التربية بين الفلسفة والسوسيولوجيا

Education philosophy sociology:”… الباحث في موضوع التربية من مشقة وتعب، وما يصادفه من عقبات، فإننا نرى أن هذا الموضوع أولى بالدراسة وأحوج إلى البحث، باعتباره هاجشا مسكونا بالقلق لتعدد خطاباته وتعقد موضوعاته وقضاياه .
هذا الطابع المعقد للتربية لا يشكل حاجزا أمام العقل بقدر ما يشكل منطلقا لعديد من التساؤلات الفلسفية والسوسيولوجية … التي سعت عبر جهد جهيد إلى فك طلاسيم الوجود الإنساني، من خلال البحث  …”

بحث لنيل شهادة المدرسة العليا للأساتذة في موضوع:

التربية بين الفلسفة والسوسيولوجيا

التربية بين الفلسفة والسوسيولوجيا

السنة الجامعية
2008-2009


الفهرس

تقديم :
الفصل الأول : البعد المعجمي لمفهوم التربية
1-البعد اللغوي
2-البعد الفلسفي
الفصل الثاني : التربية بين الفلسفة والسوسيولوجيا
1-المقاربة الفلسفية
1-1: معاني التعلم
1-2: التربية تصنع الإنسان
2-المقاربة السوسيولوجية
2-1-التربية عند دوركايم
2-2-دور الدولة في الإشراف على التربية
الفصل الثالث: واقع التربية والتعليم في الثقافة المغربية
1-الحقيقة المأساوية للتعليم بالمغرب
2-الشروط الضرورية لتوفير جودة التعليم والتعلم .
خاتمة

لائحة المراجع المعتمدة
الكتب:
– جمال الدين بن مكرم بن منظور ، لسان العرب ، المجلد الأول، بيروت لبنان،
– جمال الدين بن مكرم بن منظور ، لسان العرب ، المجلد الثاني، دار الفكر بيروت
-جميل صليبا: المعجم الفلسفي الجزء الاول، دار الكتاب اللبناني ، بيروت لبنان
– أوليفيه ربول ، ترجمة جهاد نعمان : فلسفة التربية، الطبعة الأولى ، كانون الثاني، منشورات عويدات،1978 .
-أليفي روبول ، ترجمة عبدالكريم معروفي، فلسفة التربية ، ،دار توبقال للنشر ط  1994 .
– منير مشابك : المطول في السوسيولوجيا ،الكتاب الثالث في سوسيولوجيا التربية منشورات كلية التربية، بجامعة دمشق 1959   .
-محمد الصابر : علوم التربية والتدريس ، دار النشرالمغربية ، الدار البيضاء، 1998 ص  10
-عبدالكريم غريب عز الدين الخطابي، الميثاق الوطني للتربية والتكوين ، قراءة تحليلية ، الثانية ، منشورات عالم التربية ، النجاح الجديدة، الدار البيضاء .
الأطروحات :
-عبدالسلام الفرعي :” التربية والتنمية  في مغرب ما بعد الاستقلال، حالة التعليم الجامعي 1956-1992 مساهمات في سوسيولوجية التربية، أطروحة لنيل دكتورة الدولة في علم الاجتماع ،  1995.
المراجع بالفرنسية :
– Le rebert micro – dictionnaire d’apprentissage de la langue française – nouvelle edition 1998 , paris  .
– Emile Durkheim , éducation et sociologie ed. P.U.F col , le sociologie , paris , 1973 ,
-Landshere « definir les objectifs de l’éducation , p u f , paris , 1978 .
— Olivier roboul. qu ‘est-ce qu ‘apprendre ? 1er Edition- presses universitaire de France –  Paris – 1980 .
Site internet
-Diwan alarab.com /spip php ? article 8343 ( google )
-faculté . KSU .edu .sa./nasers /egypte
المجلات :
– مصطفى محسن،الاتجاهات النظرية في سوسيولوجية التربية ،مجلة الدراسات النفسية، مكتبة نهضة الشرق جامعة القاهرة،1984 .
– مجموعة من المؤلفين :” أزمة منظومة التعليم بالمغرب” مجلة الفرقان ، العدد 61/2008
– عز الدين الخطابي ، فكر ونقد مجلة ثقافية شهرية العدد  39 ماي  2001

