ثالثا: شروط قابلية الأحكام الأجنبية للتنفيذ في المغرب
الملاحظ قبل مناقشة هذه الشروط أن الإطار القانوني لها قبل دخول مدونة الأسرة حيزا التنفيذ تمثل في المقتضيات القانونية التي وفرها المسطرة المدنية للباحثين والدارسين لموضوع تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية ، وهي المشار إليها في الباب الثالث المتعلقة بالقواعد العامة بشأن التنفيذ الجبري للأحكام والتي تتلخص طبقا لأحكام المادة 340 ق م م في صحة الحكم الأجنبي وصدوره عن محكمة اجنبية مختصة وعدم ساس أي محتوى من محتويات بالنظام العام المغربي ، ويبدوا ان رياح التغيير التي عصفت بمدونة الأحوال الشخصية وأخرجت مدونة الأسرة للوجود جعلت ضمن أهدافها تغيير طريقة التعامل مع الاحكام الأجنبية وخاصة منها الصادرة بالطلاق أو بالتطليق أو الخلع أو الفسخ حسب ما جاء في المادة 128 من مدونة الأسرة لربما تماشيا مع ما قررته الفقرة الأولى من المادة المذكورة التي اعتبرت القرارات القضائية الصادرة في المغرب بالتطليق أو بالخلع او بالفسخ غير قابلة لأي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية، وفي ذلك تيسير على المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج الذين استصدروا أو صدرت في حقهم أحكام قضت بإنهاء العلاقة الزوجية بينهم وبين أزواجهم . وعلى ضوء ما تقدم نستخلص أن شروط تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية كانت في الأصل ثلاثة شروط منصوص عليها في المادة 430 من ق م م وأضافت إليها المادة 128 من م الاسرة شرطا رابعا يتعلق بطلبات التدييل التي تخص الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية [1]
رابعا: أن يتعلق الأمر بحكم قضائي أجنبي صحيح
وقد اختلف في معنى صحة الحكم الأجنبي بين من يرى ان على المحكمة تنظر في أمر التذييل التأكد من صحة الحكم من الناحية الشكلية والموضوعية [2] وتبعا لأصحاب هذا الرأي يجوز مثلا التمسك بالبطلان أمام المحكمة الوطنية كلما تعلق الأمر بأسباب البطلان في القانون الأجنبي الذي طبقته المحكمة مصدرة الحكم ، وبين من يقصر حق المراقبة على الناحية الشكلية فقط [3] وهو أمر فيه تيسير على طالب تذييل الحكم الأجنبي ، لأن من شأن مراقبة جوهر الحكم خلق وضع مضطرب خصوصا في الأحكام الأجنبية الصادرة بإنهاء العلاقة الزوجية بحيث تصبح تلك العلاقة منتهية بحسب قانون بلد الإقامة بينما تبقى أثارها مسترسلة بالنسبة لقانون البلد الأصلي لطالب التذييل .
أن يصدر الحكم الأجنبي عن محكمة مختصة
ويبدوا أن هذا الشرط يثير بدوره مشاكل جمة من حيث بالتطبيق إذ ما المقصود بالاختصاص هل يعني أن على المحكمة التأكد من اختصاص المحكمة الأجنبية نوعيا ومكانيا وفق الشروط التي يمليها قانونها الوطني وهو أمر يستعصي على المحكمة المعروض عليها أمر التذييل الإلمام به والإحاطة بجميع جوانبه وتتبع جميع التعديلات التي قد تطاله علاوة على أن الرأي الغالب في الفقه هو عدم جدوى التأكد من توفر الاختصاص النوعي والمحلي للمحكمة الأجنبية المصدرة للحكم بحيث يمكن إعطاء الصيغة التنفيذية للحكم الأجنبي حتى ولو كان هذا الأختصاص غير متوفر لدى المحكمة الأجنبية إلا إذا كان عدم توافر هذا الاختصاص من شأنه أن يجعل الحكم باطلا لدى الدولة التي صدر من محاكمها [4]
كأن يصدر حكم أجنبي عن محكمة تجارية في نزاع شخصي ناتج عن إحدى الروابط الأسرية لأن هذا النوع من الأحكام لا تكون له أي حجية في البلد الذي صدر فيه[5].
وبذلك يكون المقصود بالاختصاص هنا، هو الاختصاص الدولي للمحاكم الدول الأجنبية وفي هذا الإطار هناك من التشريعات منتميز بين نوعين من الاختصاص في حالة تنازع الاختصاص دوليا:
الاختصاص المانع: والذي بموجبه يمنع على المحكمة الأجنبية البث في نزاع يدخل ضمن صميم اختصاص المحكمة الوطنية والعكس صحيح وبالتالي يتعذر تنفيذ الحكم الأجنبي كلما توفرت هذه الحالة.
والاختصاص المشترك: وعنصر الاشتراك في هذا النوع من الاختصاص يخول إمكانية تنفيذ الحكم الأجنبي
أما بالنسبة للقانون المغربي فالملاحظ أن قانون المسطرة المدنية لم يعين قواعد اختصاص المحاكم المغربية دوليا، وبالتالي ينبغي مراعاة قواعد الاختصاص المحلي المنصوص عليها في القانون المذكور كلما كان هناك تنازع في الاختصاص بين محاكم المملكة ومحاكم دولة أجنبية ومن هذه القواعد مثلا أن الاختصاص ينعقد لمحكمة المدعى عليه أو لمحكمة الدولة التي يوجد بها العقار محل النزاع وأنه يمكن للأطراف الاتفاق على انعقاد الاختصاص لمحكمة الدولة التي يتراضون عليها .
الخطبة والزواج
_________________________
[1] نفس المرجع اعلاه ص 233 و 232.
[2] – الأستاذ إبراهيم حماني ، نفس المرجع أعلاه ص 77
[3] – الدكتور موس عبود ” الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي ” الطبعة الاولى ، اكتوبر 1994 ص 340
[4] – الأستاذ إبراهيم بحماني ، نفس المرجع أعلاه ، ص 80.
[5] -الدكتور أبو الوفا ” إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية ” ص 224.