تعريف النفقة والنصوص القانونية المنظمة لها

ثانيا: تعريف النفقة والنصوص القانونية المنظمة لها
نفقة كل إنسان هي ماله إلا ما استثنى بمقتضى القانون أسباب وجوب النفقة على الغير الزوجية والقرابة والالتزام، ( المادة 187 م أ ) النفقة لغة: هي اسم الانفاق ويطلق على ما يؤمن الإنسان به نفسه وذويه
واصطلاحا: إخراج الشخص مالا ينفق به على من تجب عليه نفقته وتشمل المأكل والملبس والمسكن
والنفقة ثابثة بالكتاب والسنة والاجماع
قال تعالى:{ وأنفقوا في سبيل الله } [1] وقال جلت قدرته:{ وانفقوا ما رزقناكم }[2] والنفقة واجبة على الزوج اتجاه زوجته، ووالديه وكذا في حالة الالتزام بها، وهكذا فهي تحدد في الحالات الثلاث السابقة هذا إضافة إلى انفاق الشخص على نفسه لان الأصل هو أن كل شخص ينفق على نفسه إلا ما استثناه القانون

* الزوجية
يلزم الزوج بالانفاق على زوجته بمجرد العقد، فلابد من أن يعقد عليها حتى تستحق النفقة، وهكذا فإنه غير ملزم بذلك أثناء فترة الخطبة ولا يمكن للمرأة أن تطالب بالنفقة من خليلها على اعتبار أنها تعاشره معاشرة الأزواج .
وتعتبر من حقوق الزوجة على زوجها ويستوي في ذلك أن تكون ثرية او فقيرة وفي هذا الباب جاء في التحفة:” ويجب الانفاق للزوجات في كل حالة من الحالات ”
وتجب نفقة الزوجة على الزوج بمجرد البناء وكذلك إذا مكنته من نفسها بعد العقد ( المادة 194) شريطة أن يكون الزوج بالغا والمرأة مطيقة للوطء وان لا يكون الزوج في مرض الموت

* القرابة
أجمعت المذاهب على نفقة الأقارب حيث استدلوا بالقرأن الكريم والسنة النبوية فنقة الوالدين بقوله تعالى:{ ووصينا الإنسان بوالديه حسنا } [3] ونفقة الأبناء بقوله جلت قدرته:{ وعلى المولود رزقهن وكستوتهن بالمعروف } وغيرها م الآيات أما السنة فهناك أحاديث كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم:{ دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك “[4].

كذلك الحديث المروي عنه صلى الله عليه وسلم:” ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فغن فضل شيء فلأهلك فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا “[5] وغيرها من الأحاديث اما الفقه فقد أجمع على نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال ، واجبة في مال الولد [6] فإذا كان الفقه قد اتفق على نفقة الأبناء والآباء المباشرين إلا أنهم اختلفوا في غيرهم من الأقارب فإذا كان الحنفية والظاهرية قد أوجبوا نفقة كل ذي رحم محرم [7] فإن الشافعية والحنابلة حددوها في وجو النفقة على الأجداد مهما علو والأحفاد وإن سفلوا استدلالا بالآيتين الكرميتين قوله تعالى:{ يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } [8] والآية الكريمة:” ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد “[9] .
أما المالكية فلم توسع في وجوب النفقة إذ اقتصروا على نفقة الأقارب تجب على الأولاد للوالدين وعلى الأبوين لأبنائهما [10] وهذا ما أخذت به المدونة في المادة 197

