آثار التسوية الودية تجاه المدين والدائنين والغير

debtor creditors: ”يخضع تنفيذ اتفاق التسوية الودية لقواعد قانون الالتزامات والعقود ( القانون العادي) كسائر العقود وللقواعد المنصوص عليها في المواد 550 إلى 559 من مدونة التجارة، وإن كان العقد من نوع خاص ، يتوقف فتح إجراء مسطرته على قرار من رئيس المحكمة التجارية، وينعقد بحضور وواسطته وتوقيع المصالح الذي يعنينه ويخضع للتصديق ( المواد 553 و 556 و 557 من مدونة التجارة ).
وتختلف آثار الاتفاق الودي باختلاف أطرافه والغير، وباختلاف ما إذا كان الدائن موقعا أو غير موقع عليه ، خاصة أن التشريع”[…]
التسوية الودية للمنازعات التجارية
المبحث الثاني : آثار التسوية الودية
[…] الودي باختلاف أطرافه والغير، وباختلاف ما إذا كان الدائن موقعا أو غير موقع عليه ، خاصة أن التشريع في مرونة واضحة وجيدة فتح باب إبرام اتفاق التسوية الودية بين المقاول المدين وسائر الدائنين ، فإن تعذر أو ستحال ذلك فبين المقاول المدين والدائنين الرئيسيين فقط.

المطلب الأول : آثار التسوية الودية تجاه المدين والدائنين والغير
الفقرة الأولى : آثار الاتفاق الودي تجاه المقاول المدين :
يعد اتفاق التسوية الودية من أهم الالتزامات التي تنشأ في ذمة المدين، باعتبار أن العقد او الاتفاق شريعة أو قانون المتعاقدين( م 230 ق ل ع م ) فبمقتضاه يجب على المدين المقاول احترام الآجال الجديدة للأداء وإنجاز برنامج التسوية او التصحيح المتفق عليه وفي سائر مقتضياته ومعطياته الاقتصادية والمالية والقانونية والاجتماعية وينتج عن اتفاق الصلح الودي آثارها بالنسبة للمدين سواء عند تنفيذه للاتفاق أو في حالة عدم تنفيذه له.

أ- في حالة تنفيذه للاتفاق
يتوجب على المدين تنفيذ اتفاق التسوية الودية المصادق عليها من قبل رئيس المحكمة، ويتجلى هذا التنفيذ في العمل على تصحيح وضعية المقاولة بما تم الاتفاق عليه، ويمكن تصور أن يلزم الدائنون المدين باعتماد منصرف أو مراقب للتسيير ويستشير ويرجع إليه المدين ولا يعتبر هذا التعيين مسا بحقوق وصلاحية المدين او كونه يشكل نوعا من الوصاية عن المدين
ومن آثار المدين في حالة تنفيذ الاتفاق ارتفاع عل اليد الذي مسه جراء أمر المحكمة القاضي بوقف الإجراءات المؤقتة طبقا للمادة 555 م ت.

ب-حالة عدم تنفيذ الاتفاق
تنص الفقرة الثانية من المادة من المادة 558 م ت على ما يلي :” في حالة عدم تنفيذ الالتزامات الناجمة عن الاتفاق تقضي المحكمة بفسخ هذا الأخير وبسقوط كل آجال الأداء الممنوحة “.
يتضح من هذه الفقرة انه في حالة عدم تنفيذ المدين لاتفاق التسوية الودية او في حالة حسن تنفيذ الاتفاق فإن الآجال الممنوحة للمدين تسقط ويؤدي ذلك إلى فسخ الاتفاق وإذا كانت المادة 558 م ت تشير إلى ان المحكمة تقضي بفسخ الاتفاق فإن ذلك يتم بطلب من الدائنين او بأحد منهم

ويؤدي فسخ الاتفاق عمليا إلى فتح المسطرة القضائية للمعالجة لأن ذلك سينبي على توقف المقاولة عن أداء ديونها التي تصبح حالة سقوط الآجال الممنوحة وفق إتفاق الصلح الودي

