الخطبة والزواج
“… الأحكام المتعلقة بقضايا الأسرة لجهة مكناس تافيلالت وهي أحكام تتعلق بالحضانة والنسب والطلاق ثم الزواج والنفقة وذلك فيما يخص سنتي 2004 و 2005 وبذلك فضلنا أن نبحث في هذا الموضوع وذلك من خلال رصد هذه الأحكام …”
رسالة لنيل الإجازة
الخطبة والزواج
مقدمة:
مما لا شك فيه أن مدونة الأسرة شكلت حدثا حقوقيا متميزا في بناء المشروع الحداثي الديمقراطي الذي رسم معالمه وأرسى قواعد جلالة الملك محمد السادس والذي يعتبر مفخرة جلالته على الصعيدين الداخلي والخارجي، إذ لا يستقيم الحديث عن التنمية دون التفكير في إصلاح أحوال الأسرة وأوضاعها وملامسة مشاكلها مع اقتراح الحلو القيمة لمعالجتها بغية النهوض بشؤونها في مختلف مناحي باعتبار أن الأسرة هي النواة الاولى لتكوين المجتمع المغربي ورهانه الحقيقي لكسب معركة التنمية وبالطبع لا يمكن أن يحادل أحد في أن مدونة الأسرة شكلت منعطفا هاما انعكس على حقوق وواجبات الأسرة سواء منها ما تعلق بطرفي العلاقة الزوجية او تلك المتعلقة بالأبناء حتى أضحت التجربة المغربية رائدة في العالم الغربي والإسلامي وبين الأولاد والحفدة من جهة أخرى سعيا لتحقيق الكرامة الإنسانية والتكافل الاجتماعي مبني على أساس الاستقرار والتماسك والتضامن بين أفراد الأسرة المغربية.
لقد انتظر المغاربة قرابة خمسة عقود لكي يحضوا بمدونة عصرية للأسرة تلبي حاجيات بناء مشروع الحداثة الديمقراطية الذي انطلق فيه المغرب منذ مطلع القرن الحالي، ورصدا لأهم المخططات الجديدة تجدر الإشارة إلى أنه بمجرد بزوغ فجر الاستقلال وحرصا منها على تأكيد سلطاتها في مجال التشريع ، عمدت الدولة سنة 1957 إلى تجميع أحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالأسرة في مدونة الأحوال الشخصية وذلك وفق الراجح والمشهور وبما جرى به العمل في مذهب الإمام مالك مع تبني بعض الأحكام التي تضمنتها المذاهب السنية الأخرى، غير أن التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية العميقة التي عرفها المجتمع المغربي خلال الفترة الممتدة بين سنة 1957 و 1993 ساهمت في ظهور منظمات نسائية تمخضت نشاطاتها عن صياغة مجموعة من المطالب عرضت في شكل مذكرة على أنظار جلالة الملك الذي أمر سنة 1993 بتشكيل لجنة ملكية انكبت اشغالها على إدخال تعديلات على مدونة الأحوال الشخصية من منظور توافقي تم تبنيها من طرف صاحب الجلالة، إلا أن التعديلات الجديدة لم تكن لترضي مطالب الحركة النسائية وتطمئن هواجسها فاستمر الاحتقان بالمجتمع المغربي بخصوص أوضاع المرأة إلى أن بلغ ذروته عن تقديم الوزير الأول السابق السيد عبدالرحمان اليوسفي مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية خلال شهر مارس 1999 مما أدى إلى انقسام المجتمع المغربي إلى قسمين متعارضين تمثل في مسيرتي الرباط والدار البيضاء يوم 12 مارس ونتيجة لذلك جاء التدخل الملكي حاسما بأن بادر إلى تشكيل لجنة وطنية سنة 2001 بهدف إعادة النظر في مدونة الأحوال الشخصية وذلك باعتماد أحكام الشريعة الإسلامية وفق منظور اجتهادي يتلاءم ومشروع الديمقراطية الحداثية الذي رسم معالمه صاحب الجلالة الملك محمد السادس وقد أثمر عمل هذه اللجنة عن ميلاد مدونة الأسرة سنة 2003 التي تحكمت في صياغة نصوصها الرغبة في المساهمة في بناء المشروع الحداثي المواكب لتطورات العصر وذلك عكس ما طبع محطة 1957 ولعل أبرز المستجدات التي جاءت بها المدونة الحالية فيما يلي:
إقرار مبدأ المساواة بين الزوجين وإقرار مبدأ التدخل الفوري والتلقائي للنيابة العامة كطرف أصلي في الدعاوي المتعلقة بالتطليق وإقرار مراقبة القضاء على مسطرة الطلاق تم تقييد إمكانية التعدد بشروط شرعية صارمة.