* الالتزام
تقضي القاعدة بأن كل من التزم بشيء يلزمه، ويقول جلت قدرته:{ يا ايها اللذين آمنوا أوفوا بالعقود ” .[11]
وهكذا فقد يلتزم الجد بالانفاق على حفيذه مثلا ، فقد جاء في النوازل الصغرى ما نصه ” الحمد لله ما التزم الجد مجرى الهبة فما حيز منه في حياة المعطي وصحته ومضى وإلا بطل ” ففي الالتزامات مسألة :” من التزم الإنفاق على شخص معين مدة معينة او مدة حياة المنفق أو النفق عليه او حتى يقدم زيد او أجل مجهول لزمه ذلك ما لم يفلس او يمت “[12]
وهكذا فإن من التزم بالإنفاق على شخص لزمه ذلك وفاء بالتزامه وهذا ما أفذت به المدونة في المادة 205 كما سيأتي ومن هنا نطرح التساؤل التالي: متى تجب النفقة على الغير ؟ تنص المادة 188 من مدونة الأسرة على أنه: ” لا تجب على الإنسان نفقة غيره إلا بعد أن يكون له مقدرا نفقة نفسه، وتفترض الملاءة إلى أن يثبت العكس “.
إذن من هنا تكون النفقة كما تكون على الزوجين والأبناء قد تكون على الأقارب ولكن لا يمكن تصور الانفاق عليهم ممن ليس له الكفاية في الانفاق عن نفسه ولا يستطيع ذلك البتة ، أما إذا كان مليء الذمة فإنه ملزم بالانفاق على من تجب نفقتهم عليه، والمشرع يفترض في الشخص ملاءمة الذمة ما لم يثبت عكس ذلك خوفا من أي تملص أو إجهاز على حقوق الغير .

الأصل أن الإنسان ينفق على نفسه فقط ما لم توجب عليه النفقة على الغير قانونا او التزاما كما قد تكون على الأقارب كما سبق أن وضحنا وفسرنا ذلك عند عرض مناقشتنا للمادة 187 [13] ، وهكذا لا تجب نفقته على الغير إلا فيما فاض على نفقة نفسه ، وقد ذكر الماوردي في شروط نفقة الولد على الوالد:” أن يقدر عليها فاضلة عن نفقة نفسه”[14] وعند المالكية تجب على الغير:” النكاح وقرابة ملك ” وفي حديث نبوي قال صلى الله عليه وسلم:” ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك …. “[15].
وهكذا فإن كل إنسان ينفق على نفسه من عمله وكده ومتى فضل ما يزيد عن حاجته ينفق منه على أقاربه وهكذا  ما لم ترتبط بأسباب الوجوب أي الانفاق اتجاه الغير بسبب الزوجية أو قرابة الأبناء أولا ثم الملك [16] عند المالكية أو غيرهم ، هذا إضافة إلى التزامه بالانفاق ، لأن هذا عقد وهو ملزم بتنفيذه .

كما أن من بين مشتملات النفقة الغذاء والكسوة والعلاج، وما يعتبر من الضروريات والتعليم للأولاد مع مراعاة أحكام المادة 168 من مدونة الأسرة .
يراعي في تقدير كل ذلك، التوسط ودخل الملزم بالنفقة، وحال مستحقها ومستوى  الأسعار والأعراف والعادات السائدة في الوسط الذي تفرض فيه النفقة، ( المادة 189)

أ-مشمولات النفقة
تحدد هذه المادة مشمولات النفقة في السكنى [17] ويعني بها بيت الزوجية حيث يقيم الزوجان وأبناؤهما، الطعام حيث يلزم الزوج بتوفير الطعام لأسرته، والكسوة من لباس يحمي الجسد من القرشتاء ويسر من القيض صيفا، ثم العلاج إذا مرض أحد أفراد الأسرة وكل شيء يعتبر ضروريا يدخل في النفقة بما في ذلك مصاريف تعليم الأولاد مع مراعاة مقتضيات النفقة المحضون المنصوص عليها في المادة 168 من مدونة الأسرة .

ب-تقدير النفقة
تعرف مسألة تقدير صعوبة عند القضاء والفقه ولا أدل على ذلك اختلاف المذاهب الفقهية في ذلك ، فقوله صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة” خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف” [18] يفيد في ذاته صعوبة تقدير النفقة، إذ لم يحدد الكفاية فبقي للمرأة أن تقدر هي نفسها ما يكفيها وتختلف من حيث مراتب الغنى والفقر والقناعة والجشع والأساس هو النظر إلى يسر أو عسر المكلف بها لقوله تعالى:” لينفق دو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله ” [19].
وعلى الملزم بالنفقة أن يمكن مستحقيها من طعام وكسوة وغيرهما ، وإذا امتنع عن الانفاق يمكن لمستحقيها المطالبة بها عن طريق القضاء .

