إعتبار مفتش الشغل ضابط شرطة قضائية

1-اعتبار مفتش الشغل ضابط شرطة قضائية
نشير في بداية هذه النقطة إلى مسألة أثارت إشكالا في إطار علاقة مفتش الشغل بالقضاء الاجتماعي، تتمثل في كون النيابة العامة تعمد إلى تكليف الضابطة القضائية باستدعاء مفتش الشغل بصفته شاهدا، حيث يتعين عليه بطبيعة الحال أداء اليمين قبل الإدلاء بشهادته([1])، وهو الأمر الذي رفضه مفتشوا الشغل لكونه ينطوي على انتفاص من قيمتهم باعتبارهم موظفين محلفين.

وطالب مفتشوا الشغل بعدم استدعائهم بالصفة المذكورة –صفة شاهد- من طرف القضاء، وهو الأمر الذي لقي آذانا صاغية، بحيث صدرت دورية وزارية عن وزارة  العدل تقتضي بعدم استدعاء أعوان التفتيش بالصفة المذكورة.

والملاحظ أن تعامل القضاء المغربي مع محاضر تفتيش يثير مفارقة غريبة، على اعتبار أن المشرع قد منحها من خلال المادة 539 من مدونة الشغل، قوة ثبوتية إلى أن يتبين عكس ما ضمن فيها، أي أنه منحها نفس قوة محاضر ضباط الشرطة القضائية. إلا أن الواقع العملي يفرز كون القضاء الاجتماعي يعتبر محاضر التفتيش مجرد بيان وكأنها لم تستجب للشروط الواجب توافرها في المحضر حتى يعتد به قانونا وتكون له قوة ثبوتية([2]).

والملاحظ أن الوضع السالف ذكره لن يتأتى تجاوزه إلا باعتبار مفتش الشغل ضابط شرطة قضائية، وفي انتظار ذلك لا أقل من أن يتدخل المشرع لإعطاء فعالية أكبر للمحاضر التي يحررها رجال تفتيش الشغل([3]).

وفي نفس السياق طالب مفتشوا الشغل، إضافة إلى إقامة علاقة تعاون وتنسيق بين مفتشية الشغل، والقضاء الاجتماعي، بضرورة منح المفتش صفة ضابط شرطة قضائية وإعطاء المحاضر التي ينجزها قوة لا يطعن فيها إلا بالزور([4]).

والواقع أن مطالب مفتشي الشغل وكذا جانب كبير الفقه المهتم بالموضوع، بخصوص منح مفتش صفة ضابط شرطة قضائية على جانب كبير من الموضوعية، ذلك أن منحه-المفتش- الصفة المذكورة سيحل العديد من المشاكل التي تحول دون قيام علاقة تكامل بين جهازي الرقابة الإدارية والرقابة القضائية.

خاتمة:
يظهر جليا من خلال تتبع مشاريع مدونة الشغل، خاصة مشروعي سنة 1994و1995، أن هناك نية لدى البعض في تكريس واقع الضعف والتهميش لجهاز تفتيش الشغل من جهة، ومحاولات حيثية لإبطال مفعول المحاضر التي يحررها مفتش الشغل من جهة أخرى، وبالتالي هدم أي علاقة مباشرة، بين جهاز التفتيش والجهاز القضائي، من شأنها أن تدعم الجهازين في ميدان المراقبة وتطبيق القانون([5]).

وإذا كان المشرع المغربي، بإصداره لمدونة الشغل الجديدة، قد حاول مد جسور التعاون بين جهاز المراقبة الإدارية وجهاز المراقبة القضائية، وذلك بخلق علاقة تعاون وتشارك مباشرة بينهما تجلت على الخصوص في إمكانية إحالة محاضر ضبط المخالفات بشكل مباشر على القضاء قبل المندوب الإقليمي.

فإن العلاقة بين جهاز تفتيش الشغل والقضاء لا زالت بعيدة عن تطلعات مفتشي الشغل والمهتمين، هؤلاء وألئك ما فتئوا يطالبون بضرورة توطيد العلاقة بين كل من جهاز التفتيش وجهاز الدفاع وجهاز القضاء([6]).

