد المحامين او احد العمال أو رئيس نقابة إن كان النزاع اجتماعيا أو أحد الخبراء في المحاسبة أو أحد ( المحاسبين ) المديرين والمسيرين لأحد المؤسسات أو الإدارة سواء كانت عامة أو خاصة أو أي شخص أخر من ذوي الخبرة سواء كان شخصا طبيعيا او معنويا .
وتنتهي مهمة المصالح إما بفشل الصلح الودي مما قد يؤدي لإيداع الحساب الختامي وإعلان توقف المقاولة عن أداء ديونها أو يؤدي إلى التسوية الودية .
المطلب الثاني : في إنجاز وإبرام اتفاق التسوية الودية
يباشر المصالح بمجرد تعيينه مهمته الصعبة والجوهرية التي تروم إبرام الاتفاق الودي بين المدين وسائر الدائنين أو بينه وبين الدائنين الرئيسين فحسب ، بأن يعرض على هؤلاء اقتراع أو قيود الأجال الجديدة والتخفيض من الديون والاثنين معا
ولا يعد المصالح طرفا في الاتفاق وإن وقعه ولا وكيلا لواحد أو أكثر من أطراف المفاوضات ولا يسوغ له، تبعا لذلك ، الدفاع عن نظرية أحد الأطراف المتفاوضة ولا يملك أية سلطة تحكمية أو تقريرية تجيز لأطراف على قبول أرائه او ما يقترحه أو يرتضيه. ( بل إن الفقه الفرنسي يمتعه حتى من التشاور مع الأغيار ، الذي يستمد من صياغة المادة 554 ق 2 ) وتقتصر إذن مهمته على التوفيق بين الأطراف أو عرض المقترحات المختلفة وبيان إمكانيات المقاولة المالية والاقتصادية وصياغة البنود ومقتضيات المحتملة الاتفاق الودي التي ارتضاها الأطراف واختيار طرق عمله ووقتها والدائنين الذين سيحاورهم فرادى أو جماعة سائر الدائنين أوالرئيسين فقط.
وإذا كان المصالح لا تستشير الأغيار خوفا من المنافسة وحفاظا على سمعة المقاولة وسرية المسطرة فإن التشريع أباح له الفرصة للتزود بكل ما يحتاج إليه من المعلومات وحدد له مصدرها في رئيس المحكمة التجارية الذي يطلع المصالح على كافة المعلومات المتوفرة لديه وإن اقتضى الحال على نتائج الخبرة المشار إليها في المادة 552 من مدونة التجارة والمادة 554 من مدونة التجارة ) تلك المادة التي تجيز لرئيس المحكمة التجارية تكليف خبير لإعداد تقرير عن الوظيفة الاقتصادية والاجتماعية والمالية للمقاولة.
وإذا رأى المصالح أو المرفق أن الوقف بالمؤقت للإجراءات من شأنه تسهيل إجرام الاتفاق يمكنه أن يعرض هذا الامر على رئيس المحكمة التجارية المادة 555 من مدونة التجارة ولأغراض أن تمكين المصالح من هذه المبادرة يعزز سلطته المعنوية ومنحتها نوعا من الثقة والمصداقية ويخلق روح التفاهم، وقد بحث الأطراف على البحث عن اتفاق ودي ينقذ المقاولة ويحقق مصالح الجميع.
ولا يلزم طلب الوقف المؤقت للإجراءات رئيس المحكمة التجارية، الذي يملك سلطة كاملة لقبوله ورفضه حسب ظروف ووضعية المقاولة وبمعنى آخر يجوز لهذا الأخير بعد الاستماع لرأي الدائنين الرئيسيين ( كمصلحة الضرائب ، والضمان الاجتماعي والبنوك والخزينة العامة والمستخدمين ذوي الأجور العالية والموردين وغيرهم أن يصدر أمرا يحدد الوقف في أجل لا يتعدى مدة قيام المصالح بمهمته هذه المدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر حسب الأحوال.
