أهداف قانون المنافسة ونطاق التطبيق
مقدمة عامة :
تعتبر المنافسة قيمة حقوقية مرادفة لحرية المبادرة الخاصة التي يضمن الدستور المغربي الحق في ممارستها طبقا لمقتضيات الفصل 15 منه، وذلك على أساس أن حق الخواص في مزاولة أنشطتهم كفاعلين اقتصاديين لا تقوم له قائمة على أرض الواقع ، إلا إذا كانت شروط المنافسة من أجل ولوج أسواق المعاملات التجارية مؤطرة بضمانات قانونية نافذة وحماية قضائية ناجعة .
ولأجل ذلك قام المشرع المغربي بإنشاء نظام قانوني يستجيب لمقتضى الدستور أعلاه وهو القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة رقم 99-06 الذي ثم إصداره بمقتضى ظهير شريف رقم 225-00-1 في 2 ربيع الأول 1421 الموافق ل 5 يونيو 2000 لكنه لم يدخل حيز التنفيذ إلا في 06/07/2001.
ومن الخصوصيات التي يتميز بها هذا القانون الجديد المنظم للمنافسة حسب معظم الباحثين هو كونه يتماشى مع القيم الروحية للشعب المغربي المسلم باعتباره يهدف إلى نبد الاحتكار والمضاربة والغش والثورة على ثقافة الامتيازات المكتسبة، مما يضمن لكل فرد النفوذ إلى الأسواق المغربية دون أن يكون ضحية للممارسات غير مشروعة . علاوة على ترسيخ ثقافة المنافسة وذلك بجعل آليات السوق من عرض وطلب هي المحدد لسعر السلع والخدمات وتحقيق ديمقراطية اقتصادية تجعل كلمة الفصل للمستهلك ، عبر سن مقتضيات حمائية لهذا الأخير الذي غدت حمايته تجسيدا قويا للمفهوم الحقيقي لحقوق الإنسان.
وقد تضمن القانون 99-06 السابق الذكر مجموعة من المقتضيات القانونية التي تتخذ جلها طبيعة زجرية ، مما جعل دراسته تصنف ضمن دراسات القانون الجنائي للأعمال، حيث أن هذا القانون الأخير حسب بعض الباحثين قد أضعف القانون الجنائي في الوقت الذي قوى من صلاحيات الإدارة.
كما أن قانون المنافسة لا يشكل مادة معلقة في الهواء وإنما يوجد في سياق أو محيط قانوني معقد على الرغم من أن الفروع التي يتشكل منها هذا القانون لم تتجسد بصفة نهائية باعتراف فقهي أو دراسة جامعية. ومن هن نتساءل عن موضوع هذا القانون ؟، وما هو مجال تطبيقه ؟ وما هي الأهداف المتوخاة منه؟.
أولا : موضوع قانون المنافسة :
إن قانون المنافسة يمكن قبل كل شيء إدراكه كنظام قانوني للممارسة الحرة للمنافسة، والتي هي عبارة عن تسابق بين الفاعلين الاقتصاديين من أجل تحقيق أقصى ما يمكن من النفع، أو من أجل الوصول إلى أحسن نمو لمعدلات رقم الأعمال لتدبير الموارد البشرية والمساهمة في النمو الاقتصادي والاجتماعي للدولة ، وذلك عن طريق اختيار ذكي للوسائل المساعدة على تجاوز المنافسين ، والتي يجب أن تكون مشروعة في إطار احترام النظام العام والأخلاق العامة للتجارة، رغم أنه يصعب حصر الوسائل والطرق المشروعة للمنافسة.
وبالرجوع إلى ديباجة القانون رقم 99-06 المنظم للمنافسة نجد أن موضوعه هو تحديد المقتضيات التي تحكم حرية الأسعار والمنافسة الحرة، إضافة إلى تحديد قواعد حماية المنافسة قصد تنشيط الفاعلين الاقتصاديين وتحسين رفاهية المستهلكين، كما يهد ف أيضا إلى ضمان الشفافية والنزاهة في العلاقات التجارية.
