2- تقنيات تهرب المقاولة على المستوى الدولي
هذا على المستوى الوطني، أما على المستوى الدولي فتقنيات تهرب المقاولة متعددة نذكر منها على سبيل المثال:
أ- التحويلات غير المباشرة للأرباح:
تتم هده التقنية في إطار مجموعات الشركات[1]، ومن أمثلة ذلك زيادة أسعار السلع المستوردة[2] من طرف شركة محلية وهذا الرفع للأسعار وهمي بسبب مشاركة الشركة الأجنبية مع المحلية في تقليص الربح الخاضع للضريبة، وقد تصرح بعض الشركات بمنحها أرباحا لشركات أجنبية مقابل تقديم خدمات أو استعمال براءات لا وجود لها على أرض الواقع.
وإمام هذه الظاهرة فالمشرع المغربي ومعه المشرع المصري[3] يخلو من أي تنظيم لها، في حين نجد دول متخلفة تتميز بوجود مكثف للاستثمارات الأجنبية مثل سنغافورة وهونج كونج وماليزيا قد نظمت هذه التحويلات، ولا يفوتنا هنا أن نشير إلى أن المشرع اللبناني قد تعرض لهذه التحويلات بشكل مباشر في نص المادة 10 من المرسوم الاشتراكي رقم 144/ 1959.
هذه المادة تنص على ما يلي:” إذا تبين أن مؤسسات تابعة لمؤسسات واقعة في الخارج أو مشرفة على مؤسسات واقعة خارج لبنان، تنقل قسما من أرباحها إلى الخارج بزيادة أسعار البيع أو الشراء أو إنقاصها أو بأية وسيلة أخرى، فان الأرباح المنقولة على هذه الصورة يجب أن تضف عند فرض الضريبة إلى الأرباح المبينة في الحسابات وإذا لم تتوافر الأدلة الكافية لتحديد الربح الحقيقي اتخذت أرباح المؤسسات الشبيهة أساسا للمقارنة ولتحديد الربح بالإضافة إلى المظاهر الخارجية ومعلومات الدوائر المالية المختصة”.
كما قد تعمد بعض الشركات إلى تخفيض أثمان البيع من الشركة متواجدة في دولة نظامها الجبائي يتميز بضغط جبائي قوي[4] نحو أحد فروعها المستقرة بما يسمى “paradis fiscal” الجنة الجبائية، وهذه لا تعتبر سوى واجهة ووسيط أو[5] Société” “écran أي شركات الواجهة بين الشركة الأم وزبنائها وبهذه الطريقة تخفض الشركة الأم من وعاء الضريبة.
ب- تحويل الدخول والذمة المالية:
وذلك عن طريق انجاز رقم معاملات داخل نظام جبائي تفضيلي وتحويلات الذمة المتمثلة في جعل الأموال محلية localiser داخل نظام جبائي تفضيلي، وفي هذه الأنواع من التحويلات المقتضيات ذات الطبيعة التعاقدية تملك أهمية أكبر من تلك التي توجد بالنسبة للتحويلات غير المباشرة للأرباح.
وفي ختام هذه الفقرة نشير إلى أن التهرب على المستوى الدولي في تزايد مستمر ويصعب حصره لعدة أسباب نذكر منها:
– تحرير التجارة وتطور الشركات متعددة الجنسيات ؛
– الوسائل التي تتوفر عليها الإدارة من أجل مكافحة التهرب بفعالية غير كافية بالنسبة للتهرب الضريبي الدولي، خاصة على مستوى المراقبة إذ أن الأمر يتطلب منح الدولة المعنية وسائل التحقيق داخل دول لا تخضع لسيادتها الجبائية وهذا غير ممكن ويتطلب نوعا من التعاون الجبائي الدولي.
– المنافسة القوية بين الدول فيما يتعلق بمنح التشجيعات من أسباب صعوبة معالجة تهرب الشركات متعددة الجنسيات.
