الحماية من الشروط التعسفية لقروض الإستهلاك

حماية المستهلك المقترض من الشروط التعسفية – المطلب الثاني:
تعتبر الشروط التعسفية من أهم ما يثقل التزام المستهلك في العقود الاستهلاكية عموما وعقود قرض الاستهلاك خصوصا، ويعتبر شرطا تعسفيا ” كل شرط يفرض على غير المهني أو على المستهلك من قبل المهني نتيجة التعسف في استعمال هذا الأخير لسلطته الاقتصادية بغرض الحصول على ميزة مجحفة “.

وعادة ما ترد هذه الشروط في عقود الإذعان وهي تبدوا وفقا للقواعد العامة شروطا اعتيادية لا تنال من سلامة الرضى. ولكنها في حقيقتها مجحفة وهذا ما يجعل الحاجة ماسة إلى حماية المستهلك المقترض من هذا النوع من الشروط خاصة، أن القوانين قد لا تأخذ بعين الاعتبار عدم تكافؤ الواقع الاقتصادي بين مؤسسة القرض بصفتها مقاولة تجارية تسعى لتحقيق الربح وتملك سلطة المعرفة والمال في نفس الآن وبين الطرف الضعيف في العلاقة، المستهلك والمحاط بظروف الحاجة، لكن السؤال الذي يثور هنا هو ماهي المخاطر التي تشكلها الشروط التعسفية على المقترض بحيث تستوجب تدخلا تشريعيا لحمايته ؟

يؤكد أغلبية الباحثين وكذلك المقترضون أنفسهم أن أكبر خطر يحيط بهؤلاء الأخيرين هو القرض الاستهلاكي وذلك لاعتباره عقد إذعان بامتياز، فالمقرض من خلال هذه العقود يقوم بإملاء شروطه على المقترض الذي لا يملك إلا التسليم بها دون مناقشة، وهكذا وفي ظل عدم احتواء المنظومة القانونية المغربية على قانون خاص بحماية المستهلك عموما والمقترض خصوصا فإن العقد الذي يربط الطرفين والذي عادة ما تقوم بصياغة بنوده مؤسسة القرض بشكل محترف يؤمن مصالحها بالدرجة الأولى وتدس خلاله العديد من الشروط التعسفية يبقى هو شريعة المتعاقدين والمرجع في حل كل نزاع بينهما وهو ما يتبين منه حجم ومستوى الخطر الذي قد يتعرض له هذا المستهلك من وراء هذا النوع من العقود والتي في ظل ما أشرنا إليه سابق في عدم وجود نص خاص لحمايته منها تبقى الوسيلة الوحيدة لحمايته هي القضاء من خلال تدخله في تفسير تأويل بنود العقد لفائدة الطرف الضعيف واعتماده على نظرية الشروط التعسفية كما هي مكرسة في القوانين المقررة الحديثة إضافة لإعماله بعض القواعد العامة وتوظيفها لأجل حماية المقترض، كمبدأ حسن النية، وعدم التعسف في استعمال الحق، ومبدأ العدالة التعاقدية أو التضامن العقدي أو مبدأ الطرف الضعيف [1] في العقد [2].

ومن الشروط التعسفية الخاصة نذكر على سبيل المثال اشتراط المقرض توقيع المستهلك على إعلان علمه بشروط العقد وبحالة البضائع بالرغم من أنه في الحقيقة يجهلها، وقيام مؤسسات الائتمان عند توقيع عقد القرض، بفرض مجموعة أوراق تجارية

( كمبيالات يتعين على المستهلك توقيعها ) وهذه الأوراق لها نتائج خطيرة على حماية المستهلك المقترض، ذلك أنه في حالة توقيعه على الكمبيالة أو السند لأمر، لا يمكنه نهائيا الاعتراض على الأداء ولو في حالة عدم تنفيذ البائع لالتزاماته، وكذا اشتراط الفصل التام من المقرض بين عقد البيع والقرض في عقود القروض الاستهلاكية المخصصة لشراء حاجة معينة، وذلك لإعفاء مؤسسات الائتمان من مسؤولية ناتجة عن عقد البيع كما يعتبر شرطا تعسفيا الشرط الذي يجبر بموجبه المستهلك في حالة الأداء المسبق للقرض يرد المبلغ الإجمالي لتكلفة القرض المحدد لكل فترة سداد. أو تحديد محكمة مختصة بعيدة عن موطن المقرض في حالة نزاع حول تنفيذ العقد[3]

هذا فيما يتعلق بالحماية الآنية للمستهلك المقرض، والتي أكدنا على قصورها عن توفير الحماية، وهو ما تنبه له المشرع في المشروع الجديد حيث أفرد مادة للتعريف بالشرط التعسفي الذي اعتبره ” كل شرط لم يكن خاضع للمفاوضة أي تمت كتابته مسبقا من قبل المهني، وأن يترتب عن هذا الشرط عدم التكافؤ في الحقوق والالتزامات بين المهني والمستهلك “[4] إضافة لعقده لولاية الاختصاص في مجال تحديد الشروط التعسفية ، كما نصت على ذلك المادة 99 للمجلس الوطني لحمايته المستهلك، ومن خلال الجمع بين هاتين المادتين يمكننا أن نلاحظ الأهمية الخاصة التي بدأ المشرع يوليها للشرط التعسفي في عقود القرض من أجل حماية المستهلك المقترض منها، لأنه وكما هو معلوم يعتبر تحديد الشرط التعسفي ( الداء) أهم وسيلة للحماية منه ( الدواء)، وإضافة إلى ذلك أعطى مشروع القانون للقاضي دورا مهما في مواجهة الشروط التعسفية.

وذلك عندما نص صراحة على ضرورة صياغة الشروط التي تعرض على المستهلك بكيفية واضحة وبالتالي فأي شك أو غموض يفسر لصالح المستهلك المقترض، وإضافة لهذه الحماية من الشروط التعسفية تجب حماية المستهلك كذلك من الإشهار المحرض والخالي من أية بيانات موضوعية وهو ما أكده المشروع الجديد [5].

هكذا إذن يمكننا أن نلاحظ مما سبق اتجاه المشرع المغربي أو محاولته على الأقل من خلال مشروع القانون الجديد أن يتجاوز الثغرات التشريعية القائمة في مجال حماية المستهلك المقترض وإن كان هذا المجهود رغم اعتراف الكثير من فعاليات جمعيات حماية المستهلك لازال خجولا.

كان هذا في ما يتعلق بحماية المستهلك من ارتفاع سعر الفائدة والشروط التعسفية فماذا عن الحماية بعد توقيع عقد القرض ؟
حماية المستهلك المقترض
____________________________
[1] – منير البصري وأحمد المنصوري -حماية المستهلك من الشروط التعسفية – 2007-ص 14 .
[2] – نفس المرجع السابق-  ص 15-18 .
[3] – نفس المرجع السابق-  ص 19.
[4] – المادة 24 مشروع قانون رقم 00- 27 ، القاضي بتحديد التدابير لحماية المستهلك.
[5] – راجع مشروع قانون 00-27 – القسم السادس – الاستدانة – الباب الأول – القروض الاستهلاكية الفصل 1 ، المواد 69 إلى 128 .

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.