ويلاحظ ان الفقرة الثانية من الم555 من مدونة التجارة جاءت مخالفة لذات الفقرة الواردة في المشروع الحكومي ولمثيلتها في المادة 36 من القانون الفرنسي لفاتح مارس 1984 ( تعديل 10 يونيو 1994) فمدونة التجارة الجديدة استعملت حرف “و” بين الوقف والمنع كلاتي :”يوقع هذا الأمر ويمنع ” إن المشروع الحكومي والقانون الفرنسي فاستعملا حرف ” أو ” كالآتي : يوقف هذا الأمر ويمنع cette ordonance suspend au interdit ويدفع هذا التباين في الصياغة إلى التساؤل عن مدى تأثيره على المضمون او الجوهر ؟
ولا يترتب عن اختلاف الصياغة الفنية أعلاه أي تأثيره على المضمون أو الجوهر فالأمر بالوقف المؤقت للإجرام يوقف .
– الدعاوي التي سبق رفعها
– وإجراءات التتقيذ التي سبق أن شرع في إنجازها
– ويمنع كذلك رفع وآقامه الدعاوي الجديدة
– أو البدء في مباشرة إجراءات التتقيد الجديدة
ويسري الأمر بالوقف المؤقت للإجراءات تجاه سائر الدائنين خلال أجله ( المادة 555 و 553) سواء كانوا رئيسيين أو غير رئيسين ومهما كانت طبيعية ديونهم سواء كانت عادية او ممتازة او مثقلة برهون.
ولا يقبل الأمر الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بالوقف المؤقت لإجراءات أي وجه للطعن، لأن الطعن يتنافى مع طبيعة المسطرة التي تروم إنقاد المقاولة بسرعة ولقصر مدته التي لا يجوز أن تتجاوز في كل الأحوال أربعة أشهر وبعبارة أخرى لانتهائه بانتهاء مدة المصالح، ولكون المقاولة غير متوقفة عن النفع او الأداء زيادة على أن المسطرة ترمي إلى إبرام اتفاق ودي لا البث في نزاع معروض على رئيس المحكمة وأن عدم وقف الإجراءات قد يضر بسيرها وتحقيق الغاية منها، وفضلا عن كل ذلك فإن استشارة الدائنين الرئيسيين والاستماع لرأيهم ينير الطريق اتخاذ القرار ويشكل مرتكز قبول أو رفض الوقف المؤقت للإجراءات قد يوت هؤلاء هي التي ترهق كاهل المقاولة لا الديون الثانوية للدائنين غير الرئيسيين
ويوصف وقف الإجراءات هذا بالمؤقت لأن مدته لا تزيد عن ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر على الأكثر ، إن اقتضت الظروف ذلك وترتب عن الأمر الصادر بالوقف المؤقت للإجراءات عديد من الآثار نمها ما يتعلق :
– بالمدائنين
– ومنها ما يتعلق بالمدين .
* الآثار المتعلقة بالدائنين
تتجسد الاثار المتعلقة بالدائنين فيما يلي :
1- يوقف هذا الأمر أو يمنع ، حسب الأحوال السابقة بيانها كل دعوى قضائية يقيمها سائر أو جميع الدائنين ذوي دين سابق للأمر تكون غايتها
– الحكم على المدين بسداد مبلغ مالي
– فسخ العقد لعدم سداد مبلغ مالي
ويكون من المفيد الإدلاء بملاحظتين هنا تتعلق الأولى بطبيعة الدين موضوع الوقف المؤقت للإجراءات : والثانية بنطاق هذا الوقف أو المنع .
نجد فيما يتعلق بالملاحظة الأولى، أن وقف أو منع الدعاوي القضائية لا يجري سوى على الدائنين ذوي الديون السابقة عن صدور الأمر ، أما الدائنون أصحاب الديون اللاحقة للأمر فلا يخضعون له ، ولا يطبق عليهم تفاديا للأضرار بالإئتمان الضروري لإتقان المقاولة المتعثرة
(فالمقاولة المتعثرة، والتي تعافي من الصعوبات ، أو التي تحتاج إلى الأموال قصد تمويل مشاريعها أو توسيعها ،تكون في هذه الفترة الحرجة في حاجة ماسة إلى قروض جديدة لإنقاذها وتصحيح وضعيتها وإلى تدخل مؤسسات بنكية أو مالية جديدة للمساهمة في تصحيح وضعيتها أو تغطية حاجياتها ) ولا يمكن وبالحالة هذه ، تشجيعها على التدخل لو أن وقف أو منع الدعاوي شمل إلى جانب الديون السابقة عن الأمر ، حتى الديون اللاحقة له ، الأمر الذي إنتبه إليه المشرع في حكمة وحتكة ، فحصر مفعول الوقف أو المنع في جميع الدائنين ذوي دين سابق عن الأمر ” فقط دون الدائنين ذوي دين لاحق للأمر .