وفي نفس السياق اعتبرت لجنة مراقبة الاتفاقيات، فيما سجلته عن المغرب في تقريرها لسنة 1989، أن مفتش الشغل ما زال محروما من حق إيقاع الجزاءات المباشرة([7]).
كما أن مفتشي الشغل أنفسهم يطالبون بإعطائهم صلاحية إصدار أوامر واستخلاص الغرامات وذلك في حدود 2000درهم.

وبذلك يمكن القول بأن تدعيم علاقة التعاون والتشارك بين القضاء الاجتماعي ومفتشية الشغل، الذي يمر عبر النهوض بهذه الأخيرة، يقتضي النظر إلى جهازي المراقبة معا. “أي جهاز التفتيش والقضاء” بمثابة وحدة متكاملة، بحيث يغدو التعاون والتكامل بينهما، والحالة بهذه واجبا والتزاما قانونيا، وهذا طبعا بعد تأهيل مفتشية الشغل خصوصا على المستوى المادي والبشري([8]).

لائحة المراجع:
& الكتب:
-الحاج الكوري –القانون الاجتماعي المغربي- الطبعة الثانية2001
الحاج الكوري –مدونة الشغل الجديدة-2004
-عبد اللطيف خالفي –الوسيط في مدونة الشغل الجزء الأول علاقات الشغل الفردية- المطبعة والوراقة الوطنية –الطبعة الأولى-2004.
-عبد العزيز العتيقي –قانون الشغل المغربي درامات وأبحاث- دار النشر المغربية- الدار البيضاء- 1997
-محمد الكشبور –نظام تفتيش الشغل الواقع الحالي وآفاق المستقبل-1997.
-موسى عبود- دروس في القانون الاجتماعي- المركز الثقافي العربي- الطبعة الثانية-1994.

& المقالات:
-بلقاسم بنبراهيم –تأملات حول دور مفتش الشغل في ظل القانون رقم 99-65بمثابة مدونة الشغل –المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات- العدد8- السنة2005.
-عبد العالي بناني أسنيرس –دور مفتشية الشغل وأثره على القضاء الاجتماعي- الندوة الثانية القضاء الاجتماعي-25-26فبراير1992.
-عبد العزيز العتقي-مفتشية الشغل ودورها في علاقات الشغل –مجلة الإشعاع- العدد4 السنة1990.
-محمد الدكي –تأملات في نظام تفتيش الشغل- مجلة القصر-العدد6-السنة2003.

& الرسائل:
-يوسف رزوق –تفتيش الشغل بالمغرب بين مهمة المراقبة ودور المصالحة- بحث لنيل دبلوم الملك العالي-1994-1995-المدرسة الوطنية للإدارة-الرباط.

& القوانين:
-مدونة الشغل
-قانون الإلتزامات والعقود
-قانون المسطرة الجنائية
-قانون المسطرة المدنية

المراجع باللغة الفرنسية:
&   Les ouvrayes :
v    Abdellah BOUDHRAINE –Droit du travail- sochpresse- université.
v    Jean PELISSIER, Alain SUPIOT, Antoine JEMMAUD- Droit du travail- Dolly Delta20eme édition-2000.
v    Mohamed TADLI –la reforme de la ligéslation sociale au Maroc- imprimerie elmaarif al jadida –Rabat- 2004
v    Veronique ROY –Droit du travail- Dound Paris-2004.
مفتشية الشغل

