أركان المسؤولية المدنية (الطبية)

أركان المسؤولية المدنية (الطبية)الفقرة الثانية:
أركان المسؤولية عند الأطباء هي ذاتها أركان المسؤولية المدنية بوجه عام وبذلك يمكن حصر أركان المسؤولية المدنية عند الأطباء في أركان ثلاث هي:
أولا: خطأ الطبيب
ثانيا: حدوث ضرر للمريض
ثالثا: علاقة السببية بين الخطأ والضرر

إذا كان الاجتهاد القضائي الفرنسي قد استقر على اعتبار مسؤولية الطبيب مسؤولية عقدية إلا في بعض الأحوال الاستثنائية  فان القضاء فان القضاء في مصر[1] والمغرب مازال يتأرجح بين المسؤوليتين العقدية والتقصيرية

أولا: الخطأ الطبي (التعاقدي)
تخضع مسؤولية الطبيب المدنية عادة للمبادئ العامة للمسؤولية المدنية تبعا لنوعية الالتزام المفروض عليه، فعندما يتعلق الأمر بالمسؤولية العقدية فإننا نكون أمام خطأ عقدي، هذا الأخير الذي يتخذ عدة مظاهر قانونية تختلف باختلاف نوعية الإخلال الذي ارتكبه المدين.

وقد عرف بعض الفقه الخطأ الطبي بأنه ” إخلال بالتزام سابق يقع من شخص بصفته طبيبا خلال ممارسته للأعمال الطبية، أو بمناسبة ممارستها، لا يرتكبه طبيب يقض متبصر يوجد في نفس الظروف الخارجية “[2].

وهناك أيضا من عرف الخطأ الطبي بأنه ” الخروج عن الأصول والقواعد الطبية، والإخلال بواجبات الحيطة والحذر”[4]، في حين عرفه البعض الآخر بأنه ” إخلال الطبيب بالالتزامات التي تفرضها عليه مهنته وكذلك إخلاله بالالتزامات القانونية وذلك عند قيامه بعمل أو امتناعه عن عمل ما مع إدراكه لهذا الإخلال”[3]

فالطبيب بحكم عمله يتدخل في جسم المريض لتحسين صحته وتقويمها والعمل على علاج المرض بشتى الوسائل الممكنة وإذا تسبب تدخله في تدهور صحته، كان موضوعا للمسؤولية. ولكن هل تقوم مسؤولية الطبيب كلما ساءت صحة المريض أم لابد من ثبوت خطأ من جانبه؟ وما هي درجة الخطأ الطبي الموجب للمساءلة ؟

فإذا كان الخطأ قائما كلما حاد الطبيب عن تنفيذ التزاماته نحو المريض، الذي يكون إما التزاما ببذل عناية (بصفة أساسية)، أو التزاما بضمان السلامة (في بعض الحالات الخاصة)فان هذا لا يعني أن كل فشل في تحقيق الشفاء يعد بالضرورة خطأ طبيا، بالنظر للطبيعة الخاصة لمهنة الطب وصلتها الوثيقة بجسم الإنسان بما لتكوين هذا الجسم من أسرار، مما يجعل عمل الطبيب في الكثير من الحالات محفوفا بمخاطر غاية في الشدة والخطورة، لدرجة قد تصل معها إلى بتر عضو من أعضائه دون أن يتحمل أية مسؤولية إذا كان تدخله بقصد الحفاظ على صحة المريض ومقاومة عجزه ووضع حد لألآمه  ولم يرتكب خطأ أكيدا ومؤكدا[4].

ثانيا: حدوث ضرر للمريض
إن الضرر هو الصورة الملموسة التي تتمثل فيها نتائج الخطأ، مما يعني أن الخطأ إذا لم يترتب عنه ضرر فانه لا مجال لإعمال قواعد المسؤولية المدنية، وبما أن الضرر نوعان مادي ومعنوي فان الأضرار التي تلحق بالمريض نتيجة لخطأ الطبيب يمكن أنت تكون مادية أو أدبية، ومن أمثلة الأولى المساس بصحة الإنسان وسلامته الجسدية كلما ترتب عنها خسارة مالية كالإصابة التي تجعل الشخص عاجزا كليا أو جزئيا عن الكسب أو التي تكبله نفقات علاجية باهضة[5]، ومن أمثلة الأضرار الأدبية أو المعنوية الأذى الذي يلحق الشخص في كرامته أو شرفه أو قيمته الأخلاقية

ثالثا: علاقة السببية بين الخطأ والضرر
لا يكفي لتحقق المسؤولية العقدية أن يكون هناك خطأ من الطبيب و ضرر للمريض وإنما يلزم أن يكون هذا الخطأ هو السبب المباشر في وقوع هذا الضرر وإلا انعدمت المسؤولية المدنية[6] .
المسؤولية الطبية
_____________________
[1] يرى محمد حسين منصور أن القضاء المصري يعتبر مسؤولية الطبيب من حيث المبدأ العام مسؤولية تقصيرية، إلا أنها تكون في بعض الحالات عقدية ( هامش  رقم 195 أشار إليه الأستاذ محمد النباوي: مرجع السابق، ص 86 )
عبد القادر العرعاري: مصادر الالتزامات الكتاب الثاني المسؤولية المدنية، الطبعة الثانية ، مطبعة الكرامة ـ الرباط2005، ص 33[2]
[2]محمد عبد النباوي: المرجع السابق، ص 105
[3] نادية الرامي: ” المسؤولية الطبية في المغرب”، رسالة المحاماة، العدد 20، يوليوز 2003
19 صبري محمود الراعي ورضا السيد عبد العاطي: المرجع السابق، ص 211
محمد عبد النباوي: المرجع السابق،ص 106الى109[4]
صبري محمود الراعي ورضا السيد عبد العاطي: المرجع السابق، ص 225[5]
عبد القادر العرعاري: المرجع السابق، ص 47[6]

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.