التحري عن مدى جدارة الزبون بالائتماني البنكي

مسؤولية المؤسسات البنكية بخصوص عمليات الائتمان – المبحث الثاني:
تتميز العمليات البنكية [1]بكونها تقوم على الثقة المتبادلة بين المتعاقدين في شخص كل من الزبون و البنك و هذه الثقة عميق الأثر على الالتزامات المتقابلة للبنك و الزبون و على استقرار العلاقات التعاقدية فيما بينهم، حيث أن البنك يتعامل مع الزبون بناءا على تقدير معين لصفاته الشخصية ووضعيته الاقتصادية و المالية ،و لذا فإنه في كل عملية يريد البنك أن يقدم عليها فإنه يحاول دائما تجنب المخاطر التي يمكن أن ينجم عنها ،فلا يمولها إلا بعد أن يقدرها جيدا ،فإذا كانت العمليات البنكية تفترض وجود ثقة البنك في الزبون فإنها مطلوبة أيضا في البنك لأن الزبون يلجأ إليه في عمليات تهم أمــــواله

و مصالحه، لذا فهو لا يتعامل مع البنك إلا إذا كان واثقا فيه. و لقد قامت التشريعات الحديثة بما فيها التشريع المغربي بتكريس هذه الثقة في علاقة الزبون بالبنك و يتجسد ذلك ،فيما قررته في حق هذا الأخير من مسئولية[2].

و لذلك ،فحتي يؤدي البنك دوره بصورة يتلافى معها المخاطر ،يسوغ عليه أن يتقيد في سلوكه و تصرفاته بقواعد الحيطة و الحذر اللازمة في مجال توزيع الائتمان و أن يحترم الالتزامات المفروضة عليه .بهذا الخصوص (المطلب الأول) ومن جانبه فإذا كان المشرع أقر مبدأ الحق في الحساب البنكي لكل شخص راغب في ذلك و تتوفر فيه الشروط المحددة[3]،فإنه على خلاف ذلك لم يقرر الحق في الائتمان و الاستجابة لها أو رفضها من غير رقابة من لدن البنك المركزي .إلا أنه يؤاخذ على مبدأ حرية البنك في توزيع الائتمان مجموعة من العيوب(المطلب الثاني).

جدارة الزبون بالائتماني البنكيالمطلب الأول : الالتزامات المفروضة على المؤسسة البنكية في عمليات الائتمان
خلال مباشرتها للعمليات البنكية تقع على المؤسسة البنكية مجموعة من الالتزامات و التي يتعين الوفاء بها و لعل أهم هذه الالتزامات مايلي:

الفقرة الأولى : الالتزام بالتحري عن مدى جدارة الزبون بالائتماني البنكي :
من المعلوم أن الائتمان البنكي كما سلف ذكره يكون مبنيا على الاعتبار الشخصي ،و مفاد ذلك انه في حالة إقدام الزبون على إحدى العمليات الائتمانية فإنه يتعين على البنك أن يطلب تزويده ببعض المعلومات أو التقارير و الحسابات الختامية التي تعكس وضعه المالي ،و بذلك يجب على البنك قبل منحه ائتمانا للعميل أن يستعلم عن جدارته بالائتمان و ذلك من أجل الحيلولة دون تضرر دائني العميل من جراء انخداعهم بالمظهر الظاهـر

و المريح من الناحية المالية للزبون على اعتبار أن البنك أقدم على منحه الائتمان.

فقد اعتبر بعض الفقه المغربي ممثلا في أستاذنا الفاضل، د.أمحمد لفروجي مثل هذا التقصير عند منح البنك الائتمان دون تحر عن مدى جدارة طالبه بذلك بمثابة خطأ يلتزم البنك من خلاله بالتعويض عن الضرر الذي يتسبب فيه خطؤه هذا للزبون و كذا للغير الذي قد يمتد إليه هذا الضرر .[4]
عمليات الإئتمان البنكية
_________________________
[1]-  Selon. L :313/1du code monétaire et financier encore :
« constitue une opération de crédit tout acte par lequel une personne agissant à titre enéraux met ou permet de mettre des fonds à la disposition d’une autre personne ou prend ,dans l’intérêt de celle-ci ,un engagement par signature tel qu’un aval ,un cautionnement , ou une garantie ,sont assimilés à des opérations de crédit le crédit –bail, et de manière général ,toute opération de location assortie d’une option d’achat »
Voir :Philipe Neau-leduc ;droit bancaire ,Dalloz ,2 édition 2005 ,P :205.
[2] – عائشة الشرقاوي المالقي :الوجيز في القانون البنكي المغربي ،مطبعة دار أبي رقراق للطباعة والنشر ،الطبعة الأولى سنة 2004 ص :32 .
[3] – أنظر المادة 112 من القانون البنكي الجديد 34/03 .
[4] -محمد لفروجي :العقود البنكية بين مدونة التجارة و القانون البنكي ،المرجع السابق ص :416 .

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.