أما فيما يتعلق بنطاق الأمر بالوقف أو المنع فيقتصر على دعاوى الحكم على المدين بسداد مبلغ مالي ، أو الحكم بفسخ عقد لعدم سداد مبلغ مالي دون الدعاوى الأخرى (كدعوى بطلان العقد لتخلف ركن جوهري من أركان انعقاده ، أو الابطال لعيب من عيوب الرضاء ، أو المنازعة في أصل الدين ووجوده ، وغيرها من الدعاوى التي لا ترتبط بسداد مبلغ مالي .
2- يوقف الأمر أو يمنع كل طريقة للتقيد يباشرها هؤلاء الدئنون بشأن المنقولات أو العقارات
ويقصد المشرع بعبارة هؤلاء الدائنون الدائنين ذوي الديون السابقة للأمر كذلك وبمعنى آخر، المشرع استثنى أو أعفى أيضا الدائنين أصحاب الديون اللاحقة من القيد الراجع إلى التقيد حماية للائتمان ( كذلك وللأسباب والاعتبارات السابقة بذاتها)
3- تتوقف تبعا لذلك الآجال المحددة تحت طائلة سقوط الحقوق وفسخها كآجال محاضر الاحتجاج وغيرها .
• الآثار المتعلقة بالمدين
لقد فرض التشرع على المدين نوعا خاصا من عمل اليد المؤقت الذي ينتهي هو الآخر بانتهاء مدة الوقف للأجراء وبمعنى آخر أن المدين لا يستطيع إجراء التصرفات المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 555 من مدونة التجارة ما لم يحصل على ترخيص من رئيس المحكمة التجارية فإن قام بواحد من التصرفات التي ستقوم ببيانها دون الترخيص أعلاه كانت باطلة وكأن لم تكن أو بعبارة أخرى يمنع الامر القاضي بالوقف المؤقت للإجراءات المدين من القيام ببعض التصرفات تحت طائلة البطلان ، ما لم يرخص له رئيس المحكمة التجارية بذلك وهذه التصرفات هي التالية :
1- السداد الكامل أو الجزئي لأي دين سابق لهذا الامر
2- الأداء للضامنين الذين وفوا او أدوا الديون الناشئة سابق أي التي نشأت قبل الأمر ولا يشمل هذا الخطر والمنع الديون اللاحقة بباينها :
(ويلاحظ كذلك أن النص العربي يتكلم عن الأداء للضامنين أما النص الفرنسي فيتكلم عن الأداء للكفلاء ” les cautions” وهناك فروق بين الكفالة والتضامن
3-القيام يتصرفان خارج السير العادي للمقاولة
4-منح رهن رسمي أو رهن حيازي سواء كان ناقلا للحيازة ” gage” أو غير ناقل للحيازة nantissement كرهن الأصل التجاري مثلا
ولقد كرم التشريع العمال والمستخدمين ، وقدم لهم حماية خاصة إدا أعفى
ديونهم صراحة من هذه القيود التي يفرضها نظام الحظر أو المنع على المدين
ويتبين مما سبق إن الوقف المؤقت للأجراءات ولا يتوقف من جهة أخرى إبرام باتفاق التسوية الودية نفسه على الوقف المؤقت للإجراء بل أن هذه تجري به وبدونه .
ويملك أطراف التسوية الودية أي كل من المقاول والمدين والدائنين كامل الحرية للتفاوض حول شروطها ، ولا تخضع هذه الحرية لأي شرط أو قيد وأن دور المصالح يتمثل في تسهيل المقاولة والعمل على إبرام التفاق بين المدين والدائنين في الحدود التي سبق لنا بيانها
وتدور حتى التفاوض مبدئيا، حول منح أجال جديدة للأداء أو التخفيض من الديون أو الاثنين معا ، او حول مقدار التمويل او إغلاق بعض الفروع أو الوكالات غير المنتجة أو تخفيض المصاريف أو إعادة الهيكلة أو تسريح جزء من اليد العاملة ( العمال والمستخدمين ) أو تخفيض الأجور وحذف بعض المزايا المخصصة للمسيرين والكبار المستخدمين وغيرها من المسائل والشروط ذات الطابع الاقتصادي أو المالي او الاجتماعي الهادفة إلى تصحيح وضعية المقاولة .