وقد اختلف الفقه حول الأساس الذي يمكن اعتماده في تحديد نفقة الزوجة، وهكذا ذهب الأحناف إلى أن النفقة غير مقدرة شرعا، وإنما تجب على الزوج اتجاه زوجته بقدر ما يكفيها من كسوة وطعام ومشتقاته [20] وان ذلك يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة
الشافعية قالت بأنها مقدرة شرعا، وأن الزوج الموسر الذي يقدر على النفقة بماله وكسبه أوجبت لكل منهما على قد حاله ولم يبين المقدار فوجب تقديره بالاجتهاد ما تقاس عليه النفقة الطعام في الكفارة لأنه طعام يجب بالشرع [21].
ونجد المذهب المالكي ينظر إلى يسر وعسر الزوج،[22] حيث تقدر النفقة تبعا لذلك إلا أنه أضاف مراعاة حال الزوجين معا سواء كانا غنين أو فقيرين أو أحدهما غنيا والآخر فقيرا، فإذا تساويا غني وفقرا فالأمر ظاهرا وإن اختلفا بأن كان أحدهما غينا والآخر فقيرا فاللازم حالة وسطى بين الحالتين فإذا كان فقيرا وهي غنية قدر لها نفقة أكثر مما لو كانت فقيرة تحت فقير وهذا هو المعتمد أما اعتبار حال الزوج وحدها فلم يقبل بها المالكية [23].
يلاحظ أن المدونة سارت على غرار الفقه المالكي في اعتبار حالة الزوجة وتركت أمر تقديرها للقضاء الذي يجب عليه أن يراعي يسر الزوج وذلك من خلال الوثائق والمستندات الإثباتية ويتحدد ذلك من خلال الوضعية المالية للزوج لأن المحكمة قبل تحديد مبلغ النفقة في النزاع ، يجب عليها أن تأمر بإجراء بحث حول وضعية الزوج المالية وحالة الزوج الاجتماعية وإلا تعرض الحكم للنقض .

ومما سبق فإن النفقة تحدد وفقا للعناصر الآتية:
1-يسر الملزم بها: أي حالته المالية عمله ، ماله الظاهر والمتستر عمله او حرفته او تجارته إذا كان تاجرا أعباؤه المالية من حيث الانفاق كأن ينفق على زوجة أخر أو على والديه
2-حالة مستحقيها من حيث الغنى والفقر ودرجتهما
3-عادة أهل البلد: معرفة عادات وتقاليد أهل البلد والوقوف على خصوصية المنطقة
4-حال الوقت والأسعار: أي الانتباه إلى تزايد الأسعار في كل ما يتعلق بمشمولات النفقة مع اعتبار المتوسط كما يراعي فيها يسر المنفق عليه
وهكذا ذهب المجلس الأعلى في إحدى قراراته إلى ان نفقة الأب على الإبن تراعي أموال الإبن، فلا يلزم الأب بالنفقة إلا في حدودها ما لم تف به أموال الإبن بحيث يتعرض الحكم الذي لم يراعي أن المنحة التي يتقاضها الولد من الإدارة تعتبر مالا من أمواله [24]
هذا فضلا على أن المشرع قد حدد للمحكمة أجل شهر للبث في القضايا المتعلقة بالنفقة حيث عليها أن تعمل جاهدة من أجل إصدار حكمها خلال هذه المدة حفاظا على مصالح المرأة والأبناء .

أما فيما يخص تنفيذ الحكم بالنفقة فقد نصت المادة 191 من م أ:” تحدد المحكمة وسائل تنفيذ الحكم بالنفقة وتكاليف السكن على أموال المحكوم عليه، او اقتطاع النفقة من منبع الريع، او الاجر الذي يتقاضاه وتقرر عند الاقتضاء الضمانات الكفيلة باستمرار أداء النفقة، الحكم الصادر بتقدير النفقة يبقى ساري المفعول إلى أن يصدر حكم آخر يحل محله ، أو يسقط حق المحكوم له في النفقة”.
ومن هذا النص يتبين أن مسألة تنفيذ الحكم بالنفقة تطرح عدة مشاكل حيث يصعب في بعض الأحيان استخلاصها والمشرع في مدونة الأسرة أعطى للمحكمة صلاحية تحديد وسائل تنفيذ الحكم بالنفقة وتكاليف السكن على أموال المحكوم عليه ، حيث يمكن اقتطاع النفقة من المنبع بالنسبة لذوي الأجور من موظفين ومستخدمين ومن الريع بالنسبة للأرباح[25].
والحكم الصادر بتقدير النفقة يبقى معمولا به وساري المفعول باستخلاصها تبعا لمقتضيات الحكم إلى أن يصدر حكم آخر يحل محله بمقتضيات جديدة أو بإسقاط حق المحكوم في النفقة تبعا لأسباب إسقاط النفقة .
كما أنه عند صدور حكم بالنفقة قد يشعر الملزم بها بأنها تثقل كاهله كثيرا أو أنه لا يمكنه أداء المبلغ المحكوم به بانتظام وقد يرى المحكوم له بالنفقة بأن المبلغ المحكوم به قليل نظرا لثراء الملزم بها إلى غير ذلك من الأسباب الدافعة إلى طلب تخفيض النفقة أو الزيادة فيها. وهنا تنص المادة 192 على أنه:” لا يقبل طلب الزيادة على النفقة المتفق عليها أو المقررة قضائيا أو التخصيص منها قبل مضي سنة إلا في ظروف استثنائية “.

