التهرب الضريبي بين القصدية والقانون

2 التهرب الضريبي بين القصدية والقانون
يتحقق التهرب من الضريبة عبر البحث عن مكامن الاستفادة من القوانين الجبائية أو يصبغ المكلف على ممارساته الضريبية لبوسا سنه المشرع ليكون ظاهر هذه الممارسات الخضوع للقانون الضريبي وباطنها تحقق التهرب من الضريبة كليا أو جزئيا[1]، وذلك من خلال:

أ- التهرب الضريبي الناتج عن الاستفادة من القانون الجبائي:
إذ نصت المادة السادسة[2] من المدونة العامة للضرائب، فيما يتعلق بالإعفاءات والتخفيضات الدائمة وبموجبها تم إعفاء دائم من الضريبة على الشركات منها شركات ووكالات ومؤسسات وجمعيات وغيرها.
وفي نفس المادة البند باء هناك الإعفاءات الكلية المتبوعة بتخفيض دائم لصالح منشآت مصدرة وأخرى تبيع منتجات تامة الصنع لا تتعلق بالقطاع المنجمي لمنشآت مقامة في المواقع الخاصة بالتصدير .
وتكثر الإعفاءات كذلك على مستوى الضريبة على الدخل حسب ما نصت عليه المواد 24 – 31 – 47 – 63 – 68 وغيرها إضافة إلى الإعفاءات التي أقرتها الضريبة على القيمة المضافة في المواد 91-92 من المدونة العامة للضرائب .
وهكذا تطول لائحة الإعفاءات والتي تطرح مشكلا كبيرا ليس فحسب على مستوى عدم ضبطها من لدن الإدارات الضريبة ولكن فيما يتعلق بتحريفها أو استغلالها كأداة للتهرب من الضريبة. خاصة إذا علمنا أن الإعفاءات في إطار الضريبة على القيمة المضافة تمثل ما يزيد عن نصف النفقات الجبائية أي بنسبة 53 % وعلى صعيد القطاعات يمثل قطاع العقار 19.9 % من مجموع هذه النفقات[3] .

ب- اللجوء إلى أنظمة التقدير الجزافي
فمن أشكال التهرب أيضا وفي إطار الضريبة على الدخل، اللجوء إلى أنظمة التقدير الجزافي حسب مقتضيات المادة 40 من المدونة العامة للضرائب،
إذ يميل بعض الخاضعين للضريبة سيما الملمين بالمقتضيات القانونية الجبائية[4]، إلى استغلال ما يفسحه القانون من مجال للتخلص من الأنظمة الجبائية التي تثقل كاهلهم واختيار تلك التي يؤدون عنها ضرائب بأقل تكلفة .
وكمثال على ذلك، نشير إلى أن بعض الملزمين الذين يحققون أرباحا مهمة- في إطار الضريبة على الدخل- يختارون نظام الربح الجزافي، بدل نظام المحاسبة الذي تكون مصاريفه كبيرة سيما تلك المتعلقة بأجر المحاسب، ومساهمة الحد الأدنى المطبقة على رقم المعاملات، ومبلغ الضريبة المفروضة على الربح المحقق زيادة على احتمال وضع ملف المعني بالأمر على أنظار مصلحة التحقيقات التي كثيرا ما تكشف عن تلاعبات في ميدان المحاسبة، خاصة وأن أنظمة التقدير الجزافي لا تخلو من نقص في المادة الخاضعة للضريبة .

ج- تفتيت الصحن الجبائي
وذلك عن طريق امتناع الخاضع للضريبة القيام بالعمل المفضي إلى فرض الضريبة، كامتناع مالك العقار من كرائه خوفا من تعرضه للتضريب الناتج عن الدخول الكرائية أو المداخيل المتأتية من الكراء .
كما نجد ذلك على مستوى بيع بعض العقارات[5] إذ يتم التهرب الضريبي عن طريق اختيار البديل أقل كلفة جبائيا، ويتضح ذلك من خلال تفويت عقار بين الأصول بعقد هبة بدل عقد البيع للاستفادة من التعريفة المنخفضة المقررة للهبات بين الأصول، ويتم أداء 1.50 % بدل 6 % من الثمن الإجمالي للعقار .

فقد يتم مثلا كراء عقارات بمبالغ مالية مهمة تكون خاضعة للضريبة على الدخل غير أن مالكيها يعملون على تقسيم العين المكتراة على أبنائهم عن طريق الهبة بغية التخلص من الضريبة .
أو عن طريق إبرام عقود عرفية، ومما لاشك فيه أن العقود العرفية من أكبر مصادر التهرب في ضريبة التسجيل بسبب التكتم والإخفاء الذي يحول دون وصول تلك العقود إلى علم مصلحة التسجيل لاستخلاص الرسوم المستحقة عليها .

وهكذا ففي إحدى المدن المغربية قد تم تسجيل 13000 عملية بيع عقار تمت عن طريق العدول[6] لم يتم التصريح بها إلى السلطات المختصة سنة 1989. أما في مدينة أخرى فقد اتضح أن من بين 7547 ملف، 5500 منها لم يتم تصفيتها بعد سنة 1991 وذلك بسبب وجود عدة صعوبات تتعلق بالتنفيذ.
وسنة 1994 وبمدينة الدارالبضاء فقد بلغ عدد العقود التي لم يتم توريدها من طرف إحدى الجماعات المحلية إلى مصلحة التسجيل والتنبر ما يفوق 7500 عقد عرفي[7] .

فقد يتم مثلا كراء عقارات بمبالغ مالية مهمة تكون خاضعة للضريبة على الدخل غير أن مالكها يعملون على تقسيم العين المكتراة على أبنائهم عن طريق الهبة بغية التخلص من الضريبة .
الفقرة الثانية: أنواع وصور التهرب الضريبي
المطلب الأول: مفهوم التهرب الضريبي وأشكاله
المبحث الأول: مفهوم التهرب الضريبي وإشكالية محاربته
الفصل الأول: التهرب الضريبي والفعالية الاجتماعية
إشكالية التهرب في القانون الضريبي
________________________________________________
[1] – أحمد حليبة، ” التهرب الضريبي وانعكاساته … “، م .س ، ص: 87.
[2] – المادة 6 من الضريبة على الشركات القانون المالي رقم 08 – 40 السنة المالية 2009 ج ر عدد 5695
[3] – مدني حميدوش،” الإرهاصات الأولى العملية للإصلاح الضريبي “، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ، يوليوز – غشت عدد 75، 2007، ص : 124.
[4] – مولاي الحسن تمازي، ” مصير ثقافة المواطنة في علاقة الخاضع للضريبة بالإدارة الجبائية “، م. س ، ص: 76.
[5] -أحمد انميلي،” التهرب الضريبي الداخلي والدولي” ، م. س ، ص: 51.
[6] – الصديق جعوان ، “إشكالية التهرب الضريبي في المغرب” جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، اكدال- الرباط ، 2001- 2002 ، ص: 47.
[7] – الصديق جعوان، ” إشكالية التهرب الضريبي …”، م. س ، ص: 48.

قرأوا أيضا...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.