– بل حتى السماح للمقاولات المحلية ( الوطنية ) بالاقتراض من الخارج قد تعمق تهريب العملة الصعبة.
وهذا ما يجعل من مراقبة هذه الظاهرة جد صعب إن لم نقل مستحيل، خاصة في ظل تمسك الدول بمبدأ أو- إن صح التعبير- بعذر السيادة الجبائية.
كما أن التهرب الضريبي بكل تمظهراته يبقى دائما ليس مجرد ظاهرة بسيطة ” Malhonnêteté” بل هو ظاهرة مقاولات ” phénomène de société”[6] ، وظاهرة سياسية كبرى ” fait politique” يصعب حصرها والحد منها.
هذا في ظل الوضعية التي تبرز مدى انتشار ظاهرة التهرب الضريبي، فمثلا سنة 2004 حوالي 81000 شركة أدت الضريبة على الشركات بينما المنخرط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يقدر ب 121400 شركة، وفي الفترة الممتدة بين 1995 و 2004 أنشئت 68000 شركة ما بين المجهولة الاسم وذات المسؤولية المحدودة[7].
وثمة مسالة يجب التركيز عليها إذ تشكل 70% من تصريحات الضريبة على الشركات نتائج سلبية. وهذه النتائج لاتعكس الواقع الاقتصادي المغربي ففي سنة 2003 كان عدد الخاضعين للضريبة على الشركات 88400 ملزم بينما انتقل هذا الرقم سنة 2004 إلى 81400 أي بتراجع 7000 ملزم.
وهكذا وفي ظل انتشار هذه الظاهرة وتأثيرها على مختلف الميادين خاصة الاقتصادية والاجتماعية، نجد المسؤولين المغاربة يرفضون اعتبار وتصنيف التهرب كجريمة معاقب عليها جنائيا أو ما يطلق عليه باللغة الفرنسية “un délit pénal[8] “.
الفقرة الأولى: التهرب والبنيات التنافسية
المطلب الثاني: التهرب الضريبي وآثاره على الاستثمار
المبحث الأول: آثار التهرب على السياسة الاقتصادية
الفصل الثاني: التهرب الضريبي والفعالية الاقتصادية
إشكالية التهرب في القانون الضريبي
___________________________________________________
[1] .تتم هذه التقنية من طرف شركات تتخذ عدة مظاهر:
الشركات من نوع ” Holding” التي تمتلك أسهم شركات أخرى يشرف على أعمالها
الشركات المركزية ” les sociétés de base” التي تركز وتجمع داخل الدولة ذات المعاملة الجبائية التفضيلية للأرباح المحققة من طرف المجموعة.
الشركات الوهمية ” les sociétés fictives ” تختلف عن الأولى والثانية أنها ليست لها إقامة واضحة فعلية وإنما قد تقيم لدى بنك ، محامي أو محاسب والهدف هو جعل المراقبة الجبائية لمحاسبة مختلف مؤسسات المجموعة أمرا صعبا.
[2] – – Chadli Abdelouahhad,” l’institution de l’impôt sur els sociétés au Maroc limités et portée économique”, op cit., p: 233
[3] – سوزي عدلي ناشد،”ظاهرة التهريب الضريبي الدولي”، م.س، ص:266.
[4] — Chadli Abdelouahhad, l’institution de l’impôt sur els sociétés au Maroc limités et portée économique, op. cit, p: 234
[5] – Ibid.
[6] – Mohamed Mohdum l’audit fiscal au Maroc: cas des impôts directs, Memoire pour l’obtention du diplôme du cycle supérieur de l’ENA, Rabat, Decembre 1995, p: 130
[7] – محمد عياد،” الادارة الجبائية بين التحديث واكراهات الصبط الداخلي”، م.س، ص:105.
[8] – Mohamed Mohdum l’audit fiscal au Maroc …. » op cit, p: 130
المراقبة الجباءية للمقاولات