الفقرة الثانية : آثار التسوية الودية تجاه الدائنين
تترتب عن اتفاق التسوية الودية آثار هامة تجاه الدائنين الموقعين على الاتفاق سواء كانوا رئيسيين او غير رئيسيين تروم تسهيل انقاد المقاولة وتصحيح وضعيتها ، أما الدائنون غير الموقعون فلا تشملهم هذه الآثار سواء كانوا هم أيضا رئيسيين أو غير رئيسيين وتجري هذه الآثار خلال مدة تنفيذ اتفاق التسوية الودية ( م 558 م ت ) التي وافق عليها أطراف التسوية وأدرجوها في الانفاق وهي ليست مدة واحدة او وحيدة بل قد تختلف باختلاف الديون والأجل الممنوح لكل دائن، وبمعنى آخر إن اتفاق التسوية الودية ذو طابع فردي وليس جماعي، إذ لا يوجد ما يمنع من أن يتضمن هذا الاتفاق آجالا مختلفة للأداء وتخفيضات في الدين تختلف باختلاف أنواع الديون وانواع الدائنين ، أو شروطا أخرى متباينة كأن يشترط أحد الدائنين صراحة دون الأخرين استبعاد بعض أو جزء من ديونهم من الاتفاق حتى يتسنى له المطالبة به فرديا ولو خلال مدة الاتفاق.

وهذه الآثار هي الآتية :

أ-إيقاف كل دعوى قضائية وكل إجراء فردي سواء كانت تخص منقولات المدين او عقاراته بهدف الحصول على سداد الديون موضوع الاتفاق .
ويشمل هذا الوقف في منظور الاجتهاد القضائي الفرنسي حتى الحجوز التنفذية التحفظية ( باريس 10 مايو 1979 نقض تجاري 17 دسمبر 1980) ويحول أيضا دون أجراء المقاصة لأن الديون التي موضع الاتفاق تفقد أجل استحقاقها القديم ولا تمكن المطالبة بها إلا بعد انتهاء الأجال الجديدة الممنوحة والمتفق عليها.
ويرد على هذه القاعدة اعلاه قيدان هما :
1-    إن الوقف يتعلق بالدعاوى والإجراءات الفردية  التي تروم الحصول على أداء دين كان موضوع الاتفاق فقط، أما الدعاوى الأخرى المتعلقة بالديون غير المتفق عليها، او دعاوى الاعتراف بالدين أو الفسخ أو البطلان او الإبطال، او النزاع في أصل الدين ووجوده والاسترداد وغيرها فلا يشملها مفعول هذه القاعدة
2-    يمكن لدائن ولو كان موقعا على الاتفاق أن يشترط بقاء بعض ديونه خارج التسوية الودية، فإن تمت الموافقة على هذا الشرط تعطل تطبيق أثر الوقف على الديون التي تم استثناؤها من الاتفاق .

ب-إيقاف الآجال المحددة للدائنين تحت طائلة سقوط أو فسخ الحقوق المتعلقة بهؤلاء وبعبارة أوضح التي كان يترتب على فواتها هذا السقوط أو الفسخ المادة 558 من مدونة التجارة ، لكون الآجال الجديدة المتفق عليها حلت محل الآجال القديمة التي تعطلت آثارها نتيجة للإيقاف، ومكافأة او نتيجة لمساهمتهم في تصحيح وضعية المقاولة.