تقديم:
بالرغم مما يلاقيه الباحث في موضوع التربية من مشقة وتعب، وما يصادفه من عقبات، فإننا نرى أن هذا الموضوع أولى بالدراسة وأحوج إلى البحث، باعتباره هاجشا مسكونا بالقلق لتعدد خطاباته وتعقد موضوعاته وقضاياه .
هذا الطابع المعقد للتربية لا يشكل حاجزا أمام العقل بقدر ما يشكل منطلقا لعديد من التساؤلات الفلسفية والسوسيولوجية … التي سعت عبر جهد جهيد إلى فك طلاسيم الوجود الإنساني، من خلال البحث المستمر في خباياه والسعي الدائم نحو بث القيم النبيلة والأخلاق الفضيلة عن طريق تهذيب سلوك الكائن البشري وتقويم أفعاله داخل فضاء تربوي منظم ، معقلن يقر بأهمية التعلم والتكوين والتنشئة …كمفاهم جوهرية في بناء الإنسان الحديث.
إن التربية غنية بمواضعها ومجالاتها، غير آمنة الحدود، منفتحة باستمرار على الوافدين إليها من حقول وتخصصات مختلفة ، منشغلة على الدوام برسم خريطة لمساراتها ، وتحديد معالم فروعها واتجاهاتها، إنها مسكونة بهاجس تجريب ومساءلة ما يأتيها من علوم أخرى. فبفضل خطاباتها وتنوع مقارباتها تخطى الإنسان طبيعته نحو وضع تربوي ثقافي رفيع وعندما تشتغل الفلسفة والسوسيولوجية على موضوع التربية فإنهما في نفس الآن ينتجان خطابا إنسانيا معقلنا ليس له من هدف سوى تبرير هذا الإستغال.
تلك هي الفكرة المركزية التي تنبني عليها تحليلات ومناقشات بحثنا هذا.

سنقف بشكل متأن في هذا المشروع على أهم ما يميز كل من “أوليفي ربول” Olivier reboul” ( أستاذ الفلسفة في جامعة مونتريال بكندا ) وإميل دوركايم ” ” Emile Durkheim” (فيلسوف وعالم اجتماع فرنسي) في التربية ، بمعنى معرفة الآثر الذي لعبته المرجعيات الفكرية المختلفة لهذين الآخيرين في هذا الموضوع ومدى انعكاس التربية على حياة الإنسان، بهذا يكون هذان المفكران نقطة انبثاق العديد من مسارات الحداثة التربوية التعليمية وروافدها ، بل نقطة التقاء صرارعاتها ومخاضاتها وكأنها تربيات متعددة لا مجردة تربية واحدة .
إن تحديدنا لمفهوم التربية استنادا إلى جملة من المفاهيم المجاورة له من مثل ( التعلم ، التكوين، التنشئة، النمو، التمدرس، الترويض، … ) هو فقط لكي نبرز البعد المعقد لهذا النموذج من التفكير ونؤكد في نفس الوقت على أهميته في حاضرنا وواقعنا الثقافي .
لذا قسمنا بحثنا إلى ثلاث فصول أساسية ، تناولنا في الفصل الأول البناء المعجمي لمفهوم التربية انطلاقا من زاويتين : اللغوية والفلسفية ، وذلك من أجل تأسيس الأرضية المفاهيمية التي من خلالها يمكن معرفة مختلف التمفصلات، والتقاطعات بين المفهوم الأساسي ( التربية ) في علاقته بمفاهيم أخرى مرادفة له قصد إدراك إلى أي حد تستطيع هذه التحديدات المفهومية أن تفي بالغرض المنشود الذي هو فتح الباب أمام بداية اشتغال جديد يقوم على استثمار السابق ( الأساس الدلالي للتربية ) لبناء اللاحق ( التربية كموضوع نظري قابل للنقاش في الواقع الإنساني ).
أما الفصل الثاني فخصصناه للكلام عن التربية من خلال مقاربتين أساسيتين هما الفلسفة والسوسيولوجية ، مع إبراز نقط الاختلاف والإئتلاف بين هاتين المقاربتين في تحديد مفهوم التربية وطبيعة أو كيفية ممارسة هذا المفهوم على مستوى الواقع الإنساني وبشكل إجرائي من أجل تبيان حدود نجاحه في تغيير الإنسان من وضعه الطبيعي اللاواعي إلى حالته الإنسانية الواعية.

أما الفصل الأخير فتناولنا فيه موقف الثقافة المغربية من مفهوم التربية انطلاقا من الواقع التعليمي التعلمي وآفاق هذا الواقع على المستوى الفكري …لا سواء من جهة المتعلمين أو من جهة المدرسين.
لكن إذا ما راعينا المراحل والأشواط التي قطعناها في إنجاز هذا البحث فقد اعترضتنا لامحالة جملة من المشاكل والصعوبات التي يمكن ذكرها كما يلي:
صعوبات ترتبط بقلة المراجع باللغة العربية، حتى وإن توفرت فإن ترجمتها رديئة لا تفي بالغرض المطلوب . الأمر الذي دفعنا إلى العمل على قراءة بعض الكتب بلغتها الأصلية ومحاولة ترجمة ما فيها إلى سياقات نظرية سليمة لها نفس الدلالة والمعنى التي قصدها أصحابها.
هذه العملية: قراءة الكتب بالفرنسية أخذت منا وقتا كبيرا، لكن مع ذلك أعطتنا الشيء الكثير والمهم، حيث انفتحنا على اللغة الأجنبية وتمرنا نسبيا على ترجمة العبارات الفرنسية الفلسفية إلى سياقات عربية محاولين بذلك احترام القواعد النحوية والتركيبية لكلتا اللغتين مع الحفاظ على معنى القول ودلالته تحقيقا للأمانة العلمية واستجابة لنذاء الواجب . وهو الرهان نفسه الذي عمل أستاذنا الكريم الدكتور ” محمد ياسين ” على بثه فينا منذ البداية.

