قواعد التحكيم ومجالاته – المطلب الثاني:
سنحاول في هذا المطلب التعرض لبعض القواعد والأحكام التي يتعين إتباعها لإجراء التحكيم.
وكذا لبيان المجالات التي يجوز التحكيم فيها وتلك التي لا يجوز أن تكون محلا للتحكيم.
وبناء عليه سنقسم هذا المطلب إلى محورين وذلك على النحو التالي:
أولا: قواعد التحكيم
ثانيا: مجالات التحكيم
أولا: قواعد التحكيم
تعرض المشرع المغربي في القانون 05. 08 المشار إليه آنفا لمجموعة من الأحكام والقواعد التي يتعين إتباعها لإجراء التحكيم حيث تطرق إلى بعض الأحكام العامة، ثم حدد كيفية تشكيل الهيأة التحكيمية وأخيرا كيفية صدور الحكم التحكيمي وكيفية إنهاء المرافعة.
وبناء عليه سنتناول هذه الموضوعات في نقط متتالية:
أ- الأحكام العامة :
لقد نظم المشرع المغربي في الفصول 313 -315-317 -327.10 -14. 327- 15. 327- 18. 327 مجموعة من الأحكام العامة الخاصة بإجراءات التحكيم وهذه الأحكام تتعلق بتحديد موضوع النزاع، واشتراط الكتابة، واللغة التي يتعين إجراء التحكيم بها، وكذا مكان إجراء التحكيم والقانون الواجب التطبيق، وبيان أوجه الدفاع والطلبات العارضة وأخيرا التدابير الوقائية الوقتية.
1- تحديد موضوع النزاع :
يؤدي عدم تحديد موضوع النزاع إلى بطلان عقد التحكيم بطلانا مطلقا وهذا ما أكده المشرع المغربي في الفصل 314 من القانون 05. 08 والذي جاء فيه “يجب أن يتضمن عقد التحكيم تحت طائلة البطلان تحديد موضوع النزاع”.
2- اشتراط الكتابة لإجراء التحكيم:
حيث نص الفصل 313 على أنه: “يجب أن يبرم اتفاق التحكيم كتابة، إما بعقد رسمي أو عرفي وإما بمحضر يحرر أمام الهيئة التحكيمية المختارة.
يعتبر اتفاق التحكيم مبرما كتابة إذا ورد في وثيقة موقعة من الأطراف أو في رسائل متبادلة أو اتصال بالتلكس أو برقيات أو أية وسيلة أخرى من وسائل الاتصال …
ويعد في حكم اتفاق التحكيم المبرم كتابة كل إحالة في عقد مكتوب إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية، أو إلى أية وثيقة أخرى تتضمن شرطا تحكيميا إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد”.
ويؤدي عدم تضمين شرط الكتابة في الاتفاق الأصلي أو في وثيقة تحيل إليه بشكل لا لبس فيه إلى بطلان اتفاق التحكيم وهذا ما أكده المشرع المغربي في الفصل 317.
3- لـغة التحكيم:
ينص المشرع المغربي في الفصل 13-327 على أن التحكيم يجري باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك أو تحديد هيئة التحكيم لغة أو لغات أخرى، ويسري حكم الاتفاق أو القرار على لغة البيانات والمذكرات المكتوبة والوثائق المرافعات الشفهية وكذا كل قرار تتخذه الهيئة أو حكم تصدره ما لم ينص اتفاق الطرفين أو قرار هيئة التحكيم على غير ذلك.
4- مكان إجراء التحكيم:
ترك المشرع المغربي الحرية للأطراف في الاتفاق على مكان إجراء التحكيم حيث نص في الفصل 10 -327 على ما يلي: “لطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم في المملكة المغربية أو خارجها. فإذا لم يوجد اتفاق عينت هيئة التحكيم مكانا ملائما للتحكيم مع مراعاة ظروف الدعوى ومحل إقامة الأطراف، ولا يحول ذلك دون أن تجتمع هيئة التحكيم في أي مكان تراه مناسبا للقيام بإجراءات التحكيم”.