الفقرة الثالثة : آثار التسوية الودية تجاه الغير

ويقصد بالغير بالدرجة الأولى، الدائنون غير الموقعين على اتفاق التسوية الودية، سواء كانوا رئيسيين او غير رئيسيين ، لكون ديونهم لم تكن ” موضوع الاتفاق” م 558 م ت وبعبارة اخرى، لا ينفذ اتفاق التسوية الودية في حقهم لأنهم رفضوا الانضمام إليه، أو لم تقع دعوتهم للانضمام إليه، فيملكون تبعا لذلك كامل الحق في المطالبة بدونهم في وقتها، ويمارسون سائر الدعوى والإجراءات الفردية على منقولات المدين وعقاراته، فغن توقف هذا الأخير عن سداد الديون المستحقة عند الحلول جاز لهم المطالبة بفتح مسطرة من مساطر المعالجة ضده ( م 560 من مدونة التجارة )
ويتبين ذلك بوضوح من م 556 م ت التي تجيز لرئيس المحكمة التجارية أن يصادق أيضا على إبرام اتفاق التسوية الودية مع الدائنين الرئيسيين وأن يمنح للمدين آجال الأداء الواردة في النصوص الجاري بها العمل فيما يخص الديون التي لم يشملها الاتفاق ومن المادة 558 م ت كذلك التي حددت نطاق وقف الدعاوى والإجراءات الفردية الرامية إلى سداد الديون في ” الديون موضوع الانفاق ” وذلك بقولها ” يوقف الاتفاق أثناء مدة تنفيذه كل دعوى قضائية وكل إجراء فردي سواء كانت تخص منقولات المدين أو عقاراته بهدف والحصول على سداد الديون موضوع الاتفاق … “.

ويرجع عدم تطبيق اتفاق التسوية الودية على الدائنين غير الموقعين عليه سواء كانوا رئيسيين أو غير رئيسيين أو الذين لم تكن ديونهم موضوع الاتفاق لعديد من الأسباب والعلل هي التالية :
1-إن الدائنين غير الموقعين على الاتفاق لا يعدون أطراف فيه
2-لأن العقد شريعة أو قانون المتعاقدين (م230 ق ل ع م ) وهم من المتعاقدين
3-لأن للعقود آثار نسبية لا تلزم إلا من كان طرفا في العقد، ولا تنفع ولا تضر الغير إلا في الحالات المذكورة في القانون ( م 228 ق ل ع م )
4-لا يبلغ أو يتطلع على اتفاق التسوية الودية سوى الأطراف الموقعة عليه، وبلغة المشرع الاكثر صرامة ، حماية لسرية المسطرة والاتفاق واملا في الانقاد لا تطلع على الاتفاق سوى الأطراف الموقعة

وقد انتقد الفقه الفرنسي بعض آثار التسوية الودية التي قد تضر بالدائنين الموقعين على الاتفاق ، الذين بذلوا تضحيات صادقة ومخلصة لإنقاذ وتصحيح وضعيتها ، إذ يرون أنفسهم أقل حظوظ من الذين لم يوقعوا أو رفضوا التسوية الودية في حالة توقف المقاولة عن أداء ديونها المستحقة عند الحلول بما فيها الديون الناشئة عن اتفاق التسوية الودية متى كان الاتفاق موضوع التسوية يتضمن تخفيضا مهما لديونهم.

ويتجلى غبن الدائنين الموقعين على الاتفاق وخطوة الدائنين غير الموقعين فيما يلي:
1-إن الدائنين الموقعين على الاتفاق لا يشاركون في حالة الحكم على المقاولة بالتصفية القضائية لتوقفها عن الدفع بكامل ديونهم على خلاف الدائنين غير الموقعين ، وإنما بالدين المخفض إن تمت التسوية على أساس تخفيض الديون.
2-إن الدائنين غير الموقعين على الاتفاق يملكون حق المطالبة بتطبيق مساطر المعالجة ( م 560 م ت ) في كل وقت لم يقع فيه سداد ديونهم المستحقة عند الحلول أما الدائنون الموقعين على الاتفاق فلن يكون لهم ذلك لان اتفاق التسوية الودية يوقف أثناء مدة تنفيذه كل دعوى قضائية وكل إجراء فردي سواء كانت موضوع الاتفاق ( م 558 م ت ) وكذلك كل دعوى للمطالبة بسداد الدين موضوع الاتفاق أثناء مدة واجل تنفيذه لا يستطيع هؤلاء الدائنون المطالبة بمسطرة من مساطر المعالجة خلال هذه المدة أو الأجل، وبمعنى أخر لا يمكن لهم المطالبة بفتح مسطرة من مساطر المعالجة إلا إذا احلت الآجال الجديدة موضوع الاتفاق ولم يقع الوفاء أو الدفع عند الحلول حيث تطبق م 560 م ت التي جاء فيها: ” بما في ذلك الديون الناجمة الالتزامات المبرمة في إطار الاتفاق الودي المنصوص عليها في م  556 اعلاه.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.