هذا وتجب نفقة الزوجة على زوجها بمجرد البناء وكذا دعته للبناء بعد أن يكون قد عقد عليها، وهذا ما نصت عليه المادة 194 من م أ .
والنفقة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع ، قال تعالى:{ الرجال قوامون على النساء بما فضل الله به بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ” [26] وقوله جلت قدرته:{ وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف }[27] وأيضا قوله سبحانه :{ اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن، وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن “[28]
أما وجوبها بالسنة
1- فقد روى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع:” … ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف “[29] .
أما وجوبها في الإجماع:  فقد قال ابن قدامة: اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن ومن خلال قراءة المادة 194 من م أ يتبين أن المرأة تستحق النفقة بما يلي:
1-      بعد الدخول ” البناء ”
2-      أن يكون هناك زواج ناتج عن عقد صحيح
3-      أن تمكن الزوجة زوجها من نفسها ليستمتع بها [30] حيث تعتبر النفقة من تاريخ هذا التمكين [31]
4-      أن تكون الزوجة مطيقة للوطء وان يكون الزوج بالغا.
فإذا كانت الزوجة صغيرة لا يجامع مثلها ، فالمالكية والشافعية في أصح أقوالهما بريان عدم وجوب النفقة ، والأحناف يرون أن الزوج إذا احتبس الصغيرة وأسكنها معه للائتناس به جبت لها النفقة
وإذا كان الزوج صغيرا وهي كبرة وجبت لها النفقة لأن التمكين ورد من جهتهما ، وتعذر الاستيفاء من جهته
كما أنه يحكم للزوجة بالنفقة من تاريخ الإمساك الزوج عن الانفاق الواجب عليه، ولا تسقط بمضي المدة إلا إذا حكم عليها بالرجوع لبيت الزوجية وامتنعت وهذا ما تنص عليه المادة 195 من مدونة الأسرة .

الأصل أن النفقة للمرأة حال الزواج قائما، أو تم بانفصال بطلاق رجعي فالزوجة تستحق النفقة حتى ولو غادرت المنزل .
البنت إلا بتوفرها على الكسب او بوجوب نفقتها على زوجها ويستمر إنفاق الأب على أولاده المصابين بإعاقة والعاجزين عن الكسب .
يجب على الأب أن ينفق على أبناءه حسب يسره وعسره ولذا يعمل على توفير جميع وسائل العيش من كسوة وطعام وصحة … إلا أن هذا  لا يعني الاستمرار في الانفاق عليهم طول حياته ، بل هناك حدود لا يعتبر فيها ملزما بالانفاق حيث حدد المشرع ذلك كالاتي: بلوغ سن الرشد، بلوغ الابن الخامسة والعشرين بالنسبة لمن يتابع الدراسة نفقة البنت لا تسقط نفقتها إلا بتوفرها على الكسب أو بزواجها . أما الأبناء المعاقين فتبقى نفقتهم على والدهم، وهذا ما تشير إليه المادة (198 م أ )

وإذا عجز الأب كليا أو جزئيا عن الانفاق أولاده وكانت الأم موسرة وجبت عليها النفقة بمقدار ما عجز عنه الأب ( المادة 199 م أ )
قد تكون الأم موسرة والأب معسر أو عاجز من الانفاق بفعل عاهة أو دمور صحته أو كان كسبه ضعيفا بحيث لا يمكنه توفير كل المستلزمات وقد يكون عجزه هذا كليا ، كأن يكون مصاب بمرض أقعده عن العمل والحركة أو يستطيع القيام بالأعمال البسيطة لا توفر كل الإمكانيات ، فإن الام الموسرة في هذه الحالة تنفق على ابنائها في حدود الخصاص إذا كان العجز جزئيا أو الانفاق إذا كان العجز كليا .
والواقع أن الكثير من النساء يعملن ويعوضن أزواجهن في الانفاق على أبنائهم .

