الحماية الجنائية للإنسان المعرض للخطر – المطلب الثاني :
ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حياة الإنسان وقرر أن لكل فرد الحق في الحياة وعدم التعرض للخطر بأي شكل من الأشكال وأوجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والساسية بأن لكل إنسان الحق الطبيعي في الحياة دون تعريضه للخطر كما يحمي القانون هذا الحق ولا يجوز حرمان أي فرد من حياته بشكل تعسفي أو يعتدي عليها لذلك تدخل المشرع الجنائي المغربي فجرم العديد من الأفعال كالاختطاف ( الفقرة الأولى) أو جرائم التحرش الجنسي ( الفقرة الثانية ) لما قد يترتب عنها من تعريض لحياة الإنسان للخطر ولما تنطوي عليه من إساءة للحياة.
الفقرة الأولى : الحماية من الاختطاف
الاختطاف هو الاستيلاء على الشخص دون رضاه وهو بذلك يعتبر بين أخطر أشكال الاعتداءات التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان لمساسه بالحرية الشخصية مع ما قد يترتب عن ذلك من أخطار قد تصل إلى حد قتل المخطوف ، خاصة كلما كان المخطوف قاصرا وذلك بسبب ضعف قدرته الجسمية والعقلية حيث يمكن أن يقع بسهولة ضحية الاختطاف
ونظرا لخطورة جرائم الاختطاف على القاصرين فقد تعامل معها المشرع الجنائي المغربي بنوع من التشدد في التجريم والعقاب [1] حيث ينص الفصل 471 على معاقبة الخاطف بالسجن من خمس إلى عشر سنوات إذا استعمل العنف أو التهديد أو التدليس لاختطاف قاصر دون الثامنة عشر عاما أو الاستدراجه أو إغرائه أو نقله من الأماكن التي وضعه فيها من له سلطة أو إشراف عليه ، سواء فعل ذلك بنفسه أو بواسطة غيره.
كما عمل المشرع الجنائي المغربي على التنصيص في الفصل 478 على رفع عقوبة جريمة اختطاف القاصر الذي لا تتجاوز سنه اثني عشر عاما من عشر إلى عشرين سنة سجنا إلا أنه خفض هذه العقوبة فجعلها متراوحة بين خمس إلى عشر سنوات إذا ما عثر على القاصر حيا قبل صدور الحكم بمؤاخذة الجاني [2] وما أخذ المشرع الجنائي المغربي بهذا التخفيف في العقوبة إلا مراعاة منه لمصلحة الطفل وذلك من أجل تشجيع الجاني على العدول عن فكرة القتل إذا كان قد اختطفه لهذا الغرض.
ولسد الباب أمام بعض الجناة الذين قد تدفعهم حاجتهم إلى خطف أطفال قاصرين من أجل المطالبة أبائهم أو كل من له سلطة أو إشراف عليهم بفدية مالية مقابل إطلاق سراحهم ، فقد عمل المشرع المغربي على رفع العقوبة في مثل هذه الحالات إلى السجن المؤبد أو الإعدام في حالة ما إذا اتبع الاختطاف موت القاصر ( ف 474 ق ج ).[3]
غير أن عقوبة الجاني تخفف إذا اختطف أو غرر بقاصر تقل سنه عن ثمان عشرة سنة بدون استعمال عنف أو تهديد أو تدليس. إذ يعاقب في هذه الحالة بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم.
أما إذا تزوج الجاني القاصرة البالغة التي اختطفها أو غرر بها فإن النيابة العامة لا يمكنها أن تحرك المتابعة في هذه الحالة إلا بناء على شكوى من الشخص الذي له الحق قانونا في إبطال الزواج ولا يجوز الحكم بمؤاخذته إلا بعد صدور الحكم بهذا البطلان فعلا[4].