ثانيا: نطاق تطبيق قانون المنافسة
تنص المادة الأولى من قانون 99-06 على أن هذا القانون يطبق على:
1. جميع الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين سواء كانوا متوفرين أم غير متوفرين على مقر أو مؤسسات بالمغرب بمجرد ما يكون لعملياتهم أو تصرفاتهم أثر على المنافسة في السوق المغربية أو في جزء مهم من هذه السوق.
2. جميع أعمال الإنتاج والتوزيع والخدمات.
3. الأشخاص العموميين فيما يخص تدخلهم في الأعمال المشار إليها في البند الثاني أعلاه باعتبارهم فاعلين اقتصاديين وليس فيما يخص ممارستهم صلاحيات السلطة العامة أو مزاولة مهام الخدمة العامة.
4. الاتفاقات المتعلقة بالتصدير فيما إذا كان لتطبيقها أثر على المنافسة في السوق الداخلية المغربية
وانطلاقا من المادة أعلاه يتضح أن قانون حرية الأسعار والمنافسة يشمل نطاقه كل الأنشطة الاقتصادية من إنتاج وتوزيع وخدمات ويغطي مجموع التراب الوطني ، كما يستهدف رصد كل أشكال التقييد والاختلال التي يمكن أن تطال التنافس سواء كانت ممارسات أو بنيات وهياكل هذا من حيث المبدأ.
إلا أن شمولية نطاق التطبيق هاته لا تتنافى مع إقرار مشروع النص باستثناءات تفرضها ضرورة الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات بعض القطاعات كالفلاحة ونوعية بعض الفاعلين كالمقاولات الصغرى والمتوسطة أو ضرورة استمرار مراقبة أسعار بعض المواد والخدمات، أو تقنين أسعار مواد مدعمة أو غير مدعمة… .
ثالثا: أهداف قانون المنافسة
يأتي قانون 99-06 والمتعلق بحرية الأسعار والمنافسة لملائمة التشريع المغربي مع المواعيد المنتظرة، وذلك في أفق تفعيل اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والموقعة سنة 1956 وكذلك بغية تنفيذ الالتزامات المسطرة في هذا الشأن مع منظمة التجارة الدولية وكذا اتفاقية التبادل الحر، والمنظمة الأورومتوسيطة التي ينتظر أن تنطلق في أفق 2010. وبذلك فإن هذا القانون لم يأتي استجابة لحاجيات وطنية وإنما لإكراهات وضغوطات خارجية وفوق وطنية وهو الأمر الذي يدفع إلى القول بأن قانون المنافسة ليس سوى آلية ضمن مجموعة من الآليات التي يقتضيها ترسيخ الدعامات الأساسية للعولمة في المجتمعات المستهدفة.
وبما أن التجارة في الليبراليات المعاصرة تقوم على مبدأ الحرية التجارية اقتناعا منها بفعالية الاقتصاد الحر في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي لأن المنافسة الحرة تدفع إلى تطوير وتحسين منتجاتهم وعرضها بالثمن المناسب. وهذا هو هدف قانون المنافسة المغربي الذي يؤكد بعض الباحثين ، أن من بين أهدافه تحقيق التوازن وصيانة حرية المنافسة والمصلحة الاقتصادية العامة وكذلك حماية مصلحة المستهلك.
لكن أهداف المشرع المتوخاة من قانون المنافسة لن تتأت إلا بالتنظيم المعقلن والجيد لكل ما يتعلق بالمنافسة، وذلك بتدخله لزجر كل الممارسات التي تخل بمبدأ حرية التنافس. عن طريق وضع مجموعة من النصوص القانونية التي تتخذ طابعا جنائيا.
وبالعودة إلى قانون حرية الأسعار والمنافسة نجد أنه يتضمن مجموعة من المقتضيات القانونية الموضوعية التي تهم تنظيم المسار التنافسي كالاتفاقات والممارسات التي من شأنها أن تخل بقواعد المنافسة، وعمليات التركيز الاقتصادي التي تحدت بين المقاولات، فضلا عما يهم مبدأ تحرير الأسعار. كما يتضمن بالإضافة إلى ذلك مجموعة من الإجراءات الشكلية التي توضح كيفية تطبيق مقتضيات هدا القانون والأجهزة التي تتولى السهر على تنفيذها.
