ثالثا: التعليق على أحكام النسب بنوعيه
لقد نظم المشرع المغربي النسب ووسائل إثباته في الباب الثاني من القسم الأول من الكتاب الثالث وخصص له 13 مادة وهي من 150 إلى 162 من مدونة الأسرة فعرف النسب بأنه ” لحمة شرعية بين الأب وولده تنتقل من السلف إلى الحلف ” [1] ثم حدد أسباب لحوقه على سبيل المثال لا الحصر في الفراش والشبهة والإقرار [2] وبين وسائل إثباته وهي الفراش وإقرار الأب … وفيما يلي نعرض لبعض النزاعات المتعلقة بثبوت ونفي النسب خاصة إثبات النسب بالإقرار حيث عرض نزاع بهذا الخصوص على قسم قضاء الأسرة، المحكمة الابتدائية بمكناس نجمل وقائعه فيما يلي:” وحيث تبين للمحكمة من خلال الإطلاع على عقد الازدياد وشهادة حياة المدعية ( ليلي و ) المزدادة بتاريخ 1973 بمكناس من اب مجهول وأمها( ف.ف) لكن حيث إنه باطلاع المحكمة على رسم اعتراف بالنبوة المضمن بالصحيفة تبين من خلاله بأنه حضر لدى شهيديه السيد ( ع.الز) وبعد إدلائه بعقد طلاقه لزوجته المرحومة المشهود بتاريخ 10/4/1972 صرح أنه في الوقت الذي طلق فيه زوجته المرحومة طلاقا خلعيا في التاريخ أعلاه كانت وقته المطلقة المذكورة حاملا من شهرها الأول دون علما منه ، وحيث إنه لما كانت تعانيه من اضطرابات شهور الحمل الأولى طلبت منه الطلاق بإلحاح وهذا ما ادى به إلى الأخذ برأيها واستجاب لطلبها وبعد الطلاق كشف أنها كانت حامل وفي 26/1/1973 وضعت المطلقة المذكورة حملها وكان ما وضعته أنثى وسمتها ليلى دون أن تنسبها له أو إلى غيره وحيث أن المرحومة لما كانت على فراش الموت جهرت بالحقيقة لابنتها قائلة لها بأن والدها هو ( ع.غ) وفعلا اتصلت به ابنته وأخبرته بما أخبرتها امها وبناء عليه أشهد الأب بأن ليلى هي ابنته من صلبه وانها ترث منه ما ترثه كل بنت من بناته، وحيث يثبت النسب بإقرار الأب ببنوة المقرر به وفق الشروط المحددة في مقتضيات المادة 160 م أ وهي المتوفرة في نازلة الحال وان إقرار المدعي عليه ببنوته المدعية مثبت بإشهاد رسمي طبقا للمادة 162 من نفس المدونة ” وحيث أنه وبناء على ما تقدم فإن طلب المدعية مؤسس مما يتعين الاستجابة له “[3]
وباستقراء هذا الحكم ومن خلال المادة 162 من مدونة الأسرة التي تنص على أنه ” يثبت الإقرار بإشهاد رسمي أو بخط يد المقر الذي لاشك فيه ” يتضح أنه في حالة وجود الإقرار وتوفر شروطه فإن إثباته يتطلب وسيلتين هما الإشهاد الرسمي وخط يد المقر الذي لاشك فيه له الصفة الإشهادية مثل عدلين على أن هذا المقر لها هي ابنته وتحرر بذلك وثيقة تتضمن كل الأركان والشروط اللازمة قانونيا لذلك ثم بعد ذلك لمخاطبة عليه من جانب قاضي التوثيق [4] حتى يكتسب الرسمية طبقا للفصل 30 من ظهير ماي 1982 والمتعلق بخطة العدالة .
وحيث إن المدعى عليه أقر بأن المدعية ليلى هي ابنته من صلبه فإنها أصبحت بنتا شرعية بلا فارق إطلاقا بينها وبين بقية أولاده بحيث يتبع أباه في نسبه ودينه ويصح التوارث بينهما، كما أنها يمنع على البنت الزواج بالأقارب نسب ومصاهرة ورضاعة كما يترتب على صحة الاستلحاق الحقوق والواجبات التي تجب على الأب تجاه أولاده من نسب ونفقة إلى غير ذلك [5]
ولما كانت المادة 160 من مدونة الأسرة تنص على أنه ” يثبت النسب بإقرار الأب ببنوة المقر به ولو في مرض الموت … ” تكون المحكمة على صواب حينما اعتبرت الإقرار كافيا لإصدار حكم بالمصادقة على اعتراف المدعي عليه وإلحاق ابنته بنسبه وفقا للشرع والقانون.
