تداول سندات القرض والقيود الواردة

ثانيا : القيود الواردة على حرية تداول سندات القرض.[1]
تجدر الإشارة إلى أن هناك نوعين من القيود( الاستثناءات) الواردة على حرية تداول سندات القرض، فبالإضافة إلى القيود القانونية المحررة بموجب النص القانوني الملزم ، نجد نوعا آخر من القيود ألا وهو القيود الاتفاقية التي تتم بمحض إرادة أطراف الاتفاق .

أ- القيود القانونية الواردة على حرية التداول :
إنه وسعيا من المشرع المغربي إلى حماية شركة المساهمة وتوفير مجال مريح لاشتغالها وتعاملاتها فقد قرر فرض استثنائين اثنين على حرية التداول المقررة حاصل بشأن هذه السندات تتقيد بمقتضى حرية الحائز في تفويت السند الواقع تحت ملكيته، وتنحصر بموجب الثاني حرية الغير الراغب في حيازة تلك السندات في تملكها .

1-القيد القانوني على التفويت:
إذا كانت سندات القرض تعتبر قيمة منقولة قابلة للتداول من قبل كل حائز وقعت تحت ملكيته وفق ما قررته ونصت عليه الفقرة الاولى من المادة 292 ق ش م بنصها على ما يلي :” سندات القرض سندات قابلة للتداول”، فإن المشرع المغربي قرر على هذه القاعدة استثناءا تمنع بموجبه الشركة المصدرة التي أعادت شراء سندات إصدار سابق من إعادة تفويتها وذلك طبقا لمنطوق المادة 312 من نفس القانون إذ جاء فيها ” تعتبر ملغاة وغير قابلة لإعادة التداول ، سندات القرض التي أعادت الشركة المصدرة شراءها .. ” . ولعل السبب في ذلك يعود بالدرجة الأولى والأساس إلى الحكم الذي رتبه المشرع في حق السند الذي تتوافر الشروط المحددة بنص المادة السالفة الذكر، ذلك أن إعادة شراء الشركة المصدرة للسند الذي سبق أن أصدرته ليترتب عنه انعدام هذا الأخير وصيرورته بنص القانون .
وهكذا فإذا كان المشرع قد خول الشركة المصدرة لسندات القرض إمكانية إعادة شراء كل أو بعض السندات التي قامت بإصدارها وحيازتها تبعا لذلك من يد حائزيها من جمهور المكتتبين. فإننا نجده قد قام بالمقابل بمنع لهذه الأخيرة من القيام بإعادة التداول بشأنها

2-القيد القانوني على حرية التملك:
على خلاف المنع الأول الذي تم تقريره بمقتضى الأحكام المنظمة لسندات القرض التي تم التنصيص عليها في إطار القانون المتعلق بشركة المساهمة، فإن القيد موضوع الدراسة يستمد كينونته من القانون رقم 213 – 93 – 1 المتعلق بالهيئات المكلفة بالتوظيف الجماعي للقيم المنقولة، إذ جاء في المادة 818 منه ما يلي :” لا يجوز للهيئة المكلفة بالتوظيف الجماعي للقيم المنقولة دون الإخلال بأحكام الفقرة الثانية من المادة 80 من ظهيرنا الشريف هذا المعتبر بمثابة قانون تملك أكثر من نسبة مئوية محددة لصنف واحد من أصناف القيم المنقولة الصادرة عن نفس الشخص ويحدد الوزير المكلف بالمالية بعد استطلاع رأي  مجلس القيم المنقولة النسبة المذكورة التي لا يمكن أن تزيد على 20 % “.

إن المشرع المغربي بوضعه لهذا القيد الكمي على قدرة الهيئات المكلفة بالتوظيف الجماعي للقيم المنقولة يكون قد عمل على جعل كل واحد من هذه الهيئات ممنوعة من الزيادة في التملك بشأن نوع القيمة المنقولة ومن بينها طبعا سندات القرض التي تقع تحت حيازتها تلك النسبة التي يتولى تحديدها وزير المالية بمقتضى قرار في هذا الشأن.

وكما ذكرنا أعلاه فإن القيود المفروضة على حرية التداول لا تجد مصدرها في مجرد النص التشريعي الملزم وإنما تستمد وجودها وفي حالات معينة من النص الاتفاقي القائم بين الأطراف .

ب- القيود الإتفاقية
لقد عمل المشرع المغربي على إفساح مجال رحب أمام إرادة أطراف الاتفاق الذي تنشأ بمقتضاه علاقة الدين السندي للتنصيص على كل شرط أو بند يحوز موافقتهم ومن تم صيرورته ملزما لهم استنادا إلى الأحكام القانونية الخاصة بهذا المجال وكذا تلك المنظمة لحقل التعاقدات بشكل عام.

هكذا وبالرجوع إلى المادة 14 من القانون رقم 212 – 93- 1 نجدها تنص على ما يلي : “يجب أن يحرر بيان المعلومات المنصوص عليه في المادة 13 من ظهيرنا الشريف هذا المعتبر بمثابة قانون وفقا للكيفية التي يحددها مجلس  القيم المنقولة. وأن يشار فيه بوجه خاص … ، مميزات العملية المزمع القيام بها “.

إن واضع النص القانوني هذا واعتبارا من جانبه للطابع التعاقدي لعمليات الاكتتاب نجده قد قرر إفساح مجال شاسع أمام إرادة الأطراف لاعتماد كل الشروط والبيانات التي يقدرون حيويتها وأهميتها بالنسبة إليهم على أن تخضع في ذلك لرقابة مجلس القيم المنقولة باعتباره الجهة العمومية المخول لها صلاحية التثبت من مدى قانونية تلك المضامين [2].
سندات القرضإن بيان المعلومات وباعتباره إيجابيا صادرا عن الشركة المصدرة تضمنه كل الشروط التي تعتبرها ضرورية لقيام عملية الإصدار بدورها الاقتصادي المعول عليها لعبه، ليعتبر الأساس القانوني والمنطقي الذي يخول الشركة المصدرة أن تورد في بيان المعلومات تلك قيودا تحد من حرية التداول، بل وأحيانا تمنعها كلما قدرت أن ذلك في مصلحتها وفيه فائدة لها خاصة ما تعلق بجانب استقرار التوجهات المعبر عنها

وبناء على التحليل الوارد أعلاه نتوصل إلى أن سندات القرض سواء كانت إسمية أو لحاملها وباعتبارها قابلة للانتقال والتصرف فيها كقاعدة عامة، فإنها يمكن التنفيذ عليها جبرا في الاستفادة الدائنين لديونهم.
التنفيذ الجبري على القيم المنقولة
___________________________________
[1] – يخضع المشرع المصري إمكانية التداول بشأن سندات القرض لقيد قانوني متمثل  في ضرورة كون السندات موضوع التداول التجاري مقيدة في جدول أسعار بورصة الأوراق المالية طبقا لنص المادة  47 من القانون رقم 159 لسنة 1981 :د الفريني محمد فريد ” الشركات التجارية ، شركات الأشخاص والأموال ” طبعة الثانية ،  1997 دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية ص  11.
[2] – تنص الفقرة الأخيرة من المادة من القانون 212 – 93 – 1 على ما يلي :” ويجب أن يؤثر مجلس القيم المنقولة على بيان المعلومات قبل نشره وتوزيعه “.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.