هذا إلى جانب مشاكل أخرى تتعلق بعدم توفر الظروف الملائمة للعمل من قبيل مكان وزمان الإشتغال؛ فإغلاق المكتبة في وقت مبكر وعدم توفر قاعات للمطالعة إضافة إلى الوضع المادي والمعاشي الصعب …. كلها عوامل وأسباب من شأنها أن تؤثر سلبا على مسيرة البحث التربوي وعلى مردودية الطالب الأستاذ داخل مركز التكوين، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالعمل الثنائي أو الجماعي.
فكيف يمكن بالله عليكم أن ينجز طالبان أستاذان بحثا تتوفر فيه الشروط المطلوبة والكافية في ظروف قاسية كهاته . صحيح قد يقول البعض إن هاته الأسباب  المذكورة ما هي إلا حجج واهية الهدف منها تبرير العجز الذاتي عن مواجهة الحقيقة، لكن الجواب الذي يمكن أن نقدمه له هو أنه لا يحس بالألم ولا يعرف وجعه إلا من تدوقه وتدوق مرارته .
ومن بين المشاكل التي لاقتنا أيضا ونحن مقبلان على هذا العمل وهو قلة خبرتنا في بفلسفة التربية، وقد كانت هذه مناسبة ثمينة للتعامل مع هذا الحق الإنساني الفريد، والانفتاح على أهم المقاربات التي تناولته، قصد فهم وإدراك الأسس التي انبنت عليها التربية عبر التاريخ.
لكن رغم ضيق الوقت وقساوة الظروف استطعنا بالعزيمة والصبر تجاوز العوائق وتحقيق المطلوب، وهذا كله لم يكن أن يتم بالشكل اللائق لولا مساعدات وتوجيهات أساتذتنا الأعزاء أدام الله في عمرهم…. شكرا لهم.
أما فيما يخص الأفاق المرجوة من هذا البحث فيمكن أن نقول أن عملنا هذا لم يكن عبثا ، بل مجهودا خالصا يهدف إلى إبراز مدى أهمية التربية في إثارة مفهوم الإنسان وأحقية هذا الكائن بالإنسانية باعتبارها ليس فقط صفة من صفاته أو خاصية، وإنما جوهرا يرتبط بماهيته وكينونته ،خاصة وأن العقل هو أعظم شرف يميزه عن باقي المخلوقات . لكن هذا العقل لن يسمو إلى مرتبة الشرف والعظمة هاته بعيدا عن الظروف والمقومات النبيلة التي بها يحقق هذا التميز . فإذا كان الإنسان حيواني بطبعه وفطرته فإن التربية هي التي مكنته من تخطي الطبع نحو صنع ذاته والمستقبل.
والحقل التربوي بمفاهيمه القيمة من قبيل ” التعلم ، التنشئة، التكون، التهذيب، التعليم،…. ” هو أملنا في تحقيق ليس فقط هذا الإنجاز النظري المطبوع بحبر جاف على صفحات بيضاء بعضها يعانق الآخر، وإنما إغناء هذا البعد وجلعه أكثر ملامسة للواقع، ذلك أن الفكر النظري إن لم يترجم إلى تطبيق عملي يبقى بدون جدوى ، كما أن العمل الإجرائي إذا لم يتقدمه تصور مسبق يكون عشوائيا وغير هادفا … لذا نرى وفي أفق الاهتمام المتزايد بالتربية، والانشغال بقضياها ، والإنتاج في موضوعاتها يغدو مفيدا أن يقف الإنسان ” الطالب” عند ملامح وأبعاد الاتجاهات والأفكار الرائجة حول التربية، وأن يدرك خطوط التماس والتمايز بين حقول معرفية مختلفة تختلف في مقاربتها للظواهر التربوية، وأن يتعرف على مصادر تمتح منها التربية بعض موضوعاتها أو تمدها بها .وهذا من طبيعة الحال سيكون منطلقا للتزود بالطاقة التي من خلالها نستطيع فتح ملف يقارب مشكلة تعدد الخطابات  والمقاربات المهتمة بظواهر ومشكلات التربية … واستيعاب هذه المشكلة بشكل نقدي بناء قصد تجاوز الأزمة التربوية التي من شأنها أن تخل بالتوازن الإنساني سواء على المستوى المؤسساتي أو الاجتماعي أو الأسري…
وفي نهاية المطاف نقول إن مجهوداتنا لإعداد هذا البحث تبقى مجرد محاولة نأمل أن تفتح آفاق البحث وتوسع دائرة الاهتمام والانفتاح على حقول تربوية مختلفة.

التربية بين الفلسفة والسوسيولوجيا

قرأوا أيضا...

فكرتين عن“التربية بين الفلسفة والسوسيولوجيا”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.