وفي حكم آخر صادر عن ابتدائية مكناس قسم قضاء الأسرة، وهذه المرة ليس بدعوى إثبات النسب وإنما بدعوى نفيه ولعله من أبرز النزاعات التي طرح أمام القضاء المغربي وجاء في حيثياته ما يلي: بتاريخ 18 / 10/ 2004 تقدم المدعي بواسطة نائبه بمقال افتتاحي للدعوى مؤدى عنه الرسوم القضائية يعرض فيه أن المدعية عليها ح ل زوجته وقد بلغ إلى علمه بيوم قبل تقديم هذا المقال بان زوجته حامل منه أصيب على إثرها بصدمة نفسية قوية لكون مصاب بالعقم ويلتمس الحكم بنفي نسب حمل المدعى عليها بعد تطبيق مسطرة اللعن، او الأمر بإجراء خبرة طبية قضائية عليه شخصيا، وبنا ء عليه أدرجت القضية بعدة جلسات حيث حضر نائب المدعي بمذكرة مرفقة بتنازل المدعي عن دعواه ، وحيث إنه أمام التنازل الصريح والواضح للمدعي عن دعواه في مواجهة المدعى عليها فلا سع المحكمة إلا الاستجابة لملتمسه والإشهاد على ذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل 119 وما يليه إلى الفصل 123 من قانون المسطرة المدنية “[6]
وباستقراء وقائع هذه النازلة ومن خلال تفحص مقتضيات المادة 153 من مدونة الأسرة والتي تنص:” يثبت الفراش بما تثبت به الزوجية، يعتبر الفراش بشروطه حجة قاطعة على ثبوت النسب، لا يمكن الطعن فيه إلا من الزوج عن طريق اللعان، أو بواسطة خبرة تفيد القطع بشرطين “إدلاء الزوج المعني بدلائل قوية على ادعائه أو صدور قضائي بهذه الخبرة ”
وحيث إن المدعي تقدم بمقال يلتمس يطلب قيه الحكم بنفس النسب الحمل المسند إليه سالكا بذلك مسطرة اللعان معتمدا في ذلك على أنه مصاب بالعقم.
وحيث إنه في إحدى القرارات الصادرة عن المجلس الاعلى، من شروط إقامة دعوى اللعان لنفي الحمل حسب المنصوص عليه فقها التعجيل بها فور علم الزوج بالحمل بيوم أو بيومين فإن تأخر بلا عذر امتنع لعانه ولحق به الولد[7] والحالة هاته أن المدعي قد طبق هذه الشروط المتعلقة بدعوى اللعان تطبيقا سليما حيث إنه بعد علمه بواقعة الحمل بيوم تقدم إلى المحكمة طالب منها نفي نسب الحمل المسند إليه. لكن المشكل الذي يطرح ليس متعلق بشروط رفع دعوى اللعان وإنما متعلق بالتنازل الصريح والواضح للمدعي عن دعواه في مواجهة المدعى عليها، والمحكمة لم توضح في حكمها الأسباب التي دفعت بالمدعي للتنازل عن الدعوى حينما قامت بالاستجابة لطلبه والإشهاد عليه . وبذلك تكون المحكمة ليست على صواب عندما حكمت بالاشهاد والاستجابة لتنازل المدعي عن دعواه حيث كان يجب عليها أن تبحث عن سبب التنازل عن الدعوى وكذلك البحث عن الأباب التي دفعت به إلى رفع دعوى اللعان ضد زوجته.
ويلاحظ من خلال الاحكام التي اطلعنا عليها رغم كونها قليلة جدا إذ لم نقل نادرة، أن القاضي يمارس سلطته التقديرية في إثبات أو نفي النسب ويظهر ذلك من خلال ظروف كل حالة وعلى حسب خصوصية كل نازلة والوثائق المدلى بها، وبالتالي فإن القاضي يقيم قيمة هذه الوثائق بناء على قناعته الشخصية فله أن يأخذ بها وله أن يصرف- النظر عنها إذا لم يقتنع بها أو يطمئن لها .
ويبقى للممارسة القضائية مسؤولية وضع قواعد واضحة المعالم في هذا المجال ، إثبات ونفي النسب في غياب نصوص صريحة ومفصلة [8]
الخطبة والزواج
_________________________
[1] – المادة 150 من مدونة الأسرة
[2] – المادة 152 من مدونة الأسرة
[3] – حكم عدد 1086 صادر بتاريخ 06 / 04/ 2004 عن قسم قضاء الاسرة ، المحكمة الابتدائية بمكناس في الملف عدد 1042 /03/5
[4] – محمد معجوز ” أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية وفق مدونة الأحوال الشخصية الجزء الثاني الطبعة الأولى 1994 ص 50.
[5] – عبد الكريم شهبون ، شرح مدونة الأحوال الشخصية ، الزواج الطلاق الولادة ونتائجها ، الجزء الاول الطبعة الأولى ، مطبعة المعارف للنشر والتوزيع الرباط 1988 ص 390.
[6] حكم عدد 4321 الصادر بتاريخ 25/04/2005 عن قسم قضاء الأسرة المحكمة الابتدائية بمكناس في الملف عدد 3434 /04 5 ج.
[7] قرار المجلس الأعلى عدد 5385 صادر بتاريخ 23/12/1999 في الملف الشرعي عدد 942 منشور بمجلة المناهج عدد 2 ص 165 وما يليها
[8] خالد برجاوي ” تطور قواعد النسب في القانون المغربي ” مقال منشور بمجلة قضايا الأسرة من خلال الاجتهادات المجلس الاعلى عدد مزدوح 8 – 9 مارس 2007 ص 264.
ام مغربيه مازوجه ارغب بالطلاق لاكن اريض ان اظمن حقي من هدا الانسان ان يمنحنيني شهادة ميلاد ايني للعلم زوجي ليس مغربي سوري الان في المغرب لا يملك الاقامه يشتغل