هذا ويحكم بنفقة الأولاد من تاريخ التوقف عن الأداء ( المادة 200) ابتداء من تاريخ توقف الأب عن الانفاق، وليس من تاريخ الحكم فقد ترفع الأم دعوى النفقة لها ولأنبائها مثلا: طالبة الحكم من تاريخ التوقف عن الانفاق كأن ترفع دعوى في 1 فبراير 2004 طالبة الحكم بالنفقة منذ مارس 2002 الذي توقف الزوج عن الانفاق على زوجته وأبناءه فالمحكمة تحكم بالنفقة من تاريخ التوقف عن الانفاق وهو 10 مارس 2002 [32]
أما فيما يخص أجرة الرضاعة فقد نصت المادة 201 م أ على ان ” أجرة رضاع الولد على المكلف بنفقته” وهكذا ففي انحلال ميثاق الزوجية تحسب أجرة الرضاعة على الأب للأم أو للمرضعة على اعتبار أن الاب هو الملزم بالانفاق أو على الأم إذا كانت موسرة والأب عاجز (المادة  199 ) .
وهكذا إذا حكمت المحكمة للمرأة بالنفقة في حاله ما إذا كان الزوج ممتنعا عن الانفاق ، فإن الحكم يجب أن يحكم بتحديد النفقة المستحقة للزوجة من تاريخ إمساك الزوج عن الانفاق وليس من تاريخ الحكم، وتبقى النفقة مستمرة وتعتبر دينا على الزوج إذا لم يؤديها ولا تسقط بأي حال من الأحوال إلا في حالة ما إذا كانت الزوجة ناشزا أي غادرت بيت الزوجية إلى بيت والديها أو غيره وصدر حكم بضرورة رجوعها إلى بيت الزوجية وامتنعت عن العودة في هذه الحالة تسقط عنها النفقة وهكذا فلا تستحق النفقة من هي في حالة النشوز ما لم يصدر حكم برجوعها إلى بيت الزوجية، وامتنعت فإذا ادعت الزوجة عدم الانفاق عليها ، فعلى المحكمة أن تعتمد جميع الوسائل الكفيلة للإثبات إلا أن القضاء استقر على القاعدة المقررة فقها قول الزوج بيمينه إذا كانت الزوجة في بيت الزوجية والقول  قول الزوجة بيمينها إذا لم تكن في بيت الزوجية.