5- القانون الواجب التطبيق :
لم يحدد المشرع المغربي القانون الواجب التطبيق على النزاعات التي قد تنشأ بين الأطراف وترك ذلك لإرادة الطرفين حيث نص في الفصل 18- 327 على ما يلي: “تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد القانونية التي يتفق عليها الطرفان.
إذا لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية الواجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه الأكثر اتصالا بالنزاع، وعليها في جميع الأحوال أن تراعي شروط العقد موضوع النزاع وتأخذ بعين الاعتبار الأعراف التجارية والعادات وما جرى عليه التعامل بين الطرفين، وإذا اتفق طرفا التحكيم صراحة على تفويض هيئة التحكيم صفة وسطاء بالتراضي تفصل الهيئة في هذه الحالة في موضوع النزاع بناء على قواعد العدالة والإنصاف دون التقييد بالقانون”.
6- بيان الطلبات العارضة وأوجه الدفاع :
لقد نص المشرع المغربي على بيان الطلبات العارضة وأوجه الدفاع في الفصل 14-327 والذي جاء فيه: “يجب على المدعي أن يرسل خلال الموعد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم للمدعى عليه وإلى كل واحد من المحكمين مذكرة مكتوبة بدعواه تشتمل على اسمه وعنوانه واسم المدعى عليه وعنوانه وشرح لوقائع الدعوى وتحديد المسائل موضوع النزاع وطلباته وكل أمر آخر يوجب اتفاق الطرفين ذكره في هذه المذكرة ويرفقها بكل الوثائق وأدلة الإثبات التي يريد استعمالها.
يجب على المدعى عليه أن يرسل خلال الموعد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم للمدعي ولكل واحد من المحكمين مذكرة جوابية مكتوبة بدفاعه ردا على ما جاء بمذكرة الدعوى، وله أن يضمن هذه المذكرة طلبات عارضة بقصد الدفع بالمقاصة ويرفقها بكل الوثائق التي يريد استعمالها للإثبات أو النفي.
يمكن لهيئات التحكيم أن تطالب الأطراف بتقديم أصول المستندات أو الوثائق التي يستندون إليها كلما ارتأت ذلك.
ترسل صور كل ما يقدمه أحد الطرفين لهيئة التحكيم من مذكرات أو مستندات أو أوراق أخرى إلى الطرف الآخر، وكذلك ما يقدم إلى الهيئة من تقارير الخبراء وغيرها من الأدلة مع منحهم أجلا لتقديم ما لديهم من ردود وملاحظات.
يمكن لكل من طرفي التحكيم تعديل طلباته أو أوجه دفاعه أو استكمالها خلال إجراءات التحكيم ما لم تقرر هيئة التحكيم عدم قبول ذلك، منعا من إعادة الفصل في النزاع.
تعقد هيئة التحكيم جلسات المرافعة لتمكين كل من الطرفين من شرح موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته ولها الاكتفاء بتقديم المذكرات والوثائق المكتوبة ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك.
يجب إخطار طرفي التحكيم بمواعيد الجلسات والاجتماعات التي تقرر هيئة التحكيم عقدها قبل التاريخ الذي تعينه لذلك بوقت كان لا يقل عن خمسة أيام. تدون وقائع كل جلسات تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم نسخة منه إلى كل من الطرفين.
يترتب على عدم تقديم المدعي دون عذر مقبول مذكرة فتح الدعوى داخل الأجل المحدد له أن تقرر هيئة التحكيم إنهاء إجراءات التحكيم ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك.
إذا لم يقدم المدعى عليه مذكرته الجوابية داخل الأجل المحدد له تستمر هيئة التحكيم في إجراءات التحكيم دون أن يعتبر ذلك بذاته إقرارا من المدعى عليه بدعوى المدعي.
إذا تخلف أحد الطرفين عن حضور أي من الجلسات أو تقديم ما طلب منه يجوز الاستمرار في إجراءات التحكيم وإصدار حكم في النزاع استنادا إلى الأدلة المتوفرة لديه”.
المبحث الأول : المبادئ العامة لنظام التحكيم
التحكيم في العقود