وتتفق محاور هذا الحوار الواسع مع مفهوم التسوية الودية الذي لا يطعى جدولة الديون او التخفيض منها فقط وإنما يشمل كذلك تصحيح وضعية المقاولة لانقادها من الصعوبات
وقد تنتهي هذه المهمة الشاقة والصعبة ككل محاولات إجراء تفاق التسوية الودية إما إلى النجاح أو الفشل
وتنحج التسوية الودية في الحالتين الاتيتين:
*حالة حصول الاتفاق بين المقاول المدين وسائر وجميع الدائنين
إن الاتفاق الجماعي وإن كان متعذرا فهو ليس مستحيلا فصغار، الدائنين غالبا ما يعرقلون الوصول إلى تفاق ودي نظرا لكثرتهم ولحاجتهم إلى المال بمواجهة مصائب وصعوبات الحياة، ولديونهم الزهيدة التي لا ترتبط بمشاريع المقاولة واستثماراتها ومردوديتها وتصحيح وضعيتها وهي الأسباب التي جعلت التشريع يختار طريقة أو حالة توفر ظروف أفضل لنجاح التسوية الودية
*حالة حصول الاتفاق بين المقاول المدين والدائنين الرئيسيين فقط
ويعزى اكتفاء التشريع بالدائنين الرئيسين لنجاح التسوية الودية إلى حرص هؤلاء على إنقاذ المقاولة وبقائها حية ونشيطة ضمانا لاستمرار معاملاتهم معها.
وبدون المصالح بنود ومقتضيات اتفاق التسوية الودية عند نجاحها في محرر مكتوب يوقعه جميع الدائنين الذين (ارتضوه ) وافقوا عليه ويوقعه المصالح كذلك إلا ان توقيعه على الاتفاق لا يجعله طرفا فيه ولا مسؤولا عن تتقيد .
وتودع وثيقة الاتفاق لدى كتابة الضبط طبقا للمادة 557 م ت التي جاء فيها ” يثبت الاتفاق بين رئيس المقاولة والدائنين في محرر يوقعه الأطراف والمصالح وتودع هذه الوثيقة لدى كتابة الضبط
ويقع تبليغ الاتفاق إلى رئيس المحكمة التجارية صحية التقرير الذي أعده المصالح ولا تتطلع عليه سوى الأطراف الموقعة طبقا للمادة 559 م ت.
ولا تكون لاتفاق التسوية الودية قوة تتقيد به إلا بعد التصديق عليه من طرف رئيس المحكمة التجارية .
ويلاحظ أن التصديق على إتفاق التسوية الودية المبرم مع المدين المقاول وسائر الدائنين يكون إلزاميا أما التصديق على اتفاق التسوية الودية المبرم بين المدين المقاول والدائنين الرئيسيين فقط في اختياري .
ويخضع اتفاق التسوية الودية للقواعد العامة التي تحكم العقود من أهلية وإرادة، وأن تكون هذه الإرادة خالية من العيوب التي تشوبها وأن يكون مبنيا على محل بسبب وأن يكون مشورعين
وتنظر دعوى بطلان اتفاق التسوية الودية المحكمة التجارية محكمة الموضوع، وليس رئيس المحكمة التجارية قياسا على دعوى فسخ الاتفاق التي تختص بنظرها المحكمة التجارية أيضا طبقا للمادة 558 ق من مدونة التجارة .
ولا يجري اتفاق التسوية الودية إلا على الدائنين الموقعين عليه أما الدائنون غير الموقعين فيبقون خارج هذا الاتفاق ولا تمسهم ثاره وتدفع هذه القاعدة إلى التساؤل حول مصير ديون الدائنين غير الرئيسيين في حالة إبرام اتفاق التسوية الودية بين المدين المقاول والدائنين الرئيسي فحسب ؟
لقد تولى المشرع بنفسه حل هذه الإشكالية ، بطريقة تحفظ حقوق ومصالح الدائنين الثانويين أو غير الرئيسيين الذين لم يشاركوا في الاتفاق إما أو اختيارا وقع تهميشهم بسبب ديونهم الزمنية أو الصغيرة .
وتتجلى الحماية في وجوب اداء الديون التي لم يشمها الاتفاق وإن كان المشرع يجيز في مرونة جلية وأصلا في إنقاد المقاولة لرئيس المحكمة أن يمنح للمدين آجال الاداء الواردة في النصوص الجاري بها العمل فيما يخص الديون التي لم يشملها الاتفاق .