ونفقة الأقارب تجب على الأولاد للوالدين وعلى الأبوين لأولادهما طبقا لأحكام المادة 197 من مدونة الأسرة .
ومن الحقوق التي رتبتها الشريعة الإسلامية الغراء حق نفقة القريب على قريبه، كما أن الزوجية تعتبر سببا لوجوب نفقة الزوجة على زوجها فالشيء نفسه بالنسبة للقرابة والمدونة حددت ذلك في قرابة الولادة
-قرابة الأصول: والأصل في اللغة أسفل كل شيء[33] وفي الاصطلاح هو: من ولد الشخص منه كالأباء والأجداد والأمهات والجدات وإن علو
وهكذا فإن النفقة تجب لهؤلاء من طرف فروعهم
قرابة الفروع: والفرع في اللغة أعلى كل شيء [34] ففرع كل شيء وفي الاصطلاح هم من ولدوا من أبوين كالأبناء والبنات وأبنائهم وبناتهم مهما نزلوا
والنفقة تنحصر في الفروع من الدرجة الأولى أي الأبناء المباشرين أم أبناء الأبناء فنفقتهم على آبائهم
وتستمر مدة نفقة الأب على أولاده إلى حين بلوغهم سن الرشد، أو اتمام الخامسة والعشرين بالنسبة لمن يتابع دراسته ، وفي كل الأحوال لا تسقط نفقته
الأحكام المتعلقة بثبوت ونفي النسب
المطلب الثالث: دعوى النفقة
الخطبة والزواج
_________________________
[1] – سورة البقرة الآية 19
[2] – سورة المنافقون الآية 10
[3] – سورة العنكبوت الآية رقم 7
[4] – أخرجه الإمام أحمد
[5] – سنن النسائي الحديث ، عدد 2499
[6] – المغنى 11/ 373
[7] – المحلى 10 / 100 – 106
[8] – سورة النساء الآية رقم 11
[9] – سورة النساء ، الآية 11
[10] قال سحنون في المدونة :” قلت فولد الولد قال لا نفقة لهم على جدهم وكذلك لا تلزم على حدهم ولا يلزم المرأة النفقة على ولدها وتلزم النفقة على أبويها وإن كانت ذات زوج وإن كره ذلك زوجها كذلك قال مالك ولا يلزم نفقة الأخ ولا أخت ولا ذي قرابة ولا دي رحم محرم
[11] سورة المائدة ، الآية رقم 1
[12] النوازل الصغرى 2 / 474
[13] محمد الأزهر  شرح المدونة الأسرة ” الطبعة الثالثة مطبعة دار النشر المغربية عين السبع الدار البيضاء ،  2008 ص  426 وما بعدها .
[14] – الماوردي ، م س ، 478/11
[15] – رواه النسائي وغيره
[16] – رواه البخاري من حديث:” ابدأ من تعول ” تقول المرأة:” أما أن تطعمني وإما أن تطلقني ” ويقول العبد أطعمني واستعملني ” ويقول الإبن:” اطعمني ، إلى متى تدعني” وفي رواية:” أنفق علي” بدل ” أطعمني ”
[17] تعتبر السكنى من مشمولات النفقة ، حيث يجب ان يوفره الزوج، وقد استقر القضاء المغربي على اعتبار كذلك نظرا مثلا:
ابتدائية الدار البيضاء عدد 208 / 33/ 2004 بتاريخ 21 / 4/ 2004 غ م
استئنافية الدار البيضاء، قرار رقم 779 بتاريخ 23 / 11/ 2005 غ م
[18] – أخرجه البخاري في باب النفقات
[19] سورة الطلاق ، الآية رقم 7
[20] ويقصد بالمشتقاة حسب ما قل به الأحناف الإدام واللحم والخضر والفاكهة والزيت والسمن وما تتطلبه الحياة حسب المتعارف عليه
[21] – انظر محمد الأزهر ، مرجع سابق، ص 428
[22] – انظر محمد الأزهر ، مرجع سابق، ص 428
[23] – نفس المرجع أعلاه ص  429
[24] – قرار عدد 69 الغرفة الاجتماعية بتاريخ 4 صفر 1391 مشار إليه في محمد الأزهر ” شرح مدونة الأسرة ” مرجع سابق، ص 431.
[25] – انظر محمد الأزهر مرجع سابق، ص 431.
[26] سورة النساء ، الآية 34
[27] سورة البقرة الآية رقم 231
[28] سورة الطلاق ، الآية رقم 6
[29] – انظر محمد الأزهر ، مرجع سابق، ص 436
[30] – وتمكين المرأة الرجل من نفسها هي أن تدعوه للوطء كأن تقول له: إني مسلمة بنفسي إليك، فإن لم يكن حاضرا تقول له تخير وقتا أجيء إليك فيه أو تجيء إلي فإن لم يحضر كان لها الحق في النفقة
[31] – قرار المجلس الأعلى عدد 69 بتاريخ 8 / 2/ 1984 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 21
[32] – محمد الأزهر ، شرح مدونة الأسرة ، الطبعة الثالثة، مطبعة دار النشر المغربية عين السبع ، الدار البيضاء ، 2008 ص 445
[33] – لسان العرب باب الأم ، فصل الهمزة
[34] – لسان العرب ، باب العين ، فصل الفاء

قرأوا أيضا...

1 فكرة عن “تعريف النفقة والنصوص القانونية المنظمة لها”

  1. محمد كامل صالج

    متى تسقط نفقه الابناء التى تاخذها المطلقه الحاضنه عند اسقاط حضانه هذه المطلقه للاولاد هل تسقط هذه النفقه بسقوط حضانه المطلقه للاولاد اى لا يحق للمطلقه المطالبه بنفقه الاولاد من تاريخ اسقاط حضانتها للاولاد ام من تاريخ اخر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.