التنفيذ الجبري عن طريق الحجز وشروط توقيع الحجز التحفظي

التنفيذ الجبري عن طريق الحجز المبحث الثاني:
لما كان التنفيذ المباشر قليلا ولم يهتم به المشرع المغربي كثيرا على غرار باقي التشريعات الأخرى، وذلك خلافا أو على عكس التنفيذ عن طريق الحجز حيث عمدت أغلب التشريعات ومن ضمنها التشريع المغربي على تنظيمها بشكل دقيق . بناء على ذلك سنتناول التنفيذ عن طريق الحجز عبر أربعة مطالب حيث سنخصص الأول للحجز التحفظي ، وفي ( المطلب الثاني) التنفيذ عن طريق الحجز التنفيذي ، ثم في ( المطلب الثالث)(المطلب الرابع والأخير) آثار الحجزعلي القيم المنقولة [1].

المطلب الأول : الحجز التحفظي
يقصد بالحجز التحفظي ذلك الحجز الذي يكون هدفه الأساس مجرد وضع الأموال المنقولة التي يملكها المدين تحت يد القضاء لمنعه من التصرف فيها تصرفا يضر بالحاجز. ويتضح من هذا التعريف أن الحجز التحفظي يتميز بمسألتين “يحددان نظاقه وهما تتعلقان بمحل الحجز وهدفه : [2]

من حيث شكل الحجز التحفظي
لا يرد الحجز التحفظي إلا على المنقولات المملوكة للمدين وتطبيقا لذلك فإن هذا الحجز يرد على المنقولات المادية كالبضائع والآلات (التي لا تعد عقارا بالتخصيص ) والآثاث والمفروشات والقيم المنقولة باعتبارها كذلك من المنقولات المادية، كما يرد أيضا على المنقولات غير المادية كالديون التي تكون للمدين لدى الغير[3].

من حيث هدف الحجز
لا يستهدف الحجز التحفظي بصفة أساسية ومباشرة بيع أموال المدين ولكن غايته الأساسية هي حماية الدائن من خطر معين، هو قيام المدين لتنظيم مسألة إعساره وذلك بالتصرف في منقولاته بتفويتها إلى مشترى حسن النية لا يمكن استردادها منه. لذلك فإن الهدف المباشر لهذا الحجز هو مجرد المحافظة على أموال الدائن وعدم نفاذ تصرفات المدين بشأن هذه الأموال. وبعبارة أخرى فإن الحجز التحفظي هو إجراء احتياطي ضد الإعسار المحتمل للمدين .
إذن فالحجز التحفظي هو إجراء تمهيدي يستهدف بصفة أساسية بحث آثار التصرفات التي يجريها المدين في أمواله المنقولة. فإذا لم يقم المدين بالوفاء تباع هذه الأموال استيفاء الإجراءات اللازمة بإجراءات لبيع المنقول .

وبخلاف التشريع المغربي الذي لم يحدد أية مدة أو آجال معينة، فإننا نجد في القانون اللبناني مثلا( المادة 620 من قانون الأصول المدنية ) تفرض على الدائن الحاجز وجوب تقديم دعوى الدين أمام المحكمة المختصة في ظرف ثمانية أيام مع مراعاة مهلة  المسافة ، وإلا سقط الحجز ولذلك يجب أن يحذو المشرع المغربي حذو نظيره اللبناني وذلك بتحديد أجل معين يفرض من خلاله على الدائن الحاجز تحفظيا أن يتقدم بمقال افتتاحي للدعوى، وذلك تفاديا لترك أموال المدين المحجوز عليه محجوزة إلى مالا نهاية.

فقرة أولى : الشروط الواجب توافرها لتوقيع الحجز التحفظي
يشترط لتوقيع الحجز التحفظي شرطين ( أولهما ) يتعلق بالحق المحجوز من أجله ويتعلق ( ثانيهما) بالمال المحجوز .

الشرط الأول : وجود الحق المحجوز من أجله
يقصد بشرط وجود الحق المحجوز من أجله أن يكون بيد الدائن سند تنفيذي يجيز له إجراء الحجز التحفظي على أموال المدين، ففي هذه الحالة يجوز للدائن إجراء الحجز دون أي إذن من القضاء . ولذلك فإذا أثار المدين منازعة في وجود الحق، فإن ذلك لا يمنع من إجراء الحجز التحفظي طالما أن طالب التنفيذ يحوز سندا تنفيذيا يكفي بذاته لتحقيق وجود الحق[4].