وتفعيلا للمقتضيات التي تضمنتها مدونة الأسرة اعطى جلالة الملك توجيهاته السامية من أجل خلق قضاء أسري عصري ومؤهل ومواكب لركب التطور والتنمية الشاملة وتم تتويج ذلك بتخصيص مقرات لائقة مستقلة أمام المحاكم الابتدائية يترأسها القاضي بصفته رئيس قسم يعين بقرار وزير العدل يزاول مهامه تحت إشراف رئيس المحكمة الابتدائية التابع لها.
هكذا وقد اخترنا هذا الموضوع بالذات نظرا لأهميته وفوائده المتعددة ، كما أردنا أن نساهم في هذا الباب وذلك من خلال رصد الأحكام المتعلقة بقضايا الأسرة لجهة مكناس تافيلالت وهي أحكام تتعلق بالحضانة والنسب والطلاق ثم الزواج والنفقة وذلك فيما يخص سنتي 2004 و 2005 وبذلك فضلنا أن نبحث في هذا الموضوع وذلك من خلال رصد هذه الأحكام ثم بعد ذلك عملنا على العمل على الكشف عن التوجه القضائي السائر في هذا المجال وذلك من خلال التعليق على هذه الأحكام .
ومن أجل هذه الغاية المحمودة حاولنا قدر المستطاع أن نساهم في هذا المجال وكل ذلك عن حسن نية وصفاء طوية خدمة للعلم ورفعا من شأنه وإخلاصا لله قبل كل شيء.
غير أنه ونحن بصدد إنجازنا لهذا البحث فقد اعترضتنا مجموعة من العراقيل والصعوبات التي تتجلى في ندرة المراجع المتعلقة بهذا الموضوع وقلتها وهذا من جهة ، أما من جهة أخرى ونحت بصدد جمع هذه الأحكام فقد اعترضتنا كما سبق القول مجموعة من المشاكل تمثلت في بعض الاستفزازات الموجهة إلينا من طرف بعض المسؤولين العاملين في قسم قضاء الأسرة ونذرك هنا على سبيل المثال مسؤولي مركز الحاجب وميدلت والتي لم تمدنا ولو بحكم واحد، كما لا ننسى أيضا كل من مد لنا يد المساعدة وأعاننا على هذا البحث ونذكر هنا الرئيس الأول للمحكمة الابتدائية بمكناس قسم قضاء الأرة الذي لم يبخل علينا بمده يد المساعدة إلينا وإسداء لنا بعض النصائح والمعلومات المتعلقة بهذا البحث وإلى كافة السادة القضاة بمراكز تنجداد ، كلميمة، الريصاني ، أرفود ، الريش ، المحكمة الابتدائية بالراشيدية ، وخنيفرة ، كما لا ننسى السادة القضاة بمركز مولاي ادريس زرهون وإفران رغم أننا لم نحصل على أي حكم من هذه الأخيرة لوجود فراغ على مستوى هذا المركز لسنتي 2004- 2005.
ورغم كل هذا ونظرا لإيماننا الراسخ ان العمل الجاد لا يجدي أكله إلا إذا اعطاه الإنسان أكثر ما عنده فقد بدلنا قصارى جهدنا ليخرج هذا العمل المتواضع في صورة مقبولة مستوفيا لجميع شروط البحث العلمي وآلياته المنهجية.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الدكتورة الجليلة فريدة المحمودي قد أطلعت بدور فعلا وإليها يعود الفضل الكبير في تدليل كل العقبات وتبديد كل الصعوبات التي كانت تعترضنا بين الفينة والأخرى ، وهي لم تكن تتردد في مدنا بيد المساعدة الأمر الذي كان له بالغ الأثر على القيمة العلمية لهذا البحث.
أما على صعيد المراجع فقد حرصنا على أخذ ملعوماتنا من مصادرها الأصلية ونذكر هنا على سبيل المثال: شرح مدونة الأسرة لمحمد الأزهر ، والشافي في شرح مدونة الأسرة بجزئيه الاول والثاني للأستاذ عبدالكريم شهبون ، وشرح مدونة الاسرة الجزء الاول ” الزواج” لمحمد الكشبور…. وسيجد القارئ في فهرس البحث كل ما يتعلق بالموضوع.
ونظرا لأهمية وحساسية الموضوع فقد ارتاينا أن نتناوله إلى جانب المقدمة والفهارس والخاتمة في ستة:
- الفصل الأول: الخطبة والزواج
- الفصل الثاني: انحلال ميثاق الزوجية
- الفصل الثالث: الولادة ونتائجها
- الفصل الرابع: الحجر والكفالة
- الفصل الخامس: دعوى الميزان وتذليل الأحكام الأجنبية
الخطبة والزواج
ما هو قانون الاسرة المغربي