وبإعمال هذا الفصل يكون المشرع الجنائي المغربي قد انتزع ما وفره من ضمانات لحماية القاصر من الاختطاف لأن الأخذ بمثل هذا الحكم سيفتح أمام الجاني بابا واسعا للتهرب من العقاب خاصة إذا علمنا أن أغلب الأطفال ضحايا الاختطاف هم إناث
إذ يمكن للجاني أن يتزوج المختطفة ومن تم سيضع وليها أو من له سلطة عليها أمام أمر الواقع ولا يمكنه في مثل هذه الحالة إلا أن يبارك هذا الزواج خاصة إذا كان الجاني قد افتض المختطفة ، نظرا لما تمثله العذرية من أهمية بالنسبة للفتاة والأسرة معا في المجتمع وأيضا لما يترتب عنها من إنهاء لحياتها بصفة معنوية [5].
وحتى على فرض تفضيل مصلحة القاصرة المختطفة في مثل هذه الحالة بإعطاء وليها أو من له سلطة عليها بإمكانية إقرار زواجها من الخاطف فليس كل قاصرة ( بالغة) قادرة على الزواج لأن الفتاة قد تبلغ بمجرد بلوغها الثانية عشر من عمرها.
وحتى على فرض أنها بالغة وأن سنها يفوق 16 سنة فمن سيسمح لها بالزواج في مثل هذه الحالة ونحن نعلم أن المادة 20 من مدونة الأسرة لا تسمح بزواج القاصر إلا بعد الحصول على إذن قضائي من القاضي المكلف بالأسرة [6].
إن المشرع المغربي لم يحدو حدو باقي التشريعات المقارنة التي تقيم تمييز في العقاب بين الحالة التي يقع فيها الاختطاف أنثى وتلك التي يكون ضحيتها ذكرا، كما هو الشأن بالنسبة لقانون العقوبات المصري الذي ينص في مادته 289 على أن ” كل من خطف من غير تحايل ولا إكراه طفلا يبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة بنفسه أو بواسطة غيره يعاقب السجن من ثلاث سنوات إلى سبعة سنوات أما إذا كان المخطوف أنثى فتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن من ثلاث إلى عشر سنوات [7] ، ومن بين المأخذ على المشرع المغربي في هذا الإطار، هي أنه لم يتطرق إلى بعض الأثار التي قد تترتب عن الاختطاف ، كالاغتصاب أو هتك العرض أو تسخير لمخطوف للأعمال الإباحية أو الاتجار فيه.
الحق في الحياة فقها و قانونا
____________________________
[1] – محمد مرزوكي : السياسة الجنائية في مجال الأسرة والأحداث ومساعدة الضحايا ” ندوة السياسية الجنائية بالمغرب واقع وآفاق مكناس أيام 9 – 10- 11 دجنبر 2004 المجلد الأول منشورات جمعية نشر المعلومات القانونية والقضائية 2004 ص 339 – 340
[2] – محمود أحمد طه ” الحماية الجنائية للطفل المجني عليه ” أكاديمية نايف للعلوم الأمنية الطبعة الأولى الرياض ، 1999 ص 64.
[3] مصباح مصباح القاضي ، الحماية الجنائية للطفولة دار النهضة العربية ا، الطبعة الأولى القاهرة 1998 ص 40
[4] العلمي عبد الواحد القانون الجنائي المغربي ” مطبعة النجاح الجديدة الطبعة التالية 2003 ص 230.
[5] – محمد عزودي الحماية الجنائية للطفل ضحية سوء المعاملة ، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة الأسرة والطفولة السنة الجامعية 2006 – 2005 ص 28 – 29.
[6] جريمة خطف القاصرين وعدم تقديمهم في مادة الحماية الجنائية للأسرة وحدة التكوين والبحث الأسرة والهجرة تحت إشراف محمد شهيب 2006-2007 كلية الحقوق وجدة ص 17
[7] – البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشان بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء والمواد الإباحية
الحمايه الجنائيه للمراه ضد التحرش الجنسي وضد الاغتصاب وبشكل عام يجب ان ان ندرس موضوع الحمايه الجنائيه للمراه بشكل معمق اكتر