أما في حالة ما إذا لم يكن مع الدائن سند تنفيذي، فإنه لا يجوز له توقيع الحجز التحفظي إلا بعد حصوله على إذن قضائي مسبق يصدره القاضي بناء على العريضة التي تقدم إليه، حيث يأذن القاضي بإيقاع الحجز التحفظي بأمر يصدره يتضمن تحديدا لموضوعه ولقيمة المبالغ المحجوز عليها ولطبيعة الأموال التي سيوقع الحجز عليها ، وإلا كان أمره باطلا.وفي حالة عدم حصول الدائن على الإذن المسبق فإن المادة 168 من التنفيذ الخاص بالقانون الفرنسي الصادر في 9-7- 1991 تعفيه من ذلك إذا كان معه سند تنفيذي أو حكم قضائي غير نافذ أو كمبيالة مقبولة أو سند إذني أو شيك لم يتم سداد أي منهما أو إذا كان معه عقد إيجار لعقار لم تسدد أجرته .

الشرط الثاني : أن يكون الدين المطالب به مبلغا من المال ومعين المقدار
من الشروط الواجب توافرها في الدين المطالب به حتى يصير قابلا للحجز التحفظي عليه أن يكون هذا الدين مبلغا من المال حيث إنه لا يجوز مثلا إيقاع الحجز التحفظي لإجبار المدين على تنفيذ التزام كالقيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل . والمال الذي يجوز إجراء الحجز التحفظي عليه هو المال المنقول ومن ثم فهو لا يرد على العقارات بطبيعتها ومن جهة أخرى فإنه لا يجوز حجز المنقولات التي تعتبر عقارا بالتخصيص حجزا تحفظيا وذلك لأن هذه العقارات تحجز باجراءات الحجز على العقار [5]. والحجز التحفظي جائز سواء كان هذا المنقول المادي في حيازة المدين أو في حيازة الغير وكل ما في الأمر أن الإجراءات تختلف من حالة إلى أخرى فوجود المنقول في حيازة الغير يستلزم حجزه بإجراءات حجز ما للمدين لدى الغير التي نسبتها فيما بعد ، وهذا الحجز دائما حجزا تحفظيا .

ومن جهة أخرى، فإنه من أجل إيقاع الحجز التحفظي يجب تعيين مقدار الدين الذي يوقع الحجز التحفظي ضمانا له، وذلك حسب المادة 212 من اللائحة التنفيذية، وإذا لم يكن هذا الدين معين المقدار فإنه لا يوقع الحجز التحفظي إلا بإذن من قاضي التنفيذ يقدر فيه دين الحاجز فإذا تم توقيع الحجز التحفظي دون تعيين مقدار الدين تعيينا نهائيا أو مؤقتا كان الحجز باطلا.

ويعد هذا الشرط لازما مهما كان سند الحجز ، فإن كان بيد طالب التنفيذ سندا تنفيذيا أو حكما غير واجب النفاذ، أو لم يكن معه سند وحصل على إذن من القاضي، وكان الدين غير معين المقدار، فإنه ينبغي الالتجاء إلى قاضي التنفيذ لتقديره تقديرا مؤقتا أو نهائيا ثم يوقع الحجز التحفظي بعد ذلك. وحتى الحالات التي ينبغي فيها الالتجاء إلى قاضي التنفيذ لتعيين مقدار الدين ينبغي على القاضي إصدار أمره بهذا التعيين وإلا عد منكرا للعدالة .
التنفيذ الجبري على القيم المنقولة
___________________________________
[1] – عبد الحميد الشواربي، الأحكام العامة في التعبير الجبري ، منشأة المعارف الاسكندرية ، 2002 ص  491
[2] – عبد الحميد الشواربي، الأحكام العامة في التعبير الجبري ، منشأة المعارف الاسكندرية ، 2002 ص  492
[3] – المادة 215 من اللائحة التنفيذية الفرنسية الصادرة في 9 يوليوز 1991
[4] – عبد الحميد الشواربي ” الأحكام العامة في التنفيذ الجبري، منشأة المعارف بالاسكندرية 2002، ص 492.
[5] – عبد الحميد الشواربي ” الأحكام العامة في التنفيذ الجبري، منشأة المعارف بالاسكندرية 2002، ص 495.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.