مفتشية الشغل Inspection du travail

_______________________________
[1] ففتش الشغل ليس شخصا عاديا حتى يطلب منه أداء اليمين قبل الإدلاء بشهادته بل هو موظف محلف، وهذا إذا ما تجاوزنا عن مسألة استدعائه من أصلها على اعتبار أن المحضر الذي يحررا باعتباره موظفا عموميا مختصا يغني، من حيث المبدأ عن استدعائه مرة أخرى لتلقي شهادته،هذا علاوة على كون مفتش الشغل ملزما بالقيام بالعديد من المهام وهو ما يجعل من غير المنطقي إلزامه بالحضور أمام  القضاء للأدالاء بشهادته.
-عن أحد مفتشي الشغل التابعين لمندوبية وزارة التشغيل بالرباط من خلال مقابلة أجريناها معه بتاريخ27/03/2007.
[2] وقد حدد المشرع المغربي قوة محاضر ضباط الشرطة القضائية في الفصول من 291 إلى 293 من قانون المسطرة الجنائية. وينص الفصل 291 من ق.م.ج. على ما يلي: “إن المحاضر التي يحررها في شأن التتبث من الجنح والمخالفات ضباط الشرطة القضائية وجنود الدرك يوثق بمضمنها ما لم يثبت ما يخالف ذلك”
أما الفصل 292 من ق.م.ج فقد نص على ما يلي: “لا يتوفر المحضر على قوة الإثبات القاطع إلا إذا كان صحيحا في الشكل وضمن فيه واضعه وهو يزاول مهام وظيفته ما عاينه أو تلقاه شخصيا في شأن الأمور الراجعة إلى اختصاصه”.
في حين ينص الفصل 293 من نفس القانون على ما يلي: “ما عدا ذلك من المحاضر أو التقارير لا يعتبر إلا مجرد دبيان”
[3] بلقاسم بنبراهيم-تأملات في نظام تفتيش الشغل-م-س-ص75.
[4] التوصيات الصادرة عن الندوة التي نضمتها ودادية مفتشي الشغل بالدار البيضاء بتاريخ 27يونيو1992. حول موضوع “واقع وآفاق مفتشية الشغل قانونا وممارسة”
-الاطلاع أكثر على الموضوع راجع على الخصوص:
-محمد الكشبور- نظام تفتيش الشغل- م.س-هامش الصفحة 86 و ما بعدها.
[5] عبد العزيز العتيقي-قانون الشغل المغربي- م س-ص182.
[6] إلا أنه لا بد من القول بأن علاقة وزارة التشغيل مع وزارة العدل تتحسن نحو الأفضل وهو ما بدأ تأثيره الإيجابي على علاقة جهاز تفتيش الشغل بالقضاء، في الظهور على مستوى الواقع العملي، من ذلك مثلا صدور مذكرة وزارية تقضي بعدم استدعاء مفتش الشغل من طرف القضاء بصفته شاهد.
[7] عبد العزيز العتيقي-مفتشية الشغل ودورها في علاقات الشغل-م-س-ص55
[8] –  للتوسع أكثر بخصوص تأهيل مفتشية الشغل بالمغرب راجع على الخصوص
-محمد الكشبور نظام تفتيش الشغل-م-س-ص79وما بعدها.

قرأوا أيضا...

1 فكرة عن “إعتبار مفتش الشغل ضابط شرطة قضائية”

  1. العامل الدابة

    لا يخفى عن احد انه في المغرب مفتش الشغل ينحاز مئة بالمئة الى رب العمل كونه الاقوى والاغنى أما العامل فهو الاضعف بل دابة تأكل و تنام حتى حين يأتي أجلها. معلوم بل جد معلوم أنه عندما يأ تي مفتش الشغل الى الشركة بخصوص قضية عامل ما يأخد مبلغ ربما بسيط وتغادا عن جميع واجباته تجاه هده الشركة لمدة طويلة من الزمن. لو ادخلنا شركة اجنبية تقوم بهادا العمل و خوصصنا هذا المجال كان افضل للبلد .المغرب. الوطن.لاكن بشرط ان يكونوا نصارا, أعطيكم مثل ,
    18 سنة في نفس الشركة لم ولن أرى فيها مفتش الشغل مع أنه يسما مفتشا والاوضاع مزرية وحقوق الانسان منتهكة بغض النضر عن الراتب لم يتغير 2050 درهم مدة 18 سنة .انضروا الزيادة التي منحت الى بعض القيطاعات من
    اموال الشعب ……..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.