وهذا ما دفعنا إلى إدراج كل المقتضيات السابقة نظرا لأهميتها في موضوع بحثنا المتعلق بالقانون الجنائي للمنافسة هذا الموضوع الذي أثار حفيظة معظم الباحثين ودفعهم إلى إغناءه ببعض الكتابات القانونية. ونحن بدورنا نريد أن نساهم ولو بشكل متواضع في إغناء هذا الموضوع لذلك ارتأينا تقسيمه على الشكل التالي :
الفصل الأول: القواعد الموضوعية القانون الجنائي للمنافسة.
الفرع الأول: الممارسات المخلة بحرية المنافسة.
الفرع الثاني: الجزاءات المقررة للأعمال المخلة بحرية المنافسة.
الفصل الثاني : القواعد المسطرية للقانون الجنائي للمنافسة.
الفرع الأولى: قواعد إثبات جرائم الإخلال بحرية المنافسة.
الفرع الثاني: مسطرة المتابعة والحكم في جرائم المنافسة.
القانون الجنائي للمنافسة
القانون الجنائي للمنافسة
- القانون الجنائي للمنافسة
- أهداف قانون المنافسة ونطاق التطبيق
- الممارسات المخلة بحرية المنافسة
- الإستغلال التعسفي للوضع المهيمن في السوق ولحالة التبعية الاقتصادية
- الإستثناءات الواردة على مبدأ منع الممارسات المنافية لحرية المنافسة
- الممارسات المقيدة لحرية المنافسة
- الشفافية في العلاقات التجارية بين المهنيين
- طبيعة عمليات التركيز الاقتصادي
- الأركان المكونة لجريمة عرقلة المنافسة
- عقوبات الممارسات المنافية لحرية المنافسة
- الجزاءات المقررة ضد الأعمال المقيدة لحرية المنافسة
- الجزاءات والتدابير العينية ضد ممارسي أعمال مقيدة لحرية المنافسة
- الجزاءات والتدابير الشخصية في حق مرتكب جريمة عرقلة المنافسة
- القواعد المسطرية للقانون الجنائي للمنافسة
- إختصاصات مجلس المنافسة
- كيفية إثبات جرائم المنافسة
- إجراءات البحث في جرائم المنافسة: المحاضر والتقارير
- مسطرة المتابعة في الجرائم المخلة بالمنافسة أمام مجلس المنافسة
- قرار مجلس المنافسة بشأن الإحالة
- اختصاصات القضائي كيفية إصدار أحكام بشأن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة
_______________________________
– الجيلالي أمزيد ” الحماية القانونية والقضائية للمنافسة في صفقات الدولة ” منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية العدد 79 سنة 2008 الصفحة 15.
– زين العابدين محمد” قانون المنافسة آية رهانات ” بحث لنيل الإجازة تحت إشراف الدكتورة فريدة المحمودي كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية مكناس سنة 2004-2005 ص 3.
– عبد المجيد غميجة ” دور العدالة الجنائية في ميدان الأعمال والاقتصاد ” المناظرة الوطنية للسياسية الجنائية بالمغرب والتي نضمت بمكناس أيام 9-10 11 دجنبر 2004 ص 120.
– M.Drissi Alami Machichi « concurrence Droits et obligations des entreprises au Maroc » edd 2004, Casablanca, p : 11.
– من خطاب السيد الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالشؤون العامة للحكومة حول مشروع قانون 99-06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة. تقرير لجنة المالية والتنمية الاقتصادية حول مشروع قانون رقم 99/06 الولاية التشريعية 1997/2002 السنة التشريعية الثالثة 1999/2000 طبع مجلة الطباعة والتوزيع مجلس النواب ص 8.
– M Drisse Machichi « Concurrence Droit et obligation des entreprises au Maroc » op.Cit. p : 20.
-أبو عبيدة ” الحماية الجنائية للمنافسة وحرية الأسعار ،بحث منشور على موقعwww.abououbaida.modawwanati.com بتاريخ 2006/11/26. ص4
موضوع جيد يتاج الى مزيد من الجهد وذلك من اجل الوقو عتى الثغرات التي تعتريه وهي كثيرة جدا
أهلا أنوار
الموضوع هو جزء من بحث طويل.
اضغط على عنوان البحث أو أنظر االمواضيع المتشابهة في اسفل الموضوع
حياك